
بغداد - «وكالات» : لا يزال الغموض يلفّ غارة جوية وقعت على منطقة القائم الحدودية مع سوريا، حيث تتضارب الأنباء حول هوية منفذيها. فمن جهة وجهت اتهامات للجيش العراقي، ومن جهة أخرى للتحالف الدولي، بالوقوف وراء هذه الغارة التي خلفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.
واستهدفت الغارة سوقاً في ساعة الذروة، متسببةً بمقتل عائلات بأكملها، فيما كان البعض منهم يصطفون لاستلام رواتبهم، بحسب شهود عيان.
وأوضح عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، محمد الكربولي، أنه لم يتم تحديد هوية الطيران المسؤول عن الغارة.
أما رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، فقد طالب من جهته بمحاسبة مرتكبي هذه العملية.
وفيما سيقت الاتهامات بتنفيذ الغارة ضد التحالف الدولي بقيادة واشنطن، نفى المتحدث باسم التحالف التهمة، مؤكداً أن التحالف لم يشن غارة على تلك المنطقة في ذلك الوقت.
من جهة أخرى، لم يصدر أي تعليق فوري من قيادة العمليات المشتركة العراقية المشرفة على المعارك ضد تنظيم داعش.
وبينما تلملم القائم جراحها، تتقدم القوات العراقية في معركة الموصل التي وصفها بالصعبة والمعقدة نظراً إلى أن التنظيم يبني قوته فيها منذ سنتين، هذا الموعد يتجاوز التاريخ الذي حدده رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، بالقضاء كلياً على داعش مع حلول نهاية العام الجاري.
و أعلن النائب العراقي عن محافظة الأنبار، فارس الفارس، أمس الخميس، مقتل 120 مدنياً وإصابة 170 آخرين خلال الغارات الجوية على قضاء القائم أقصى غرب الأنبار.
وقال الفارس إن «الغارات الجوية التي استهدفت سوق القائم الكبير 500 كم غرب بغداد، تسببت بمقتل 120 مدنياً وإصابة 170 آخرين، مؤكداً أن «ما حصل مجزرة كبرى تتحملها الحكومة المركزية».
وأضاف الفارس أن «تحالف القوى العراقية السنية فتح تحقيقاً رفيعاً لمعرفة هوية الطائرات التي نفذت الغارات الجوية التي قتلت المدنيين الأبرياء، لافتاً إلى أن هناك معلومات وصلت لنا أكدت بأن الطائرات المنفذة هي عراقية».
وأوضح أن «الغارات الجوية تبين مدى وحشية وعدوانية الذين نفذوا تلك الجريمة»، مطالباً القائد العام للقوات المسلحة «بالتدخل ومعاقبة الجهات التي نفذت تلك المجزرة».
كانت مصادر مختلفة أعلنت يوم أمس الأربعاء مقتل 66 مدنياً وإصابة 88 آخرين إثر قصف نفذته طائرات مجهولة على السوق الرئيسية وسط قضاء القائم.
من جانب اخر قال قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، إن «الهجوم على التنظيم في الموصل قد يستغرق شهرين آخرين وإنه حتى في حال هزيمته فسيظل مصدر تهديد للعراق والغرب».
وقال الجنرال الأميركي اللفتنانت ستيفن تاونسند، إن «القوات العراقية حققت تقدماً كبيراً منذ اجتياح التنظيم شمال البلاد في 2014، وأعلن ما سماه دولة الخلافة التي شملت أيضاً مناطق من سوريا»، وفقاً لوكالة شفق العراقية.
وأضاف تاونسند خلال زيارة مع قادة عسكريين كبار «أعتقد أنهم سيعملون على معركة الموصل لعدة أسابيع إضافية، وربما لشهرين إضافيين».
وبدأ تحالف عملية «العزم الصلب» الذي تشارك فيه قوات من عدد من البلدان الغربية والعربية ضرب أهداف لتنظيم داعش في سوريا والعراق منذ 2014، ويقدم التحالف حالياً دعماً جوياً وبعض المساندة البرية للهجوم العراقي على الموصل، ويعمل مع مقاتلين أكراد وعرب تمكنوا من تحقيق تقدم ضد داعش في سوريا.
وتشارك في عملية الموصل قوات برية تضم 100 ألف فرد منهم قوات حكومية عراقية وقوات البشمركة الكوردية وفصائل الحشد الشعبي، والعملية هي أكبر معركة في العراق منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003.
واستعادت القوات الموالية للحكومة حوالي ثلث المدينة حتى الآن، لكن وجود حوالي مليون مدني فيها يبطئ تقدمها.
وقال تاونسند إن النصر في الموصل لن يقضي على تنظيم داعش، وأضاف «لا أعتقد أن مهمتنا ستنتهي عندما تنتهي عملية الموصل، فنحن لم نفرغ بعد من عملنا في العراق وما زال أمامنا تطهير حوالي ثلث وادي نهر الفرات حتى الحدود السورية، ويتعين على شركائنا أن يتجهوا من الموصل إلى الحدود السورية غرباً ويستعيدوا السيطرة على حدودهم، إذ ما زال أمامنا قتال صعب حتى بعد الموصل».
وتوقع تاونسند أنه على الرغم من أن مقاتلي تنظيم داعش سيدركون عاجلاً أم آجلاً أنهم سيخسرون خلافتهم الفعلية، فسوف يغيرون تكتيكاتهم ويبقون تهديداً حتى بعد استعادة كل الأراضي منهم، وأضاف «سوف يضطرون لتغيير ما يفعلونه ويصبحون مجرد خلافة افتراضية على ما أعتقد، سيتحولون إلى حركة تمرد مع مرور الوقت في العراق وسوريا، سيواصلون بالتأكيد التآمر والتخطيط ويحاولون تنفيذ هجمات على الغرب ماداموا موجودين، ومن وجهة نظري إن الطريقة الأفضل لتقليص تهديد الهجمات في الخارج على فرنسا أو الولايات المتحدة أو الغرب هي بطردهم من الموصل ومن الرقة ومطاردتهم في الصحراء».
وعبر الأميرال الفرنسي أوليفييه ليباس وهو أحد المسؤولين الذين التقى معهم عن وجهة نظر مشابهة، وقال «من المهم حقاً أن نبقى بقدر ما يلزم للتأكد من استئصال تنظيم داعش، إنها مرحلة هامة جداً».
وقال تاونسند إن «عملية استعادة معقل تنظيم داعش في سوريا مدينة الرقة ستكون أكثر تعقيداً من عملية الموصل، وسوف تستغرق وقتاً أطول لأسباب منها أن التحالف يعتمد على قوة محلية من الأكراد والعرب السوريين أصغر مقارنة مع الجيش العراقي الكبير»، وأضاف أن المقاتلين الأكراد والعرب في سوريا يسعون حالياً لعزل الرقة وحصارها ثم الهجوم عليها.
وتابع تاونسند «الموصل صعبة، إنها مدينة كبيرة ومعقدة، وأتيح للعدو عامان للتحصن وتجهيز دفاعاته، وهي ستشكل تحدياً للجيش الفرنسي وتشكل تحدياً لجيش الولايات المتحدة، إنها صعبة حقا، ولكن هناك حكومة في العراق وهناك جيش يقاتل لاستعادة الموصل، ونحن في سوريا سنحاول محاربة داعش مع شركاء محليين بجوار حرب أهلية مع كل أنواع المؤثرات الخارجية».
من ناحية أخرى استقبلت قوات البشمركة، في وقت متأخر أمس الأربعاء، مئات المدنيين الهاربين من قضاء الحويجة معقل تنظيم داعش جنوب غرب كركوك العراقية، وذلك حسبما أورد موقع «أرانيوز» الإخباري، اليوم الخميس.
وقال مصدر محلي: «تمكن 300 مدني هارب من قضاء الحويجة والنواحي التابعة لها، يوم الأربعاء، من الوصول إلى سواتر قوات البشمركة في نقطة تفتيش مكتب الخالد غرب كركوك، حيث تم إيوائهم في مخيم ليلان شرقي المدينة».
وأضاف «الهاربين هم من النساء والأطفال وكانوا بوضع إنساني كارثي جداً، وتم نقلهم لمخيم النزوح في ناحية ليلان، حيث تم تقديم المساعدات العاجلة لهم».
وتشهد مناطق سيطرة داعش عمليات الهروب للمدنيين باتجاه مناطق سيطرة قوات البشمركة، حيث يوجد قرابة المليون ونصف من النازحين العرب العراقيين في إقليم كردستان العراق.