
عواصم – «وكالات»: خرج آلاف الإيرانيين مساء امس الاول للاحتفال بفوز حسن روحاني المدعوم من قبل الإصلاحيين بـ انتخابات الرئاسة الإيرانية خلفا لمحمود أحمدي نجاد، وسط ترحيب أمريكي واستعداد دولي للتعاون مع روحاني.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن غالبية الشوارع والساحات وسط العاصمة طهران امتلأت بجموع المحتفلين، في حين انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن تراقب عن بعد.
وهتف الحشود «قلنا نعم للشجاع روحاني» الذي فاز بالانتخابات بفارق شاسع من الدورة الأولى التي جرت الجمعة بعد حصوله على 18.6 مليون صوت، بنسبة 50.68 في المئة، متقدما على خمسة من المحافظين بينهم القائد السابق للحرس الثوري محسن رضائي وعمدة طهران محمد باقر قاليباف.
وانضم سائقو السيارات إلى جموع المحتفلين عبر إطلاق العنان لأبواق سياراتهم أمام المارة الذين يرتدون اللون البنفسجي الذي اختاره روحاني رمزا لحملته الانتخابية.
وقالت طالبة قريبة من الإصلاحيين تدعى سارة «أخيرا وبعد ثماني سنوات أرى سعادة بالمدينة، أراها على وجوه الناس».
وقال إشكال «31 عاما» إنه «عهد جديد وإيران ستستعيد مكانتها، نحتفل لأن هناك أملا جديدا بإيران.
ويطالب البعض من المحتفين بإطلاق السجناء السياسيين وخصوصا مير حسين موسوي ومهدي كروبي اللذين كانا مرشحين بانتخابات 2009، ودعيا لمظاهرات احتجاجية، وهما يخضعان للإقامة الجبرية منذ 2011.
ووصف روحاني انتخابه رئيسا لإيران بأنه انتصار للاعتدال والحكمة على التطرف.
ودعا روحاني الدول الكبرى إلى معاملة إيران باحترام والاعتراف بحقوقها.
وفي أول بيان بعد تأكيد انتخابه رئيسا للبلاد، اعتبر روحاني الانتخابات «ملحمة عظيمة تستدعي احترام العالم للشعب الإيراني».
وفي البيان الذي تلي عبر التلفزيون والإذاعة الرسميين، قال روحاني إن «هذا الانتصار هو انتصار الذكاء والاعتدال والتقدم على التطرف».
وقال «على الساحة الدولية ومع الفرصة التي انتجتها هذه الملحمة الشعبية، أدعو من يتغنون بالديموقراطية والتفاهم والحوار الحر لأن يتحدثوا باحترام إلى الشعب الإيراني ويعترفوا بحقوق الجمهورية الإسلامية حتى يتلقوا ردا ملائما».
ووصفت هذه الدعوة بأنها إشارة إلى المفاوضات بين إيران والدول الكبرى بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكان روحاني أمينا عاما لمجلس الأمن القومي الإيراني وكبير ومفاوضي بلاده في المباحثات بشأن البرنامج المثير للجدل.
وعبر الرئيس المنتخب عن اعتقاده بأن «الوجود القوي للشعب سيجلب الهدوء والاستقرار والأمل في المجال الاقتصادي».
وتربط روحاني بمرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي علاقات جيدة.
ويعتقد على نطاق واسع بأن للمرشد الكلمة الحاسمة في القضايا الحيوية التي تتعلق بالسياسة الخارجية والبرنامج النووي الإيراني.
وعبر روحاني عن «امتنانه للمرشد الأعلى» واعتبر نفسه «ابنه الأصغر».
من جانبها دعت الولايات المتحدة إيران إلى «احترام إرادة الشعب» بعد انتخاب روحاني وقالت إنها على استعداد للتعاون معه بشكل مباشر.
وقدم البيت الأبيض السبت تهنئة للإيرانيين على «شجاعتهم في جعل أصواتهم مسموعة» وقال إنه يحترم نتيجة التصويت.
وأعرب عن أمله بأن «تحترم» الحكومة الإيرانية رغبة الشعب «وتتخذ خيارات مسؤولة تصنع مستقبلا أفضل لجميع الإيرانيين».
وقال البيت الأبيض أيضا إن واشنطن ما زالت مستعدة للحوار مع حكومة طهران مباشرة للتوصل إلى حل دبلوماسي لتبديد قلق المجتمع الدولي بشأن برنامجها النووي الذي يشك الغرب بأنها تسعى من خلاله لامتلاك سلاح نووي، وهو ما تنفيه طهران.
وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري -في بيان- إن روحاني الذي اعتبر فوزه انتصارا للاعتدال على «التطرف» قد «تعهد مرارا خلال حملته بإعادة الحريات لكل الإيرانيين وتعزيزها».
وإلى جانب الولايات المتحدة، أعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للعمل مع الرئيس المنتخب بشأن الملف النووي لبلاده، مشيدا بـ»تطلع الشعب الإيراني الذي لا يتزعزع إلى الديمقراطية».
كما أعربت كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا عن الأمل بأن تتعاون القيادة الإيرانية الجديدة في إيجاد حل للبرنامج النووي، وأبدت إيطاليا استعدادها لتطوير العلاقات الثنائية وإجراء حوار مباشر بين طهران والمجتمع الدولي بعد انتخاب روحاني.
غير أن الخبيرة بالشؤون الإيرانية سوازان مالوني، من مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط التابع لمؤسسة برونكنغز، قللت من شأن نتائج الانتخابات الإيرانية، وقالت «لن يحدث أي تقدم سريع، ولكن هذه أفضل نتيجة ممكنة من ناحية القضايا التي تهتم بها الولايات المتحدة».
وأضافت مالوني أن واشنطن تدرك جيدا القيود الداخلية المفروضة على سلطة روحاني.
ويدير روحاني الاقتصاد ويتمتع بنفوذ مهم في عملية صنع القرار بالشؤون اليومية، رغم أن الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي هو صاحب القرار النهائي بالقضايا الرئيسة ومن بينها الأمن القومي والبرنامج النووي.
بالمقابل حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو امس على مواصلة الضغط الدولي على إيران لكبح برنامجها النووي بعد الانتخابات التي أتت برئيس إيراني معتدل.
ونقل بيان صادر عن مكتب نتانياهو قوله لحكومته «يجب ألا يستسلم المجتمع الدولي للأماني الطيبة أو الاغراء وألا يخفف الضغط عن إيران كي توقف برنامجها النووي».
وقال نتانياهو إن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي هو من يحدد السياسة النووية وليس الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني.
وتخشى اسرائيل والغرب أن تكون إيران تخصب اليورانيوم بهدف صنع أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وتابع نتانياهو «الحكم على إيران سيكون بناء على أفعالها... إذا ظلت مصرة على تطوير برنامجها النووي فيجب أن تكون الإجابة واضحة.. وقفه بكل السبل.»
وأشارت اسرائيل إلى إمكانية القيام بعمل عسكري ضد إيران إذا فشلت العقوبات الدولية والدبلوماسية في تغيير سياستها النووية.
ومضى نتنياهو يقول «كلما زاد الضغط على إيران كلما زادت فرصة وقف البرنامج النووي الإيراني الذي ما زال أكبر خطر على السلام العالمي.»