
عواصم – وكالات: دعا مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار رادع ضد النظام السوري على خلفية مقتل نحو 1300 شخص في هجوم بالأسلحة الكيمياوية في ريف دمشق.
وأدان مجلس التعاون الخليجي بشدة ما وصفها بـ «المجزرة البشعة» التي ارتكبت في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وقال على لسان الأمين العام عبد اللطيف الزياني «إن هذه الجريمة المروعة تأتي إمعانًا في قتل الشعب السوري بكل أنواع الأسلحة الفتاكة، في تحد صارخ واستخفاف بكل القيم الأخلاقية والإنسانية، والأعراف والقوانين الدولية».
وطالب الزياني جميع أطراف المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياتهم تجاه هذه «المجزرة»، مؤكداً على ضرورة اتخاذ مجلس الأمن قراراً رادعا وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، «لإنقاذ الشعب السوري من المجازر المستمرة والمروعة التي يتعرض لها على يد قوات نظام الأسد»، مستنكراً دعم بعض الدول والأحزاب لهذا النظام.
تحركات مجلس التعاون الخليجي تأتى بعد ان فشل مجلس الامن امس الاول فى اعتماد قرار ذا صيغة رادعة حول الازمة حيث قال مجلس الأمن الدولي امس الاول إن أعضاءه يتفقون على ضرورة «الوضوح» بشأن هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية في ضواحي دمشق ولكنه لم يصل إلى حد المطالبة صراحة ان يقوم محققون للأمم المتحدة موجودون حاليا في سوريا بالتحقيق في الحادث.
وقالت سفيرة الأرجنتين بالأمم المتحدة ماريا كريستينا برسيفال للصحافيين بعد اجتماع طارئ مغلق للمجلس «يسود بين أعضاء المجلس شعور قوي بالقلق من هذه المزاعم واحساس عام بضرورة الوضوح فيما حدث وانه يجب متابعة الوضع عن كثب.»
ولم يوجه المجلس دعوة صريحة إلى إجراء تحقيق للأمم المتحدة لكنه اشاد بدعوات الأمين العام بان جي مون إلى تحقيق.
وقالت برسيفال رئيسة مجلس الأمن هذا الشهر «رحب أعضاء مجلس الأمن أيضا بتصميم الأمين العام على العمل لضمان تحقيق شامل محايد وفوري.»
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بين نحو 35 بلدا طالبت ان يقوم كبير محققي الأمم المتحدة آكي سيلستروم الذي يوجد فريقه في سوريا حاليا بالتحقيق في الحادث في أقرب وقت ممكن.
غير ان دبلوماسيين للأمم المتحدة قالوا ان روسيا والصين عارضتا اي تعبيرات في بيان المجلس تطالب صراحة بإجراء تحقيق للأمم المتحدة.
وكان بيان سابق صاغته بلدان غربية واطلعت عليه رويترز يطلب من الأمم المتحدة «ان تتخذ على وجه السرعة الخطوات اللازمة لقيام بعثة الأمم المتحدة بالتحقيق في هجوم الغوطة.»
وقال دبلوماسيون في المجلس لرويترز ان الصيغة النهائية للبيان تم تخفيفها لمراعاة اعتراضات روسيا والصين. وكانت موسكو وبكين اعترضتا بحق النقض الفيتو على جهود سابقة للغرب لفرض عقوبات للأمم المتحدة على حكومة بشار الأسد.
وقال نائب السفير البريطاني في الأمم المتحدة فيليب بارهام إن بيان المجلس يعد دعوة واقعية إلى إجراء تحقيق في الهجوم المزعوم بالغازات.
وقال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جان الياسون ان المنظمة الدولية تأمل أن يتمكن سيلستروم الذي يجري مناقشات مع الحكومة السورية بشأن تحقيق محتمل في هجوم الغازات المزعوم من زيارة موقع الحادث المذكور.
وقال للصحافيين بعد إحاطة المجلس خلف أبواب مغلقة «يراودنا أمل كبير في أن نتمكن من إجراء التحقيق. والدكتور سيلستروم وفريقه في دمشق ونأمل ان تتيح لهم الحكومة الوصول إلى المنطقة.»
واضاف قوله ان موافقة الحكومة السورية ستكون ضرورية. وقال انه من الضروري ايضا ان توافق الحكومة والمعارضة كلاهما أيضا على وقف القتال لتمكين المحققين من زيارة الموقع دون خوف من التعرض للأذي.
من جانبه قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو امس ان «كل الخطوط الحمراء» تم تجاوزها في سوريا وانتقد عدم تحرك المجتمع الدولي.
وقال للصحفيين في برلين «تم تجاوز كل الخطوط الحمراء ومع ذلك لم يتمكن مجلس الامن التابع للامم المتحدة من اتخاذ قرار. تقع مسؤولية على الاطراف التي مازالت تضع هذه الخطوط الحمراء وعلينا جميعا.»
وبالامس قالت فرنسا إنه اذا ثبت أن قوات الحكومة السورية شنت هجوما كيماويا على مدنيين فإن الأمر سيتطلب ردا قويا من المجتمع الدولي.
وقال وزير الخارجية لوران فابيوس لشبكة بي.إف.إم التلفزيونية الفرنسية «الأمر يتطلب رد فعل قويا في سوريا من جانب المجتمع الدولي لكن إرسال قوات على الأرض غير مطروح.»
وأضاف أنه اذا لم يكن مجلس الأمن الدولي قد تمكن من اتخاذ قرار فإن الأمر يتطلب سلك «طرق أخرى» لاتخاذ قرار. ولم يخض في التفاصيل.
وقال فابيوس الذي التقى بنظيره البريطاني وليام هيج في عشاء عمل بباريس مساء الأربعاء لبحث الوضع في سوريا إن الهجوم المزعوم يجيء بعد عام تقريبا من تحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا خط أحمر.
وأضاف أن الهجوم يبرز شعورا داخل حكومة الأسد بالحصانة.
وقال إنه إذا رفض الأسد السماح لفريق التفتيش الدولي بالتحقيق في الموقع فإن هذا سيعني أنه كان سيضبط «متلبسا».
من جانبه قال متحدث باسم المعارضة السورية امس إن العثور على جثث لايزال مستمرا بعد الهجوم.
وقال خالد صالح المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري المعارض «نتوقع أن يرتفع العدد القتلى لأننا اكتشفنا حيا في زملكا تمتلىء فيه منازل بالقتلى.»
وكانت المعارضة السورية قد طالبت مفتشي الأسلحة الكيماوية التابعين للأمم المتحدة بالتحقيق فورا فيما حدث في المنطقة المحاصرة التي تخضع لسيطرة المعارضة خارج العاصمة دمشق.
بالمقابل اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الحكومة السورية على تواصل دائم مع الحكومة الروسية بشأن استخدام الاسلحة الكيميائية في الصراع الدائر بين قوات المعارضة المسلحة السورية والقوات النظامية وكان اخرها القصف الذي تعرضت له الغوطة الشرقية يوم امس الاول. وقال المعلم الذي كان يتحدث في عرض سياسي شامل لاخر تطورات الازمة السورية امام الاعلاميين والكادر الدبلوماسي في سوريا نشر امس ان المعطيات السورية من خلال التواصل مع المسؤولين الروس تؤكد ثبات الموقف الروسي.
وبين ان سوريا تتشارك مع روسيا في قراءة الموقف من مسألة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية انطلاقا من الثقة التامة بأن من استخدم هذا السلاح هو المجموعات المسلحة.
وبالنسبة لاسرائيل ودورها في الازمة اكد المعلم ان اسرائيل تشعر بالسعادة في اطالة امد الازمة في سوريا وما تشاهده من خراب يعم المنطقة واستنزاف الجيوش العربية.
واعتبر المعلم ان المصلحة الاسرائيلية باتت واضحة فيما تشهده سوريا والمنطقة من احداث الامر الذي تدلل عليه تصريحات مسؤوليها بانهم لن يسمحوا لمحور المقاومة بالانتصار ولذلك فان اسرائيل تشعر بالسعادة لما تشاهده من تصاعد للارهاب في المنطقة وتدمير البنى التحتية واستنزاف الاقتصادات والجيوش العربية.
واشار الى ان هناك ترابطا واضحا فيما تشهده المنطقة العربية من احداث لجهة وضوح شكل الصراع وهوية القوى المتصارعة وتوزعها بين قوى شعبية وطنية وقومية تقدمية تعمل بقرار وطني مستقل واخرى متطرفة تتحرك بدفع ودعم من قوى اقليمية ودولية.
وقال المعلم ان اي تحليل سياسي لما يجرى في سوريا يجب ان يبدأ من مراقبة الموقف الاسرائيلي فاسرائيل دخلت كطرف رئيسي في الميدان عندما اغارت واعتدت على ثلاثة مواقع سورية.
وبالنسبة للموقف الامريكي اكد المعلم ان الولايات المتحدة تريد استمرار العنف في سوريا طالما يحقق المصلحة الاسرائيلية ولذلك تؤجل الجهود الروسية لعقد مؤتمر جنيف بذرائع عديدة.
واعتبر وزير الخارجية والمغتربين ان الموقف الامريكي ينعكس مباشرة على معارضة الخارج التي تضع شروطا مسبقة ولا تتخذ موقفا واضحا للمشاركة في مؤتمر جنيف الامر الذي يؤكد أننا نتعرض لمؤامرة خارجية تقودها اسرائيل.
وفيما يتعلق بالوضع في لبنان رأى المعلم «ان الانقسام هناك ما زال قائما بين تيار يقدم السلاح والدعم للمجموعات المسلحة وتيار اخر لم يتردد بدعم موقف الدولة السورية بكل جرأة».
وبالنسبة للموقف الاوروبي قال المعلم «ان هناك تطورا في هذا الموقف رغم انه تطور بطيء ولم يصل الى المستوى الذي نرغب به».