
عواصم – «وكالات»: مازالت الازمة السورية تراوح مكانها دون حل واضح رغم تسارع التحركات الدبلوماسية للتوصل الى مخرج سياسي من الازمة يجنب الجميع مخاطر التحرك العسكري.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف امس انه لا تزال توجد فرصة للسلام في سوريا وان العالم يجب الا يسمح بتفويتها.
ورحب لافروف الذي كان يتحدث الى طلبة في قازاخستان بقبول الحكومة السورية الاقتراح الروسي بأن تضع دمشق اسلحتها الكيماوية تحت السيطرة الدولية.
ونقلت وكالة انباء انترفاكس عن لافروف قوله يوم الخميس «إنني واثق في انه توجد فرصة للسلام في سوريا» وحذر من أن التدخل العسكري سيزيد من زعزعة الاستقرار في سوريا والمنطقة.
وسافر لافروف الى جنيف امس لاجراء محادثات مع وزير الخارجية الامريكي جون كيري بشأن الاقتراح الروسي الذي دفع الرئيس الامريكي باراك أوباما الى ان يطلب من الكونجرس تأجيل التصويت على تفويضه بتوجيه ضربة الى سوريا.
وقال لافروف ان المبعوث الاممي الاخضر الابراهيمي وخبراء اسلحة كيميائية روسا وامريكيين سيشاركون في مباحثاته مع نظيره الامريكي.
واوضح لافروف ان مباحثاته مع نظيره الامريكي جون كيري ستركز على مناقشة وضع خطة لتنفيذ المبادرة الخاصة باخضاع الاسلحة الكيميائية للرقابة الدولية والتحضير للمؤتمر للدولي الخاص بسوريا «جنيف2».
واضاف انه «من الخطأ عدم استثمار هذا اللقاء لمناقشة افاق عقد مؤتمر دولي حول سوريا «جنيف2» ما دامت ظهرت فرصة لتفادي توجيه ضربة عسكرية لسوريا وفي ظل فهمنا بضرورة ان يعمل شركاؤنا الغربيون على اقناع المعارضة السورية بتبني موقف بناء حيال المؤتمر الدولي».
على صعيد متصل ذكرت وكالة انباء «انترفاكس» ان سفينة الحراسة الروسية «سميتلفي» غادرت شواطئ البحر الاسود وتوجهت الى الشواطئ السورية للانضمام الى المجموعة الحربية البحرية الروسية العاملة في المنطقة.
من جانبه حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مغبة ضربة عسكرية امريكية الي سوريا قائلا ان مثل هذا الاجراء قد يثير خطر اتساع نطاق الصراع الي ما وراء حدود ذلك البلد ويطلق موجة من الهجمات الارهابية.
وكتب بوتين في صحيفة نيويورك تايمز يقول ان هناك «أبطالا قليلين للديمقراطية» في الحرب الاهلية التي تعصف بسوريا منذ عامين ونصف «لكن يوجد عدد وافر من مقاتلي القاعدة والمتطرفين من جميع النحل يقاتلون الحكومة.»
وجدد تأكيدات من حكومته ودمشق بأن هجوما باسلحة كيماوية في اغسطس تلقي الولايات المتحدة بالمسؤولية فيه على حكومة الرئيس بشار الاسد هو على الارجح من عمل قوات المعارضة الساعية الي اثارة تدخل خارجي.
وحذر بوتين من القيام بعمل عسكري بدون تفويض من مجلس الامن التابع للامم المتحدة قائلا «يتعين علينا أن نتوقف عن استخدام لغة القوة.»
وكتب بوتين يقول «الضربة المحتملة من الولايات المتحدة ضد سوريا على الرغم من معارضة دول كثيرة وزعماء سياسيين ودينيين بارزين بمن فيهم البابا سينتح عنها مزيد من الضحايا الابرياء والتصعيد وهو ما قد يوسع نطاق الصراع الي ما وراء حدود سوريا.»
واضاف قائلا ان ضربة عسكرية الي سوريا «ستزيد العنف وستطلق موجة جديدة من الارهاب... انها قد تقوض الجهود المتعددة الاطراف لحل المشكلة النووية الايرانية وتزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.»
وقال بوتين ان من المزعج ان التدخل عسكريا في الصراعات الداخلية لدول اجنبية أصبح «شيئا عاديا» للولايات المتحدة.
«هل هذا في مصلحة امريكا على المدى الطويل؟ أشك في ذلك. هناك الملايين حول العالم الذين ينظرون بشكل متزايد الي الولايات المتحدة ليس كنموذج للديمقراطية بل تعتمد فقط على القوة الفجة ونسج ائتلافات تحت شعار «إما أن تكون معنا أو ضدنا».»
وروسيا هي اقوى داعم للاسد اثناء الحرب الاهلية التي قتل فيها أكثر من 100 ألف شخص منذ 2011 وتمده بالاسلحة وعرقلت -مع الصين- ثلاثة قرارات في الامم المتحدة كانت تهدف للضغط على الرئيس السوري.
وقال بوتين انه يحتفظ بعلاقة عمل وعلاقة شخصية مع الرئيس الامريكي باراك اوباما «تتسم بثقة متنامية» واضاف قائلا «أرحب باهتمام الرئيس بمواصلة الحوار مع روسيا بشان سوريا.»
من جانبه رحب السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون بشدة امس بولادة «نقاشات دولية جدية» قد تقود الى اتفاق في مجلس الأمن الدولي بتأمين ترسانة سوريا من الأسلحة الكيميائية ومن ثم تدميرها.
وقال متحدث باسم الامم المتحدة ان «السكرتير العام للمنظمة الدولية يرحب بالقرار الذي اتخذه الرئيس الامريكي باراك أوباما بمنح مزيد من الوقت والفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف المهم» في اشارة الى المبادرة الروسية بتأمين الأسلحة الكيميائية في سوريا وتدميرها.
واضاف أن بان «يرحب أيضا بالجهود التي تبذلها روسيا للدفع نحو اتفاق ممكن ويعرب عن أمله في أن تكون الاجتماعات الأمريكية - الروسية هذا الاسبوع مثمرة في التحرك نحو عملية للتصدي لتهديد الأسلحة الكيميائية السورية بحيث تلتزم بها جميع الأطراف».
من جانبه رحب وزير الخارجية النمساوي ميخائيل شبندل ايغير امس بالاقتراح الروسي بوضع الاسلحة الكيمياوية السورية تحت رقابة الامم المتحدة التي ستشرف في مرحلة لاحقة على تدميرها.
ونقلت وكالة الصحافة النمساوية عن الوزير ايغير «انه يتوجب التحرك بسرعة سواء من طرف الامم المتحدة او من طرف سوريا التي عليها الا تتلاعب لكسب الوقت وتعجل بوضع ترسانتها الكيمياوية تحت الرقابة الدولية».
وأضاف الوزير النمساوي «اننا نعلم ان فريق المفتشين الدوليين يعمل على قدم وساق لتقييم العينات التي جمعها من الموقع الذي استخدمت فيه بسوريا اما القرار النهائي في اتخاذ الاجراء المناسب فانه يعود الى الامين العام للامم المتحدة ولمجلس الامن الدولي لكي يتم منع استخدام هذه الاسلحة الفتاكة ضد الانسانية».
ورحب بمشروع القرار الفرنسي القاضي بتقديم المسؤولين عن استخدام السلاح الكيمياوي في سوريا الى محكمة الجنايات الدولية
وعلى ذات المنوال رحبت السلطات الماليزية امس بالمبادرة الروسية داعية المجتمع الدولي الى دعم هذه المبادرة وتنفيذها في اقرب وقت.
واعتبرت وزارة الخارجية الماليزية في بيان هذه المبادرة «تطورا ايجابيا في الأزمة السورية» معربة عن أملها في أن تكون سببا في الوصول الى حل سلمي بين الأطراف المتنازعة في سوريا.
وجددت رفضها لأي تدخل أجنبي في سوريا لأنه سيؤدي الى مزيد من الدمار والمعاناة للشعب السوري ومزيد من عدم الاستقرار في المنطقة.
واكد البيان ان ماليزيا تدين حيازة واستخدام الأسلحة الكيميائية في أي دولة كما ينص القانون الدولي.
بالمقابل قالت الحكومة البريطانية إن قرار الولايات المتحدة بحث توجيه ضربة عسكرية لسوريا والأدلة المتزايدة على مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم الكيماوي على مشارف دمشق دفعا روسيا إلى تغيير موقفها من حليفتها سوريا.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أمام البرلمان امس «أحدثت الأدلة المتزايد على أنهم استخدموا هذه الأسلحة والمناقشات -وبخاصة في الولايات المتحدة- حول شن عمل عسكري تغييرا في الموقف الروسي.»
واضاف هيج قائلا ان أي اتفاق لوضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية يجب ان يكون قابلا للتنفيذ وان يضمن عدم سقوط هذه الترسانة في الايدي الخطأ.
وقال «نحتاج لان تكون هناك ثقة في ان كل الاسلحة الكيماوية قد تم التعرف عليها وتأمينها وانها لن تسقط في الايدي الخطأ.» وأضاف انه يوجد «مصاعب عملية بالغة» في تأمين هذه الاسلحة.
من جانبها رفضت قيادة المعارضة السورية في بيان مصور بالفيديو الاقتراح الروسي بوضع الأسلحة الكيماوية في سوريا تحت مراقبة دولية.
وقال سليم إدريس رئيس هيئة الأركان العامة للجيش السوري الحر في تسجيل مصور تم بثه في ساعة متأخرة يوم الأربعاء «تعلن رئاسة الاركان رفضها القاطع للمبادرة الروسية لوضع السلاح الكيميائي تحت الوصاية الدولية وتطلب من المجتمع الدولي عدم الاكتفاء بسحب السلاح الكيميائي وتعدي ذلك الى محاسبة مرتكب الجريمة ومحاكمته.»
وبالامس شكك الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مجددا في المبادرة الروسية معتبرا انها مناورة سياسية تهدف الى كسب المزيد من الوقت.
وذكر الائتلاف الوطني السوري في بيان له أن هذه المبادرة تتطلب الثقة بالاسد الذي قتل عشرات الألاف وأنكر امتلاكه السلاح الكيميائي منذ أقل من أسبوع كما تتطلب الثقة بالحكومة الروسية التي تواصل دعمها للأسد بالسلاح والمال ليقتل أبناء الشعب السوري.
وأكد أن أي مبادرة ستكون مقبولة للشعب السوري اذا ما حاسبت كل المسؤولين عن ارتكاب الجرائم ضد الشعب السوري وصدرت من الأمم المتحدة تحت البند السابع.
واشار البيان الى مرور عامين ونصف العام من الثورة وسقوط 120 الف شهيد بينهم ما لا يقل عن 11 الف طفل قضى بعضهم بأسلحة عشوائية بينما «تقضي الديمقراطية والعالم الحر سباتهما الانساني الأخلاقي في وقت لايزال خلاله بشار الأسد يعصف بكل مصداقية الولايات المتحدة».
وأكد الائتلاف «أن ما يحصل في سوريا ليس حربا أهلية شكلا ومضمونا انما ما يحصل هو ثورة شعب على سلطة استبداد أجبرته على رفع السلاح ليدافع عن تطلعاته في الحرية والعدالة والديمقراطية».
وقال ان ترك المجتمع الدولي الشعب السوري وحيدا في مواجهة آلة القتل العشوائية هو التعبير الأوضح عن الحالة المؤسفة التي وصل اليها من ضعف في المصداقية وتراجع في الأداء واستعداد لتقديم المصلحة المؤقتة على تطبيق العدالة الانسانية
من جانبه قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امس إنه يشك في ان يلتزم الرئيس السوري بشار الاسد بتعهده بوضع الاسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية وقال إنه يحاول كسب الوقت لتنفيذ «مذابح» جديدة.
وقال اردوغان في كلمة ألقاها في اسطنبول «نظام الاسد لم يف بأي من تعهداته. إنه يكسب الوقت لارتكاب مذابح جديدة ويستمر في القيام بذلك.» وتابع «نحن نتشكك في التزامه بالتعهدات المتعلقة بالاسلحة الكيماوية.»
من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إنه لا بد من تجريد سوريا من أسلحتها الكيميائية، «.
فقد قال نتنياهو متحدثا في حفل عسكري مساء الأربعاء إن سوريا ارتكبت «جريمة ضد الإنسانية بقتل مدنيين أبرياء بالأسلحة الكيميائية»، مشيرا إلى أن إيران تراقب الوضع كي ترى كيف سيتصرف الغرب.
وأضاف «لا بد من ضمان تجريد النظام السوري من أسلحته الكيميائية، وينبغي للعالم ضمان أن يدفع من يستخدم سلاحا كيميائيا ثمن ذلك، والرسالة التي ستصل إلى سوريا ستسمع بقوة في إيران».
وكرر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون -الذي تحدث بعد نتنياهو- موقف إسرائيل، وقال إنه في مواجهة التهديدات الإقليمية «يتعين علينا في نهاية المطاف أن نثق في أنفسنا وفي قوتنا وفي قدرتنا على الردع».
وقبل ذلك عبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن ثقته بأن الولايات المتحدة ستتدخل عسكريا إن لم تكن سوريا «صادقة» بشأن ترسانتها الكيميائية. وقال بيريز في بيان صادر عن مكتبه «من الأفضل دوما الحصول على نتائج عبر الدبلوماسية بدلا من الحرب، لكن المسألة الأساسية حاليا تتمثل في صدق النظام السوري».
وأضاف بيريز «إذا كانت سوريا صادقة واتخذت تدابير ملموسة لإزالة وتدمير الأسلحة الكيميائية على أراضيها، فإن الولايات المتحدة لن تهاجم. لكن إن كان هناك نقص في صدق سوريا ليس لدي أدنى شك في أن الجيش الأميركي سيتدخل».