
عواصم – «وكالات»: توصلت إيران والقوى العالمية الست إلى اتفاق في وقت مبكر من صباح الامس للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف محدود في العقوبات فيما قد يكون مؤشرا أوليا لتقارب بين الجمهورية الإسلامية والغرب.
وجرى التوصل للاتفاق بعد مفاوضات استمرت أربعة أيام في جنيف بين إيران والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا والصين وروسيا.
والاتفاق الذي يوقف أكثر أنشطة إيران النووية حساسية عبارة عن حزمة خطوات لبناء الثقة من أجل تخفيف عقود من التوتر والمواجهة وابعاد شبح اندلاع حرب في الشرق الأوسط بسبب طموحات طهران النووية.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني امس إن الاتفاق «يعترف بحقوق إيران النووية» بالسماح لها بمواصلة تخصيب اليورانيوم مضيفا أن أنشطة التخصيب الإيرانية ستستمر كما كانت من قبل.
وأضاف في بيان في العاصمة الإيرانية أذيع على الهواء مباشرة على قناة «برس تي.في» أن المحادثات بشأن «اتفاق شامل ستبدأ على الفور» وأن إيران لديها رغبة قوية لكي تبدأ.
وقالت كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي التي كانت تنسسق المحادثات مع إيران نيابة عن القوى الكبرى إن الاتفاق يوفر الوقت والمجال للتوصل لحل شامل للمسألة النووية الإيرانية.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في مؤتمر صحفي «هذه خطوة أولى فقط... نحن بحاجة إلى البدء في التحرك في اتجاه بناء الثقة.»
وبعد ضغوط العقوبات ابتهج كثير من الإيرانيين بتخفيف التوتر وامكانية تحقيق تحسن اقتصادي. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه إذا لم تف إيران بالتزاماتها خلال ستة أشهر فان الولايات المتحدة ستوقف تخفيف العقوبات و»تصعد الضغط». ورحب بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة بالاتفاق المؤقت وحث الحكومات المعنية «على بذل قصارى جهدها للبناء على هذه البداية المشجعة».
ويخشى الغرب أن تكون إيران تسعى لاكتساب قدرة على تصنيع أسلحة نووية وتنفي الجمهورية الإسلامية ذلك وتقول إن برنامجها النووي له أغراض سلمية.
وقالت الولايات المتحدة إن الاتفاق يوقف تقدم برنامج إيران النووي بما في ذلك بناء مفاعل اراك للأبحاث الذي يثير قلق الغرب بشكل خاص إذ ان بامكانه انتاج مواد يمكن أن تستخدم في صنع قنبلة.
وسيحيد الاتفاق مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة وهي نسبة تجعل إيران تقترب من المستوى اللازم لانتاج أسلحة ويدعو الاتفاق إلى عمليات تفتيش دقيقة تجريها الأمم المتحدة.
وذكر نص أمريكي لأهم بنود الاتفاق إن إيران ستكون ملتزمة أيضا بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز نسبة الخمسة بالمئة.
وشهدت الانشطة الدبلوماسية مع إيران زخما بعد فوز حسن روحاني بانتخابات الرئاسة في يونيو حزيران ليحل محل محمود أحمدي نجاد.
وسياسة روحاني «للتواصل البناء» مع العالم الخارجي تهدف إلى رفع العقوبات. ويحظى أيضا بدعم الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
وكتب في حساب على تويتر يعتقد بشكل كبير إنه خاص بروحاني «تصويت الشعب الإيراني من أجل الاعتدال والتواصل البناء زائد جهد لا يكل لفرق التفاوض سيفتحان آفاقا جديدة.»
وقال تريتا بارسي رئيس المجلس الوطني الإيراني الأمريكي «الفضل يعود بشكل كبير للشعبين الإيراني والأمريكي. كلاهما مسؤول عن هذا الانتصار الأولي برفضهما الانهزاميين الذين قالوا إنه يستحيل أن يكون هناك مستقبل مشرق وإن الدبلوماسية يستحيل أن تنجح.»
لكنه أضاف أنه ما زالت هناك الكثير من العقبات وقال «المتشددون في كل من البلدين سيعملون بشكل أكبر لتخريب هذا المحور الذي يقود إلى مسار دبلوماسي. هؤلاء الذين عملتهم الوحيدة هي المواجهة سيبحثون عن فرص يمكنهم بها اضعاف وتخريب هذا الاتفاق المؤقت.»
إلا أن الكثير من الإيرانيين سعداء. ونال خبر أعلنه ظريف بالفارسية على حسابه على فيسبوك عن التوصل لاتفاق اعجاب 47979 متابع للموقع خلال ساعتين. وانهالت عبارات التأييد وكثيرون وصفوا ظريف «بالبطل القومي».
وقال مسؤول أمريكي إن اتفاق جنيف لا يعترف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم وإن العقوبات ستبقى.
ولكن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال إن الاتفاق سيجعل من الصعب على إيران الاندفاع نحو صنع سلاح نووي وسيجعل إسرائيل وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين أكثر أمنا.
وأضاف إنه على الرغم من أن الرئيس الأمريكي باراك اوباما لا يستبعد استخدام التهديد بالقوة كخيار في المواجهة النووية الإيرانية إلا أنه يرى أنه يجب أولا استنفاد السبل الدبلوماسية.
وقال إن تخفيف العقوبات بشكل محدود يمكن الرجوع عنه.
وكان كيري ووزراء خارجية القوى الخمس الأخرى انضموا للمحادثات مع إيران في وقت مبكر من صباح يوم السبت مع اقتراب الجانبين بشكل أكبر لاتفاق أولي طال انتظاره.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج على تويتر إن التوصل لاتفاق مع إيران خطوة أولى «مهمة ومشجعة» مشيرا إلى أن البرنامج النووي لطهران «لن يتقدم لمدة ستة شهور كما أن بعض الأجزاء تراجعت».
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «بعد عقبات استمرت سنوات يعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف بشأن البرنامج النووي الإيراني خطوة مهمة للحفاظ على الأمن والسلام.»
وفي رسالة إلى الرئيس حسن روحاني نشرتها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية قال خامنئي إن الاتفاق «يمكن أن يكون أساسا لمزيد من الخطوات الذكية. دون شك فان فضل الله ودعاء الشعب الإيراني عامل في هذا النجاح.» من جانبه اعلن وزير الخارجية الايراني امس ان برنامج بلاده النووي لا يجب ان يسبب انزعاج لدول منطقة الخليج التي تحظى بأولوية في سياسات ايران. وشدد ظريف في مؤتمر صحافي عقب الاعلان عن توصل بلاده مع مجموعة خمسة زائد واحد الى اتفاق حول برامج طهران النووي على حق طهران في «تخصيب اليورانيوم وامتلاك التقنيات النووية للاستخدام السلمي وهو حق غير قابل للتخلي عنه ولابد من احترامه واحترام ارادة ايران في التخصيب».
وقال ان الاتفاق يهدف الى «حل مشكلة لطالما القت بظلالها على العالم والمنطقة ولا يوجد هناك مبرر للانزعاج من برنامج ايران النووي».
وأعرب وزير الخارجية الايراني عن أمله في «عودة ثقة الشعب الايراني تجاه الدول الغربية» بعد هذا الاتفاق معتبرا الاتفاق «خطوة اولى».
واعتبر ظريف خلال المؤتمر الصحافي الاتفاق «اشارة واضحة الى ان التخصيب سيستمر» وان خطة العمل المتفق عليها تعني ان البرنامج سيستمر مؤكدا حق بلاده في ذلك التخصيب.
ولفت الى انشاء لجنة مشتركة لمراقبة تطبيق الاتفاق مشددا على ان الحق في التكنولوجيا النووية غير قابل للتصرف.