
عواصم – «وكالات» : عاد مفتشو الأسلحة الكيماوية التابعون للأمم المتحدة الى سوريا امس لاستئناف تحقيق في استخدام أسلحة كيماوية خلال الصراع الذي بدأ منذ عامين ونصف العام فى وقت دعت فيه واشنطن الامم المتحدة الى اتخاذ إجراءات قاسية ضد سوريا إذا رفضت التخلي عن أسلحتها الكيماوية.
وقال شهود إن قافلة من خمس سيارات للأمم المتحدة تحمل ثمانية على الأقل من أعضاء الفريق وصلت الى فندق بوسط دمشق في التاسعة صباحا بتوقيت جرينتش.
وأكد المفتشون الاسبوع الماضي استخدام غاز السارين في هجوم بدمشق أسفر عن سقوط مئات القتلى.
وقال معارضو الرئيس بشار الاسد الغربيون إن تقرير المفتشين لا يدع مجالا للشك في أن قواته هي المسؤولة عن الهجوم.
ونفت السلطات السورية الاتهام قائلة إن من غير المعقول أن تنفذ هجوما بالأسلحة الكيماوية في وقت تحرز فيه قواتها تقدما وينزل فيه المفتشون الدوليون على بعد بضعة كيلومترات من وسط العاصمة.
وقالت روسيا إن تقرير المفتشين لا يقدم أدلة دامغة على أن قوات الاسد مسؤولة وإن دمشق قدمت معلومات قالت إنها تظهر أن مقاتلي المعارضة هم المسؤولون عن الهجوم.
وحين وقع الهجوم بغاز السارين في 21 اغسطس كان المفتشون في دمشق يستعدون للتحقيق في ثلاث وقائع سابقة يشتبه في استخدام أسلحة كيماوية خلالها منها هجوم في بلدة خان العسل بشمال البلاد في مارس آذار.
من جانبه حث الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأمم المتحدة امس الاول على اتخاذ إجراءات قاسية ضد سوريا إذا رفضت التخلي عن أسلحتها الكيماوية وحث روسيا وإيران على الكف عن دعم الرئيس السوري بشار الأسد.
وحدد أوباما الذي كان يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الأولويات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وشدد على أن الولايات المتحدة تريد حلولا دبلوماسية للنزاعات لكنه لم يستبعد استخدام القوة العسكرية أو التحرك المباشر ضد التهديدات المتطرفة.وكان أوباما تراجع في بداية الشهر عن القيام بتحرك عسكري منفرد ضد سوريا وبدأ جهودا دبلوماسية أدت إلى مساعدة روسية في إقناع سوريا على الموافقة على التخلي عن أسلحتها الكيماوية.
ونظرا لأن سوريا لم تف بعد بوعدها كان التحدي الذي واجهه أوباما في الأمم المتحدة هو إقناع زعماء العالم بالمشاركة في الضغط على سوريا من خلال قرار يصدره مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتضمن عواقب قاسية إذا لم يسلم الأسد مخزونه من الأسلحة الكيماوية بطريقة يمكن التحقق منها.
وقال أوباما «الحكومة السورية اتخذت خطوة أولى بتقديم إحصاء لمخزوناتها. والآن يجب أن يكون هناك قرار صارم لمجلس الأمن للتحقق من أن نظام الأسد يفي بالتزاماته ويجب أن تكون هناك عواقب إذا لم يفعل ذلك.»
وتشعر الولايات المتحدة بالقلق لإمكان أن تستخدم روسيا حق النقض «الفيتو» لعرقلة أي قرار للأمم المتحدة يحوي تهديدا صريحا باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا.
ويحتمل ان فرص التوصل لاتفاق بين روسيا والغرب على مشروع قرار تتحسن مع تخلى القوى الغربية عما قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إنه اشتراط ان يتضمن القرار بندا يتيح اتخاذ إجراءات عقابية تلقائيا في حالة عدم التزام سوريا.
وقال أوباما إنه إذا تخلت سوريا في نهاية المطاف عن أسلحتها الكيماوية فينبغي أن ينشط ذلك الجهود الدبلوماسية لإقناع الأسد بالتخلي عن السلطة بعد حرب أهلية مستمرة منذ عامين ونصف العام وسقط فيها أكثر من 110 آلاف قتيل.
ووجه أوباما رسالة صريحة لإيران وروسيا أكبر قوتين داعمتين للأسد: فكرة أن سوريا يمكن أن تعود إلى الوضع الذي كان قائما قبل الحرب «وهم».
وقال «حان الوقت لأن تدرك روسيا وإيران أن الإصرار على بقاء الأسد في الحكم سيؤدي مباشرة إلى النتيجة التي تخشيانها - مجال متزايد العنف لعمل المتطرفين.»
ورفض أوباما أيضا بشكل محدد على ما يبدو الانتقاد الذي وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيرا لاعتقاد الأمريكيين «بالتفرد الأمريكي» وهي رؤية كررها أوباما كغيره من الرؤساء الأمريكيين لتبرير التدخل الأمريكي في الخارج.
وقال أوباما «البعض قد يختلف لكني اعتقد أن أمريكا متفردة لأسباب من بينها أننا أظهرنا استعدادا من خلال التضحية بالدم والمال للدفاع لا عن مصالحنا الضيقة فحسب وإنما أيضا عن مصالح الجميع».
وأعلن أوباما أن الولايات المتحدة ستقدم 339 مليون دولار إضافية كمساعدات إنسانية لتخفيف أزمة اللاجئين السوريين منها 161 مليون دولار للداخل السوري والباقي للدول المجاورة.
وعلى صعيد متصل قال مسؤول امريكي ان وزير الخارجية الامريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف عملا «بروح بناءة» يوم الثلاثاء على مشروع قرار في مجلس الامن التابع للامم المتحدة بشأن اسلحة سوريا الكيميائية لكن هناك حاجة الي مزيد من العمل من سفيري البلدين لدى المنظمة الدولية.
واجتمع كيري ولافروف لحوالي 90 دقيقة على هامش القمة السنوية لزعماء العالم في الامم المتحدة.
وتتفاوض الدول الخمس الدائمة العضوية التي تملك حق النقض «الفيتو» في مجلس الامن -روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين- على قرار للمطالبة بتدمير ترسانة سوريا من الاسلحة الكيميائية تماشيا مع اتفاق امريكي روسي.
وقال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الامريكية طلب عدم نشر اسمه «الروح البناءة التي تواصل بها الوزيران ينبغي ان تساعدنا في السير قدما في عملنا... هناك ثلاث او اربع عقبات رئيسية تتعلق بالافكار يتعين جسرها. استطيع ان اقول ان الوزيرين قاما بالعمل المتعلق بالافكار وان ذلك يجب ان يتحول الان الي نص».
واضاف المسؤول ان هناك حاجة الان الي ان تقوم السفيرة الامريكية لدى الامم المتحدة سامانتا باور والسفير الروسي فيتالي تشوركين بمزيد من العمل في صوغ النص للوصول الي اتفاق.
وإحدى النقاط الشائكة الرئيسية بين روسيا والقوى الغربية هي هل سيصدر القرار تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة المتعلق بسلطة مجلس الامن لفرض قراراته باجراءات مثل العقوبات او استخدام القوة.
وأوضحت روسيا انها لن تقبل قرارا أوليا تحت البند السابع وان أي اجراءات عقابية لن تأتي إلا في حالة وجود أدلة واضحة على عدم إلتزام سوري على اساس قرار ثان للمجلس تحت الفصل السابع.
ولم يوضح مسؤولون امريكيون كيف او ما إذا كان القرار الذي يجري مناقشته ربما يتضمن اشارة الي الفصل اسابع.
وقال المسؤول الامريكي «نحتاج لقرار يكون ملزما بشكل واضح ... ويمكن فرضه والتحقق من تنفيذه.» ولم يقدم تفاصيل بشان كيفية تحقيق ذلك.