
عواصم - «وكالات» : قصف النظام السوري حي بستان القصر في حلب بالبراميل المتفجرة، ما تسبب في مقتل وإصابة العشرات، في الوقت الذي دخلت فيه هدنة «نظام الصمت» حيز التنفيذ في دمشق واللاذقية.
فثمانية أيام ومشاهد الرعب تأتي من حلب.. ثمانية أيام قُتل خلالها 200 مدني في أحياء بستان القصر وباب النيرب والفردوس والمرجة وطريق الباب.
حصيلة يوم الجمعة الدامي 37 قتيلاً تحت أنقاض منازلهم إلى جانب أكثر من 200 جريح، وهي الجمعة التي ستذكر في تاريخ المدينة بعد إعلان مركزها الشرعي إلغاء صلاة الجمعة في كل مساجد حلب للمرة الأولى منذ دخلها الإسلام قبل 1400 سنة نظراً لما تتعرض له المدينة من غارات جوية.
غارات لم تستهدف مركزاً عسكرياً واحداً، كما توثق المشاهد التي أتت من هناك، بينما أهداف نظام الأسد هي الأحياء السكنية والمستشفيات كالمركز الصحي في حي المرجة الذي يديره «اتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبية» بكندا، وتعرض للتدمير الجمعة بشكل كامل. الجمعية أصدرت بياناً رسمياً تقول فيه إنها أفرغت المستشفى الأربعاء من الجرحى والطاقم الطبي بعد تعرضه لدمار جزئي لتعود طائرات النظام مرة جديدة وتجهز عليه.
مناطق سيطرة النظام في حلب الغربية تعرضت كذلك لقصف بمدافع الهاون، يقول النظام إن مصدره مناطق سيطرة الثوار، وهو قصف لا يمكن مقارنته بصواريخ النظام الجوية وبراميله التي تحصد في كل مرة حياة العشرات وتخلف دماراً هائلاً.
من جانب اخر دخلت هدنة «نظام الصمت» حيز التنفيذ في دمشق واللاذقية، فيما بحث وزيرا الخارجية الروسي والأميركي هاتفيا فرص وقف الأعمال القتالية في حلب والتوصل لاتفاق تهدئة يمهد الطريق لعملية سياسية.
هدنة محددة بساعات توافقت عليها روسيا وواشنطن، لكنها لا تشمل حلب المنكوبة بالقصف المتواصل والغارقة في مواجهات دامية منذ أيام.
يأتي ذلك في وقت أكدت فيه المعارضة السورية أن الهدنة لم تعد قائمة، وأن الوقت غير ملائم للحديث عن عملية سياسية.
اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي أُطلق عليه «نظام الصمت» ترعاه وتضمنه موسكو وواشنطن، يدخل حيز التنفيذ ليل السبت، ويشمل مناطق الغوطة الشرقية لدمشق لمدة 24 ساعة، ومناطق ريف اللاذقية الشمالي لمدة 72 ساعة.
حلب التي لم يشملها الاتفاق تباحث حول وضعها هاتفياً وزيرا خارجية البلدين، الولايات المتحدة وروسيا، حيث تسعى واشنطن لإقناع موسكو بالعودة إلى التهدئة ووقف إطلاق النار في المدينة، وهو ما ترفضه روسيا ونظام الأسد بدعوى أن حلب يسيطر عليها إرهابيون.
نظام الصمت الذي تم التوافق عليه ينص على:
- وقف تام للعمليات العسكرية
- استخدام أي نوع من الأسلحة
- وقف أي محاولة من الطرفين لانتزاع أراض من الطرف الآخر
قواعد تهدف لتوفير ظروف مناسبة لجهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا لإحياء العملية السياسية في جنيف.
غير أن العودة إلى جنيف مرتبطة بإقناع المعارضة بحدوث تغيرات حقيقية على الأرض لجهة وقف الأعمال القتالية وإدخال المساعدات.
هذا الموقف كرره رياض حجاب، منسق الهيئة العليا للمفاوضات خلال اتصال مع وزير الخارجية الأميركي أكد فيه أن الهدنة لم يعد لها وجود فعلي على الأرض، وأن المجازر التي يرتكبها النظام تجعل الوضع غير مناسب للحديث عن عملية سياسية.
من ناحية أخرى علقت الأمم المتحدة على مجازر النظام السوري في حلب بوصفها استخفافا شنيعا بحياة المدنيين، حيث خلفت 9 أيام من القصف المتواصل، مخلفة أكثر من 250 قتيلاً بحسب المرصد السوري.
وتواصل أمس سقوط البراميل المتفجرة على العديد من الأحياء الحلبية، إذ أشار المرصد إلى وقوع 20 غارة، فيما دخل اتفاق أميركي روسي للتهدئة حيّز التنفيذ ليل الجمعة السبت على جبهتي دمشق واللاذقية معقلي رئيس النظام بشار الأسد.
ولم يذكر المرصد على الفور هل كان سلاح الجو السوري أم سلاح الجو الروسي هو الذي شن الغارات.
من ناحية أخرى أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات التزامها بالتعاون مع الجهود الدولية للدفع بالعملية السياسية إلى الأمام، ورفع المعاناة عن الشعب السوري، إلا أنها لا ترى إمكانية نجاح العملية السياسية في ظل تدهور الوضع الإنساني والأمني، وفي ظل التصعيد الخطير والانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها النظام وحلفاؤه في سوريا.
جاء ذلك في بيان أصدرته الهيئة اعتبرت فيه أن «نظام الأسد يعمل على إفشال الحل السياسي والعملية التفاوضية من خلال تصعيد جرائمه ضد المدنيين بالتزامن مع عقد المفاوضات في جنيف. ولإنجاح العملية السياسية فإن الهيئة ترى ضرورة معالجة الوضع الإنساني المروع بوضوح وحزم، وأن تتم هذه العملية خارج الإطار التفاوضي، من خلال إرادة دولية لوقف انتهاكات النظام وحلفائه وحملهم على التنفيذ الفوري وغير المشروط للقرارات الأممية ذات الصلة».
كما شدد البيان أيضاً على أن استمرار الجدل مع النظام بشأن تفاصيل المرحلة الانتقالية قبل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يحقق مراميه في كسب الوقت.
من جانب آخر عقب جولة المحادثات الأخيرة في جنيف، أصدر المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا وثيقة تتضمن نقاط التوافق والخلاف بين وفدي النظام والمعارضة بالتفصيل والصعوبات التي تواجه الجولات القادمة.
وثيقة من ثماني صفحات كتبها المبعوث الأممي حدد فيها نقاط توافق واختلاف بين وفد المعارضة والنظام خلال الجولة الأخيرة من محادثات جنيف.
15 نقطة توافق تؤكد على تشكيل حكم انتقالي جديد يحل محل ترتيبات الحكم الحالي بحسب تعبير الوثيقة، تضم هذه الهيئة الانتقالية أعضاء من المعارضة والحكومة ومستقلين آخرين.
ومن بين النقاط المتوافق عليها أيضا صياغة دستور جديد، واستمرار مؤسسات الدولة، كما تحقيق العدالة والاستقرار ومكافحة الإرهاب.
في المقابل هناك 18 نقطة اختلاف وصفها المبعوث بأنها تتطلب تحديداً من الطرفين، بينها كيفية ممارسة مؤسسة الحكم الانتقالية لمهامها وعلاقتها بمنصب الرئاسة.
كما يريد دي ميستورا التوصل إلى اتفاق بشأن أنسب الترتيبات الدستورية لمنح الحكم الانتقالي الشرعية القانونية خلال المرحلة الانتقالية، وتحديد أنسب خطة زمنية وأفضل عملية لصوغ الدستور الجديد.
ويسعى أيضاً للاتفاق على كيفية الإشراف وإعادة هيكلة أجهزة الأمن والاستخبارات ومعايير تأسيس جيش موحد ووطني.
تشير الوثيقة إلى أن دي ميستورا عقد خلال الجولة الأخيرة سبعة لقاءات مع وفد النظام السوري، كما ثلاثة اجتماعات مع وفد الهيئة العليا للتفاوض قبل تعليق مشاركته احتجاجا على تصاعد العنف.
وأشار دي ميستورا إلى أن أكبر العقبات التي واجهت الجولة السابقة تتعلق برؤية طرفي الصراع وتفسيرهما لعملية الانتقال السياسي.