
عواصم – وكالات : أعلنت الولايات المتحدة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يتطلع للعمل مع الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي، الذي أعلنت اللجنة العليا للانتخابات يوم أمس الاول فوزه بنسبة تقارب 97 في المئة من الأصوات، وتلقى برقيات تهنئة من معظم الزعماء العرب.
وقال البيت الأبيض في بيان له امس إن أوباما سيتحدث في الأيام المقبلة مع السيسي، وإنه يتطلع للعمل معه «لتعزيز الشراكة الإستراتيجية والمصالح العديدة بين واشنطن والقاهرة». وأعرب البيان عن قلق الولايات المتحدة من «القيود على حرية التجمع السلمي وتشكيل الجمعيات» في مصر، وحث السيسي وحكومته على «تبني الإصلاحات الضرورية من أجل تولي الحكم بشكل شفاف وخاضع للمحاسبة وضامن للعدالة لكل الأفراد، وإظهار الالتزام بحماية الحقوق العالمية لكل المصريين».
وتابع بيان البيت الأبيض قائلاً: «في الوقت الذي يتطلع فيه المصريون الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها في وقت لاحق من العام الجاري، فإننا نحث الحكومة «المصرية» على الأخذ في الاعتبار التوصيات التي أعلنتها مجموعات المراقبين، لتحسين إدارة الانتخابات المستقبلية.»
وشابت العلاقات بين واشنطن والقاهرة أجواء من التوتر، بعد قيام الجيش المصري بـ»عزل» الرئيس السابق، محمد مرسي، في الثالث من يوليو من العام الماضي، استجابة لاحتجاجات شعبية طالبت برحيل جماعة «الإخوان المسلمين»، التي حكمت البلاد لما يقرب من عام.
بدورها رحبت الحكومة البريطانية بنتائج انتخابات الرئاسة المصرية، وقالت المتحدثة باسم الخارجية البريطانية في لقاء مع الجزيرة إن بلادها تتطلع إلى أن يوسع السيسي نطاق المشاركة السياسية ويعزز الحريات.
أما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون فدعا السلطات المصرية إلى تعزيز المؤسسات والممارسات الديمقراطية، كما دعا السيسي إلى «تحقيق تطلعات الشعب في مصر مستقرة وديمقراطية ومزدهرة».
وفي وقت سابق أمس الاول أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أن السيسي فاز في الانتخابات الرئاسية بـ23 مليونا و780 ألفا و104 أصوات، بنسبة 96.91 في المئة، وحصل منافسه حمدين صباحي على 757 ألفا و511 صوتا بنسبة 3.09 في المئة ، من مجمل الأصوات الصحيحة، في حين بلغ عدد الأصوات الباطلة مليونا وأربعين ألفا و608 أصوات.
وبعد الإعلان عن النتيجة بث التلفزيون المصري كلمة متلفزة أعرب فيها السيسي عن سعادته «بما حققه المصريون»، وعن «تطلعه إلى أن يكون أهلا لثقتهم»، وأشاد بقضاة مصر، وبعناصر الجيش والشرطة والأمن لمساهمتهم في تأمين العملية الانتخابية.
ووعد السيسي بالعمل على تحقيق «العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية» للمصريين.
ودعا الرئيس المنتخب المصريين إلى «العمل لنقل مصر إلى غد مشرق ولمستقبل أفضل».
وقال إن تحقيق «العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتاعية» يحتاج إلى أن يتعاون ويعمل معه من جانب المصريون.
وكانت تلك شعارات ثورة 25 يناير 2011، غير أن السيسي لم يشر، في كلمته، إلى الثورة.
وحذر السيسي، الذي بدا مبتسما طوال كلمته القصيرة، من أن مصر تواجه مخاطر. إلا أنه لم يحدد هذه المخاطر.
ووجه «تحية خاصة» إلى حمدين صباحي منافسه الوحيد في الانتخابات. واعتبر أن ترشح صباحي «وفر فرصة جادة لتحقيق المنافسة الانتخابية».
وعبر عن امله في أن يكون «أهلا للثقة الغالية» من حانب الشعب المصري.
ولم يتحدث الرئيس المنتخب عن أي مصالحة محتملة مع معارضيه الإسلاميين بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، الذين يتهمونه بالانقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي، أحد قادة الإخوان.
وشكر السيسي أيضا الإعلام المصري «لتسجيله الموثق للانتخابات».
ومن المنتظر أن يؤدي السيسي اليمين الدستورية يوم الأحد القادم، وقد تم توجيه الدعوات إلى الكثير من الرؤساء والزعماء في العالم لحضور حفل أداء اليمين.
من جهة أخرى تلقى السيسي تهنئة من ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز، الذي وصف فوزه بأنه «يوم تاريخي»، ودعا إلى عقد مؤتمر للمانحين لمساعدة مصر على تجاوز أزمتها الاقتصادية.
وقال الملك عبد الله في برقية تهنئة نشرتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية «نقول لكل الأشقاء والأصدقاء في هذا العالم، إن مصر العروبة والإسلام أحوج ما تكون إلينا لتتمكن من الخروج من نفق المجهول».
كما توجه الملك عبدالله بخطابه إلى الشعب المصري قائلاً: «المرحلة القادمة محملة بعظم المسؤولية، التي تستدعي بالضرورة من كل رجل وامرأة من أشقائنا شعب مصر، أن يكونوا روحاً واحدة، وأن يكونوا على قدر من المسؤولية والوعي واليقظة، وأن يتحلوا بالصبر، وأن يتحملوا.. كل الصعاب والعثرات، ليكونوا عوناً لرئيسهم بعد الله.»
وأضاف بقوله: «فمن يسبق يأسه صبره، سيجلس على قارعة الطريق يلوك الحسرة والندم، وحاشا لله أن يكون ذلك.. فوعي شعب مصر قادر.. على العبور بها فوق كل العوائق والصعاب، ليتحقق ما نصبو إليه جميعاً، من أمن هو عماد الاستقرار لشعب مصر الشقيق..»
ثم عاد العاهل السعودي لمخاطبة السيسي متوجهاً إليه بـ «فخامة الأخ الرئيس»، قائلاً: «إننا نعلم بأنكم مقبلون على مرحلة لا يحسدكم عليها كل محب مخلص، وفي هذا المجال اسمحوا لي بأن أذكر نفسي وأخي الكريم بأن ميزان الحكم لا يستقيم إلا بضرب هامة الباطل بسيف عماده العدل، وصلابته الحق، لا ترجح فيه كفة الظلم.. ولنحذر جميعاً بطانة السوء، فإنها تجمل وجه الظلم القبيح، غير آبهة إلا بمصالحها الخاصة.. هؤلاء هم أعوان الشيطان وجنده في الأرض».
وتلقى السيسي أيضا التهنئة من رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، الذي أكد حرص بلاده على «تمتين الصلات الوثيقة» مع مصر و«دفعها إلى آفاق أرحب وأوسع».
كما بعث أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة وملك الأردن عبد الله الثاني برقيات تهنئة مماثلة إلى السيسي.
داخليا هنأ صباحي منافسه السيسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية، معربا خلال اتصال هاتفي عن تمنياته له بالتوفيق والسداد، في حين أكدت جبهة استقلال القضاء لرفض الانقلاب عدم قانونية إعلان لجنة الانتخابات لنتائج ما وصفتها بـ «إجراءات باطلة لتنصيب قائد الانقلاب العسكري رئيسا للبلاد».
وتعهدت الجبهة بملاحقة قانونية لأعضاء اللجنة العليا، وأكدت أنه لا شرعية للسيسي، وأن الإطاحة به واجب قانوني على كل من يستطيع ذلك.
من جهتها اعتبرت حملة «الشعب يدافع عن الرئيس» أن ما أعلنته لجنة الانتخابات الرئاسية باطل ولا يُعْتَدّ به، وطالبت بوقف أي إجراءات تترتب عليه، وحمّلت مؤسسات الدولة المعنية مسؤوليةَ محاسبة «كل من تورط في تلك الإجراءات الباطلة».
وأكدت الحملة أن «رئيس مصر حتى الآن هو محمد مرسي الذي جاء بإرادة شعبية ولم تنته مدته القانونية».