
عواصم – «وكالات»: يلتقي قادة العالم في مجموعة الدول الـ20 الكبار في روسيا حاليا وسط اختلافات حادة حيال اتخاذ عمل عسكري ضد الحكومة السورية.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد حذر قبيل بدء محادثات القمة بأن اتخاذ أي عمل عسكري دون موافقة الأمم المتحدة سيكون «عدوانا».
لكن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال إن مصداقية المجتمع الدولي على المحك.
وليست قضية سوريا من بين الموضوعات المطروحة رسميا على جدول أعمال قمة الـ20 الكبار، لكن يتوقع أن يناقشها وزراء المجموعة على هامش الاجتماعات.
ومن جهته يجري مبعوث الأمم المتحدة الخاص بشأن سوريا لخضر الإبراهيمي مناقشات على هامش قمة مجموعة العشرين للدعوة لعقد مؤتمر دولي لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في بيان إن الإبراهيمي في طريقه إلى مدينة سان بطرسبورغ الروسية للمشاركة باجتماع العشرين.
وجاء في البيان «بينما ريكز العالم على مخاوف من الاستخدام المحتمل لاسلحة كيماوية في سوريا يجب ان نضغط أكثر من اجل عقد مؤتمر دولي بشأن سوريا في جنيف.»
ونقل عن بان قوله «الحل السياسي هو الوسيلة الوحيدة لوقف اراقة الدماء في سوريا.»
وبدأت في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، امس أعمال قمة مجموعة العشرين، ويُتوقع أن تطغى الأزمة في سوريا على مناقشات القادة في هذه القمة التي تكرس عادة للمواضيع الاقتصادية.
وفرضت السلطات الروسية إجراءات أمنية استثنائية لتأمين القمة، حيث حولت روسيا، التي ترأس مجموعة العشرين هذه السنة، المنطقة الواقعة حول قصر قسطنطين، حيث تعقد القمة في جزيرة مغلقة بإحكام يحيطها رجال الأمن والحواجز ولا يمكن الوصول إليها إلا من البحر.
وتمكنت الوفود الرسمية والصحافيون المعتمدون في القمة من الوصول إلى القصر على متن السفن والقوارب فقط.
وقصر قسطنطين الذي يعود إلى القرن الثامن عشر سبق أن استضاف في عام 2006 قمة لمجموعة الثماني لكن هذه المرة ستبلغ الإجراءات الأمنية مستويات مشددة جداً.
وللأسباب نفسها سيغلق قصر بيترهوف أحد أشهر المعالم السياحية في المدينة أمام العموم.
وسيقيم رؤساء الدول في حوالي 20 جناحاً فخماً حول القصر الذي أطلق عليه هذا الاسم تيمنا بقسطنطين بافلوفيتش نجل القيصر بولس الأول الذي امتلك هذا المكان عام 1797.
يُذكر أن سان بطرسبورغ تعتبر أول مدينة سياحية في روسيا، بسبب هندستها المعمارية اللافتة، وسبق أن استضافت عدة قمم لاسيما منذ وصول فلاديمير بوتين إلى السلطة في عام 2000، وهو يتحدر من المدينة.
ويبدو ان معظم الدول المشاركة فى القمة تتفق الى حد كبير مع امريكا حول ضرورة معاقبة النظام السوري في الوقت الذي تغرد فيه روسيا والصين خارج السرب.
وبالامس حذرت الصين من أن التدخل العسكري في سوريا سيضر بالاقتصاد العالمي ويرفع أسعار النفط وجددت الدعوة إلى حل سلمي للصراع داعمة مساعي بوتين لاقناع أوباما بالتخلي عن شن ضربات جوية ضد سوريا.
وتمثل مجموعة العشرين ثلثي سكان العالم وهي مختلفة حول عدد من القضايا منها الاضطرابات في الاسواق الناشئة وقرار سحب التحفيز النقدي الأمريكي الذي اتخذه مجلس الاحتياطي الاتحادي «البنك المركزي الأمريكي».
لكن ما من خلاف أوسع من الخلاف الامريكي الروسي بشأن التدخل العسكري المحتمل في سوريا لمعاقبة الرئيس بشار الاسد على هجوم كيماوي مزعوم وقع في 21 اغسطس وقتل المئات.
وخلال قمة مجموعة الثمانية التي عقدت في يونيو كان الرئيس الروسي يقف منعزلا فيما يتعلق بالقضية السورية اما اليوم في قمة مجموعة العشرين التي تعقد في سان بطرسبرج العاصمة الامبريالية السابقة لروسيا فسيجد الصين داعما له.
وقال تشو قوانغ ياو نائب وزير المالية خلال مؤتمر صحفي على هامش قمة مجموعة العشرين «سيكون للعمل العسكري تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي وبخاصة على سعر النفط - سيتسبب في ارتفاع سعر النفط.»
وفي بكين قال هونغ لي المتحدث باسم الخارجية الصينية ان لجوء اي جانب للحرب الكيماوية غير مقبول لكنه اكد على ان اللجوء الى تحركات عسكرية منفردة يمثل انتهاكا للقانون الدولي وسيزيد الصراع تعقيدا.
ومثلما فعلت موسكو وهي من أكبر موردي السلاح لسوريا استخدمت بكين من قبل حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن التابع للامم المتحدة. ومن غير المرجح ان ينال أوباما موافقة مجلس الامن على القيام بعمل عسكري ضد سوريا لكنه يسعى للحصول على موافقة الكونجرس على ذلك.
من جانبه حذر المتحدث باسم الخارجية الروسية من أن استهداف الضربة العسكرية الأمريكية -المرتقب توجيهها إلى النظام السوري- منشآت نووية قد يؤدي إلى ما وصفها بكارثة نووية، وطالب الأمم المتحدة بتقديم تحليل لمخاطر مثل هذا السيناريو.
وحذر المتحدث ألكسندر لوكاشيفيتش من أن الضربة العسكرية المرتقبة قد تصيب مفاعلا نوويا صغيرا في إحدى ضواحي دمشق أو منشآت نووية أخرى يمكن أن تلوث المنطقة بالإشعاعات وهو ما سيكون له تبعات كارثية، حسب المسؤول الروسي.
من جانبها قالت المتحدثة باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية جيل تودور لوكالة أسوشيتد برس في رسالة بالبريد الإلكتروني امس إن الوكالة مستعدة للنظر في الأسئلة التي أثارها لوكاشيفيتش إذا تلقت طلبا رسميا من موسكو للقيام بذلك.
وفي السياق نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء أن موسكو تعتزم طرح القضية في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الأسبوع المقبل.
ولم يتم التطرق لمخاطر نووية في سوريا مؤخرا وإنما تركز الحديث على استخدام النظام السوري أسلحة كيميائية.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل قصفت عام 2007 موقعا قيد الإنشاء في دير الزور شرقي البلاد قالت إنه كان مفاعلا نوويا، لكن دمشق نفت ذلك.
ودعمت فرنسا موقف أوباما بسبب الهجوم الكيماوي المزعوم الذي تلقي واشنطن مسؤوليته على قوات الحكومة السورية بينما ترى موسكو ان مقاتلي المعارضة الذين يسعون للاطاحة بالاسد قد يكونون وراءه.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لتلفزيون فرانس 2 قبل سفره الى سان بطرسبرج موقف فرنسا هو ان تعاقب وتتفاوض.»
وأضاف «نحن مقتنعون انه اذا لم يعاقب السيد الاسد لن يكون هناك تفاوض. العقاب سيسمح بالتفاوض لكن من الواضح انه سيكون صعبا.»
وكان الرئيس الروسي أبدى رغبته في اجراء محادثات ثنائية مع أوباما لكن الكرملين قال انه لم يتقرر عقد مثل هذا الاجتماع. والشهر الماضي انسحب أوباما من محادثات مع بوتين كانت ستجري يوم الاربعاء بسبب خلاف حول قضية ادوارد سنودن المتعاقد السابق في وكالة الامن القومي الامريكية الذي منحته موسكو لجوءا مؤقتا وتدنت العلاقات الامريكية الروسية الى ادنى مستوياتها.
وفي رسالة الى بوتين بمناسبة انعقاد قمة مجموعة العشرين في روسيا حث البابا فرنسيس زعماء العالم على أن ينحوا جانبا «السعي غير المجدي لحل عسكري» في سوريا.
وأضاف «لنجدد الالتزام بالسعي بشجاعة وإصرار الى حل سلمي من خلال حوار وتفاوض الأطراف يدعمه المجتمع الدولي بالإجماع.»
وتأتي هذه القمة فى وقت تعاظمت فيه حظوظ شن الهجوم العسكري على سوري وامس الاول قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن 10 دول على الأقل تعهدت بالمشاركة في تدخل عسكري أمريكي في سوريا لكنه لم يسمها ولم يذكر ما هي الأدوار التي قد تضطلع بها.
وفرنسا وتركيا هما أبرز القوى العسكرية التي تقف خلف الرئيس الأمريكي باراك أوباما. وناقش البرلمان الفرنسي مسألة سوريا يوم الأربعاء مع ان الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند ليس ملزما بطلب الموافقة على إجراء عسكري.
وقال كيري في جلسة للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب انه من المستبعد ان يؤدي توجيه ضربة عسكرية امريكية الى سوريا عقابا على استخدامها اسلحة كيماوية الى اشتباك مع روسيا.
وقال للمشرعين «أوضح وزير الخارجية «سيرجي» لافروف... ان روسيا لا تعتزم خوض حرب بسبب سوريا.»
واضاف ان لافروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين اوضحا في مناقشات ان «سوريا لا ترقى الى هذا المستوى من... الصراع.»
وقال كيري مشيرا فيما يبدو الى احتمال ان ترد روسيا على اي عمل عسكري يحتمل ان تقوم به الولايات المتحدة «سفنهم أفسحت السبيل بمعنى ما. هم لا يهددون بذلك ولا اعتقد ان ذلك هو ما سيحدث هنا.»
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان روسيا قد توافق على عملية عسكرية في سوريا إذا ثبت أنها نفذت هجمات باسلحة كيماوية لكنه أكد على أن العملية ستكون غير قانونية دون موافقة الأمم المتحدة.
وتعقيبا على تصريحات بوتين قال كيري للمشرعين الأمريكيين ان تلك التصريحات «مفيدة». واضاف قوله «قد يوجد طريق للمضي قدما تدرس فيه روسيا ألا تعرقل اتخاذ إجراء.»
وقد أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا استعدادهما لتوجيه ضربات لسوريا دون صدور قرار من مجلس الأمن لاقتناعهما بان موسكو ستستخدم الفيتو لإحباط اي تفويض باستخدام القوة.
وقال مسؤول غربي كبير انه بدت مؤشرات على ان مسؤولين روسا يعتقدون ان الأسد مسؤول عن الهجوم الكيماوي في 21 من أغسطس وقد حد ذلك من تأييد روسيا له الا انه من غير المرجح ان تعلن موسكو ذلك صراحة.
وأضاف المسؤول ان الدول الغربية تأمل ان تصبح موسكو بعد انتهاء الضربات العسكرية -التي ستنفذ على الأرجح رغم معارضة روسيا العلنية- أكثر تعاونا في السعي للتوصل الى حل سياسي.
وامس الاول وافقت لجنة العلاقات الخارجية المنقسمة بمجلس الشيوخ الأمريكي على قرار يصرح باستخدام القوة العسكرية في سوريا بأغلبية 10 اصوات مقابل سبعة واكتفى سناتور واحد بتسجيل انه «موجود» في التصويت.
ويفتح تصويت اللجنة الطريق امام اجراء تصويت على القرار في مجلس الشيوخ بكامل هيئته ومن المرجح ان يتم ذلك الاسبوع القادم. ويجب ان يوافق مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون على نسخة من القرار قبل ارساله الى الرئيس باراك اوباما لتوقيعه.
ويطلب اوباما من الكونجرس دعم دعوته لضربات امريكية محدودة ضد سوريا.
وقبل الموافقة على القرار ادخل اعضاء اللجنة تعديلات عليه لمزيد من التوضيح في تعريف النشاط العسكري المصرح به. والنص الذي وافقت عليه اللجنة يغطي نطاقا اضيق من النص الذي ارسله اوباما الى الكونجرس لاقراره.
ولم تأت نتيجة التصويت متطابقة مع الانتماءات الحزبية. فقد انضم الديمقراطيان توم اودال وكريس ميرفي الى الجمهوريين ماركو روبيو وجون باراسو وجيمس ريش ورون جونسون وراند بول في التصويت ضد القرار.
وقال اودال ان هجمات الاسد على شعبه «ارعبته» لكنه لا يريد ان تتورط الولايات المتحدة في حرب سوريا.
واضاف بعد التصويت «اصوت بالرفض لأن هذه السياسة تحرك الولايات المتحدة نحو تدخل اكبر في الحرب الاهلية السورية.»
ووافق على القرار ثلاثة جمهوريين هم بوب كروكر اكبر جمهوري في اللجنة وجون مكين وجيف فليك الى جانب سبعة ديمقراطيين هم رئيس اللجنة روبرت ميننديز وبربارا بوكسر وبن كاردن وجين شاهين وكريس كونز وديك ديربن وتيم كين.
واكتفى السناتور الديمقراطي ادوارد ماركي بتسجيل انه «موجود».