
عواصم – «وكالات» : تعتزم روسيا استضافة ممثلين عن النظام والمعارضة في سوريا على امل استئناف المحادثات من اجل وضع حد للنزاع المستمر منذ اربع سنوات تقريبا في البلاد ولو ان الامل ضئيل في تحقيق اختراق.
وسيشارك في اللقاء المقرر بين 26 و29 يناير عناصر من المعارضة الداخلية التي لا يعترض عليها النظام السوري وممثلين عن نظام بشار الاسد لكن في غياب اي من عناصر الائتلاف الوطني في المنفى.
وتامل موسكو بتحسين صورتها كوسيط دبلوماسي مع انها لا تزال في مواجهة مع الغرب حول النزاع في اوكرانيا.
واعرب وزير الخارجية سيرغي لافروف عن امل في ان يساعد اللقاء مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا على تنظيم مؤتمر جديد للتفاوض حول انهاء النزاع الذي اوقع اكثر من مئتي الف قتيل.
وفشلت اللقاءات السابقة في جنيف في تحقيق اي نجاح.
وتاتي هذه المبادرة من الحليف الاقوى للنظام السوري وسط اشارات بان واشنطن ربما ستعيد النظر في استراتيجيتها بحيث تعطي الاولوية لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يزداد نشاطه داخل الاراضي السورية، بدلا من رحيل الاسد.
ويقول محللون انه من المستبعد ان تحقق هذه المحادثات نجاحا، لكن البعض ذهب الى القول بان انعقادها سيشكل نجاحا بحد ذاته في حال حصل، مشيرين الى الخلافات بين افراد المعارضة السورية.
الا ان المحللين اشاروا الى ان روسيا ستستغل اللقاء لتظهر للغرب انها قادرة على التعامل مع النظام السوري ودعمه.
وقال بوريس دولغوف الباحث في مركز الدراسات العربية والاسلامية في معهد الدراسات الشرقية "اذا تم التوصل الى اتفاق خلال اللقاء وهو ما نامل به فهذا سيعزز من شرعية بشار الاسد كرئيس لسوريا".
وكان لافروف اشار هذا الاسبوع الى الجهود التي تبذلها الحكومة السورية من اجل تدمير مخزونها من الاسلحة الكيميائية وهو من شانه ان يدحض الاتهامات بان دمشق ليس شريكا يمكن الاعتماد عليه.
وقال لافروف "مثل هذه الحجج لم تعد صالحة".
واشاد لافروف ايضا بالرئيس الاميركي باراك اوباما في ما اعتبره ادراك اميركي متزايد بان مقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية هم من يشكل التهديد الاخطر وليس نظام الاسد.
وقال انه لمس تغيرا في موقف واشنطن من الازمة في سوريا وذلك في اشارة الى خطاب اوباما حول حالة الاتحاد والذي طلب فيه من اعضاء الكونغرس اعطائه السلطات اضافية لمحاربة التنظيم الجهادي.
واعتبر لافروف انه "امر جيد ان هذا الفهم للامور في ازدياد".
وكان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اشار الى ان القضاء على التنظيم يشكل "التحدي الحالي"، وذلك في اعقاب الاعتداءات التي اوقعت 17 قتيلا في باريس هذا الشهر.
وسترى موسكو اي تغيير ممكن في سياسة واشنطن ازاء سوريا بمثابة تاكيد على رايها بان الجهاديين هم الخطر الاساسي على الامن الاقليمي للمنطقة.
وقال فلاديمير ايسايف الاستاذ في معهد الدراسات الاسيوية والافريقية في جامعة موسكو لوكالة فرانس برس "لقد بداوا يدركون في الولايات المتحدة مدى صحة القول +عدو عدوي هو صديقي+".
واضاف ان الاسد وبالمقارنة مع التنظيم الجهادي ليس من الصعب التكهن بمواقفه.
ورحبت واشنطن بالمحادثات التي ستستضيفها موسكو لكنها اعتبرت ان قرار المشاركة يعود الى المعارضة.
وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية جنيفر بساكي "لقد اعربنا بالطبع عن دعمنا لحضورهم الاجتماعات".
الا ان الائتلاف الوطني في المنفى واحمد معاذ الخطيب احد ابرز وجوه المعارضة السورية اعلنوا عدم مشاركتهم في اللقاءات.
وقال مصدر في الائتلاف "اي محادثات يجب ان تتم في دولة محايدة وباشراف الامم المتحدة".
وفي سوريا، افاد مصدر من الحكومة ان السلطات لا تعلق امالا كبيرة على اللقاءات في موسكو، لكنها تامل مع ذلك لن يتفق المشاركون على خارطة طريق "لمحاربة الارهاب"، ضمن مسائل اخرى.
واضاف المصدر "يجب البدء ببطء خطوة خطوة وعدم الاتفاق على خطة شاملة سيكون من المستحيل تطبيقها في هذه المرحلة".
واشار فيتالي نومكين مدير معهد الدراسات الشرقية الى ان موسكو وجهت نحو عشر دعوات للحضور. وقال امام صحافيين "المبدأ الصارم هو ان المحادثات تتم دون شروط مسبقة". الا ان المحللين لا يتوقعون حصول اختراق.
وقال محلل من معهد كارنغي في موسكو "دون حضور الائتلاف الوطني المحادثات لا معنى فعليا لها".
وعلى صعيد منفصل افاد تقرير للامم المتحدة الجمعة ان 54 قافلة مساعدات انسانية دخلت سوريا انطلاقا من تركيا والاردن لتصل الى نحو 600 الف شخص في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وحصلت وكالة فرانس برس على نسخة من التقرير الشهري حول الاوضاع الانسانية في سوريا الذي سيناقشه مجلس الامن الدولي الاربعاء.
وجاء في التقرير ان "الوصول الى المعدات والتجهيزات الطبية لا يزال محدودا بسبب انعدام الامن والقيود التي يفرضها اطراف النزاع على العمليات الانسانية".
وكان المجلس وافق في يوليو 2014 على عبور قوافل المساعدات الحدود من دون الحصول على تصريح من دمشق. وتم تمديد القرار مدة عام حتى كانون الثاني/يناير 2016.
وحدد مجلس الامن نقاط العبور انطلاقا من تركيا والاردن والعراق للوصول الى نحو مليوني شخص بحاجة للمساعدة، بحسب تقديرات الامم المتحدة. وباقي المساعدات ينتقل من داخل سوريا وتحت اشراف دمشق مما يفرض قيودا بيروقراطية على عمليات التسليم بحب الامم المتحدة.
واوقع النزاع المستمر منذ اربع سنوات في سوريا اكثر من مئتي الف قتيل وادى الى نزوح قرابة نصف سكان سوريا البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
وحتى 13 الشهر الحالي، تمكنت الامم المتحدة من ادخال 54 قافلة مساعدات «40 من تركيا و 14 من الاردن» محملة اغذية ل596 الف شخص ومياها ومستلزمات صحية ل280 الف شخص وادوية ل262 الفا اخرين.
في المقابل، كان متعذرا العبور من العراق لاسباب امنية.
وافاد التقرير "بينما يعاني السوريون الذين بات نصفهم تقريبا من النازحين من شتاء صعب اخر، اذكر مجلس الامن بان تمويل وكالات الامم المتحدة وشركائها ليس كافيا للحاجات".
وتابع ان "الوضع الانساني في سوريا استمر في التدهور".
وفي الاجمال، هناك 12,2 مليون سوري بحاجة للمساعدة كما فر 3,8 ملايين طلبا للجوء في لبنان والاردن وتركيا في حين نزح 7,6 ملايين نسمة داخل البلاد.
وافاد التقرير ان عشرات الاف المدنيين باتوا عالقين في مناطق يصعب الوصول اليها، 185 الفا منهم تحاصرهم القوات النظامية و26 الفا المعارضة المسلحة.