بغداد – «وكالات»: شن الجيش العراق والميليشيات الشيعية هجوما امس لاستعادة مدينة تكريت من المسلحين الإسلاميين فيما انتخب النواب في بغداد رئيسا جديدا لمجلس النواب في خطوة قد تسهم في كسر الجمود السياسي المستمر منذ أشهر.
وقالت وزارة الدفاع إن قوات برية مدعومة بغطاء جوي بدأت هجومها في الفجر على مسلحين يقودهم تنظيم الدولة الإسلامية ويسيطرون على تكريت منذ منتصف يونيو.
وإذا استعاد الجيش والميليشيات الموالية له السيطرة على تكريت موطن المقبور صدام حسين فستكون أول مدينة في قبضة المسلحين تعود لسيطرة الحكومة منذ اندلاع الأزمة في العراق الشهر الماضي.
ووقع الهجوم بينما يجتمع البرلمان العراقي المنقسم بشدة للجلسة الثالثة بهدف تشكيل حكومة جديدة تتعامل مع الأزمة بعد ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية.
ويسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وهو شيعي إلى فترة ولاية ثالثة لكنه يواجه معارضة من السنة والأكراد الذين يقولون إنه يحكم لصالح الأغلبية الشيعية على حساب الأقليات. وحتى الأحزاب السياسية الشيعية المنافسة لا تريد المالكي.
ودعا رئيس مجلس النواب المؤقت مهدي الحافظ النواب إلى الادلاء بأصواتهم لاختيار رئيس للمجلس وهو المنصب الأول من ثلاثة مناصب قيادية بحاجة للبت فيها. واختار النواب السياسي السني سليم الجبوري لشغل منصب رئيس مجلس النواب.
والمنصبان الآخران هما منصب الرئيس ومنصب رئيس الوزراء لكن لم يتضح بعد ما إذا كان التصويت المزمع لاختيار رئيس البرلمان يأتي في إطار اتفاق أكبر لحل الأزمة.
وبات حل المأزق السياسي أكثر إلحاحا بسبب اجتياح المسلحين الإسلاميين السنة لمحافظات سنية في شمال العراق الشهر الماضي مما شجع خصوم المالكي على محاولة اجباره على الرحيل.
وساعدت مظالم السنة ضد المالكي المسلحين على كسب الدعم في المحافظات التي تقطنها أغلبية سنية إلى الشمال والغرب من بغداد حيث يبسط تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات المتشددة سيطرته.
وتراجعت القوات الحكومية عندما اجتاح مسلحون سنة الموصل في العاشر من يونيو حزيران وتحركوا جنوبا للسيطرة على تكريت بعد ذلك بيومين.
وتقع تكريت على بعد 160 كيلومترا إلى الشمال من بغداد وهي معقل للموالين لصدام وضباط سابقين بالجيش انضموا إلى الدولة الإسلامية.
وقال ضابط شارك في هجوم الامس إن مقاتلين متطوعين وقوات ميليشيات منها ميليشيا عصائب أهل الحق يقاتلون جنبا إلى جنب مع الجيش لكنهم يتلقون الأوامر من قادتهم.
وبدأ الهجوم من قرية العوجة على بعد نحو ثمانية كيلومترات إلى الجنوب من المدينة. واستعاد الجيش السيطرة على العوجة مسقط رأس صدام مساء الثالث من يوليو تموز ويحاول منذ ذلك الوقت التقدم شمالا.
وقال الضابط وجندي آخر إن القتال تركز يوم الثلاثاء في جميع أنحاء منطقة شيشين جنوبي تكريت وأضافا أن الجيش يتجه أيضا صوب مجمعات قصور صدام الرئاسية السابقة حيث يحتجز مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية الأسرى ويجرون محاكماتهم الإسلامية الخاصة.
ويقاتل الجنود أيضا لاستعادة السيطرة على مستشفى تكريت التي تقع على بقعة استراتيجية مرتفعة.
وعبر نهر دجلة إلى الشرق هبط مظليون من الجيش في البو عجيل حيث قال تلفزيون العراقية الرسمي إن بعض المسلحين فروا. وقال أحد ضباط الجيش المشاركين في القتال إنهم فوجئوا بأن المقاومة التي واجهوها كانت أقل شراسة مما كان متوقعا.
وعلي صعيد متصل اكدت وزارة الدفاع الاميركية «البنتاغون» الاثنين ان الفرق العسكرية الاميركية انهت تقييما للقوات الامنية العراقية وسط تقارير عن توصل الضباط الاميركيين لاستنتاجات قاتمة.
وتم نشر الفرق في بغداد في وقت سابق هذا الشهر بعد هجمات لمتطرفين سنة في مختلف انحاء العراق وسيطرتهم على مناطق واسعة كانت بيد القوات الحكومية.
وقال المتحدث العسكري الادميرال جون كيربي للصحافيين ان «التقييم الذي اجرته الفرق في العراق وصل الى البنتاغون».
وبحسب نيويورك تايمز يحذر التقرير من ان اي جنود اميركيين يعملون كمستشارين، يواجهون مخاطر امنية نظرا الى اختراق القوات العراقية من قبل متطرفين سنة وقوات مدعومة من ايران او ميليشيات.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين قولهم ان التقرير السري يذكر ان نصف وحدات الجيش العراقي فقط، مؤهلة لتلقي النصح من القوات الاميركية.
ورفض كيربي التعليق على تفاصيل التقرير لكنه اقر بالخطر الناجم عن «تهديدات داخلية» وبان الجيش تعلم دروسا من خبرته في افغانستان، حيث هوجمت قوات الحلف الاطلسي وقتل عناصر منها على يد عسكريين افغان.
وقال «عدم التفكير بالتهديد الداخلي سيكون تصرفا غير مسؤول وغير حكيم».
واستغرق اعداد التقرير اسبوعين ونظر في قوة وتماسك وقيادة الوحدات العراقية على مستوى الالوية، بحسب مسؤولين.
وقال كيربي ان وزير الدفاع تشاك هيغل والقادة العسكريين الكبار سيدرسون التقرير ثم يرفعون توصية بايفاد بعثات محتملة من المستشارين العسكريين الاميركيين.
غير انه في الوقت الحالي فان المستشارين الاميركيين البالغ عددهم نحو 220 الموجودين على الارض، يركزون فقط على تقييم قدرات الجيش العراقي وليس تقديم نصائح تكتيكية في معركة بغداد ضد المتطرفين السنة، بحسب كيربي.
وقال «العمل الاولي انجز، والتقييم الاضافي يستمر. لم ننتقل في هذه المرحلة الى القدرة على تقديم الاستشارة».
وتترك تعليقات كيربي المجال مفتوحا امام احتمال عدم اتخاذ البيت الابيض قرارا بارسال المزيد من المستشارين او مساعدة اضافية للقوات الحكومية العراقية.
ولم يستبعد الرئيس باراك اوباما تسديد ضربات جوية لكنه وكبار قادته العسكريين قالوا ان الازمة في العراق لا يمكن حلها الا من خلال تسوية مع قادة السنة والشيعة والاكراد.
وقال رئيس اركان الجيوش الاميركية المشتركة الجنرال مارتن دمبسي للاذاعة الوطنية العامة الشهر الماضي انه يمكن للضربات الجوية ان تحصر باستهداف كبار قياديي الميليشيات المتطرفة وضمان سلامة البنية التحتية، او «احباط هجمات» يقوم بها عدد كبير من المسلحين، لصد هجوم على بغداد على الارجح.
وقال دمبسي لمشرعين الاسبوع الماضي ان القوات العراقية عززت دفاعاتها في محيط بغداد لكنها ستكون بحاجة على الارجح لمساعدة خارجية من اجل استعادة الاراضي التي سيطر عليها مقاتلو «الدولة الاسلامية» السنة.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز ان الفرق توصلت في تقييمها بان القوات العراقية لديها القدرة للدفاع عن بغداد، لكن ليس بالضرورة عن كامل المدينة، خاصة اذا ما تعرضت لهجوم كبير.