بغداد – «وكالات»: اتهم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السعودية وقطر بدعم مقاتلين سنة تحاربهم قواته في محافظة الأنبار في أقوى تصريح له منذ اندلاع العنف في المحافظة الواقعة بغرب العراق في وقت سابق هذا العام.
وتحارب قوات الأمن العراقية مقاتلين من جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام في مدينتي الفلوجة والرمادي الرئيسيتين في الأنبار منذ يناير بعد اعتقال نائب سني وفض اعتصام مناهض للحكومة مما أثار اضطرابات قبلية وسمح للجماعة باتخاذ مواقع للقتال في المدينتين.
وتجسد تصريحات المالكي مخاوف عراقية من الدول العربية السنية ويحاول رئيس الوزراء العراقي تحسين صورته كمدافع عن الدولة ذات الأغلبية الشيعية قبل انتخابات مقررة في نهاية ابريل.
وتصاعد العنف في العراق خلال الشهور الاثني عشرة الماضية وقادت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام حملة شعواء بشن تفجيرات انتحارية منذ منتصف 2013. وقال المالكي في كلمة في منتصف فبراير إن السعودية وقطر تقدمان الأموال لتجنيد مقاتلين في الفلوجة.
وقتل أكثر 700 شخص في العنف بالعراق في فبراير بالإضافة إلى قرابة 300 قتيل ورد أنهم سقطوا في غرب الأنبار وكان العام الماضي هو الأعنف منذ 2008 حيث قتل فيه قرابة ثمانية آلاف شخص.
وقال المالكي في مقابلة مع قناة فرانس 24 التلفزيونية في وقت متأخر يوم السبت إنه يتهم الدولتين «بالتحفيز لهذه المنظمات الإرهابية.. بدعمها سياسيا واعلاميا.. بدعمها السخي ماليا.. بشراء الاسلحة لحساب هذه المنظمات الإرهابية وبالحرب المعلنة من قبلهم على النظام السياسي في العراق وايوائهم لزعماء الارهاب والقاعدة والطائفيين والتكفيريين. . هذا هو دعم غير محدود.»
وتتسم علاقات المالكي بالدولتين الخليجيتين العربيتين بالفتور حيث تريان أنه مقرب أكثر من اللازم من إيران ويشتبه رئيس الوزراء منذ وقت طويل بأن الدولتين تمولان جماعات مرتبطة بالعراق بهدف إسقاط الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة.
واتهم المالكي الحكومة السعودية بالسماح لما وصفها بأنها «لجان» في العراق «لكسب هؤلاء الجهاديين للقتال في العراق».
واتهم المالكي أيضا الدولتين العربيتين بالتسبب في الحرب الأهلية المستمرة منذ ثلاث سنوات في سوريا عن طريق جماعات مرتبطة بالقاعدة تنشط حاليا على جانبي الحدود العراقية السورية بجوار الأنبار.
وقال المالكي «يهاجمون العراق عبر سوريا وبشكل مباشر بل هم أعلنوا الحرب على العراق كما أعلنوها على سوريا ومع الاسف الخلفيات طائفية وسياسية في نفس الوقت.»
وجماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام من أكبر الجماعات التي تقاتل على الأرض في سوريا.
وأضاف المالكي أن الموقف السعودي «يعتبر هو المتبني لدعم الإرهاب يدعمونه في سوريا ويدعمونه في العراق ويدعمونه في لبنان ويدعمونه في مصر ويدعمونه في ليبيا.»
وتلعب السعودية وقطر دورا نشطا في الحرب السورية وتدعمان جماعات مسلحة تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد. وتنفي الدولتان دعم القاعدة.
وكانت السعودية والامارات والبحرين قد سحبت سفراءها من قطر يوم الأربعاء في خلاف لم يسبق له مثيل بين الدول الخليجية العربية التي اختلفت مواقفها بشأن دور الاسلاميين في منطقة تعمها الاضطرابات.
كما وصف المالكي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي سبق أن شن هجوما لاذعا على المالكي، بأنه «حديث على السياسة» و»لا يفهم أصول العملية السياسية».
ورغم أن بعض هذه الهجمات تحمل بعدا طائفيا، نفى المالكي في المقابلة أن يكون هناك أي شرخ طائفي في العراق.
بالمقابل رد إياد علاوي رئيس الوزراء العراقي السابق، على اتهامات المالكي للسعودية، بدعم الإرهاب في العراق، في مؤتمر لائتلاف الوطنية العراقية، متسائلاً: «كيف للمالكي أن يتهم الدول العربية والسعودية بدعم الإرهاب، دون أن يقدم دليلا على اتهاماته».
وأضاف أن السعودية وقفت وقفة جريئة وحازمة في وجه الجماعات الإرهابية، مشيداً بدورها العالمي في مكافحة الإرهاب، معتبراً أن المالكي «مغيب عن هذه الأخبار»، في إشارة لقرارات السعودية الأخيرة التي صنفت جماعات القاعدة وداعش والنصرة جماعات إرهابية.
وطالب إياد علاوي، حكومة المالكي بالاستقالة وتشكيل حكومة جديدة، موضحاً أن العراق مقبل على مفترق طرق، كما أن الحكومة الحالية غير قادرة وليست راغبة في إجراء انتخابات نزيهة.
ورفض علاوي اتهامه بدعم جماعات دينية تقاتل في العراق، وقال إنه ضد الإسلام السياسي، وضد المذهبية معتبراً هذه الاتهامات لا أساس لها من الصحة.
وحول هجوم المالكي على الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، واعتباره حديثا على المجال السياسي ولا يفهم أصول العملية السياسية، قال علاوي إنه لا يقبل هذه الانتقادات، مشيراً إلى أن الصدر قدم تضحيات من أهله في سبيل العراق.
وحول اتهام حكومة المالكي للمتظاهرين في مدن عراقية عدة من بينها الأنبار والفلوجة وكربلاء في النجف والناصرية ووصفه لهم بالإرهابيين، سخر علاوي من هذا الأمر، وطالب بعدم إلقاء التهم جزافاً على المتظاهرين السلميين.
وحول الانتخابات البرلمانية المقبلة، قال علاوي إنهم لا يريدونها أن تجري في ظل التخوين والترهيب، مطالباً بحكومة تصريف أعمال للإشراف على الانتخابات بعد أن فشلت حكومة المالكي في إدارة العراق فشلا ذريعاً، على حد وصفه.
ميدانيا قتل 22 شخصا على الأقل وأصيب العشرات في تفجير انتحاري استهدف حاجزا للتفتيش بمدينة الحلة، مركز محافظة بابل، جنوبي العراق.
وأوضحت مصادر بالشرطة أن الهجوم تم تنفيذه بواسطة حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات في ساعة الذروة الصباحية.
ووقع الهجوم عند المدخل الشمالي لمدينة الحلة.
في غضون ذلك أردى مسلحون في الشرقاط «290 كلم شمال غرب بغداد» محمد حسين حميد المرشح للانتخابات التشريعية عن القائمة العربية التي يتزعمها نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك، وهو ثاني مرشح يقتل منذ بداية العام بعد حمزة الشمري في فبراير الماضي.
وفي البلدة نفسها قتل شرطيان بأيدي مسلحين في هجوم على حاجز، كما قتل طفلان في انفجار بقرية جنوب المدينة.
وفي سامراء «100 كلم شمال بغداد» قتل طالبان إضافة إلى أحد عناصر الشرطة في اشتباك مسلح قرب مركز مراقبة.
وفي الخالص «65 كلم شمال شرقي العاصمة» قتل عقيد في الجيش وجندي في انفجار. وقال عقيد في قيادة عمليات ديالى إن «آمر الفوج الثالث في الجيش العراقي المقدم عباس الربيعي قتل مع أحد أفراد حمايته بانفجار عبوة ناسفة في قضاء الخالص».
وأضاف المصدر أن «الربيعي كان يقوم بتفقد وحدات الجيش المنتشرة في هذه المدينة لحظة وقوع التفجير».
وفي الموصل «370 كلم شمال بغداد»، قتل مدني بهجوم مسلح بمسدس كاتم للصوت استهدفه أمام منزله في حي الآبار شرق المدينة. وقال الجيش إنه اعتقل 44 ممن وصفهم بالمطلوبين في المدينة.
وفي بغداد قتل ثلاثة أشخاص وأصيب ثمانية آخرون في انفجار سيارة مفخخة قرب سوق بحي القاهرة، كما قتل ضابط وجنديان ومسلح وأصيب أربعة جنود في مواجهات بمنطقة الحصوة غربي العاصمة.
وفي الرمادي، قال المجلس العسكري العام لثوار العراق إن عددا كبيرا من الجيش والشرطة والصحوات سقطوا بين قتيل وجريح في المدينة بتفجير ثلاث سيارات مدرعة استولى عليها المسلحون.
وأضاف المجلس أن السيارة الأولى استهدفت حاجزا للشرطة في منطقة الجرايشي شمال غرب الرمادي أسقطت قتلى وجرحى ودمرت ست سيارات مدرعة.
واستهدفت السيارة الثانية ثكنة للجيش في شارع المستودع، وقتلت وأصابت عددا من الجنود ودمرت دبابة وثلاث آليات، بينما دمرت السيارة الثالثة بناية بمن فيها من جيش وصحوات وقناصة في حي العادل، وتعود لعضو في مجلس محافظة الأنبار.
من جهته اعترف الجيش بمقتل 11 جنديا وإصابة 19 آخرين في هجومين بسيارتين مفخختين في مدينة الرمادي.
وفي الفلوجة، قال مصدر بمستشفى المدينة التعليمي إن مدنيا قتل وأصيب ثلاثة آخرون في تجدد القصف المدفعي على أحياء الصناعي ونزال والشهداء شرق وجنوب الفلوجة، وأضافت المصادر أن القصف استهدف منازل المواطنين، فيما استمرت الاشتباكات لليوم الثالث على التوالي بين الجيش ومسلحي العشائر في قرى زوبع غربي بغداد.
وتشهد مناطق متفرقة في عموم العراق منذ مطلع العام 2013 تصاعدا في أعمال عنف هو الأسوأ الذي تشهده البلاد منذ موجة العنف الطائفي بين العامين 2006 و2008 التي كانت أوقعت آلاف القتلى.
وقتل أكثر من 1800 شخص منذ بداية 2014 في أعمال العنف اليومية في العراق، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية استنادا إلى مصادر أمنية وعسكرية وطبية.