دمشق – «وكالات»: شهدت الساعات الماضية معارك عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلي المعارضة في القلمون شمال دمشق بعدما كانت المواجهات تراجعت منذ حوالي شهرين نتيجة سيطرة قوات النظام بشكل شبه كامل على المنطقة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان امس.
وقال التلفزيون الرسمي السوري من جهته ان الجيش السوري سيطر على بعض التلال المطلة على سهل رنكوس في القلمون، ولاحق «مجموعات ارهابية» حاولت التسلل الى المنطقة.
واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان مقاتلي المعارضة الذين لا يزالون مختبئين في تلال ومغاور واودية في جبال القلمون، بعد انسحابهم من قراها وبلداتها خلال الشهرين الماضيين، نفذوا خلال الايام الماضية سلسلة عمليات مباغتة على مواقع وحواجز لقوات النظام وحزب الله اللبناني في سهل رنكوس وقرى مجاورة، ما اضطر بعض قوات النظام الى الانسحاب منها.
الا ان القوات النظامية مدعومة بحزب الله شنت هجوما مضادا خلال الساعات الماضية، وتمكنت من استعادة مواقعها وتحصينها وتوسيع رقعة السيطرة.
وقال عبد الرحمن ان هذه المواجهات في القلمون خلال الاسبوعين الماضيين، اوقعت قتلى في صفوف الطرفين، بينهم 14 قتيلا على الاقل من حزب الله.
ويقدر المرصد ان ثمة اكثر من الفي مقاتل لا يزالون موجودين في جرود القلمون.
وبث التلفزيون السوري من جهته صورا من رنكوس ومحيطها، واجرى مقابلة مع ضابط في الجيش السوري في المكان قال ان الوحدات العسكرية «قطعت الطريق على مجموعات ارهابية تحاول بين الفينة والاخرى العودة الى المنطقة».
وقال التلفزيون ان الجيش سيطر على «بعض التلال المشرفة على سهل رنكوس بعد طرد مجموعات كانت تسللت من الداخل اللبناني».
واشار الضابط الى ان «العملية مستمرة ليتم تطهير كامل منطقة القلمون»، مضيفا «ستكون هذه الارض مقبرة لهؤلاء الارهابيين في حال ارادوا العودة».
وكانت القوات النظامية وحزب الله، سيطروا منتصف ابريل بشكل شبه كامل على منطقة القلمون بعد معارك عنيفة استمرت اشهرا. وللقلمون حدود طويلة مع بلدة عرسال اللبنانية ذات الغالبية السنية والمتعاطفة اجمالا مع المعارضة السورية.
وينفذ الجيش اللبناني منذ حوالى عشرة ايام حملات دهم وتوقيفات في عرسال لملاحقة مسلحين متورطين «بتدريبات مع مجموعات ارهابية»، بحسب ما ذكرت قيادة الجيش.
ويصعب ضبط جرود عرسال الشاسعة والجرداء والتي توجد بينها وبين الاراضي السورية العديد من المعابر غير القانونية.
الي ذلك قال المرصد السوري إن مسلحي الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش» اعدموا ثلاثة من ضباط الجيش السوري الحر في محافظة دير الزور شرقي سوريا.
وقال المرصد إن جثث الضباط الثلاثة وهم نائب قائد المجلس العسكري في محافظة دير الزور وقياديين اثنين، عثر عليها امس الجمعة، وذلك بعد يومين من اختطافهم من قبل المسلحين.
وتنشط داعش على جانبي الحدود العراقية السورية، وتخوض منذ فترة صراعا مع جبهة النصرة والفئات السورية المعارضة المسلحة الاخرى.
وكان الجيش السوري الحر الذي يحظى بدعم الغرب وبعض الدول العربية قد وجه نداءا في وقت سابق من الشهر الحالي «للدول الشقيقة والصديقة» لمساعدته في قتال داعش في محافظة دير الزور.
وتقول التقارير إن القتال بين داعش والفئات المسلحة السورية الاخرى قد اسفر منذ بداية العام الحالي عن مقتل اكثر من ستة آلاف شخص.
الي ذلك قال المرصد إن طيران النظام شنّ سلسلة غارات جوية على مناطق شرق سوريا قرب الحدود العراقية، مما أدى إلى مقتل نحو 15 شخصاً وإصابة العشرات في بلدة الموحَسن التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن العراق.
يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» كان قد سيطر على عدة بلدات في ريف دير الزور غرب البلاد بينها الموحسن والبوليل والبوعمر.
وقال شهود عيان إن طائرات سورية شوهدت تقلع من مطار دير الزور العسكري الذي يحاصره مقاتلو المعارضة لقصف العديد من المناطق القريبة من الحدود مع العراق قرب بلدة البوكمال.
التحرك الجديد يأتي بعد مكاسب مفاجئة حققها تنظيم «داعش» في مناطق الريف الشرقي من دير الزور.
وقالت مصادر في المعارضة السورية إن «داعش» عمد إلى إخضاع زعماء قبليين في بلدة الموحسن، بالإضافة إلى بلدتي البوليل والبوعمر عن طريق أسلوب الترغيب والترهيب.
ويشكل توسع «داعش» في ريف دير الزور تهديداً حقيقاً للمعارضة السورية، حيث يبدو أن التنظيم يسعى إلى السيطرة على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، والذي تسيطر عليه «جبهة النصرة»، أحد الفصائل المعارضة لنظام الأسد.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «داعش» طرد كتائب الجيش الحر من عدة مناطق حدودية في غرب سوريا في الأيام الماضية قبل أن يتمكن فرع التنظيم في العراق من السيطرة على معبر القائم الحدودي في العراق، وهو ما جعل كتائب المعارضة السورية محاصرة في معبر البوكمال على الجانب السوري.
وتقع القائم ومدينة البوكمال السورية المجاورة لها على طريق إمداد استراتيجي، حيث يسعى تنظيم «داعش» إلى السيطرة على أرجاء واسعة من شرق سوريا وصولاً إلى معبر البوكمال القائم إلى العمق في الأنبار العراقي، وهو ما يشكل أول جغرافية متداخلة بين دولتين للتنظيم.
من جانبه قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما امس إنه لا توجد معارضة معتدلة داخل سوريا قادرة على هزيمة بشار الأسد.
وفي مقابلة تلفزيونية مع شبكة «سي بي إس الأميركية، قال أوباما إن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» «استغل حدوث فراغ في السلطة في سوريا لجمع الأسلحة والموارد وتوسيع سلطته وقوته على الأرض».
ورداً على سؤال فيما إذا قررت واشنطن دعم قوات المعارضة المعتدلة في سوريا، فهل سيكون هذا الفراغ موجوداً، فأجاب أوباما: «فكرة وجود قوة سورية معتدلة جاهزة لهزيمة الأسد ليست صحيحة وبالتالي، فإنه بكل الأحوال الفراغ سيكون موجوداً».
وأوضح أوباما أن إدارته «استهلكت وقتاً كبيراً في العمل مع المعارضة السورية المعتدلة»، ولكن وجود معارضة مثل هذه قادرة على الإطاحة ببشار يبدو الأمر غير واقعي و«فانتازيا»، بحسب تعبيره.
ويعد تصريح أوباما بمثابة نعي لأي وعود سبق أن أطلقت بشأن تسليح «المعارضة المعتدلة»، كما يؤكد على سياسة الرئيس الأميركي الانكفائية، لاسيما تجاه سوريا، حتى ولو كان ثمن ذلك «الفراغ» الذي سيؤدي إلى فوضى عارمة، بشكل أو بآخر.