
الجزائر - «وكالات» : قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، إن الجزائر مقبلة على تغيير نظام حكمها على يد الندوة الوطنية الجامعة.
ويواجه بوتفليقة، البالغ من العمر 82 عاماً، مظاهرات مناوئة غير مسبوقة منذ 22 فبراير الماضي، تطالب برحيله ورحيل نظامه. وتحت ضغط الحراك الشعبي، تراجع بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، وأعلن تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر لها في 18 أبريل المقبل.
وكشف بوتفليقة، في رسالة له بمناسبة احتفال الجزائر بعيد النصر الذي يصادف 19 مارس من كل سنة، تم تسريب مقتطفات منها لبعض وسائل الإعلام، أن الندوة الوطنية ستعقد في القريب العاجل بمشاركة جميع الأطراف.
وأوضح بوتفليقة، أن الندوة، هي التي تتخذ القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية، والتي تتجسد من خلال تعديل دستوري شامل وعميق. كما أكد بوتفليقة على أن الشعب هو من يبت في التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء.
وتأتي رسالة بوتفليقة، بالتزامن مع تعهد نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح، بأن يكون «الجيش دوماً وفقاً لمهامه، الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال».
ودعا قايد صالح، إلى «التحلي بالمسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت». في إشارة إلى الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر.
من ناحيتها دعت مجموعة جزائرية جديدة برئاسة زعماء سياسيين وشخصيات معارضة ونشطاء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التنحي في نهاية ولايته في 28 أبريل المقبل، وحثت الجيش على الامتناع عن التدخل في السياسة.
ووجهت التنسيقية الوطنية من أجل التغيير في بيانها الذي أصدرته بعنوان «أرضية التغيير»، دعوة للحكومة إلى الاستقالة بعد مظاهرات حاشدة على مدى أكثر من 3 أسابيع ضد حكم بوتفليقة المستمر منذ 20 عاماً، وأشار البيان إلى الحاجة الملحة إلى تغيير جذري في النظام القائم بناءً على أسس جديدة، وبيد أشخاص جدد.
وتتعامل السلطات الجزائرية دوماً مع معارضة ضعيفة لكن الاحتجاجات المتزايدة أفرزت بعض الخصوم الجدد من ذوي النفوذ، وبلغت المظاهرات ذروتها يوم الجمعة الماضي، بنزول عشرات الآلاف إلى شوارع الجزائر العاصمة.
ومن الشخصيات البارزة التي تشضمها التنسيقية المحامي والناشط المدافع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي، والقيادي المعارض كريم طابو، ووزير الخزانة السابق علي بن واري.
كما ذكر تقرير إخباري جزائري أن وزراء ورجال أعمال في الجزائر يسارعون بتصفية أملاكهم خوفاً من ارتدادات الحراك الشعبي المطالب برحيل رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة ونظامه.
وقالت صحيفة «الخبر» الجزائرية إن «رئيس الوزراء السابق، أحمد أويحي، الذي استقال من منصبه في الأسبوع الماضي، عرض فيلته الكائنة بأعالي حي حيدرة الراقي في العاصمة الجزائرية للبيع».
وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر موثوقة أن «الوزير الأول المستقيل بعد اندلاع الحراك الشعبي، كان من المبادرين ببيع عقاراته في الجزائر بعد أن عرض فيلته في حي راق بحيدرة للبيع بسعر سيكون أضعاف أضعاف ما دفعه للخزينة العمومية عندما تنازلت له مديرية أملاك الدولة عنها بسعر رمزي».
وأضافت المصادر ذاتها أن «سعر الفيلا الفخمة لا يقل عن 5 ملايين دولار، بحكم موقعها الاستراتيجي بأعالي العاصمة، وهي التي كانت مقراً لسفارة يوغوسلافيا سابقاً».
وتحدثت الصحيفة عن مسارعة «رجال الأعمال والمال المحسوبين على النظام، في الأيام الأخيرة، إلى عرض ممتلكاتهم العقارية للبيع، بعد أن تعذر عليهم التصرف في ممتلكاتهم العينية من شركات وأصول منقولة تخضع لإجراءات إدارية معقدة ومطولة».
وأكدت الصحيفة أن هذه التحركات تعكس مخاوف مسؤولين في السلطة ورجال الأعمال من ارتدادات الحراك الشعبي المطالب برحيل النظام ورجالاته.
من حهته نفى مسؤول في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أحد أكبر الأحزاب الموالية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم الإثنين، استقالة أمينه العام، أحمد أويحيى، على خلفية الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر.
وكان أويحيى استقال الأسبوع الماضي من منصبه كرئيس للوزراء، وقال في رساله وجهها لأنصاره في الحزب كشف عن محتواها، إنه «يتعين الاستجابة لمطالب الشعب في أقرب الآجال لتجنيب البلاد أي انزلاق».
وعقد المكتب الوطني للتجمع الوطني الديمقراطي جلسة مغلقة برئاسة أويحيى اليوم، لدراسة مستجدات الساحة الوطنية في ظل الحراك الشعبي غير المسبوق المطالب بإنهاء فترة حكم بوتفليقة، ورحيل نظامه.
وقال صديق شهاب، الناطق الرسمي باسم الحزب، للصحافيين: «استقالة السيد أويحيى لم تكن مطروحة في جدول أعمال اجتماع المكتب الوطني وهو موجود في منصب الأمين العام وسيواصل مهامه بحكم الشرعية».
ووصف شهاب، البيانات والنداءات التي تطالب بتنحية أويحيى، من على رأس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، بأنها «خارجة عن الأطر النظامية للحزب».
من جهة أخرى، أكد شهاب، أن حزب التجمع الوطني الديمقراطي «لا يتنكر ولا يدير ظهره للمطالب الشعبية»، وأن «الجزائر أولى من السلطة».
ويعقد الحزب الأحد والإثنين المقبلين، اجتماعاً للأمناء الولائيين من أجل «دراسة الوضع والخروج بما يساهم في استقرار الوطن».
من جانب اخر دعا أطباء الجزائر لاحتجاجات حاشدة ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خلال احتفالات عيد الاستقلال في تصعيد للضغوط على الرئيس المريض الذي يتشبث بالسلطة.
وحثت التنسيقية المستقلة للأطباء المقيمين في بيان اليوم الإثنين، طلاب الطب على المشاركة في الاحتجاجات وإدانة «العصابات الحاكمة».
ويصر المحتجون على أن يحل قادة جدد محل بوتفليقة ورفاقه ممن شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا بين عامي 1954 و1962.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن بوتفليقة الذي يحكم الجزائر منذ 20 عاماً سحب ترشحه لفترة رئاسة خامسة لكنه لم يعلن تنحيه عن الحكم. وأجل الرئيس الجزائري الانتخابات التي كان مقرراً لها الشهر المقبل وهو ما يعني عملياً أنه مدد فترة رئاسته الحالية، لكنه وعد بدستور جديد ضمن خطة للإصلاح.
ولم يوقف ذلك الاحتجاجات التي بدأت منذ أكثر من 3 أسابيع ضد النخبة الحاكمة التي ينظر إليها البعض على أنها غائبة عن الواقع.
ونادراً ما ظهر بوتفليقة (82 عاماً) على الملأ منذ إصابته بجلطة في عام 2013، ويقول المحتجون إنه لم يعد لائقاً للحكم.
وفي تنازل جديد، أخطرت وزارة الشؤون الدينية في الجزائر أئمة المساجد أمس الأحد، بأنه لم يعد متعيناً عليهم إخطار السلطات بالخطب التي سيلقونها على المصلين للحصول على موافقة عليها. وعبر أحد كبار رجال الدين عن معارضة للحكومة الأسبوع الماضي.
وفي الجزائر العاصمة، شارك عشرات من العاملين في قطاع التدريب المهني في احتجاج ورددوا هتافاً ضد التمديد لبوتفليقة.
ومنذ عودته من العلاج الطبي في سويسرا، خسر بوتفليقة بعض حلفائه في الأيام القليلة الماضية ومن بينهم أعضاء كبار في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم.
وفي أحدث ضربة للنخبة الحاكمة، رفضت 13 نقابة جزائرية مستقلة دعم مساعي رئيس الوزراء المعين حديثاً نور الدين بدوي لتشكيل حكومة.
من ناحية أخرى تظاهر مئات الجزائريين وسط العاصمة أمس الثلاثاء، احتجاجاً على ما اعتبروه تجاهلاً لمطالب الشعب الذي خرج يوم الجمعة الماضي بالملايين ليرفض تأجيل الانتخابات، والمرحلة انتقالية، بقيادة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وطالب المحتجون برحيل السلطة فوراً، قائلين: «يجب سماع صوت الشعب لأنه فوق الدستور وفوق النظام الذي حان وقت رحيله».
وكان بوتفليقة وجه رسالة أمس الإثنين بمناسبة عيد النصر، قال فيها إن «الندوة الوطنية هي التي ستحسم الأمور الحساسة للبلاد، وستشهد حضور مختلف أطياف المجتمع».
واعتبر علي خلدون، أحد الطلبة المحتجين في ساحة البريد المركزي بوسط العاصمة، أن «اللغة التي تخاطب بها السلطة الشعب، تجاهلية، لا تصب في صالح البلاد، وتنم عن نظام فاسد يحاول كسب الوقت على حساب المصلحة العامة»، في حين، دعت أميمة شعاري إلى «ثورة جديدة في البلاد، ليتكرس فعلاً الاحتفال بعيد النصر»، معتبرةً أن الجزائر لم تُنه معركتها بعد.