
عواصم – «وكالات»: قالت مصادر في الجيش الحر إن الألوية التابعة له تمكنت من السيطرة على الكتيبة 232 في اللواء 52 في محافظة درعا، بينما تتواصل الاشتباكات في حلب وريف دمشق وتجدد القصف على حي مخيم اليرموك بدمشق.
وأوضحت مصادر الجيش الحر أن السيطرة على الكتيبة جرت بعد محاولات لاقتحامه منذ فجر أمس حيث دارت اشتباكات عنيفة وسمعت أصوات انفجارات ضخمة.
وقد ردت قوات النظام بقصف القرى والبلدات المحيطة بمقر اللواء الذي يعتبر ثاني أكبر لواء عسكري في سوريا.
في غضون ذلك تواصل عدة فصائل مقاتلة معركة اقتحام سجن حلب المركزي. وقد استخدمت مختلف الأسلحة الثقيلة التي حصلت عليها من ثكنات قوات النظام العسكرية في معارك سابقة.
وقال مراسلون من حلب إن هذه الفصائل حققت تقدما داخل السجن وضيقت الخناق على القوات النظامية به التي باتت في عدد قليل من المباني.
وفي تطور آخر، ذكرت شبكة شام أن القصف تجدد بالمدفعية الثقيلة على حي مخيم اليرموك بدمشق ومعظم أحياء دمشق الجنوبية.
كما دارت اشتباكات عنيفة في محيط بلدة الجربا بالغوطة الشرقية بريف دمشق بين الجيش الحر وقوات النظام وفق الشبكة.
وفي ريف حماة، اندلعت اشتباكات عنيفة في محيط مدينة حلفايا بين الجيش الحر وقوات النظام التي تحاول اقتحام المدينة وسط قصف عنيف بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة. كما شن الطيران الحربي ثلاث غارات على المدينة وألقى خلالها القنابل العنقودية مما أدى لدمار هائل في المدينة.
وفي ريف إدلب، قال شبكة شام إن قوات النظام قصفته بالمدفعية الثقيلة.
وقال ناشطون سوريون في وقت سابق إن قوات النظام ارتكبت مجزرة في بلدة أم عامود بريف حلب. وبينما واصلت هذه القوات قصفها الجوي لمناطق مختلفة من دمشق وريفها، أكد الجيش الحر استهداف رتل عسكري على طريق حمص دمشق الدولي.
من جانبها تناولت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية الملف السوري وتلميحات إسرائيل بأنها قد تشن غارات جديدة على أهداف داخل الأراضي السورية محذرة في الوقت ذاته مع أن أي رد انتقامي لسوريا سيواجه بقوة.
ونقلت الصحيفة على لسان مسؤول اسرائيلي قوله: «إن إسرائيل مصممة على المضي قدما بموضوع منع أي تدفق للأسلحة المتطورة لحزب الله بلبنان، » مشيرا إلى أن إيصال مثل هذه الأسلحة لجنوب لبنان سيؤدي إلى إشعال المنطقة.
وتأتي هذه التطورات غداة ادانة الجمعية العامة للأمم المتحدة للقوات الحكومية في سوريا واشادتها بالائتلاف الوطني السوري المعارض امس الاول لكن التأييد للقرار الذي صاغته دول خليجية عربية كان أقل من الدعم الذي حصل عليه نص مشابه أقر العام الماضي وهي علامة على تزايد القلق بشأن جماعات المعارضة المسلحة المنقسمة.
والقرار غير ملزم لكن قرارات الجمعية العامة التي تضم 193 دولة قد تنطوي على أهمية معنوية وسياسية كبيرة. وحصل القرار على تأييد 107 أصوات مقابل رفض 12 وامتناع 59 دولة عن التصويت في تباين كبير مع نتيجة التصويت على القرار السابق الذي ادان الحكومة السورية في أغسطس الماضي واعتمد بموافقة 133 دولة مقابل رفض 12 وامتناع 31 عن التصويت.
وعزا دبلوماسيون بالأمم المتحدة تراجع التأييد للقرار الى مشاعر القلق من ان سوريا ربما تتجه الى «تغير في النظام» توجهه حكومات اجنبية ومخاوف من زيادة عنصر التطرف الإسلامي بين المعارضين.
ورفضت روسيا وهي حليف وثيق للرئيس بشار الأسد القرار الذي صاغته قطر التي تتهمها الحكومة السورية بتسليح المعارضين الساعين للإطاحة بالأسد.
لكن موسكو التي استخدمت مع الصين حق النقض «الفيتو» ثلاث مرات لمنع مجلس الأمن الدولي من التحرك ضد سوريا لم تتمكن من عرقلة قرار الجمعية العامة حيث لا تتمتع أي دولة بحق النقض.
وقال دبلوماسيون إن الوفد الروسي بعث برسائل إلى جميع أعضاء الأمم المتحدة تحثهم على معارضة القرار. وشكت موسكو من أن القرار يقوض الجهود الأمريكية الروسية لعقد مؤتمر للسلام تشارك فيه الحكومة السورية والمعارضة وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه سينظم على الأرجح في اوائل يونيو.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن المشروع المقدم يهدف إلى محاولة استبدال الائتلاف المعارض من الحكومة السورية، ويضع عواقب أمام مهمة المبعوث الدولي والعربي المشترك الأخضر الإبراهيمي.
وأبلغ سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الجمعية العامة قبل التصويت أن القرار يتعارض مع المساعي الأمريكية الروسية للبحث عن حل دبلوماسي للأزمة المستمرة منذ اكثر من عامين والتي تقول الأمم المتحدة إنها أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 80 ألف شخص.
وقال الجعفري إن القرار «يمثل سباحة عكس التيار فى ضوء التقارب الروسي الأمريكي الذى رحبت به سوريا».
لكن نائبة السفير الامريكي روزماري دي كارلو قالت ان القرار يتفق مع المبادرة الروسية الامريكية ويبعث «برسالة واضحة بأن الحل السياسي الذي نسعى اليه جميعا هو افضل وسيلة لانهاء معاناة شعب سوريا».
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحفيين في مقر الامم المتحدة في نيويورك انه لم يكن يرغب في ان يصبح التخطيط للمؤتمر «عملية طويلة للغاية». وقال ان الضغط يجب ان يمارس على كل الأطراف المتحاربة لكي تتقدم على وجه السرعة باسماء للمشاركة في حكومة انتقالية «يمكن ان يصطف خلفها الجميع في سوريا».
لكن بعض الدبلوماسيين في الأمم المتحدة والمسؤولين تساورهم شكوك في أن المبادرة الامريكية الروسية ستحل الجمود الذي منع مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة من أي تحرك بشأن سوريا بسبب الخلاف الواسع بين موقفي موسكو وواشنطن بشأن الحرب الأهلية هناك.
وكان من المتصور في الأصل أن يمنح القرار الذي حظي بدعم قوي من دول غربية وخليجية عربية مقعد سوريا بالأمم المتحدة للائتلاف الوطني السوري المعارض. لكن دبلوماسيين في الأمم المتحدة قالوا إنه اتضح في المفاوضات الأولى أن مثل هذا الإجراء لن يحظى بالموافقة في الجمعية العامة حيث تخشى كثير من الوفود أن تواجه حكوماتها يوما ما انتفاضات معارضة أيضا.
غير ان القرار رحب بتشكيل الائتلاف الوطني السوري «بوصفه محاورا فعالا مطلوبا في عملية الانتقال السياسي».
وعبر القرار أيضا عن غضب الجمعية العامة من «عدد القتلى المتزايد بسرعة» في سوريا واستنكر «الانتهاكات الممنهجة والخطيرة على نطاق واسع لحقوق الانسان والحريات الأساسية». وحث البلدان على تقديم المعونات المالية التي تشتد الحاجة إليها لتخفيف وطأة الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
ورحب الائتلاف الوطني السوري بقرار الأمم المتحدة لكنه قال في بيان إنه يجب بذل المزيد من الجهد على وجه السرعة لإنهاء معاناة الشعب السوري.
وتتهم سوريا قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتسليح المعارضة. ونفت هذه الدول المزاعم لكن المعارضة مستمرة في تلقي اسلحة.
وكان مندوب قطر في الأمم المتحدة الشيخ مشعل بن حمد آل ثاني قد حذر -أثناء جلسة مناقشة مشروع القرار- من تفاقم الأزمة وخطورتها على استقرار سوريا والمنطقة وعلى الأمن والسلم الدوليين، متسائلا «ألا يتوجب على الأمم المتحدة أن تدين أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان واستعمال الأسلحة الثقيلة» في سوريا.
وأشار إلى أن مشروع القرار «مبني على ما تم تبنيه في الأمم المتحدة من قبل» في الشأن السوري، ووصفه بأنه «يتحلى بالموضوعية والاتزان، رغم أنه لا مجال للمساواة بين الضحية والجلاد»، ويدعو إلى «إدانة العنف والانتهاكات أيا كان مرتكبها».
وقال سفير جنوب افريقيا كينجسلي مامابولو إن بلاده التي صوتت لصالح قرارات سابقة تدين حكومة الأسد ستصوت برفض القرار لأنه يفتح الباب أمام «تغيير النظام» بالقوة من خارج سوريا.
ويقول خبراء منذ فترة طويلة ان جبهة النصرة المتشددة في سوريا تتلقى دعما من متشددين لهم صلة بالقاعدة في العراق. وأعلنت الجبهة المسؤولية عن تفجيرات مميتة في دمشق وحلب وانضم مقاتلوها الى ألوية معارضة سورية اخرى.
واعلنت وفود إيران وبوليفيا وفنزويلا وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وغيرها من الدول التي تعارض عادة السياسة الأمريكية في الأمم المتحدة معارضتها للقرار. وقالت اندونيسيا التي صوتت لصالح قرار اغسطس إنها امتنعت عن التصويت على القرار الحالي فيما يرجع أساسا لاعترافه الضمني بالمعارضة السورية.
وقالت الصين إنها صوتت برفض القرار لأنه لم يأخذ في الحسبان «آراء كل الأطراف ذات الصلة».
وقال لي باودونج ممثل الصين الدائم في الأمم المتحدة فيما نقلته وكالة انباء شينخوا إن المضي قدما في إجراء التصويت على القرار على الرغم مما لقيه من معارضة «لا يساهم في تحقيق التوافق بين الدول الأعضاء ولا يساعد جهود الوساطة التي يبذلها الأمين العام بان جي مون لحل الأزمة في سوريا».
واتهم محمد خزاعي سفير ايران المعارضة السورية باستخدام اسلحة كيماوية ضد السوريين وهو شيء تقول المعارضة ان حكومة الأسد هي التي تفعله وليس قوات المعارضة. وتحدث ايضا عن العدد المتزايد «للجماعات الإرهابية والمتطرفة» في سوريا.
وعبر خزاعي عن رفض بلاده لمشروع القرار، وقال إن الأزمة في سوريا تكتسب «أبعادا جديدة بعد وقوع المزيد من العنف الطائفي وتنامي التطرف والأفعال الإجرامية في هذا البلد».
واعتبر أن مشروع القرار «يقوض الجهود الدولية للتوصل لحل سلمي»، وقال إنه «انحراف عن المبادئ المكرسة في الأمم المتحدة والقانون الدولي»، ودعا إلى «ضرورة تحمل المسؤولية لدعم حوار سلمي تقوده سوريا».
وحذرت روسيا من عناصر ارهابية في سوريا.
والتصويت على هذا النحو قد يبين ان الصور التي تم بثها في الآونة الأخيرة للوحشية التي تمارس في الحرب الأهلية المستمرة من أكثر من عامين لقائد قوة من مقاتلي المعارضة وهو ينزع قلب مقاتل من الأعداء ويقضمه ربما تقوض حجة الذي يقولون ان سوريا ستكون أفضل بدون الاسد. ونشرت على الإنترنت صور مروعة لاعمال ارتكبتها قوات الاسد.
وقال مبعوثون ان هناك سببا آخر للتراجع في تأييد القرار قد يكون ان الأسد مازال يسيطر على اجزاء كثيرة من البلاد وانه أظهر ان قواته المسلحة والميليشيات المتحالفة لم تخسر الحرب وان كانت لم تتمكن من الفوز فيها.
وقال دبلوماسي غربي بالامم المتحدة طلب عدم نشر اسمه في اشارة الى قرار اغسطس 2012 «انني مقتنع بأن دولا كثيرة صوتت لصالح نص «قرار العام الماضي» لانها اعتقدت انها تصوت للجانب الفائز». أضاف «لم تعد لديها هذه الثقة».
وتابع «والان يوجد ايضا الاسلاميون.. العامل الإرهابي الذي أصبح أكثر وضوحا».
وجاء التصويت الذي جرى يوم الأربعاء بينما تبحث واشنطن وحكومات اوروبية الفوائد والمخاطر المتعلقة بارسال اسلحة الى المعارضة السورية.
وقال مسؤول فرنسي ان فرنسا تطرح اقتراحا بأن يخفف الاتحاد الاوروبي حظر الاسلحة مع تأخير التحرك بشأن قرار لزيادة الضغوط على دمشق للتفاوض على انهاء الحرب الاهلية.