بغداد – وكالات : وصل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس إلى العراق لزيارة العاصمة بغداد وعاصمة إقليم كردستان العراق أربيل لبحث تطورات الوضع وتسليم مساعدات إنسانية للنازحين، يأتي ذلك بينما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه إزاء الأوضاع الإنسانية والأمنية في العراق.
وقالت الخارجية الفرنسية إن الوزير غادر صباح الامس متوجها إلى بغداد حيث سيلتقي نظيره العراقي هوشيار زيباري قبل أن ينتقل إلى أربيل حيث سيلتقي فيها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، كما سيشرف منها على تسليم مساعدة إنسانية فرنسية إلى المدنيين النازحين الذين فروا أمام تقدم مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
وأضافت الخارجية في بيان أن الشحنات الفرنسية الأولى «ستلبي بسرعة الاحتياجات الأساسية للنازحين». وتابعت أنه «بينما فر مئات الآلاف من الأشخاص أمام تقدم الدولة الإسلامية، سيعبر الوزير عن تضامن فرنسا مع السكان الذين ضربتهم وحشية الإرهاب».
كما أكد المصدر ذاته أن «فرنسا تواصل تعبئتها من أجل سكان العراق بهذه الزيارة».
وقال فابيوس في بغداد إن العراق بحاجة الى حكومة شراكة وطنية لمواجهة مسلحي «الدولة الاسلامية.»
وقال فابيوس في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقي بالوكالة حسين الشهرستاني إن على العراقيين أن يشعروا أنهم ممثلون جميعا ليستطيعوا سوية محاربة الارهاب.
من جانب آخر، شن الطيران الحربي الأمريكي أربع غارات جديدة على مسلحي تنظيم «الدولة الاسلامية» من اجل الدفاع عن المدنيين شمالي العراق.
وأفادت مصادر محلية كردية نقلا عن شيروان بارزاني مسؤول محور الكوير العسكري بأن «قوات البيشمركة الكردية تمكنت من تحرير بلدة الكوير التي كان تنظيم الدولة الاسلامية قد سيطر عليها بعد انسحاب القوات الكردية منها الأسبوع الماضي».
وأضاف المصدر أن «اشتباكات دارت منذ فجر الاحد بين البيشمركة تساندها طائرات امريكية من جهة ومقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية من جهة أخرى انتهت بانسحاب المسلحين الإسلاميين من البلدة وسيطرة القوات الكردية عليها «.
وتعتبر الكوير من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان ويسكنها خليط من الكرد والعرب وتقع شرق الموصل (40 كم غرب إربيل) وتسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية بعد انسحاب الجيش العراقي منها في يونيو الماضي أمام تقدم مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.
وقالت القيادة الوسطى للجيش الأمريكي إن الطائرات الحربية والطائرات من دون طيار دمرت عربات عسكرية وشاحنة كانت تطلق النيران على المدنيين الايزيديين العالقين في منطقة جبل سنجار.
وفر آلاف من الأقلية الأيزيدية إلى الجبال في ظروف معيشية قاسية هربا من مسلحي «الدولة الاسلامية» بعد أن تمكن هؤلاء من السيطرة على بلدة سنجار منذ نحو أسبوع.
وقال وزير حقوق الانسان العراقي، محمد شياع السوداني، الاحد إن الحكومة العراقية حصلت على ادلة تثبت قيام مسلحي «الدولة الاسلامية» بإعدام 500 ايزيديا - منهم نسوة واطفال - ودفنت جثثهم في قبور جماعية في أعقاب استيلائهم على سنجار.
وأضاف السوداني قائلا «اختطف (عناصر تنظيم الدولة الإسلامية) نحو 300 امرأة يزيدية واتخذنهن سبايا».
ومضى وزير حقوق الإنسان للقول إن «بعض الضحايا بمن فيهم نساء وأطفال دفنوا أحياء في مقابر جماعية متفرقة في سنجار وفي محيطها».
ويعتبر مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية اليزيديين من «عبدة الشيطان».
من جانب آخر، قال الأمين العام المساعد لجمعية الهلال الأحمر العراقي محمد الخزاعي لبي بي سي إن 200 فتاة يحتجزهم تنظيم الدولة الإسلامية في مدارس في قضاء سنجار شمال العراق، وان 50 اخريات محتجزات في مركز للشرطة في خانصر في ناحية السنوني في سنجار ايضا.
ورجح الخزاعي أن يكون بين هؤلاء قاصرات.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن بلاده ستعمل على كسر الحصار المفروض على هذا الجبل بمساعدة حلفائها الأوروبيين، وكذلك بمشاركة القوات العراقية. ولكنه حذر من أن أي حملة عسكرية للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية ستستغرق شهورا عدة.
والهجمات الامريكية هي الموجة الثالثة في موجات الهجمات التي توجهها القوات الأمريكية الى «الدولة الاسلامية» منذ توجيه أوباما للجيش الامريكي بتنفيذ هذه الغارات.
وكانت الهجمات السابقة قد استهدفت قوات الدولة السلامية التي كانت تهدد الاكراد في مدينة أربيل.
وذكرت القيادة الوسطى للقوات الامريكية في بيان أن «طائرات أمريكية مقاتلة وطائرات يتم توجيهها عن بعد قامت بضرب إحدى حاملتي أفراد مدرعتين «للدولة الإسلامية» كانت تطلق النار على المدنيين الايزيديين قرب سنجار ودمرت المركبة».
وتمثل الضربات الامريكية اول تدخل امريكي مباشر في العمليات العسكرية في العراق منذ الانسحاب الامريكي من هناك عام 2011.
وجاءت هذه التحركات في وقت يسعى فيه مقاتلو تنظيم الدولة للتوسع أكثر، حيث امتدت المعارك وبات التنظيم يهدد إقليم كردستان -الذي يتمتع بحكم ذاتي- ما دفع الإدارة الأميركية لتوجيه ضربات جوية إلى مواقع تابعة للتنظيم في شمال العراق «لحماية المدنيين المهددين في هذه المناطق».
وأدى تقدم تنظيم الدولة حتى مشارف إقليم كردستان العراق إلى فرار عشرات آلاف المدنيين من المسيحيين والأيزيديين.
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف السياسية العراقية إلى الالتزام بالجدول الزمني المحدد دستوريا لاختيار رئيس الوزراء، وطالبها بالتحلي بالعقل والحكمة لتشكيل حكومة مقبولة لدى جميع المكونات.
وأعرب بان في بيان له عن قلقه إزاء الأوضاع الإنسانية والأمنية بالعراق، وعبر عن أمله في أن يكون المجتمع العراقي قادرا على مواجهة تهديد تنظيم الدولة الإسلامية.
يُشار إلى أن مجلس الأمن الدولي بحث مشروع قرار للتصدي لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، وذلك من خلال إضعافهما ماليا ومنع تدفق المقاتلين الأجانب، والتهديد بفرض عقوبات على الذين يشاركون في تجنيد مقاتلين وتقديم المساعدة لهما.
من جانبه قال رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، إن قوات البيشمركة الكردية تواجه فعليا «دولة» مدججة بالأسلحة، في حين قررت السلطات العراقية منح المتطوعين الذين هم بغالبيتهم من العناصر الشيعية، كافة امتيازات متطوعي وزارة الدفاع. وقال البرزاني، خلال لقاء جمعه بالرئيس العراقي الجديد، فؤاد معصوم لبحث الأوضاع الأمنية والسياسية في إقليم كردستان وتهديدات تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» إن التنظيم «يمثل خطراً عاماً على كردستان والعراق والمنطقة والعالم».
ونقل بيان صدر بعد اللقاء عن بارزاني قوله «نحن لا نواجه تنظيماً ارهابياً، بل إننا نحارب دولة إرهابية مسلحة ليس لديها أي مبادئ للتسامح الإنساني».
وفي بغداد، نقل التلفزيون العراقي عن مصدر أمني رفيع إعلانه عن زج متطوعي ما يعرف بـ»الحشد الشعبي» من الشباب الراغبين بالتطوع في الأجهزة الامنية بالمنظومة العسكرية التابعة لوزارة الدفاع ومنحهم جميع الحقوق والامتيازات الممنوحة للمتطوعين ضمن القوات المسلحة في صنوفها المختلفة. وقال المصدر إن وزارة الدفاع «زجت ضمن صفوفها آلاف المتطوعين من شباب الحشد الشعبي الراغبين بالتطوع ممن تنطبق عليهم الشروط» واكد المصدر ان وزارة الدفاع «سخرت جميع الإمكانات التي من شأنها تأهيل هؤلاء الشباب لمقارعة الارهاب وتدريبهم على أحدث التقنيات» منوها بأن اعداد المنخرطين تجاوزت عشرات الآلاف.
وكانت السلطات العراقية قد دعت الراغبين إلى التطوع في صفوفها من أجل قتال «داعش» بعدما فرض التنظيم سيطرته على أرجاء واسعة من شمال وغرب العراق، وانضمت أعداد كبيرة من عناصر التنظيمات الشيعية المسلحة، وفي مقدمتها «كتائب حزب الله» و»عصائب أهل الحق» و»جيش المهدي» إلى صفوف تلك القوات.