عواصم – «وكالات»: اندلعت معارك حول مدينة خان العسل بحلب التي تحاول القوات النظامية السورية استعادتها، في حين تواصل القتال على جبهة دمشق، فيما بدأ الجيش الحر عملية في حماة في محاولة منه لفك الحصار عن حمص.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المعارك تجري على أطراف خان العسل التي استولى عليها الجيش الحر قبل أكثر من أسبوع.
وبسقوط هذه المدينة الإستراتيجية، فقدت القوات النظامية آخر معقل لها في ريف حلب الغربي، وبات الجيش الحر في وضع يسمح له بالتقدم نحو منشآت عسكرية إستراتيجية مثل كلية الأسد العسكرية، وتشديد الطوق على أجزاء بمدينة حلب الواقعة تحت سيطرة النظام.
وكانت القوات النظامية تكبدت في معارك خان العسل الأخيرة ما لا يقل عن 150 جنديا، بينهم خمسون تقول تقارير إنهم أعدموا من قبل إحدى الكتائب المسلحة التابعة للمعارضة السورية.
وفي محافظة حلب أيضا، هاجم الجيش الحر رتل إمداد للقوات النظامية على الطريق بين بلدتي خناصر والسفيرة، مما أسفر عن تدمير أربع آليات ومقتل أكثر من عشرين من الجنود النظاميين وعناصر حزب الله اللبناني وأسر آخرين، حسب المركز الإعلامي السوري.
ووفقا لشبكة شام، فإن رتلا كبيرا يضم ما يصل إلى سبعين عربة توجه نحو بلدة خناصر التي تقع على طريق إستراتيجية بريف حلب. وفي حلب أيضا، اشتبك الجيش الحر مع القوات النظامية في محيط المخابرات الجوية، حسب لجان التنسيق المحلية.
وكان الجيش الحر أعلن يوم الثلاثاء أنه استولى على عدد من قرى محافظة حماة في إطار عملية لفك الحصار عن حمص.
وفي الوقت نفسه، تحدث ناشطون عن اشتباكات داخل مدينة حماة التي تخضع بصورة شبه كلية لسيطرة القوات النظامية منذ قمع الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح مطلع 2011.
ويأتي تحرك الجيش الحر في حماة بعد إعلان الحكومة السورية أن قواتها سيطرت على حي الخالدية في حمص إثر هجوم واسع استمر شهرا. ويقول مقاتلون إن الحي لم يسقط بالكامل، وإن المقاومة لا تزال مستمرة فيه.
من جهتها، قالت لجان التنسيق المحلية إن الجيش الحر تصدى لمحاولات من القوات النظامية لاقتحام أحياء المدينة المحاصرة من جهة حي باب هود، وقتل عددا منهم. وأشار المصدر نفسه إلى اشتباكات قتل فيها عنصران من الجيش الحر في حي دير بعلبة بحمص أيضا.
وفي دمشق، تجدد القتال في منطقة كراج العباسيين في حي جوبر شرقي دمشق، في حين سقطت قذائف هاون قرب سفارة كوريا الشمالية في شارع فارس الخوري بالعاصمة السورية. وتواصل القتال أيضا في حي القابون القريب من جوبر، بينما تحدث ناشطون عن اشتباكات عنيفة في حي برزة شمالي المدينة، وسط قصف عنيف بمختلف أنواع الأسلحة.
ميدانيا أيضا، استمر القصف جوا وبرا على مدن وبلدات في مختلف أنحاء سوريا مما تسبب في مقتل مدنيين.
فقد قتل ثلاثة أشخاص هم سيدة وطفل حين قصفت طائرات حربية سورية بلدة سراقب بإدلب. وقتل شخص وأصيب آخرون في قصف على قرية الجابرية بحماة. وفي ريف دمشق، ارتفع إلى تسعة قتلى القصف بمدافع الهاون في بلدة المليحة، حسب لجان التنسيق التي قالت إن من بين الضحايا طفلا.
وفي درعا، استهدف قصف بالمدافع الثقيلة بلدة عقربا مما تسبب في نزوح واسع للسكان، كما قُصفت بلدات أخرى في درعا بينها بصر الحرير، بينما تستمر الاشتباكات في نوى وخربة غزالة.
وتجدد القصف الاربعاء أيضا على أحياء دمشق الجنوبية والشمالية بما فيها مخيم اليرموك جنوبا والقابون شمالا، في حين قتل وسيطان بين الحكومة والمعارضة رميا بالرصاص وسط مدينة الزبداني المحاصرة والتي تُقصف يوما.
وعلى جبهة اخري خطف مقاتلون جهاديون مرتبطون بتنظيم القاعدة نحو 200 مدني من بلدتين كرديتين في ريف حلب بشمال سوريا، بعد سيطرتهم على واحدة ومحاصرتهم الأخرى، إثر اشتباكات مستمرة منذ أيام مع مقاتلين أكراد، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، امس الاول.
وقال المرصد في بريد إلكتروني: «سيطر مقاتلو جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام على بلدة تل عرن في ريف حلب، فيما لاتزال قرية تل حاصل محاصرة من قبلهم، واختطف مقاتلو الدولة الإسلامية وجبهة النصرة ما يقارب من 200 مواطن من أهالي البلدتين».
وأوضح مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، أن الاشتباكات «اندلعت ليل الأحد الاثنين، بعد دعوة أحد أمراء الدولة الإسلامية إلى مقاتلة لواء جبهة الأكراد» التابع للجيش السوري الحر.
وأشار إلى أن الجهاديين قاموا إثر ذلك بشنّ هجوم على مقر كتيبة كردية في تل حاصل، ما «أدى الى مقتل قائد الكتيبة».
وأعقب الهجوم اشتباكات عنيفة في البلدتين الواقعتين جنوب شرق حلب، أدت حتى الأربعاء الى مقتل «16 كردياً بينهم 11 مقاتلاً، إضافة الى 10 مقاتلين جهاديين على الأقل، بينهم أمير لجبهة النصرة»، بحسب المرصد.
وتشهد مناطق في شمال وشمال شرق سوريا منذ أكثر منذ أسبوعين اشتباكات عنيفة بين الجهاديين والأكراد الذين تمكّنوا من طرد الإسلاميين من عدد من المناطق، أبرزها مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا في محافظة الحسكة «شمال شرق». وأدت هذه المواجهات الى سقوط عشرات المقاتلين من الطرفين.
وكانت وحدات حماية العشب الكردي، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، دعت الثلاثاء إلى «النفير العام» في مواجهة التنظيمات الجهادية، وذلك إثر اغتيال المسؤول الكردي عيسى حسو بانفجار عبوة في سيارته في القامشلي «شمال شرق».
وقاتلت وحدات الحماية الكردية ولواء جبهة الأكراد جنباً إلى جنب ضد الجهاديين في الفترة الماضية، لاسيما في محافظة الرقة «شمال».
وأدت هذه الاشتباكات إلى اتساع الهوة بين السكان العرب والأكراد في المناطق التي تشهد مواجهات. ويتهم بعض أطراف المعارضة السورية فئة من الأكراد، لاسيما حزب الاتحاد بالتنسيق مع النظام. ولم تنجح المفاوضات بين الأطراف الكردية والائتلاف السوري المعارض في ضم الأحزاب الكردية الأساسية اليه.
وعانى الأكراد قبل بدء الاحتجاجات ضد النظام السوري في منتصف مارس 2011 من عقود من التهميش والظلم. وانسحبت قوات نظام الرئيس بشار الأسد من المناطق الكردية منتصف عام 2012.
وأدرجت خطة الانسحاب في إطار رغبة النظام في استخدام قواته في معاركه ضد مجموعات المعارضة المسلحة في مناطق أخرى، وتشجيعاً للأكراد على عدم الوقوف الى جانب المعارضين.
وحاول الأكراد الذين يشكلون 15 في المئة من سكان سوريا، إبقاء مناطقهم في منأى عن العمليات العسكرية والاحتفاظ فيها بنوع من «الحكم الذاتي».
وعلى صعيد منفصل قالت الأمم المتحدة يوم الأربعاء ان سوريا وافقت على السماح لمفتشين من المنظمة الدولية بزيارة ثلاثة مواقع للتحقيق في اتهامات باستخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية المستمرة في البلاد منذ أكثر من عامين.
وقال المكتب الصحفي للأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في بيان «البعثة ستسافر الى سوريا بأسرع وقت ممكن للتحقيق بشكل متزامن في ما ورد بشأن ثلاثة حوادث من بينها خان العسل».
وعلى صعيد سياسي منفصل قال مسؤول بالمعارضة السورية يوم الأربعاء إن المعارضة تعتزم تشكيل حكومة مؤقتة في أغسطس الجاري لإدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وقال عمر كوش القيادي بالائتلاف الوطني السوري إن هناك خطة لتشكيل حكومة في المنفى بعد عيد الفطر بعشرة أيام. وقد يوافق أول أيام العيد يوم الثامن أو التاسع من أغسطس.
وأضاف كوش أن المعارضة لديها أكثر من مرشح لمنصب رئيس الوزراء. وكان كوش يتحدث بعد زيارة لقطر قام بها وفد بقيادة أحمد الجربا زعيم الائتلاف الوطني الجديد.
وتطالب المعارضة السورية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بتزويد مقاتليها بأسلحة متقدمة في الحرب الأهلية ضد الرئيس بشار الأسد وتسعى لأن تظهر لهما بأنها موحدة وموثوق فيها.
ولا يزال من غير الواضح كيف يمكن لأي حكومة في المنفى أن تمارس سلطتها على الأرض بين فصائل متباينة للمعارضة تضم فرعا من تنظيم القاعدة.
ولقي 100 ألف شخص على الأقل حتفهم في الحرب الأهلية في سوريا ولا توجد أي علامة تشير إلى قرب انعقاد مؤتمر دولي اقترحته في مايو الماضي الولايات المتحدة وروسيا.
ويهدف المؤتمر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة تضم شخصيات من المعارضة ومن السلطة الحالية تمهد الطريق لإجراء انتخابات.
لكن تلاشت خطط عقد المؤتمر الدولي في يونيو حزيران أو يوليو بعد أن رجح ميزان القوى في أرض المعركة لصالح الأسد. ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن الجربا قوله إن الائتلاف الوطني أدرك أن حل الحرب الأهلية يقتضي التفاوض مع السلطات لكنه يريد أن يرى تغييرات على الأرض لصالح المعارضة قبل بدء أي محادثات. وقال الجربا إن المعارضة لن تشارك في أي محادثات في الوقت الحالي إلى أن يصبح الجيش السوري الحر والقوى الثورية الأخرى أقوياء ومتماسكين كما كانوا قبل أشهر.