
بغداد – «وكالات»: بدأ وزير الخارجية الامريكي جون كيري زيارة الى العاصمة بغداد امس قادما من عمان في اطار جولة بالمنطقة في مهمة صعبة لبحث ازمة العراق الامنية الاخيرة.
والتقي كيري بعد اجتماعه بنظيره العراقي هوشيار زيباري الذي كان في استقباله بالمطار رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي.
وكان زيباري بحسب بيان استبق الزيارة اكد لواشنطن ضرورة تفعيل اتفاقية الإطار الإستراتيجي وتعزيز وتعميق التعاون الأمني مع الولايات المتحدة لدعم العراق.
يذكر ان زيباري بحث في وقت سابق امس مع نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وايران سفير الولايات المتحدة لدى العراق روبرت ستيفن بيكروفت تطورات الاوضاع الامنية والسياسية في البلاد والأوضاع الاقليمية».
وتم التاكيد خلال اللقاء على تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي وتعزيز وتعميق التعاون الامني لدعم العراق الديمقراطي في مواجهة التحديات الامنية من المجموعات الارهابية والمسلحة.
واجتمع كيري بعد ذلك مع المالكي لحثه على تشكيل حكومة أكثر تمثيلا للكتل السياسية في حين انسحبت القوات العراقية من معبر حدودي مع الأردن تاركة منطقة الحدود الغربية بأسرها خارج سيطرة الحكومة.
وقالت مصادر امنية عراقية وأردنية إن عشائر عراقية سنية سيطرت على معبر حدودي بين العراق والاردن ليل الاحد بعد انسحاب الجيش العراقي من المنطقة عقب اشتباكات مع متشددين مسلحين.
وتتفاوض العشائر على تسليم المعبر لمقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي استولى على معبرين رئيسيين مع سوريا في مطلع الاسبوع. وتسيطر القوات الكردية على معبر ثالث مع سوريا في الشمال.
وقالت مصادر في الجيش الأردني إن القوات الأردنية اعلنت في الأيام الأخيرة حالة التأهب على طول الحدود مع العراق لمسافة 181 كيلومترا وأعادت انتشارها في بعض المناطق في إطار خطوات للتصدي لاي تهديد أمني محتمل.
وتسعى واشنطن لمساعدة العراق على احتواء تقدم متشددين سنة يقودهم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المنبثق عن القاعدة بعد الاستيلاء على بلدات في شمال العراق الشهر الجاري. وكانت واشنطن سحبت قواتها من العراق في 2011 بعد احتلال دام ثمانية أعوام في أعقاب الغزو الذي أطاح بصدام حسين في عام 2003.
ووافق الرئيس الأمريكي باراك أوباما على ارسال ما يصل إلى 300 مستشار عسكري أمريكي من القوات الخاصة للعراق لكنه أحجم عن تلبية طلب من الحكومة العراقية بشن غارات جوية واستبعد إعادة نشر قوات برية.
وتخشى واشنطن أن الحكومة الشيعية التي يقودها المالكي كانت سببا في تأجيج الاضطرابات باقصاء السنة المعتدلين الذي قاتلوا ضد القاعدة في السابق ولكن انضموا الآن لحركة التمرد التي يقودها تنظيم الدولة الإسلامية.
وحرصت واشنطن على عدم التصريح علنا برغبتها في تخلي المالكي عن السلطة وقال مسؤولون عراقيون ان رسالة بهذا المعنى نقلت بشكل غير مباشر في الاحاديث الخاصة.
وحين اجتمع كيري والمالكي تبادل الاثنان حديثا وديا في حضور مسؤولين اخرين. وخلال الاجتماع نظر كيري لمسؤول عراقي وسأله «كيف حالك؟»
واتهم الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي واشنطن يوم الأحد بمحاولة استعادة السيطرة على البلد الذي احتله ذات يوم. ونفى كيري هذا الاتهام قائلا إن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة العراق لكنها تريد تشكيل حكومة تضم المزيد من الطوائف السياسية.
وسيجري تشكيل حكومة جديدة في العراق بعد الانتخابات التي جرت في ابريل وأسفرت عن فوز قائمة المالكي بأغلبية مقاعد البرلمان ولكنه لا يزال بحاجة لضم حلفاء ليحقق أغلبية.
ويوم الأحد قال كيري إن الولايات المتحدة لن تنتقي أو تختار من يحكم في بغداد مضيفا أن بلاده لاحظت رغم ذلك استياء الأكراد والسنة وبعض الشيعة من القيادة الحالية في العراق وانها تريد أن يجد العراقيون قيادة «مستعدة ألا تقصي أحدا وأن تتقاسم السلطة.»
وقال ساسة عراقيون بارزون من بينهم عضو واحد على الأقل في قائمة المالكي لرويترز إن مسؤولين عراقيين تلقوا رسالة مفادها أن واشنطن تقبل برحيل المالكي وذكروا أن الرسالة نقلت إلى المسؤولين بلغة دبلوماسية.
ووصفت الاجتماعات الاخيرة بين المالكي والامريكيين بالعصيبة وقال دبلوماسي غربي أطلعه أحد المشاركين في الاجتماعات على المناقشات التي دارت فيها إن دبلوماسيين أمريكيين أبلغوا المالكي أن عليه القبول بتخليه عن منصبه إذا عجز عن جمع أغلبية في البرلمان لولاية ثالثة.
وقال حليف وثيق الصلة بالمالكي إن الأخير يشعر بمرارة تجاه الامريكيين في الأيام الاخيرة لامتناعهم عن منحه دعما عسكريا قويا في مواجهة تقدم المتشددين.
من جانبه اكد المالكي لكيري ان الهجوم الكاسح الذي يشنه مسلحون متطرفون في العراق يشكل خطرا على «السلم الاقليمي والعالمي».
وقال المالكي لكيري بحسب ما نقل عنه بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء ان «ما يتعرض له العراق حاليا يشكل خطرا ليس على العراق فحسب بل على السلم الاقليمي والعالمي»، داعيا «دول العالم سيما دول المنطقة الى اخذ ذلك على محمل الجد».
وبغداد المحطة الثالثة في جولة كيري في عواصم الشرق الأوسط للتأكيد على الخطر الذي يمثله المتشددون للمنطقة. كما حث حلفاء العراق على استغلال نفوذهم لاقناع بغداد بتوسيع نطاق الحكومة ودعا جيران العراق لتعزيز جهودهم لوقف تمويل المتشددين عبر الحدود.
وبالفعل تمكن المسلحون من السيطرة على معبري طريبيل والوليد الحدوديين في محافظة الأنبار غربي البلاد، وكانو قد سيطروا على معبر القائم على الحدود العراقية - السورية، وبذلك سيطروا على كل المعابر الحدودية للعراق مع سوريا والأردن.
كما سيطر المسلحون الأحد على بلدة الرطبة القريبة من الحدود الاردنية في محافظة الانبار، وهي رابع بلدة في المحافظة تسقط بأيدي المسلحين في اليومين الاخيرين، حيث سيطر المسلحون من قبل على بلدات رواة وعانة والقائم.
واسفرت هذه الانتصارات العسكرية عن توسيع نطاق الأراضي الخاضعة لسيطرة المسلحين بشكل كبير، وذلك بعد مرور أسبوعين فقط من استيلاء مسلحي تنظيم داعش على مدينة الموصل ثاني كبريات المدن العراقية.
وتفيد تقارير أن المسلحين سيطروا أيضا على مطار تلعفر الاستراتيجي. وتقرب هذه الانتصارات السريعة تنظيم داعش من تحقيق حلمه بانشاء دولة اسلامية في كل من وسوريا والعراق.
وسيمكن تحكم التنظيم في المعابر مع سوريا من سهولة تحرك عناصره إلى الاراضي السورية ومعهم العتاد الحديث الذي استولوا عليه من مخازن الجيش العراق مما سيدعم دعم صفوفه في قتال الحكومة السورية. وقال زعيم احدى العشائر السنية في مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار العراقية، إن المسلحين المناوئين للحكومة باتوا يسيطرون على تسعين في المئة من مناطق المحافظة، دون أن ترد تأكيدات مستقلة لهذا النبأ.
واوردت وكالة فرانس برس لاحقا نقلا عن مصادر طبية وامنية قولها إن المسلحين قتلوا 21 من قادة العشائر في مدينتي راوة وعانه بعد دخولها. وقالت المصادر إن بعضا من هؤلاء قتلوا يوم السبت عند دخول المسلحين الى المدينتين، فيما قتل البعض الآخر الاحد. ونفذت عمليات القتل في أعقاب انسحاب قوات الجيش العراقي من المدينتين مفسحين الطريق لاستيلاء المسلحين عليهما. وقال الجيش العراقي إنه قام بـ»انسحاب تكتيكي» من المدينتين من أجل اعادة الانتشار في مناطق أخرى. وبعد الاستيلاء على راوة وعانه، يبدو ان هدف المسلحين القادم هو بلدة حديثة الواقعة ايضا على الفرات، وسدها الحيوي. ومن شأن تدمير السد ان يؤدي الى فيضانات واسعة في المناطق التي تقع الى الجنوب منه والى اضرار في شبكة الطاقة الكهربائية في العراق.
الي ذلك سيطر المسلحون على قضاء تلعفر شمال العراق، بحسب ما افاد مسؤول محلي في هذا القضاء الاستراتيجي وشهود عيان امس.
وقال هؤلاء لوكالة فرانس برس ان المسلحين يفرضون سيطرتهم على تلعفر «380 كلم شمال بغداد» بعد انسحاب القوات الحكومية من مواقع كانت تتحصن فيها، وان معظم سكان القضاء غادروه.