
عواصم – «وكالات»: قالت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» إن القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد الفتاح السيسي أبلغ الولايات المتحدة يوم السبت أن القيادة المصرية الجديدة تعمل من اجل تحقيق مصالحة سياسية في اعقاب تدخل الجيش لعزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو.
وأدلى السيسي بهذه التصريحات خلال مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل. وعبر هاجل خلال المكالمة عن قلقه من العنف في مصر بعد الإطاحة بالرئيس مرسي.
وقال جورج ليتل المتحدث باسم البنتاجون إن هاجل حث السيسي على دعم عملية سياسية لا تقصي أحدا.
وأضاف ليتل «أكد الفريق أول السيسي لوزير الدفاع هاجل ان السلطات المصرية تعمل باتجاه عملية مصالحة سياسية.»
وتابع «أكد الفريق السيسي لهاجل ان القيادة المصرية ملتزمة بخارطة الطريق السياسية التي ستقود إلى اجراء انتخابات ووضع دستور في مصر.»
وقال السيسي ايضا انه يتطلع للقاء نائب وزيرالدفاع الأمريكي وليام بيرنز خلال زيارته للقاهرة.
وجاءت تصريحات وزارة الدفاع الأمريكية عن المحادثات بين هاجل والسيسي في نفس اليوم الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن السيسي اتهامه لحكومة اوباما بعدم دعم مصر بشكل مناسب رغم المخاطر من اندلاع حرب اهلية.
ونقلت الصحيفة عن السيسي قوله «تخليتم عن المصريين. ادرتم ظهوركم للمصريين ولن ينسوا ذلك..وتريدون الان الاستمرار في تخليكم عن المصريين؟»
واتخذت الولايات المتحدة نهجا حذرا تجاه الاحداث في مصر حيث امتنعت عن وصف الاطاحة بمرسي بانه «انقلاب» وهو الأمر الذي كان سيؤدي إلى قطع المعونة عن مصر التي تحصل على معونة عسكرية أمريكية قدرها 1.3 مليار دولار سنويا.
لكن ظهرت دلائل على توتر العلاقات الأمريكية مع القوات المسلحة المصرية وشمل ذلك قرار اوباما الشهر الماضي وقف تسليم اربع مقاتلات من طراز اف-16.
وقال هاجل يوم الاربعاء ان الولايات المتحدة ما زالت تنوي اجراء المناورات العسكرية الضخمة التي تحمل اسم النجم الساطع في مصر في منتصف سبتمبر ايلول.
وتعود المناورات المشتركة إلى عام 1981 وينظر اليها على انها حجر زاوية في العلاقات الأمريكية المصرية وبدأت بعد اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.
وتجرى المناورات كل عامين لكنها الغيت في عام 2011 بسبب الاضطرابات السياسية في مصر في اعقاب الاطاحة بحسني مبارك في انتفاضة شعبية.
وعلى ذات خط التصالح قال حلفاء الرئيس المصري المعزول محمد مرسي يوم السبت إنهم يحترمون مطالب الجماهير التي خرجت في احتجاجات حاشدة في 30 من يونيو أدت إلى الاطاحة به في إشارة إلى مرونة جديدة يرسلون بها إلى مبعوثين غربيين يسعون إلى تفادي مزيد من سفك الدماء.
وقال متحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية في مصر إنه أبلغ الوسطاء إن التحالف يرفض أي دور للقائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي في أي حل سياسي ويريدون إعادة العمل بدستور 2012 الذي تم تعطيله.
وتمسك حلفاء الرئيس المعزول بطلبهم إعادته إلى منصبه خلال شهر من الاعتصامات منذ عزله الجيش.
ولكن في مواجهة خطر التعرض لحملة أمنية وتحت ضغط من مبعوثين أمريكيين وأوروبيين قال المتحدث باسم التحالف الوطني لدعم الشرعية طارق الملط إنهم يريدون «حلا يحترم كافة الارادة الشعبية.»
وقتل نحو 300 شخص في اعمال عنف سياسي خلال الشهر الماضي من بينهم 80 محتجا سقطوا في اشتباكات في 27 من يوليو بين انصار مرسي وقوات الأمن.
وقال الملط الذي تحدث الى رويترز هاتفيا بعد المحادثات مع نائب وزير الخارجية الأمريكي وليام بيرنز والسفيرة الأمريكية في القاهرة آن باترسون والمبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي برناردينو ليون ان حلفاء مرسي يريدون عودة الدستور احتراما لمطالب مؤيدي مرسي الذين يحتجون في القاهرة ويصرون على اعادته رئيسا للدولة.
وأضاف «من داخل هذا الدستور يمكن ايجاد... اكثر من حل» لهذه الأزمة. ومضى يقول انه إذا اصر معارضو مرسي على انه يجب ألا يكون جزءا من «المعادلة السياسية... فان صمود واعتصام الملايين في الشوارع علي مدار خمسة اسابيع يقتضي عدم وجود الفريق اول عبد الفتاح السيسي في المعادلة السياسية في الفترة القادمة.»
وعندما سئل هل ابلغ الوفد المبعوثين بضرورة عودة مرسي الى السلطة قال الملط ان ذلك سيبحث في التفاصيل. ومضى يقول «هذا جزء من المبادرات السياسية. نحن لم ندخل في تفاصيل المبادرات السياسية.»
وقال الملط لرويترز مشيرا الى الرسائل التي نقلت الى المبعوثين «أنا احترم واقدر مطالب الجماهير التي خرجت في 30 يونيو ولكن انا لن ابني علي الانقلاب العسكري». وأضاف ان مطالب أنصار مرسي يجب ان تحترم ايضا.
وتابع الملط ان الحلول السياسية يجب أن تتم مع جبهة الإنقاذ الوطني -وهي ائتلاف فضفاض يضم عدة أحزاب أيدت عزل مرسي وأحد قادتها هو نائب الرئيس المؤقت محمد البرادعي.
وقال الملط «نجلس معا ويتم تقييم المبادرات السياسية جميعا والوصول الي حلول تحترم كافة الارادة الشعبية... ولكن الجيش لن يكون له دور في الحلول السياسية. يجب ان يظل الجيش علي الحياد ولا يتدخل في الحياة السياسية.»
وأبدت الحكومة المؤقتة الجديدة لمصر نبرة تصالحية إذ وعدت انصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم وحثتهم على العودة للمشاركة في الحياة السياسية.
وتصاعدت الجهود الدبلوماسية بعد مرور شهر من عزل مرسي - اول رئيس منتخب بارادة حرة وهو ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين - بعد موجة ضخمة من المظاهرات في الشوارع.
والتقى بيرنز وباترسون وليون بوزير الخارجية المصري نبيل فهمي في الحكومة المؤقتة قرابة ساعة صباح السبت.
وقال بيان لوزارة الخارجية المصرية ان فهمي اكد على التزام الحكومة المؤقتة بخارطة الطريق الانتقالية التي تنتهي بانتخابات جديدة. وقال البيان ان الحكومة الجديدة تريد تحقيق المصالحة الوطنية التي تضم كل القوى السياسية «طالما التزموا بالنهج السلمي ونبذ العنف والبعد ان كافة اعمال التحريض.»
واكد البيان على عدم ممانعة مصر في «استقبال الوفود الأجنبية والاستماع إلى ارائهم ووجهات نظرهم إلا أن القرار النهائي فيما يتعلق بالشأن الداخلي هو بطبيعة الحال في أيدي الحكومة المصرية وحدها وتتخذه وفقا لإرادة الشعب المصري.» وقال البيان ان المبعوثين الدوليين تحدثوا عن الحاجة إلى انهاء العنف والمصالحة في البلاد واعادة العملية السياسية الشاملة. وقال فهمي للصحافيين بعد الاجتماع ان اتصالات جرت مع الإخوان المسلمين.
وقال فهمي انه لا يريد ان يستخدم كلمة «مفاوضات» لكن اتصالات جرت مع بعض الشخصيات الإخوانية. وقال انه ليست هناك رغبة في استخدام القوة ما دام هناك مجال لنجاح اي اسلوب اخر.
واضاف ان هذه الاساليب لم تستنفد بعد لكنه قال في الوقت نفسه انه لم ير اي تقدم حقيقي.
وفي الوقت نفسه ظهر اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية على التلفزيون ووعد انصار مرسي بالخروج الآمن من اعتصاماتهم. وقال انهم ضحايا لعملية «خطف ذهني» من قادة جماعة الإخوان المسلمين.
وقال عبد اللطيف الذي ارتدى الزي الصيفي الأبيض للشرطة ان الاعتصام ليست له فائدة قانونية او سياسية ووعدهم بإعادة دمجهم في الحياة السياسية.
وقالت وزارة الداخلية يوم الجمعة انها لن تقتحم الاعتصامات لكنها قد تغلق الطرق المؤدية اليها.
وقال عبد اللطيف موجها كلامه للمعتصمين ان خروجهم الآمن من الاعتصامات سيسمح للجماعة لعودة دورها في العملية السياسية الديمقراطية.
لكن عبد اللطيف قال في تصريحات اقل تصالحا ان الكثير من الناس يريدون الخروج من الاعتصامات لكنهم يواجهون التهديدات من القادة. وقال ان اي شخص شارك في جرائم - بما في ذلك الخطف والتعذيب والقتل - سوف يواجه المحاكمة.
واضاف موجها حديثه للمعتصمين انهم تعرضوا لغسل الدماغ والتلاعب النفسي وانهم يستخدمون كوسيلة للتفاوض.
وتولى مرسي الحكم بعد الإطاحة بحسني مبارك في فبراير 2011. لكن غضب المصريين تصاعد على فشله في حل المشكلات الاجتماعية والسياسية.
ويقول محللون ان مدنيين في الحكومة الجديدة يحاولون الدفع بامكانية الحل السياسي للأزمة على الرغم من مقاومة الأجهزة الامنية التي تريد حملة امنية صارمة على الإخوان بدعم من التفويض الشعبي الكبير.
ووضعت الحكومة الجديدة خارطة طريق تتضمن اجراء انتخابات برلمانية تبدأ بعد حوالي ستة اشهر.
لكن جماعة الاخوان المسلمين تقول انها لا تريد المشاركة في خارطة الطريق. وتعتبر الجماعة عزل مرسي انقلابا عسكريا على حاكم منتخب شرعيا.
وتهدد احتجاجات الإخوان الاستقرار الذي تحتاجه الحكومة لاستعادة عافية الاقتصاد المصري الذي يمر بأزمة عميقة.
والقت السلطات القبض على عدد من قادة جماعة الإخوان بتهمة التحريض على العنف مما اثار المخاوف الدولية من احتمال وجود خطة لإقصاء الجماعة التي تعرضت للقمع لعقود حتى اطيح بمبارك.