عواصم – «وكالات» : قالت مصادر أمنية ومسؤول محلي إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يحتشدون قرب بلدة قرة تبة العراقية الواقعة على بعد 122 كيلومترا إلى الشمال من بغداد في محاولة فيما يبدو لتوسيع جبهة القتال مع قوات البشمركة الكردية.
وحقق المقاتلون السنة نجاحا كبيرا وتوغلوا شمالا حتى موقع قريب من أربيل عاصمة إقليم كردستان شبه المستقل.
ويشير التحرك حول قرة تبة إلى أن مقاتلي الدولة الإسلامية اكتسبوا مزيدا من الثقة ويسعون للسيطرة على المزيد من الأراضي القريبة من العاصمة بعد أن أعيق تقدمهم في تلك المنطقة.
وقال أحد المصادر الأمنية «تحشد الدولة الإسلامية مقاتليها بالقرب من قرة تبة ويبدو أنهم سيوسعون جبهة قتالهم مع المقاتلين الأكراد.»
وتستخدم الدولة الإسلامية أنفاقا حفرها نظام المقبور صدام حسين في التسعينيات من القرن الماضي لنقل المقاتلين والأسلحة والمؤن سرا من معاقل التنظيم في غرب العراق إلى بلدات تقع إلى الجنوب من بغداد.
وهدد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يضم مقاتلين عراقيين وعربا وأجانب بالزحف إلى بغداد في اطار سعيه لإعادة رسم خريطة الشرق الاوسط وفرض نهجه المتشدد للدين الإسلامي.
من جانبه قال محافظ الانبار العراقية التي تعيش فيها غالبية سنية امس إنه طلب مساعدة الولايات المتحدة للتصدي لمتشددي تنظيم الدولة الإسلامية لأن معارضي التنظيم قد لا يقدرون على حرب طويلة.
وقال أحمد خلف الدليمي لرويترز إن مطالبه التي نقلها خلال عدد من الاجتماعات مع الأمريكيين تضمنت دعما جويا ضد المتشددين الذين يسيطرون على جزء كبير من الانبار وشمال البلاد.
وعلي الارض ،انقلب عراقيون من اهالي سنجار ليقفوا الى جانب الجهاديين في تنظيم «الدولة الاسلامية» الذي سيطروا على بلدتهم ضد الاقلية الايزيدية التي طالما عاشوا مع افرادها على مدى سنوات طويلة.
واجتاح تنظيم «الدولة الاسلامية» مطلع الشهر الحالي بلدة سنجار شمال غرب العراق، معقل الاقلية الايزيدية الامر الذي ارغم عشرات الاف الى النزوح وبات عدد كبير منهم اليوم عالقين في منطقة جبلية مهددين بالموت عطشا وجوعا.
وقال صباح حجي حسن (68 عاما) وهو من الايزيديين الذين ارغموا على الفرار الى اقليم كردستان الشمالي، ان «الجهاديين من الافغان والبوسنيين والعرب وبينهم حتى اميركيون وبريطانيون، لكن المأساة الكبرى هي تلك التي دبرها الذين كانوا يعيشون معنا، جيراننا المسلمون».
واضاف هذا الرجل المسن الذين ابيضت لحيته بالكامل ان «عشائر المتويت وخاتوني والكجيلا كانوا جيراننا لكنهم التحقوا بتنظيم الدولة الاسلامية الذي سلمهم اسلحة، واخبروهم من هم الايزيدي من غيره».
ولم تنج اي طائفة في العراق من الهجمات الشرسة التي نفذها مسلحو التنظيم منذ التاسع من يونيو الماضي في مناطق متفرقة شمال البلاد وبات الجميع بين التهديد بالموت او الولاء والسير خلف الجهاديين.
لكن ارفاد الطائفة الايزيدية التي تعود الى اربعة الاف عام، تعرضوا لهجمات متكررة من قبل الجهاديين في السابق بسبب ديانتهم الفريدة من نوعها وباتوا مهددين ب»الابادة الجماعية»، وفقا لمصادر في الامم المتحدة.
وقال محمود حيدر (24 عاما) احد الذين تمكنوا من الهرب من سنجار ان «مسلحي الدولة الاسلامية خيروا العشائر السنية بالتعاون معهم او القتل».
واضاف الشاب الذي تحدث بعصبية وهو يدخن سيجارة ان «جميع العراقيين يعرفون كيفية استخدام السلاح ولا يحتاجون لتدريب وقدم لهم تنظيم الدولة الاسلامية السلاح والعجلات المصفحة ورشاشات ايه كي47 التي استولى عليها من الجيش العراقي».
وبات الان، احد اصدقاء طفولته كان عضوا سابقا في قوات الامن لاجئا في احدى المخيمات التي اقامتها السلطات الكردية لاستقبال النازحين.
ووصف حيدر الامر ب»الصدمة بالنسبة لي. لقد تعرض لغسل دماغ من قبل الدولة الاسلامية وكشف لهم عن الايزيديين». وتابع «لو عثروا لاعدمت في المكان».
ولم يتوقف اغلب النازحين عن الحديث عن قصص الرعب التي عاشوها لدى وصول الجهاديين الى قراهم وكيف طاردوا الايزيديين وقتلوا الرجال وخطفوا النساء.
ويروي حميد كوردو قائلا «لقد اخذوا جميع النساء من عائلتي حتى الاطفال».
بدوره، يستذكر خديدا حسين (46 عاما) قائلا «الجثث كانت في كل مكان في قريتنا».واضاف الرجل الذي منحوه 72 ساعة لاتخاذ موقف نهائي، قائلا «يقولون للناس اما تنضمون الى الاسلام او تموتون».
من جانبه روى سيباشي خضر (18 عاما) صاحب الشعر المجعد الذي لجأ الى المخيم ذاته، وهو يروي قصة اختفاء والده وشقيقه واثنين من اعمامه «حملوا الاسلحة وقرروا مقاتلة الجهاديين حتى اخر رصاصة، كانوا يعلمون انهم سيخسرون لكن ارادوا ان يحاولون منح الاخرين وقتا للهرب».
وتابع «حاولت مناداتهم (لكن) شخصا اخر كان يرد بدلا منهم واكد انهم سقطوا بيد جهاديي الدولة الاسلامية»، مشيرا الى انه «الان هاتفهم النقال يرن لكن لا احد يرد».
وبالنسبة لعشرات الالاف من الايزيديين فان الهجمة الشرسة التي تعرضوا لها على يد تنظيم الدولة الاسلامية، تمثل نهاية لوجودهم في المجتمع العراقي.
ويقول خديدا بكر (35 عاما) لقد «قطعوا ايدي الشيوخ بالسكاكين وخطفوا النساء وبينهن اثنتان من بناتنا (...) يفعلون كل شيء ليمسحوا قوميتنا من العراق».
وتابع «يقولون انتم ملحدون، لكن انظروا ماذا يفعلون، انهم هم الملحدون».
من جانبها أكدت وزارة الدفاع الأميركية أن عدد الإيزيديين المحتمين بجبل سنجار شمالي العراق أقل بكثر مما كان متوقعا واستبعدت إخلاءهم, مما يهون من تصريحات غربية وأممية عن «إبادة جماعية» محتملة لعشرات آلاف النازحين من مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في قضاء سنجار بمحافظة نينوى.
وقال متحدث باسم الوزارة إن بعثة تضم نحو عشرين عسكريا أميركيا خلصت في ختام مهمة استطلاعية بجبل سنجار إلى أن أعداد الإيزيديين أقل بكثير مما كان يخشى, كما أن وضعهم أفضل بكثير مما كان يعتقد حيث يحصلون على الغذاء والمياه التي تلقيها طائرات أميركية وغربية فوق الجبل بالمظلات.
وأضاف أن آلافا من أفراد هذه الطائفة تمكنوا من مغادرة الجبل ليلا, وقال إن ذلك تحقق بفضل المساعدات والغارات التي تشنها طائرات أميركية منذ أسبوع على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية.
ووفقا للمتحدث نفسه, فإن احتمال تنفيذ عملية لإخلاء الإيزيديين المتبقين في جبل سنجار بات أقل بكثير مما كان عليه.
ووصل العسكريون الأميركيون الذين نفذوا عملية الاستطلاع في جبل سنجار إلى المنطقة صباح أمس الاول, وقالت وزارة الدفاع الأميركية إنهم عادوا إلى إقليم كردستان العراق دون أن يقوموا بأي عمل قتالي.
وفي تصريحات له أمس الاول, أثار بن رودس -نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي- احتمال إقامة ممرات إنسانية وتنفيذ عمليات إجلاء جوية للإيزيديين بجبل سنجار, لكنه تراجع لاحقا عن تصريحاته.
وقال مراسلون إن وضع الإيزيديين الآن أفضل, مضيفا أن سيارات قادمة من سوريا وكردستان العراق نقلت آلافا من النازحين في جبل سنجار.
وأضافوا أن بعض النازحين يرفضون مغادرة الجبل -الذي يقارب طوله سبعين كيلومترا- مشيرين إلى أن عددا من بقي في الجبل يمثل ما بين خمسة وعشرة في المائة من العدد الأصلي.
ولم يظهر بعدُ دليل على أن الإيزيديين قد تعرضوا لإبادة منذ سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على معاقلهم في محافظة نينيوى, وفي مقدمتها بلدة سنجار.
وفي المقابل روى إيزيديون فروا من مناطقهم أن مقاتلي تنظيم الدولة قتلوا بعض رجال الطائفة واعتقلوا عددا من نسائها, خاصة في سنجار وبعض القرى القريبة منها.
وأشار الشهود في الأثناء إلى أن بعض الإيزيديين قاتلوا عناصر التنظيم أثناء استيلائه على عدد من البلدات التي يسكنها إيزيديون بنينوى, وبينها سنجار وزُمّار وبعشيقة.