
عواصم - «وكالات»: تسارعت التحركات الدولية خلال الساعات القليلة الماضية حيال الازمة السورية غداة اعلان واشنطن تسليحها لمعارضي النظام.
وعقد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، امس محادثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، محادثات ركزت على الأزمة السورية.
ويتوجه الزعيمان لاحقا إلى ايرلندا الشمالية للمشاركة في قمة دول الثمانية الذي يعقد هناك اليوم الاثنين.
ويرى مراقبون أن الأزمة السورية أثّرت على العلاقات البريطانية الروسية الهشة بالفعل.
فروسيا تعتبر منذ فترة طويلة حليفا وثيقا للرئيس الروسي بشار الأسد، بينما أدانت بريطانيا مرارا تعامل حكومة دمشق مع الأزمة.
وقد أعلنت روسيا صراحة عن تشككها في مزاعم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بأن قوات الجيش السوري النظامي استخدمت أسلحة كيميائية ضد مسلحي المعارضة.
وفي الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة أن الاستخدام المزعوم لهذه الأسلحة يعتبر تجاوزا لما وصفه الرئيس الأمريكي باراك اوباما بأنه «خط أحمر»، وبالتالي فإن واشنطن سوف تزوّد مقاتلي المعارضة بالسلاح.
وأكد رئيس الحكومة البريطانية في السابق على ضرورة بذل المزيد لمساعدة المعارضة لكنه أشار إلى أن بلاده لم تتخذ قرارا بشأن التسليح بعد. وخلال لقاء الامس ركز بوتين وكاميرون على الأمور التي يمكن أن تكون محل اتفاق مشترك.
ويشمل هذا الحاجة لعملية انتقال سياسي للسلطة في سوريا، والإعداد لمؤتمر دولي في جنيف لتحريك هذه العملية. لكن فرص انعقاد مثل هذا المؤتمر تبدوا أكثر ضآلة يوما بعد يوم، بحسب ماركوس.
ويتزامن اجتماع بوتين وكاميرون مع ورود تقارير من سوريا عن بلوغ حدة المعارك في حلب ذروتها منذ شهور. وبلغت حصيلة القتلى في الصراع الدائر منذ عامين 93 ألفا على الأقل، وفقا لأحدث تقديرات الأمم المتحدة، التي أعلنتها قبل أيام.
من جانبه شدّد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، امس خلال رعايته حفل تخرج دفعة عسكرية من جامعة مؤتة، على أن الأردن قادر على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية أمنه إذا تهدد بفعل الأزمة السورية الملتهبة، في ظل تقاعس العالم عن تقديم حلول جذرية للقضية السورية.
واضاف قائلا «إذا لم يتحرك العالم ويساعدنا في هذا الموضوع كما يجب أو إذا أصبح هذا الموضوع يشكل خطرا على بلدنا فنحن قادرون في أي لحظة على إتخاذ الإجراءات التي تحمي بلدنا ومصالح شعبنا».
وقال الملك عبدالله أمام جمع غفير من الأردنيين الذين حضروا حفل التخرج، إن «الأوضاع المتوترة بسوريا فرضت علينا معطيات صعبة جداً، حيث احتضن الأردن آلاف اللاجئين السوريين، وقدمنا تضحيات كبيرة للوفاء بمسؤولياتنا تجاههم، كما لدينا مسؤولية أخلاقية تجاه الأشقاء بسوريا».
أما على الصعيد السياسي فأوضح أن هناك تعاوناً مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي بما في ذلك روسيا وأميركا، بغية الحصول على حل سياسي يصون وحدة الأراضي السورية وتشجيع اللاجئين على العودة إلى بلادهم.
وعلى صعيد ذا صلة أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون» أن الولايات المتحدة ستبقي مقاتلات من طراز إف 16 وصواريخ باتريوت في الأردن بعد مناورات مشتركة ستنتهي الأسبوع المقبل، مؤكدة معلومات كشفت عنها الحكومة الأردنية أمس الاول.
وقالت الوزارة في بيان إن وزير الدفاع تشاك هيغل رد إيجابا على طلب المملكة الأردنية إبقاء مجموعة من مقاتلات إف 16 وصواريخ باتريوت بعد انتهاء المناورات العسكرية «الأسد المتأهب» الأسبوع المقبل.
وأوضحت أنه فيما سوى ذلك، ستغادر جميع الطواقم الأمريكية التي أرسلت إلى الأردن للمشاركة في المناورات، مذكرة أن «الولايات المتحدة تقيم شراكة مع الأردن منذ وقت طويل» وهي ملتزمة بالدفاع عنه». وكانت الحكومة الأردنية قالت أمس الاول إن صواريخ باتريوت وطائرات إف 16 الأمريكية التي أرسلتها الولايات المتحدة للمملكة ستخضع لإدارة وإشراف القوات المسلحة الأردنية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «بترا» عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال محمد المومني أن الأردن طلب من الجانب الأمريكي الإبقاء على بعض الأسلحة التي تشارك في تمرين «الأسد المتأهب» على الأراضي الأردنية، وتشمل صواريخ باتريوت وطائرات إف 16 دون أن يحدد عددها.
وقال المومني إن «الأسلحة ستخضع لإدارة وإشراف القوات المسلحة الأردنية بدعم فني من الخبراء الأمريكيين»، مجددا التأكيد على أن الهدف من هذه الأسلحة هو «تطوير القدرات العسكرية والدفاعية للقوات المسلحة الأردنية». وعلى الصعيد نفسه، نقلت وكالة الأنباء الأوروبية عن صحيفة تايمز البريطانية امس قولها إن الولايات المتحدة أرسلت 300 عنصر من مشاة البحرية إلى شمال الأردن قرب الحدود مع سوريا، «لتمهيد الطريق لتسليح جماعات مسلحة للثوار».
وأضافت أن بطارية صواريخ «باتريوت» الدفاعية أرسلت أيضاً لحماية الأراضي الأردنية من أي هجوم صاروخي محتمل من الجانب السوري. وأوضحت أن نشر القوات على الأراضي الأردنية «جرى تحت غطاء التدريبات العسكرية التي جرت هذا الأسبوع»، غير أنها أشارت إلى أن القوات ستبقى منتشرة هناك لأشهر. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني الثلاثاء الماضي «إن الأردن صديق وحليف وثيق، وبين جيشيْنا علاقة طويلة، ووجود صواريخ باتريوت ومقاتلات إف 16 هناك هو في إطار التدريبات السنوية المشتركة ولا علاقة للأمر بسوريا أو أية خيارات مقترحة في سوريا».
وفى تطور لافت قالت صحيفة إندبندنت البريطانية، في خبر حصري، إن إيران قررت إرسال وحدة من الحرس الثوري الإيراني قوامها أربعة آلاف فرد إلى سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أن القرار اتخذ قبل أسبوع من الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي انتهت البارحة بفوز حسن روحاني من الجولة الأولى.
ولم تكشف الصحيفة عن مصدر هذه المعلومات التي تتناقض مع تصريحات لحسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني من العاصمة الروسية موسكو الأسبوع الفائت، قال فيها إن بلاده لن ترسل قوات إلى سوريا. ونقلت وسائل إعلام روسية عن عبد اللهيان قوله بهذا الشأن بأنه لا توجد أية مؤشرات لحدوث عدوان عسكري على سوريا. إذا حدث ذلك، فإن الجيش السوري وإمكانياته تسمح لسوريا بالدفاع عن وحدة أراضيها. من جهة أخرى، تمارس الولايات المتحدة -التي حسمت أمرها مؤخرا بدعم الثوار السوريين بالسلاح- ضغوطا على فرنسا وبريطانيا لمساندة الجهد العسكري للإطاحة بالأسد.
وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت قرارا بإبقاء طائرات مقاتلة وصواريخ باتريوت بالأردن، بالإضافة إلى قوة من المارينز في بوارج قبالة السواحل الأردنية، تحسبا لأي تطورات عسكرية ناتجة عن القتال الدائر في سوريا.
وقالت تقارير صحفية إن هناك تخوفا برلمانيا في بريطانيا، من أن تجر لندن لحرب بين الفصائل الإسلامية حيث يوجد على الأرض السورية ثوار من ذوي التوجهات الإسلامية السنية، بينما تضع المحاور الإسلامية الشيعية مثل إيران وحزب الله كل ثقلها خلف الأسد الذي ينتمي للطائفة العلوية.
غير أن صحيفة ديلي ستار صنداي ذكرت امس أن بريطانيا أرسلت قوات إلى الحدود السورية، في إطار ما اعتبرته انجرارها إلى الصراع الدائر في هذا البلد منذ أكثر من عامين.
وقالت الصحيفة إن أكثر من 350 جندياً من مشاة البحرية الملكية البريطانية سيتوجهون هذا الأسبوع إلى الأردن، بعد أن هاجم رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون النظام السوري لاستخدامه الأسلحة الكيمياوي.