
قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن انطلاق حركة الملاحة بقناة السويس يتخطى الأهداف السياسية والاقتصادية ليحقق لشعب مصر الكرامة والاستقرار، وأعلن الرئيس في كلمته عن أن تنمية منطقة القناة تستهدف إنشاء منطقة إقتصادية عالمية، تشمل عددا من الموانىء والمدن الجديدة والمراكز اللوجستية والتجارية، والتى تحقق زيادة لمعدلات التبادل التجارى بين مصــــر وجميــع دول العالم.
وأعرب الرئيس عن طموح مصر إلى مشاركة أصدقائها فى كافة ربوع العالم فى حلمنا الطموح ببناء مصر المستقبل، حيث تنطلق فى مصر حزمة من المشروعات تستهدف إنشاء شبكة قومية للطرق العملاقة، وتنمية زراعية تطمح لاِستصلاح مليون فدان، وإنشاء عدد من المدن الجديـــدة لتســـتوعب الزيـــــادة الســكانيـــة بالإضافة إلى البدء في تدشين عدد من الموانئ، والتوسع والتنمية الصناعية من خلال تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وأكد الرئيس أن الدولة المصرية تجدد عزمها على المضى قدما على خطى الإصلاح السياسى والإجتماعى لتحقيق أهداف وطموحات أبنائها فى العدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانيـــة.
وقال الرئيس لقد قام الشعب المصري بإنجاز مشروع القناة الجديدة في ظروف صعبة على الصعيدين الاقتصادي والأمني، حيث كانت قوى الإرهاب والتطرف تحارب مصر والمصريين.. إلا أننا استطعنا بفضل الله عز وجل ثم بجهد المصريين التغلب على تلك الظروف وتحقيق الحلم.
مضيفاً: إن عظمة القناة الجديدة لا تكمن فقط في كونها إنجازاً هندسياً هائلاً .. ولكنها أيضا منحت المصريين الثقة وأكدت للعالم أجمع قدرتهم على العمل والإنجاز .. فالقناة الجديدة خطوة واحدة على طريق طويل بدأه المصريون لتحقيق آمالهم وطموحاتهم.
وأشار إن سر عظمة المصريين وقوتهم يكمن في وحدتهم ككتلة واحدة ووقوفهم صفا واحدا ويدا واحدة .. وها نحن نرى فضيلة الامام الأكبر وقداسة البابا معاً ليعبرا دائما عن وحدة الشعب المصري .
وأشار إلى: إن إنطلاق حركة الملاحة البحرية فى قناة السويس الجديدة .. وإنجازها بهذه المعدلات غير المسبوقة .. يتخطى تحقيق أهداف إقتصادية أو سياسية .. ليبرز لنا هدفا إنسانيا تنشده مصر المستقبل .. يحقق لشعبها الكرامة والعدالة والإستقرار .. فى ظل دولة ديمقراطية مدنية حديثة .. مــن خــلال إستدعــاء القــدرات المصرية على البناء بخطوات متسارعة فــى شتــى المجــالات.
مضيفاً: إن مرحلة البناء الراهنة تتطلب تهيئة المناخ المناسب للعمل والاستثمار .. ولقد كان رجال القوات المسلحة والشرطة المدنية فى طليعة الصفوف المصرية .. التى تسعى بدأب وإخلاص فى مواجهة إرهاب أعمى .. فقد صوابه .. وراح يضمر الشر والسوء لمصر وشعبها .. وأراد أن يفرض على المصريين أفكاره المتخلفة عن ركب الحضارة .. فكانت إرادتهم وقدرتهم على هزيمته ودحره أقوى من حقده وعنفه.
وبدأت مراسم الاحتفال وسط اجراءات امنية كبيرة في الاسماعيلية (شمال شرق)، في وقت هدد الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية باعدام رهينة كرواتي اختطف غرب القاهرة لخطف الاضواء من حفل الافتتاح.
وحلقت طائرات عسكرية مقاتلة من انواع مختلفة فوق مجرى القناة في عرض جوي كبير فيما دخل السيسي في ملابسه العسكرية مجرى القناة على ظهر يخت» المحروسة»، المملوك سابقا للعائلة المالكة في مصر، وتبعته قطع بحرية عسكرية منها الفرقاطة فريم التي اشترتها مصر مؤخرا من فرنسا.
ودعي صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ضيف شرف على الحفل إلى جانب أمير الكويت.
وقناة السويس التي افتتحت عام 1869 بعد اشغال استمرت عشر سنوات تربط بين البحرين الاحمر والمتوسط وهي من طرق الملاحة الرئيسية للتجارة العالمية ولا سيما لنقل النفط، ومصدرا مهما للعملات الاجنبية بالنسبة للسلطات الساعية الى تحريك عجلة الاقتصاد الذي تدهور منذ ثورة 2011 التي اطاحت حسني مبارك.
ومشروع تطوير قناة السويس هو من المشاريع الكبرى للسيسي القائد السابق للجيش الذي عزل الرئيس الاسلامي محمد مرسي عام 2013 قبل ان ينتخب رئيسا بعد عام.
والهدف من تشغيل المجرى الجديد البالغ طوله 72 كلم هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة وتتوقع هيئة قناة السويس ان يكون بوسع حوالى 97 سفينة عبور القناة يوميا بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حاليا.
وستسمح القناة الجديدة بسير السفن في الاتجاهين ما سيقلص الفترة الزمنية لعبور السفن من 18 الى 11 ساعة.
وسيؤدي افتتاح القناة الجديدة الى زيادة ايرادات القناة السنوية من 5,3 مليارات دولار (حوالى 4,7 مليار يورو) متوقعة للعام 2015 الى 13,2 مليار دولار (11,7 مليار يورو) عام 2023.
وطغت الاجواء الاحتفالية على حفل افتتاح القناة الجديدة في كل من العاصمة القاهرة ومدينة الاسماعيلية التي انتشرت على مداخلها لافتات تقول «قناة السويس الجديدة.. هدية مصر للعالم» و اخرى تشيد ب»معجزة المصريين» مصحوبة بصور للسيسي بعضها في ملابسه العسكرية.
وشاركت في العرض الجوي طائرات الرافال الثلاث وطائرات الاف-16 الثماني التي تسلمتها مصر مؤخرا من فرنسا والولايات المتحدة.
وانتشرت قوات وسيارات من الجيش والشرطة في الطريق الرئيسي الرابط بين العاصمة والاسماعيلية، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس في موقع الاحتفال.
ونشرت مصر عشرة الاف شرطي عبر البلاد في وقت يواجه هذا البلد حملة غير مسبوقة من الهجمات الجهادية.
وقد هدد الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية الاربعاء باعدام كرواتي يعمل لحساب مجموعة فرنسية وخطف في 22 يوليو في القاهرة، مؤكدا انه سينفذ تهديده في غضون 48 ساعة اذا لم تطلق الحكومة المصرية سراح «مسلمات» معتقلات.
وكان السيسي افتتح في الخامس من اغسطس 2014 اعمال حفر الفرع الجديد لقناة السويس وطلب انذاك ان تنتهي الاعمال خلال عام واحد.
وطرح بنك مصر المركزي اكتتابا عاما للمصريين لتمويل اعمال انشاء الفرع الجديد للقناة جمع خلاله قرابة تسعة مليارات دولار.
وتضمن المشروع حفر قناة جديدة طولها 37 كلم وتعميق وتوسيع القناة الاساسية على طول 35 كلم.
وقناة السويس هي من الممرات التي تشهد اكبر حجم من الملاحة في العالم وفي 2007 شكلت حركة الملاحة عبرها 7,5% من حركة الملاحة التجارية العالمية بحسب مجلس الملاحة العالمي.
ويجري تدشين المجرى الجديد في وقت تسعى مصر لترسيخ مكانتها كلاعب لا يمكن تجاوزه على الساحة الاقليمية، فيما خفض حلفاؤها الغربيون نبرة انتقاداتهم بشأن حملة القمع التي تستهدف جميع مكونات المعارضة.
واسفرت حملة القمع منذ اطاحة مرسي عن سقوط اكثر من 1400 قتيل معظمهم من المتظاهرين الاسلاميين وادت الى توقيف عشرات الاف وقد حكم بالاعدام على المئات في محاكمات جماعية نددت بها الامم المتحدة.
وقال عمر عدلي الخبير في مركز كارنيغي للشرق الاوسط «ان النظام الجديد يخوض معركة سياسية من اجل ترسيخ شرعيته داخل البلاد انما كذلك خارجها».
ومشروع «قناة السويس الجديدة» جزء من خطة اقتصادية طموحة لتطوير منطقة قناة السويس لتجعل منها مركزا لوجيستيا وصناعيا وتجاريا من خلال بناء عدة موانئ تقدم خدمات للاساطيل التجارية التي تعبر القناة.
ومن المتوقع ان يوفر هذا المشروع اكثر من مليون وظيفة خلال السنوات ال15 المقبلة.
وقال رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش «هناك تدفق من المستثمرين الراغبين في الاستثمار» في هذا المشروع.