
عواصم – «وكالات»: مازالت الازمة السورية تراوح مكانها فى وقت تتطاير فيه شرارتها لتصيب دول الجوار بالتوترات الامنية والاصطفاف والتجاذبات وان كانت لبنان اكثر دول الجوار تأثرا بها
و اجتمع مجلس الدفاع الأعلى في لبنان صباح الامس في بعبدة لبحث التطورات الأمنية بعد اغتيال محمد شطح مستشار زعيم تيار المستقبل وزير المالية اللبناني السابق و المنهاض لبشار الاسد ، بينما أدانت الأطراف السياسية اللبنانية بمختلف توجهاتها الاغتيال.
ودعا مجلس الدفاع الاعلي الاجهزة الامنية الى التنسيق في ما بينها لحماية المواطنين ودور العبادة.
وأدان المجلس في بيان اثر اجتماعه برئاسة الرئيس ميشال سليمان وحضور رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي والوزراء المعنيين وقادة الاجهزة الامنية اغتيال شطح مبينا ان الاجتماع استعرض التحقيقات الاولية حول الجريمة. واوضح البيان الذي تلاه امينه العام اللواء الركن محمد خير «ضرورة التصدي لمثل هذه الجرائم قبل حدوثها» طالبا من وزير العدل احالة التفجيرات الى المجلس العدلي. وقد يكون اغتيال شطح مرتبطا بالصراع على السلطة في لبنان الذي اندلع منذ اغتيال الحريري عام 2005 واعقبته سلسلة من الاغتيالات استهدفت سياسيين ومسؤوليين وصحفيين مناهضين لسوريا. ففي اكتوبر من العام الماضي قتل وسام الحسن رئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي المدعوم من الحريري في انفجار سيارة مفخخة في بيروت.
كما ان مقتل شطح قد يكون مرتبطا ببدء فعاليات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في يناير والتي من المقرر ان تحاكم خمسة اشخاص مشتبه بهم في اغتيال الحريري والد سعد الحريري و21 شخصا اخرين.
ومن المقرر ان تبدأ المحاكمة في لاهاي في غضون اسبوعين في ظل تواري المتهمين الخمسة عن الانظار. ونفى حزب الله اي دور له في اغتيال الحريري ورفض التعاون مع المحكمة التي اعتبر انه تم إنشاؤها لدوافع سياسية. وكانت التحقيقات الاولية التي اجرتها الامم المتحدة قد خلصت الى ضلوع مسؤولين سوريين في عملية الاغتيال.
وشطح «62 عاما» شخصية معارضة سنية كان ينتقد حزب الله الشيعي وكان يعتبر احد العقول التي تقف وراء تيار المستقبل وتحالف قوى 14 اذار وهو قيادي بارز نجح في إقامة علاقات قوية مع حكومات غربية.
ونشر شطح قبل أقل من ساعة من مقتله على حسابه على تويتر اتهامه للحزب الشيعي بمحاولة السيطرة على البلاد.
وكتب «حزب الله يهول ويضغط ليصل الى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة ١٥ عاما: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية.»
وامتد الصراع في سوريا المجاورة إلى لبنان وزاد من التوترات الطائفية. وأرسل حزب الله مقاتلين الى سوريا للقتال الى جانب حليفه الأسد الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية في حين تسعى جماعات سنية يرتبط بعضها بتنظيم القاعدة إلى إسقاط الأسد.
ومن جانبه قال ميقاتي للصحافيين اثر الاجتماع ان «النار المشتعلة في الجوار» في اشارة الى الازمة في سوريا «باتت تلفح الداخل اللبناني» داعيا للعودة الى الحوار وتشكيل حكومة جديدة بشكل سريع.
واتهم رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ضمنيا حزب الله بالضلوع في الانفجار، وقال إن عملية الاغتيال رسالة إرهابية لفريقه السياسي، مضيفا أن «الذين اغتالوا محمد شطح هم الذين اغتالوا «رئيس وزراء لبنان الأسبق» رفيق الحريري، والذين يريدون اغتيال لبنان وتمريغ أنف الدولة بالذل والضعف والفراغ ، واضاف قائلا : المتهمون بالنسبة لنا حتى إشعار آخر هم أنفسهم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية ويرفضون المثول امام المحكمة الدولية إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين ويستدرجون الحرائق الإقليمية الى البيت الوطني»». وأكد رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، القيادي في تيار المستقبل، أن القاتل هو نفسه الذي يوغل في الدم السوري واللبناني «هو وحلفاؤه اللبنانيون من درعا إلى حلب إلى دمشق إلى كل سوريا».
ووصف الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل الحادث بالمؤلم، في وقت يحتفل فيه العالم بأعياد الميلاد المجيد.
وشددت قوى 14 آذار على «ضرورة تحويل ملف» مقتل شطح إلى المحكمة الخاصة بلبنان التي ينتظر أن تفتتح جلساتها يوم 16 يناير المقبل، ويعتقد أن القتيل على علاقة بملفاتها بحسب بعض المصادر اللبنانية.
وندد الرئيس اللبناني ميشال سليمان بالحادثة واصفاً إياها بالعمل الجبان الذي لن يزيد اللبنانيين «إلا إصراراً على الحفاظ على بلدهم واحة سلام واستقرار وحوار في وجه الإرهابيين الذين لا يعرفون سوى القتل والتفجير والتخريب وسيلةً لإثبات وجودهم».
كما أدان الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة تمام سلام قتل شطح، ووصفه بأنه عمل إرهابي يهدف إلى ضرب الاستقرار وإيقاع الفتنة بين اللبنانيين.
وأدان الحادث كذلك كلٌّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان اللبناني رئيس حركة أمل نبيه بري.
وتفادى حزب الله الرد على الاتهامات التي وجهت إليه، ووصف الحادثة بأنها «جريمة بشعة» و»محاولة آثمة» تستهدف استقرار لبنان ووحدته الوطنية. واغتيل شطح في حادث انفجار عنيف وسط بيروت، أوقع أيضا خمسة قتلى وأكثر من سبعين جريحا.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن الانفجار نجم عن سيارة مفخخة. وأوضح مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بعد تفقده مكان الانفجار أن زنة العبوة المتفجرة في السيارة تقدر بما بين خمسين وستين كيلوغراما.
وشطح هو الشخصية التاسعة من قوى 14 آذار التي تتعرض للقتل منذ عام 2005، تاريخ مقتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، وهو من مواليد 1951. من جانبه اعلن رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبناني نجيب ميقاتي امس ان اليوم الاحد سيكون يوم حداد رسمي على ضحايا الانفجار.
وتزامن هذا الاعلان مع وفاة احد المصابين بالانفجار تأثرا بجراحه ليصل عدد الضحايا الى سبعة قتلى. وقالت وسائل الاعلام الرسمية ان شابا لبنانيا توفى امس متأثرا بجراحه في احدى مستشفيات بيروت.
يذكر ان اليوم الاحد سيشهد تشييع شطح في «مسجد محمد الامين» وسط بيروت وعلي الصعيد الدولي ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون ومجلس الأمن الدولي بالهجوم. وقال بان في بيان «الدكتور شطح كان صوتا لا يكل للتسامح والتنوع والاعتدال... وفاته خسارة فادحة للبنان وتذكرة بالحاجة الى وضع نهاية للإفلات من العقاب.»
وفي بيان منفصل عبر مجلس الأمن الدولي عن «إدانة تامة لأي محاولة لزعزعة استقرار لبنان من خلال الاغتيالات السياسية» وطالب المجلس «بوقف فوري لاستخدام الترويع والعنف ضد الشخصيات السياسية.»
من جانبه دان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني التفجير الإرهابي. ووصف الزياني في بيان صحافي الحادث بأنه «عمل إجرامي جبان» يتنافى مع المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية».
واعتبر «أن يد الإرهاب المجرم التي ما فتئت تعبث بأمن لبنان» تستهدف من وراء هذه الجريمة البشعة إشعال نار الفتنة الطائفية وزعزعة أمن لبنان واستقراره. ودعا امين عام مجلس التعاون القوى السياسية اللبنانية إلى ضبط النفس لتفويت الفرصة على أعداء لبنان الذين يسعون إلى تمزيق وحدته ونسيجه الاجتماعي وتعريض أمنه واستقراره للخطر.
واعرب عن أمله في سرعة الكشف عن الجناة وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم معبرا عن تعازيه للحكومة والشعب اللبناني ولاسر الضحايا.
من جانبه استنكر الاتحاد الاوروبي الهجوم.
وقالت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والامنية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون في بيان ان «دوامة العنف في لبنان تثير قلقا شديدا» داعية القادة السياسيين والشعب اللبناني الى وضع كل الخلافات جانبا وتوحيد الجهود وجعل ذلك أولوية لاستعادة الأمن في البلاد».
وجددت اشتون دعوتها الى تشكيل حكومة جديدة قادرة على التعامل مع التحديات الكثيرة التي تواجه لبنان.
واشارت الى ان الاتحاد الأوروبي يقف الى جانب شعب لبنان ويؤكد من جديد التزامه باستقرار لبنان واستقلاله وسيادة ووحدة أراضي
وعلي ذات السياق دانت الولايات المتحدة التفجير.
وأشار وزير الخارجية الامريكي جون كيري في بيان شديد اللهجة الى لقاءاته مع شطح واصفا إياه بأنه «صوت العقل والمسؤولية والاعتدال» معتبرا وفاته «خسارة فادحة للبنان والشعب اللبناني وللولايات المتحدة».
وقال كيري «بالنيابة عن الرئيس «الامريكي باراك» أوباما والولايات المتحدة أدين بأشد العبارات الممكنة الهجوم الإرهابي البغيض واغتيال الوزير اللبناني السابق» شطح مؤكدا أن «نهايته المأساوية تذكرنا لماذا لا تزال رؤيته «شطح» حتمية». وأضاف «سنفتقد وجوده لكن رؤيته للبنان موحد وخال من العنف الطائفي والتدخل لزعزعة الاستقرار ستستمر في توجيه جهودنا» مؤكدا دعم الولايات المتحدة للحكومة والقوات المسلحة اللبنانية وداعيا لتقديم المسؤولين «عن هذا الهجوم الشنيع والجبان» إلى العدالة «في ظل سيادة القانون». وشدد على أنه «لا يمكن السماح لمثل هذه الإجراءات أن تفلت من العقاب.. لهذا السبب نؤيد تماما عمل المحكمة الخاصة بلبنان وجهودها».
وأوضح كيري أن التفجير يظهر أهمية التزام جميع الأطراف باتفاقات الطائف وبعبدا وقراري مجلس الأمن 1559 و1710 بحيث يحافظ لبنان على سيادته واستقراره مشيرا الى أن الولايات المتحدة تقف مع الشعب اللبناني في هذا الوقت وستواصل القيام بذلك.
عربيا نددت المملكة المغربية بشدة بحادث التفجير الإرهابي.
وقالت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية في بيان لها إن المملكة المغربية تلقت «بأسى وأسف عميقين نبأ التفجير الإرهابي الذي خلف عددا من الضحايا والمصابين من أفراد الشعب اللبناني الشقيق».
وأضاف البيان إن المملكة المغربية «إذ تعلن تنديدها الشديد بهذا العمل الإرهابي المقيت الذي يستهدف زعزعة استقرار وأمن لبنان وجره إلى اتون الفتنة والفوضى تتقدم بأحر التعازي والمواساة للحكومة والشعب اللبناني ولأهالي الضحايا المكلومين».
واعرب البيان عن تعاطف المغرب وتضامنه الكاملين مع لبنان ضد كل التهديدات الأمنية مجددا موقفه الرافض للعنف والإرهاب بمختلف أشكاله.