
تونس – «وكالات» : قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية محمد علي العروي امس أن وحدات الامن المختصة في مكافحة الارهاب تمكنت الليلة قبل الماضية من إلقاء القبض على 11 عنصرا متشددا إثر مقتل رجل أمن وإصابة آخر بجروح بطلق ناري من عناصر مجهولة في منطقة منزل بورقيبة بمحافظة بنزرت شمالي تونس العاصمة .
ونقلت وكالة الانباء التونسية الرسمية عن العروي تأكيده ان عمليات القبض على هذه العناصر جاءت عقب محاولتهم اقتحام مقر مديرية الامن الوطني بمدينة منزل بورقيبة مشيرا إلى أن عمليات تفتيش وملاحقة واسعة النطاق لا تزال مستمرة في هذه المنطقة وفي منطقة سيدي علي بن عون بمحافظة سيدي بوزيد غربي تونس بمشاركة وحدات الامن وقوات الحرس والجيش .
وكانت مواجهات بين عناصر مسلحة ووحدات من الحرس الوطني أسفرت يوم أمس الاول عن سقوط عدد من رجال الامن بين قتلى وجرحى ومقتل اثنين من العناصر المسلحة وإلقاء القبض على عدد آخر طبقا لمصادر أمنية تونسية .
وفي التفاصيل قتل سبعة من أفراد الشرطة في اشتباكات مسلحة مع متشددين في مدينة سيدي بوزيد جنوبي العاصمة.
ولم تعلن السلطات هوية المسلحين الذين شاركوا في القتال في سيدي بوزيد لكنها حلت منذ شهرين جماعة أنصار الشريعة التي اتهمها مسؤولون بقتل اثنين من زعماء المعارضة هذا العام.
وذكرت وزارة الداخلية أن معركة بالأسلحة النارية دارت بعد أن داهمت الشرطة منزلا كان يختبيء به مسلحون مشتبه بهم في سيدي بوزيد الواقعة على بعد 260 كيلومترا جنوبي العاصمة. وعثرت الشرطة على أسلحة ومتفجرات وعلى سيارة كان يجري تلغيمها.
وقال العروي إن قوات الشرطة كانت تنفذ حملة حين فتح «الإرهابيون» النار عليها. وأضاف أن ستة من أفراد قوات الأمن لقوا حتفهم وأصيب أربعة وأن أحد المسلحين قتل.
وعنف الإسلاميين أقل شيوعا في تونس مما كان عليه في بعض دول شمال أفريقيا الأخرى حيث تشكل جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وجودا أقوى. لكن المسلحين المتشددين زاد نفوذهم منذ انتفاضات الربيع العربي عام 2011.
وقتلت قوات الأمن في مطلع الأسبوع عشرة مسلحين متهمين بمهاجمة دوريات للشرطة في منطقة نائية بالقرب من الحدود مع الجزائر وقتل ضابطان.
وانصار الشريعة مجرد جماعة من الجماعات الاسلامية المتشددة في شمال افريقيا. وزعيمها مقاتل سابق للقاعدة في أفغانستان وهو متهم بتحريض اتباعه على مهاجمة مجمع السفارة الأمريكية في العاصمة تونس قبل عام.
وقال رئيس الوزراء علي العريض لرويترز الاسبوع الماضي إن المتشددين استغلوا الفوضى في ليبيا للحصول على التدريب والأسلحة عبر الحدود التي يسهل اختراقها. وتكافح ليبيا لاحتواء الميليشيات المتناحرة والمقاتلين الإسلاميين الذين يسيطرون على أجزاء من البلاد.
وأثار اغتيال اثنين من رموز المعارضة برصاص مسلحين يشتبه في أنهم من جماعة أنصار الشريعة غضب المعارضة العلمانية التي اتهمت حزب النهضة الحاكم -وهو حزب إسلامي معتدل- بالعجز عن التصدي للمتطرفين.
ووافقت حركة النهضة تحت ضغط الاحتجاجات الحاشدة وفي ذهنها اطاحة الجيش بالرئيس الإسلامي في مصر على تنحي الحكومة وكان مقررا ان تبدأ يوم الأربعاء المحادثات مع المعارضة بشأن الانتقال السياسي لكنها تأجلت حتى يوم الجمعة.
واكد رئيس الوزراء علي العريض يوم الأربعاء ان النهضة مستعدة لاستقالة الحكومة لكنه أصر على اكمال الدستور الجديد للبلاد وتشكيل لجنة انتخابية وتحديد موعد واضح للانتخابات قبل تسليم السلطة.
من جانبه اكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي تصريحات العريض إن الحكومة ستستقيل فور انتهاء المجلس الوطني التأسيسي «البرلمان» من إعداد مشروع الدستور، وأكد في الوقت نفسه العزم على الاستمرار في مكافحة «الإرهاب».
وأكد المرزوقي في كلمة متلفزة أن العريض أبلغه بأنه من المؤكد استقالة الحكومة فور الانتهاء من مشروع الدستور، وتعيين اللجنة المستقلة للانتخابات. وأهاب بالطبقة السياسية وضع مصلحة البلاد فوق المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، وطالبهم بالعمل على إنجاح المسار الديمقراطي.
وفي إشارة لأحداث العنف ضد قوات الأمن التي تشهدها البلاد، طالب الرئيس التونسي حاملي السلاح بتسليم أنفسهم لقوات الجيش والحرس الوطني، لأن مؤسسات الدولة ماضية في محاربتها للعنف والإرهاب، حسب قوله.
وأضاف المرزوقي أن هذه الأحداث تدفعنا للوصول إلى حل سياسي لاستكمال مؤسسات الدولة الدستورية، وتفويت الفرصة على المستفيدين من إحداث حالة من الفوضى في البلاد. وطالب في الوقت نفسه جميع أطياف الشعب التونسي برفض العنف.
وأعلن المرزوقي من ناحية أخرى الحداد الوطني لثلاثة أيام على عناصر الحرس الوطني الستة الذين سقطوا في اشتباكات مع «عناصر إرهابية مسلحة» بولاية سيدي بوزيد.
وفيما يبدو أن هذه التصريحات وهجمات المتشددين ازعجت زعماء المعارضة الذين يريدون من الحكومة أن تكون أكثر وضوحا في قرار الاستقالة.
وقال حسين العباسي زعيم الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقوم بدور الوساطة بين الجانبين إن المحادثات ستبدأ اليوم الجمعة وانهم يتطلعون إلى توضيح من رئيس الوزراء.
وأضاف أن الهجمات الإرهابية أدت إلى توتر الأجواء.
وتهدف محادثات الاسابيع الثلاثة إلى اختيار اعضاء الحكومة الانتقالية والاتفاق على لجنة انتخابية جديدة ووضع جدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
لكن نشطاء المعارضة يشكون في نوايا النهضة. واحتشد الآلاف من مؤيدي المعارضة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة يوم الأربعاء لمطالبة لحكومة بالوفاء بتعهدها بالتنحي.
وقالت سلوى فزة وهي مدرسة كانت تحمل علما تونسيا كبيرا وهي تشارك في مسيرة في العاصمة تونس «لا ثقة في ان هذه الحكومة ستذهب.» واضافت «لم يصدقوا يوما في وعودهم.»
وبالامس ذكرت مصادر صحافية أن قيادات جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة تجتمع لصياغة موقف نهائي للجبهة عقب كلمة رئيس الحكومة التونسية، علي العريض، فيما أعلن أحد قادة الجبهة، استمرار الاعتصام في ساحة القصبة وشارع الحبيب بورقيبة إلى أن ترحل الحكومة احتجاجا على تأخر بدء الحوار الوطني، ودعا المواطنين إلى المشاركة في الاعتصام،.
وحصلت النهضة على 40 في المئة من الاصوات في اول انتخابات في تونس بعد الانتفاضة لتشكيل مجلس تأسيسي لكتابة دستور جديد وشكلت حكومة ائتلافية مؤقتة مع حزبين علمانيين.
وتراجعت شعبيتها اثناء فترتها في السلطة لكنها ما تزال افضل الجماعات في تونس تنظيما. وتواجه العديد من الجماعات اليسارية والعلمانية وايضا نداء تونس وهو حزب يضم شخصيات من النظام السابق.
وقد أعلن الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي الراعي الاساسي للحوار الوطني مع اتحاد الصناعة والتجارة ونقابة المحامين ورابطة الدفاع عن حقوق الانسان أن الإنطلاق الرسمي والفعلي للحوار بين الاحزاب السياسية الموقعة على خارطة الطريق سيكون اليوم الجمعة .
وقال العباسي في تصريح صحافي أوردته وسائل إعلام تونسية امس انه بداية من تاريخ انطلاق الحوار سيبدأ التعداد حسب خارطة الطريق مشيرا إلى ضرورة التوصل لحلول نظرا لما تمر به البلاد من ظروف خاصة بعد تفشي ظاهرة الإرهاب.