
القاهرة – «وكالات»: وسط أجواء من التوتر الأمني والسياسي في كافة أرجاء مصر مع انطلاق مظاهرات معارضة للرئيس محمد مرسي وأخرى مؤيدة له, أغلق المعتصمون من الجانبين كافة الشوارع الرئيسية والجانبية المحيطة بكل منهم في ميداني رابعة العدوية والتحرير, بينما كثفت وحدات من الجيش تواجدها في محيط المنشآت الحيوية فى وقت يسود فيه التخوف من اعمال العنف التى بدأت باكرا منذ صباح الامس.. وتحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن حالة من الاضطراب المروري في بداية اليوم, مع إغلاق المعتصمين عددا من الطرق والمداخل الرئيسية في رابعة العدوية حيث يتمركز مؤيدو الرئيس رافعين شعار «الشرعية خط أحمر», وفي ميدان التحرير, حيث يحتشد معارضو الرئيس مطالبين بإسقاط النظام.
كما توافد المتظاهرون على ميادين التحرير ورابعة العدوية وعلى محيط وزارة الدفاع وأمام قصر الاتحادية الرئاسي.
وفيما واصل الجيش انتشاره لحماية المنشآت الحيوية ومؤسسات الدولة، التقى مرسي وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم للاطمئنان على الاستعدادات الأمنية قبيل انطلاق المظاهرات «لتأمين المنشآت الحيوية والإستراتيجية للدولة وحماية المواطنين وتأمين الحدود»، كما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وعزز الجيش انتشاره في شتى أنحاء البلاد في ظل أجواء من التوتر الشديد تحسبا لحدوث مواجهات بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه، بعد صدامات عنيفة في الأيام الأخيرة أسفرت عن سقوط سبعة قتلى. من جهة أخرى قال مصدر قضائي في مكتب النائب العام إن النيابة بدأت تحقيقات موسعة في جميع البلاغات التي تتهم شخصيات عامة وسياسية بالتحريض على قلب نظام الحكم.
في هذه الأثناء, قال مراسلون في أنحاء متفرقة من مصر إن الاستعدادات للمظاهرات من الجانبين بلغت ذروتها، والكل يرفع شعار «لا تراجع لا استسلام»، ولم يعد هناك أي مجال للإنصات لدعوات التهدئة والحوار التي قدمتها قوى سياسية ومؤسسات دينية. وتحدث مراسلون في القاهرة عن مخاوف كبيرة من حدوث التحام بين الحشود التي وصفت بالمليونية نظرا لقرب موقعي تجمعهما في القاهرة.
وقد دعت حملة «تمرد» ملايين المصريين الذين قالت إنهم وقعوا على وثيقة تدعو لسحب الثقة من مرسي، إلى التظاهر والاعتصام والعصيان المدني اعتبارا من الأمس. وقال المتحدث باسم الحملة محمود بدر في مؤتمر صحافي بمقر نقابة الصحافيين المصرية إن الحملة «جمعت 22 مليونا و134 ألفا و465 توقيعا على مطلب سحب الثقة من الرئيس مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة».
كما دعا رئيس حزب الدستور ومنسق جبهة الإنقاذ المعارضة محمد البرادعي إلى الخروج في المظاهرات «لاستعادة الثورة» وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة والمطالبة بدستور جديد».
كما عبر رئيس التيار الشعبي حمدين صباحي عن إدانته العنف، لكنه قال إن «طوفان الشعب المصري لن يستطيع أي طاغية أن يوقفه». وأضاف أن «السلمية سلاحنا، ندين كل أشكال العنف التي وقعت أمس، وكل هجوم على مقرات الإخوان أو حزبهم، فنحن لا نحارب حجرًا، وإنما سياسات مستبدة وفشلا عن الوفاء باحتياجات الناس».
في المقابل دعا تحالف القوى الإسلامية المصريين إلى المشاركة في مظاهرة حاشدة امس تحت عنوان «دعم الشرعية ونبذ العنف» في محيط مسجد رابعة العدوية.
وقد ناشد رئيس حزب الوطن السلفي عماد عبد الغفور جميع الأحزاب والقوى السياسية العودة إلى الحوار، واعتبر أن من يرفض الحوار يرتكب خطيئة في حق الوطن، مطالبا الجميع بتجنب العنف في المظاهرات.
كما دعا دعا شيخ الأزهر جميع الفصائل السياسية ورموز العمل الوطني إلى «حوار عاجل لإنقاذ مصر»، وقال إن ما حدث من أعمال قتل وعنف وحرق مستنكر ومستهجن. وقبل ساعات من الاحتجاجات وجه عدد من السياسيين، في مقدمتهم قادة «جبهة الإنقاذ الوطني»، نداءات إلى الرئيس محمد مرسي، بالاستجابة إلى مطالب المتظاهرين، والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ففي كلمة مسجلة، أذاعتها العديد من الفضائيات العربية مساء امس الاول، دعا رئيس حزب الدستور، محمد البرادعي، الشعب المصري إلى المشاركة في المظاهرات بـ«أسلوب سلمي ومتحضر، لتوصيل رسالة هي الرغبة في العودة للصندوق.. وأن نعيد ثورتنا على الطريق الذي كان من المفترض أن نسير فيه».
وتابع السياسي المصري الحائز على جائزة نوبل قائلاً: «الثورة قامت من أجل أن يعيش كل واحد منا كإنسان، ويعامل كإنسان، يأكل ويشرب ويتعالج ويتعلم ويكون آمناً على أولاده وزوجته، ونعيش سوياً في مجتمع واحد، ولا نكفر أحدنا الآخر، ويكون عندنا اقتصاد جيد.. ولكن للأسف لم يتحقق أي شيء من ذلك».
وأضاف قائلاً: «نشعر جميعاً أننا نسير في طريق مسدود، وأن البلد سيسقط، ليس لأن الرئيس من الإخوان المسلمين، وليس لأن فصيلاً ما هو الذي يحكم، ولكن لأن النظام فشل تماماً، ونحن نقول اليوم نريد العودة مرة أخرى إلى الصندوق».
وعن انتخاب الرئيس مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين رئيساً للجمهورية، قال البرادعي: «الشعب المصري انتخب الدكتور مرسي، والشعب المصري نازل غداً «الأحد» ليقول إننا نريد أن نعود مرة أخرى إلى الصندوق.. أعطينا له رخصة القيادة.. ولكنه لم يستطع أن يقود السيارة».
وأعاد القيادي بالمعارضة التأكيد على ضرورة صياغة دستور جديد لمصر، قائلاً: «منذ مدة ونحن نقول يجب أن نبني البيت، قالوا لا لنسكن أولاً، واكتشفنا أن البيت سينهار.. نصف البيت لا يأكلون ولا يشربون ولا يعالجون، ونصف البيت يكفر النصف الآخر، والنصف خائف ينزل.. والدولة تتآكل وتنهار».
من جانبه، وصف المرشح الرئاسي السابق، عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، الوضع الراهن بقوله: «مصر تغرق ويجب إنقاذها»، معتبراً أن المرحلة الراهنة «خطيرة للغاية على كافة الأصعدة»، كما أكد أن «النظام القائم غير قادر على إدارة دولة كمصر، لأنه ينقصه الكثير من مفاهيم إدارة الدولة».
ورفض الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، في تصريحات لتلفزيون «الحياة»، قول البعض من أنصار جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي في مصر، إن ما يجري حالياً «مجرد تحركات من قبل جهات معينة»، مؤكداً أن «ما يدور في مصر الآن، خلال تظاهرات الشارع، تعود إلى غضب شعبي حقيقي، بسبب الوضع الراهن».
وشدد موسى على قوله نه «لا يمكن تكرار عام ثان من تولي الرئيس محمد مرسي، نظراً للفشل الذريع الذي يظهر عليه النظام»، على حد تعبيره، كما أكد أن «الوقت قد فات لقبول حلول وسط»، داعياً إلى تغيير النظام عبر اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، معتبراً أن هذا «مطلب ديمقراطي ورئيسي». وبينما أكد المرشح الرئاسي السابق، خالد علي، أن القيادات السياسية ستكون في مقدمة صفوف المتظاهرين، بهدف «ضبط الأمن وتوحيد الصفوف»، فقد أعلن حزب «مصر القوية»، برئاسة المرشح الرئاسي والقيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، عبد المنعم أبو الفتوح، مشاركته في مظاهرات الأحد، للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة.
إلى ذلك، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، جمال عبد الجواد، أن كلاً من الرئيس وجماعته والمعارضة قرروا «خوض المعركة للنهاية»، على أن يتخذ الرئيس، الذي يأمل في أن تكون الحشود المؤيدة له أكثر من حشود المعارضة، قراره بنهاية المعركة، وعلى ضوء ما ستسفر عن المواجهة بين الجانبين.
وبينما حذر عبد الجواد من أن تتطرق احتجاجات المعارضة، والحشود المضادة لها من قبل الجماعة الحاكمة، إلى أعمال عنف، فقد اعتبر أن أي دعوة لـ»مصالحة وطنية» لن تكون مجدية، وكان من الأفضل أن يدعو الرئيس مرسي لانتخابات رئاسية مبكرة، قبل حدوث تلك المواجهة.
ميدانيا قال شهود عيان إن المئات من معارضي مرسي أحرقوا مقرا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وأحرقوا واجهة مقر آخر في مدينة بني سويف جنوبي القاهرة في الساعات الأولى من صباح الامس.
وقال شاهد إن المحتجين هاجموا مقري الحزب بالزجاجات الحارقة وإن أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين اشتبكوا مع المهاجمين أمام المقر الذي أحرقت واجهته.
وأضاف أن طلقات الخرطوش والحجارة استخدمت في الاشتباك. وقالت مصادر صحية إن شخصين أصيبا في الاشتباك ونقلا إلى مستشفى بني سويف العام.
وقالت جماعة الإخوان المسلمين إن ثمانية مقرات لها ولحزبها هوجمت يوم الجمعة في مدن مختلفة منها المقر الرئيسي للجماعة في محافظة الإسكندرية الساحلية الذي اقتحمه المعارضون وألقوا محتوياته في الشارع وأشعلوا فيها النار.