تونس – «وكالات»: اتفق حزب النهضة الإسلامي الحاكم في تونس واحزاب المعارضة السبت على تسمية وزير الصناعة مهدي جمعة كرئيس جديد للوزراء في حكومة كفاءات انتقالية ستدير شؤون البلاد لحين اجراء انتخابات العام القادم.
ويمثل هذا اول خطوة في اتفاق سيشهد تسليم حزب النهضة السلطة خلال الاسابيع القليلة المقبلة لانهاء ازمة هددت تحول تونس الى الديمقراطية بعد الانتفاضة التي شهدتها عام 2011.
وبعد ثلاث سنوات من الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السلطوي زين العابدين بن علي وألهمت انتفاضات في دول عربية اخرى تسعى تونس جاهدة للتغلب على نزاعات حول دور الاسلام في واحدة من اكثر الدول العلمانية في العالم العربي.
وبعد جدال استمر اسابيع اتفقت الاحزاب على تسمية مهدي جمعة وهو مهندس طيران رئيسا للوزراء في اتفاق بين حزب النهضة وائتلاف من الاحزاب العلمانية بقيادة مسؤول سابق في نظام بن علي.
وقال حسين عباسي رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل الذي توسط في المحادثات للصحفيين انه على الرغم من الصعوبات فقد نجحوا في التوصل لاتفاق على تعيين مهدي جمعة.
واردف قائلا ان الحكومة المقبلة لابد وان تكون مستقلة وغير حزبية لتقود البلاد الى الانتخابات.
وحصل جمعة على تسعة من بين 12 صوتا، بينما امتنعت بعض أحزاب المعارضة عن التصويت. من جهته قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي إن 18 حزبا حضرت الجلسة المسائية، وامتنع سبعة منها عن التصويت.
وكانت جلسة الحوار قد استؤنفت مساء السبت بعد أن رُفعت لبرهة وجيزة للتشاور حول اسم المرشح لرئاسة الحكومة. ويأتي التصويت الذي أفضى إلى اختيار وزير الصناعة في الحكومة الحالية -التي يرأسها القيادي في حركة النهضة علي العريّض- بعد خلافات وجدال بشأن الأسماء المرشحة لمنصب رئيس الحكومة.
وقبل ساعات من التصويت، ظل في السباق كل من جمعة وعياد، بالإضافة إلى الوزير الأسبق أحمد المستيري «88 عاما» الذي كانت ترى حركة النهضة وشريكها في الائتلاف حزب التكتل الديمقراطي، وكذلك الحزب الجمهوري المعارض، أنه مؤهل أكثر من غيره لتشكيل الحكومة المقبلة.
في المقابل ذكرت تقارير أن حزب حركة نداء تونس المعارضة كان يسعى إلى اختيار مرشحه الحبيب الصيد الذي كان وزيرا للداخلية في حكومة قائد السبسي.
وتشكيل حكومة جديدة محايدة هو أحد بنود ما سمي «خريطة الطريق» التي وضعها اتحاد الشغل وثلاث منظمات أخرى للخروج من الأزمة التي فجرها اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 يوليو الماضي.
وبالإضافة إلى تشكيل حكومة، تنص الخريطة على إقرار مشروع الدستور، وتحديد موعد الانتخابات بعد تشكيل هيئة مستقلة للإشراف عليها. وفي مؤتمر صحفي عقب الاتفاق على ترشيح وزير الصناعة الحالي لترؤس الحكومة المقبلة، قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إن المسار الحكومي خطا خطوة مهمة بهذا الاتفاق. ودعا الغنوشي نواب المجلس التأسيسي «البرلمان» إلى التعجيل بإقرار مشروع الدستور والهيئة الانتخابية، وتحديد موعد الانتخابات، مشددا مرة أخرى على تزامن المسارين الحكومي والتأسيسي.
من جهته قال الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي إن الحوار سيستأنف الأربعاء المقبل لبحث تنفيذ المراحل الأخرى في خريطة الطريق. وأضاف في مؤتمر صحفي إثر الإعلان عن اختيار مرشح لترؤس الحكومة المقبلة أن على الحكومة التي يتوقع أن يشكلها مهدي جمعة قريبا أن تكون حكومة كفاءات تلتزم الحياد تجاه كل الأطراف.
وتابع أنه سيكون على الحكومة المقبلة معالجة الملفات الاقتصادية والأمنية، قائلا إن مكافحة الإرهاب من أولى المهمات التي يتعين عليها التصدي لها، مشيرا إلى أنه «كان هناك تخوف من فشل الحوار لأن البلاد ستكون في هذه الحالة مفتوحة على كل الاحتمالات». وكان اتحاد الشغل والمنظمات الثلاث الأخرى الراعية للحوار -الذي بدأ نهاية أكتوبر الماضي- قد حددوا منتصف نهار السبت أجلا لإعلان نجاح الحوار أو فشله. وحذر العباسي أثناء إعلانه عن مهلة العشرة أيام من «شتاء ساخن» في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وفي تصريحاته التي تلت التصويت لاختيار مرشح لخلافة رئيس الحكومة الحالي علي العريّض، حث الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نواب المجلس التأسيسي على إقرار دستور لدولة مدنية وديمقراطية، ويلبي استحقاقات الثورة.
وفاز النهضة بمعظم المقاعد في مجلس وطني انتخب في اول انتخابات بعد سقوط بن علي ولكن البلاد واجهت فجوة اخذة في الاتساع بين الزعماء الاسلاميين والعلمانيين.
واندلعت احتجاجات استمرت اشهرا بعد اغتيال مسلحين اسلاميين متشددين زعيمين معارضين بارزين هذا العام وشكلت احزاب المعارضة العلمانية ائتلافا واسعا طالب باستقالة النهضة. وبموجب اتفاق توسط فيه الاتحاد العام التونسي للشغل وافق حزب النهضة على التنحي عن السلطة حال توصل السياسيين الي قرار بشان تشكيل مجلس وزراءانتقالي والانتهاء من دستور جديد للبلاد وتحديد موعد للانتخابات. واضرت الازمة في تونس بالاقتصاد وفرص تحقيق الرخاء في بلد اشعل بائع متجول النار في نفسه في احد الشوارع قبل حوالي ثلاثة اعوام بعد ان استبد به اليأس مطلقا شرارة تمرد في ارجاء العالم العربي.