
بيروت - «وكالات» : توجه الناخبون اللبنانيون أمس الأحد إلى مراكز الاقتراع لاختيار أول مجلس نيابي في البلاد منذ 2009، حيث تلقي الحرب الأهلية في سوريا بظلالها على الانتخابات.
ويتنافس نحو 583 مرشحاً على مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 مقعداًُ، بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين.
ويحق لأكثر من 3.6 ملايين شخص التصويت في الانتخابات التي تستمر يوماً واحداً، وفق الأرقام الرسمية.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، وتستمر حتى السابعة مساءً في 15 دائرة انتخابية.
وقال نظير شابان: «كنت من أوائل الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم لأنني أعتقد أن هذا يوم تحد».
وقالت الناخبة منى أبي خليل: «بالنسبة لي هذا يوم واجب وطني، علينا جميعا أن نشارك فيه لاختيار أشخاص جدد لتمثيلنا».
وفُرضت إجراءات أمنية مشددة من قبل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لضمان النظام والأمن حول مراكز الاقتراع في جميع أنحاء البلاد.
وستراقب الانتخابات من قبل أكثر من 100 مراقب من دول الاتحاد الأوروبي، دعتهم الحكومة اللبنانية للمراقبة وتقييم التصويت.
ويذكر أن اللبنانيين المغتربين صوتوا للمرة الأولى على مرحلتين الشهر الماضي.
ويُنظر إلى التصويت على أنه اختبار لقانون انتخابي جديد، وافق عليه البرلمان في يونيو2017.
ويقلل القانون من عدد الدوائر الانتخابية في لبنان ويقوم على نظام التمثيل النسبي.
ويتوقع المراقبون إعادة انتخاب أغلبية النواب المنتهية ولايتهم والذين ينتمون إلى فصائل سياسية قوية في تصويت اليوم الأحد.
وتأجلت الانتخابات النيابية اللبنانية 3 مرات منذ 2009 بسبب الجدل السياسي حول القانون الانتخابي والمخاوف الأمنية بسبب الحرب الأهلية السورية.
وتقاتل حركة حزب الله اللبنانية الموالية لإيران في سوريا إلى جانب قوات الرئيس بشار الأسد.
ويستضيف لبنان حوالي 1.5 مليون سوري شُردوا بسبب الحرب التي دامت أكثر من 7 أعوام في بلادهم، كما أدى تدفق اللاجئين إلى استنفاد موارد لبنان المحدودة.
من ناحيته دعا الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء سعد الحريري اللبنانيين أمس الأحد لممارسة حقهم في التصويت في الانتخابات البرلمانية الأولى في البلاد منذ نحو عقد.
وصرح عون عقب الإدلاء بصوته في بلدية حارة حريك جنوبي لبنان، بأن «اللبنانيين يمارسون اليوم أهم عملية وطنية سياسية لاختيار من يمثلهم لأربع سنوات».
وقال: «من لا يمارس حقه، يتنازل عن حق المحاسبة للنواب»، موضحاً أن «البرلمان هو أم السلطات».
وقبلها وصل رئيس الحكومة سعد الحريري إلى مركز اقتراعه في مدرسة شكيب أرسلان الرسمية في بيروت، حيث طالبته مجموعة من المعوقين بتوفير ما يسهل عليهم حقهم في التصويت.
ومن ناحيته، وعدهم الحريري بالاهتمام بالموضوع في الانتخابات المقبلة، وحث اللبنانيين على التصويت من أجل مصلحة البلد.
وذكر أن «لبنان يقوم بانتخابات ديمقراطية، نجد أن البلد بألف خير، وعلى كل مواطن لبناني أن يقدم على الانتخاب ليؤدي واجبه الوطني ويصوت لمن يريد، وهذا ما يجعل البلد بعافية».
ودعي إلى الانتخابات نحو 3.5 ملايين لبناني لاختيار 128 نائباً منهم 64 مسيحياً و64 مسلماً.
من جانب اخر وتجري الانتخابات في ظل توافق سياسي بدأ في أكتوبر 2016 مع الاتيان بميشال عون، حليف حزب الله، رئيسا للجمهورية بعد حوالى سنتين من الفراغ في سدة الرئاسة، ثم بالحريري رئيساً للحكومة.
وكان الرجلان على طرفي نقيض منذ أكثر من عشر سنوات.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت عماد سلامة لوكالة فرانس برس: «التحالفات البرلمانية بعد الانتخابات ستشبه التحالفات الانتخابية الحاصلة اليوم، بمعنى أن لا طابع ايديولوجي محدد لها بقدر ما هي قائمة على أساس المنفعية».
ويضيف: «المنفعية ستشكل التحالفات المختلفة بدلاً عن فريقي 8 و14 آذار، لن يكون هناك تكتلات واضحة المعالم أو تحالفات طويلة أو ثابتة، بل بلوكات متحركة، تُعتم حسب كل موضوع».
وبعدما كان بإمكان الناخبين، وفق القانون الأكثري السابق، اختيار مرشحين من لوائح عدة أو منفردين، بات الأمر يقتصر اليوم على لوائح مغلقة محددة مسبقاً.
ويقول الخبير في الشؤون الانتخابية سعيد صناديقي: «لن يكون هناك تغيير جذري في نتائج الإنتخابات عن 2009، أو كتلة طاغية على أخرى لأن الانقسام العامودي بين 8 و14 آذار لم يعد موجودأ».
وهكذا يتحالف التيار الوطني الحر الذي ينتمي اليه الرئيس اللبناني ميشال عون، على سبيل المثال، مع حزب الله وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري، في منطقة بعبدا قرب بيروت، والاطراف الثلاثة من فريق 8 آذار، فيما يخوض الانتخابات ضدهما متحالفاً مع تيار المستقبل في إحدى دوائر الجنوب.
ويتنافس التيار وحزب الله في كل من جبيل،شمال بيروت، وبعلبك، شرق، التي تعد احدى مناطق نفوذ الحزب.
والثابتة الوحيدة في التحالفات الانتخابية هي اللوائح المشتركة بين حزب الله وحركة أمل، بما يكرس إلى حد بعيد احتكارهما للتمثيل الشيعي في البلاد.
لكن بغض النظر عن نتائج الانتخابات على مستوى توزيع المقاعد على الكتل والأحزاب السياسية وطبيعة التحالفات السياسية في البرلمان لاحقاً، يقول محللون إن حزب الله سيكون «المستفيد» الأكبر.