
عواصم – وكالات : أوقفت السلطات التركية تسعة أشخاص مشتبه بهم في إطار التحقيق في تفجيري مدينة الريحانية جنوبي تركيا قرب الحدود السورية، واللذين خلفا 46 قتيلا بحسب أحدث حصيلة، فيما واصل المحققون بحثهم عن أدلة في مكان تفجير السيارتين، للوصول إلى أسباب الانفجارين.
وقال بشير أتلاي نائب رئيس الوزراء التركي في مؤتمر صحافي بثته القناة الإخبارية «أن تي في» إن هناك اعترافات بعد اعتقال المشتبه فيهم.
من جهته، قال حسين جيليك نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم إن عدد قتلى التفجيرين ارتفع إلى 46، فيما بلغ عدد الجرحى الذين ما زالوا يتلقون العلاج في المستشفى 51 شخصا.
وكانت حصيلة سابقة أفادت بسقوط 43 قتيلا ومئة جريح.
وبدوره، قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو امس إن تفجيري الريحانية يحملان بصمات منفذي الهجمات الدامية على مدينة بانياس السورية، وذلك في إشارة ضمنية إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان أوغلو قد أعلن مساء أمس الاول أن بلاده تحتفظ بحقها في اتخاذ كل الإجراءات التي تراها مناسبة بعد التفجيرين في مدينة الريحانية، في حين قال وزير الداخلية معمر غولر إن التحقيقات الأولية تشير إلى أنهما نفذا من منظمة قريبة من النظام السوري.
وأضاف وزير الداخلية أن التنظيم والأشخاص الذين نفذوا التفجيرين جرى تحديدهم، وتبين أنهم مرتبطون بتنظيمات تدعم النظام السوري وأجهزته الاستخبارية.
وفي المقابل، نفى وزير الإعلام السوري عمران الزعبي الاتهامات التركية لدمشق بالوقوف خلف تفجيري بلدة الريحانية.
ونقل عن الزعبي قوله لوسائل إعلام حكومية «سوريا لم ولن تقدم أبدا على هكذا تصرف لأن قيمنا لا تسمح بذلك... ليس من حق أحد أن يطلق الاتهامات جزافا.»
واتهم الزعبي تركيا بالمسؤولية عن العنف في سوريا من خلال مساعدته مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة. ونفى أي تورط لدمشق في تركيا.
وأضاف «يتعين أن نكون حذرين حيال الاستفزازات العرقية في تركيا ولبنان بعد مجزرة بانياس.»
وبانياس مدينة سنية داخل محافظة طرطوس التي تسكنها أغلبية علوية على ساحل البحر المتوسط. ويتهم نشطاء في المنطقة ميليشيات موالية للأسد بارتكاب هجمات عرقية.
وريحانلي بها أيضا نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين وأغلبهم من السنة وأصبحت قاعدة لوجيستية لمقاتلي المعارضة السورية.
وقال وزير الداخلية التركي معمر جولر إن مجموعة معروفة للسلطات التركية ذات صلات مباشرة بالمخابرات السورية هي التي ارتكبت الهجوم.
يأتي ذلك في وقت خرج مئات الأتراك لتشييع جثامين ضحايا الانفجاريْن. وقد احتشد العشرات من أقارب الضحايا وآخرين من أهالي الريحانية رغم الأجواء الماطرة، للمشاركة في تشييع ودفن الجثامين في مقبرة المدينة.
وكانت سيارتان مفخختان محشوتان بالمتفجرات قد انفجرتا مساء السبت أمام مقري بلدية وبريد مدينة الريحانية بمحافظة هاتاي «جنوب»، التي تبعد ثماني كيلومترات عن الحدود السورية.
وفي سياق متصل، تواصلت الإدانات العربية والدولية للحادث، فقد أعربت الخارجية الجزائرية عن إدانتها الشديدة للتفجيرين، وقال المتحدث باسم الوزارة «ليس هناك ما يبرر هكذا أعمال»، وأعرب عن تضامن بلاده مع تركيا حكومة وشعبا.
من جهتها، أدانت الأردن تفجيري الريحانية، وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني إن «الأردن يدين التفجيرات الإجرامية، ويعرب عن تضامنه مع الحكومة التركية والشعب التركي الصديق، وتعاطفه مع ذوي الضحايا والمصابين».
وفي الأثناء، أدان وزير الخارجية الأميركي جون كيري التفجيرات «المروعة». وقال إن «هذا الخبر المروع أثر بنا جميعا، نظرا إلى أننا نعمل بشراكة وثيقة مع تركيا، ونظرا إلى أن تركيا كانت مرارا محاورا حيويا في عملي كوزير للخارجية خلال الأشهر الثلاثة الماضية».
وبدوره، أدان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية التفجيرين، معتبرا أن هدفهما «الانتقام من تركيا لوقوفها إلى جانب الشعب السوري».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أدان تفجير السيارتين الملغومتين في تركيا. وقال إنه يأمل في عدالة ناجزة للجناة، وكرر إصراره على أنه «لا يوجد أبدا أي سبب أو شكوى تبرر استهداف المدنيين»، وفقا لبيان صدر عن المتحدث باسمه.
وزاد تفجير السيارتين من مخاوف تأثير الصراع الدائر في سوريا على الدول المجاورة رغم تجدد الجهود الدبلوماسية الرامية لانهاء القتال المستمر منذ نحو عامين والذي سقط فيه أكثر من 70 ألف قتيل.
وقال داود أوغلو في مقابلة مع قناة «تي.ار.تي» التلفزيونية التركية إنه «لا علاقة للهجوم باللاجئين السوريين في تركيا. علاقته الكاملة بالنظام السوري.»
وجاء التفجيران في الوقت الذي تحسنت فيما يبدو هذا الأسبوع الفرص الدبلوماسية لمحاولة إنهاء الحرب بعد أن أعلنت موسكو وواشنطن بذل مساع مشتركة للجمع بين الحكومة ومقاتلي المعارضة على مائدة المفاوضات.
كما أنها تبرز التوتر الذي تسببه الحرب وتدفق اللاجئين على الدول المجاورة مع استياء السكان المحليين من الضغط على موارد بلادهم واحتمالات اندلاع العنف. وتضم تركيا أكثر من 300 ألف لاجيء سوري.
واندلعت احتجاجات في ريحانلي بعد التفجيرين واتهم البعض السكان السوريين بالتسبب في العنف في حين أن آخرين انتقدوا السياسة الخارجية التركية. وهشم البعض زجاج نوافذ سيارات عليها لوحات معدنية سورية. وقال مدرس في ريحانلي ذكر ان اسمه مصطفى «لم نعد نرغب في وجود السوريين بعد الآن. لا يمكنهم البقاء هنا. سواء كنا نريدهم أو لا فلا يمكنهم البقاء بعد هذا.» وأضاف أن سياسة الحكومة تجاه سوريا هي السبب.
وتابع «سياسات طيب اردوغان هي التي تسببت في ذلك. كان يجب ألا تتورط تركيا على الإطلاق في هذه الفوضى. هناك حدود مشتركة تمتد مسافة 900 كيلومتر. إنهم يأتون ويذهبون وقتما يريدون. الجميع هنا يشعر بالخوف.»
وردت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي على القوات السورية عندما سقطت قذائف مورتر على أرضها لكن رغم اللهجة الحادة فإنها بدت عازفة عن استخدام قوتها العسكرية في هذا الصراع.