
القاهرة – «وكالات»: بدأ المصريون الادلاء بأصواتهم امس»على تعديلات دستورية في أول تصويت عام يجري منذ أطاح الجيش بالرئيس الاسلامي محمد مرسي قبل نحو ستة أشهر ومن المرجح أن يؤدي الاستفتاء إلى ترشح قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح السيسي للرئاسة.
وترجح التوقعات أن يخرج المصريون الذين امتلات بهم شوارع مصر وميادينها في احتجاجات مناهضة لمرسي وحكم جماعة الاخوان المسلمين بأعداد كبيرة للتصويت بنعم على التعديلات الدستورية في الاستفتاء الذي يجري على يومين.
ويمثل خطوة رئيسية في خريطة الطريق التي طرحها السيسي عند عزل مرسي أول رئيس مصري منتخب في انتخابات حرة في يوليو الماضي.
ويرى خصوم السيسي الاسلاميون فيه قائدا لانقلاب زج بمصر في أسوأ صور الصراع الداخلي التي تشهدها في تاريخها الحديث وأعاد ما يصفونه بالدولة البوليسية.
لكن الكثير من المصريين أرهقهم الاضطراب السياسي الذي كبل البلاد واضعف الاقتصاد منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك عام 2011 ويرون في السيسي شخصية قيادية حازمة يمكن أن تعيد الاستقرار.
ويقول محللون إن الاستفتاء أشبه بتصويت على شعبية السيسي الذي ملأت صوره الشوارع في مختلف أنحاء القاهرة.
ومن المتوقع أن يفوز السيسي إذا قرر الترشح للرئاسة.
ووصفته مصرية تدعى أم سامي في أحد الاحياء الفقيرة بالقاهرة بأنه الرجل الذي تحتاج البلاد إليه ملخصة بذلك رأيا شائعا بأن عودة ضباط الجيش للحكم أمر مقبول رغم أن ذلك قد يضعف المكاسب الديمقراطية التي تحققت منذ الاطاحة بمبارك.
وقالت أم سامي «الوضع لا يعجبنا لكننا سنصوت بنعم وإن شاء الله تتحسن الامور.»
لكن المرحلة الانتقالية في مصر مازالت تواجه تحديات. فقد صعد متشددون اسلاميون مرتبطون بتنظيم القاعدة - ويربط المسؤولون الامنيون بينهم وبين الاخوان المسلمين - هجماتهم على قوات الامن منذ عزل مرسي.
وقالت جماعة الاخوان مرارا إنها تسعى لاسقاط الحكومة من خلال الاحتجاجات السلمية.
لكن الحملة الامنية الشديدة التي شنتها الاجهزة الامنية وقتل فيها مئات الاسلاميين واعتقل الالوف بمن فيهم مرسي نفسه وكبار قيادات الاخوان أضعفت احتجاجات الاخوان.
ودعت جماعة الاخوان إلى مقاطعة الاستفتاء.
وسيمثل هذا الاستفتاء ثالث مرة يدلي فيها المصريون بأصواتهم على تعديلات دستورية وسادس مرة يتجهون فيها لصناديق الاقتراع منذ الاطاحة بمبارك.
وسيحل الدستور بصورته الجديدة محل الدستور الذي تم اقراره في عهد مرسي منذ أكثر من عام وكان يحفل بصياغات أملاها التيار الاسلامي. وتعمل التعديلات الدستورية على تقوية مؤسسات الدولة التي وقفت في وجه مرسي متمثلة في الجيش والشرطة والقضاء.
ويأمل حلفاء مصر الغربيون أن تتهيأ الساحة السياسية لمزيد من المنافسة بعد ثلاث سنوات من الانتفاضة الشعبية.
لكن ثمة شكوكا في مدى نزاهة الاستفتاء والتعديلات الدستورية.
فقد قالت اللجنة الدولية للحقوقيين في بيان أصدره مقرها في جنيف إن التعديلات المقترحة تحفل بالعيوب.
وقالت اللجنة «حملة الاستفتاء وقعت في جو من الخوف والترهيب والقمع بما يثير الشك في نزاهة العملية برمتها.»
ويمثل الاستفتاء خطوة مهمة في خارطة الطريق التي أعلنها السيسي في يوليو بهدف اعادة الديمقراطية. ووصف المسؤولون المصريون التعديلات الدستورية المطروحة بانها مؤشر واضح على التقدم صوب هذا الهدف.
ومن المتوقع اجراء انتخابات رئاسية بحلول شهر ابريل على ان تعقبها انتخابات برلمانية.
لكن منظمات حقوق الانسان لديها شكوك كبيرة في هذه العملية.
وقد أبدت منظمة هيومن رايتس ووتش قلقها لتقارير ذكرت أن سبعة نشطاء من حزب مصر القوية الاسلامي يواجهون اتهامات جنائية لتعليقهم ملصقات تدعو إلى التصويت بلا على التعديلات الدستورية.
وأفاد مراسلون»بأن هناك إقبالاً كثيفاً على مراكز الاقتراع في مختلف المحافظات، حيث إنه من المرجح أن يشارك عدد كبير من المصريين في التصويت على الدستور من بين أكثر من 50 مليون شخص مدعوين للتصويت على مدار يومين.
من جانبه، دعا الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور الشعب المصري إلى المشاركة في الاستفتاء على الدستور.
وفي تصريح خاص للتلفزيون المصري عقب الإدلاء بصوته في عملية الاستفتاء، قال منصور للشعب المصري: «صوتك أمانة»، مضيفاً أن التصويت ليس لصالح الدستور فقط ولكن لصالح خارطة المستقبل كلها، حيث يجب أن تحظى البلاد برئيس منتخب ومجلس تشريعي منتخب أيضاً.
وأضاف منصور أنه «لابد أن يثبت الشعب للإرهاب الأسود أنه لا يخشى شيئاً، وأنه مصمم على النزول دائماً».
من جانبه اكد رئيس الوزراءالمصري الدكتور حازم الببلاوي تأمين عملية الاقتراع على مشروع الدستور من قبل الحكومة المصرية متوقعا اقبال الناخبين «لقطف ثمار الثورة».
وقال الببلاوي في تصريح صحافي اثر الادلاء بصوته ان مصر تحتاج لكل صوت من اصوات ابنائها واثنى كذلك على القضاة والقائمين على عملية الاقتراع وشد من ازرهم.
أما الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، فقام صباح الامس بجولة شملت بعض لجان التصويت وذلك للاطلاع على الإجراءات الأمنية المصاحبة لتأمين عمليات الاقتراع في ظل التهديدات المستمرة من جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم بإفشال الاستفتاء.
ومن جانبه أكد مدير إدارة الاعلام بوزارة الداخلية العميد أيمن حلمي انتظام جميع الخدمات الأمنية بكافة اللجان موضحا أن الشرطة بالتنسيق مع الجيش قامت منذ فجر الامس بالانتشار في مقار الاستفتاء.
وتجري عملية الاستفتاء وسط متابعة العديد من المراقبين من منظمات المجتمع المدني المحلية والعربية والعالمية وغيرها علاوة على المتابعة من جانب وسائل الإعلام بمختلف وسائلها.
وأكدت اللجنة العليا للانتخابات ان الاستفتاء على مشروع الدستور على مستوى مصر كلها انتظم تماما في كافة المقار الانتخابية.
وذكر عضو الأمانة العامة للجنة المستشار مدحت إدريس في تصريح صحافي أن العمل تأخر لبعض الوقت في عدد محدود من اللجان بسبب تأخر وصول القضاة بسبب الطريق واحوال الطقس.
وأكد أن عملية الاستفتاء تسير بصورة ديمقراطية منتظمة وعلى قدم وساق وأن اللجنة العليا للانتخابات برئاسة المستشار نبيل صليب لم تتلق أية شكاوى حتى الآن.
وقبيل الاستفتاء سارعت مراكز لاستطلاع الرأي إلى نشر أبرز الأرقام المتوقعة من حيث المشاركة ونسب التأييد.
وتوقع مركز معلومات دعم واتخاذ القرار، التابع لمجلس الوزراء، في استطلاع جديد بأن يحظى الدستور بنسبة 87 في المئة»مقابل 48 في المئة»كانوا قد صوتوا بـ»نعم» في نوفمبر الماضي.
كما كشف المركز المصري لبحوث الرأي العام، أن 74 في المئة»من المصريين سيصوتون بـ»نعم»، مقابل 3 في المئة»سيصوتون بـ»لا».
وفي استطلاعِ رأي آخر، أعرب 22 في المئة»من المصريين عن امتناعهم عن التصويت احتجاجاً على سوء الأوضاع السياسية في البلاد، مقابل 78 في المئة»سيشاركون في التصويت.
ويشارك في الاستفتاء أكثر من 50 مليون مصري في 27 محافظة، تتقدمهم القاهرة بستة ملايين مشارك.
ويعمل نحو 160 ألف ضابط وجندي من القوات المسلحة و300 ألف من الشرطة على تأمين عملية الاستفتاء التي من المرتقب أن يشارك فيها أكثر من 52 مليون مصري.
وأعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة على حسابه على موقع التواصل «فيسبوك» أن القوات المسلحة والشرطة تسلمت مقار أكثر من 30 ألف لجنة عامة وفرعية ومركز انتخابي في مختلف أنحاء مصر، استعداداً لتأمين المواطنين خلال الاستفتاء.