
بغداد - «وكالات» : بعث متظاهرو العراق أمس السبت، رسالة بعدة لغات إلى الشعب الايراني، بشأن طبيعة الاحتجاجات التي يشهدها العراق والشعارات المتعلقة بإيران التي يرفعها بعض المحتجين أحياناً.
ووفقاً لموقع «ناس نيوز» الإخباري، قال بيان من الساحة «تشاهدون في هذه الأيام الانتفاضة العراقية وتستمعون لهتافات الشباب العراقي المحتج ضد حكومته، وكثير من هذه الهتافات يرد فيها ذكر إيران».
وأضاف «يهمنا أن تعلموا أننا لا نضمر للشعب الإيراني إلا المودة، وأن مشكلتنا مع النظام الإيراني الذي يدعم الفاسدين والمجرمين والقتلة في وطننا»، وتابع «نتطلع للتخلص من حكامنا اللصوص، كما نتطلع لعلاقات قوية وراسخة مع أشقائنا الإيرانيين الذين يستحقون نظام حكم عادلاً ومتحضراً».
وتشهد مدن طهران وشيراز وأصفهان وتبريز، احتجاجات على رفع السلطات الإيرانية أسعار الوقود 3 أضعاف، ورداً على تصريحات الرئيس حسن روحاني الذي دافع عن القرار.
من ناحية أخرى خيم الهدوء على ساحات التظاهر في العراق في ساعات الصباح الأولى اليوم السبت، حيث فتحت المحال التجارية القريبة منها أبوابها لممارسة أعمالها وخاصة الطريق المؤدية إلى ساحة الخلاني وسط بغداد المكتظ بالمحال التجارية، وصولاً إلى سوق الشورجة الكبير.
ويأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه الإعلاميون والصحافيون اليوم لتنظيم وقفة للمطالبة بدعم مطالب المتظاهرين والضغط على الحكومة لإيقاف عمليات استهداف الإعلاميين والصحافيين وإيقاف عمليات الاعتقالات والاختطاف التي تطالهم.
ويعقد البرلمان العراقي أيضاً ظهر اليوم جلسة اعتيادية لمناقشة سلسلة مشاريع قوانين تهتم بملفات الفساد، ودخلت المظاهرات الاحتجاجية في بغداد و9 محافظات أخرى أسبوعها الرابع، بدعم من المرجعية الشيعية العليا بزعامة علي السيستاني رغم استخدام القوات الأمنية العنف ضد المتظاهرين وسقوط ضحايا ومصابين بشكل يومي، وخاصة في ساحة الخلاني ببغداد.
وتشهد ساحات التظاهر في ساحة التحرير والخلاني ومحافظات البصرة والناصرية وميسان والمثنى وواسط والديوانية والنجف وكربلاء وبابل، تدفق متظاهرين للانضمام إلى ساحات التظاهر للمطالبة بإقالة الحكومة وحل البرلمان وتعديل الدستور.
ويؤكد متظاهرون أن دعم المرجعية الشيعية العليا في العراق لمطالب المتظاهرين يشكل حافزاً لثبات المتظاهرين في ساحات الاعتصام والتظاهر.
وتضاربت الأنباء الجمعة بشأن ضحايا انفجار عبوة تحت سيارة مركونة في ساحة التحرير ببغداد، فالرواية الأمنية الحكومية تشير إلى مقتل متظاهر وإصابة 16 آخرين، فيما يتحدث شهود عيان عن مقتل 4 وإصابة أكثر من 12 آخرين جراء الانفجار المدوي الذي خلف نيران ساهمت فرق الدفاع المدني بإخمادها.
واعتبرت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي التفجير قرب ساحة التحرير بأنه تطور خطير في تأمين سلامة المتظاهرين، وذكر بيان اللجنة أن «التفجيرات تثبت وجود الطرف الذي يسعى إلى زعزعة الأمن ونشر الفوضى، وهذا الأمر يخالف القانون الدولي الإنساني ومبادئ حقوق الإنسان، والعهود الدولية لحقوق الإنسان».
وطالب البيان القوات الأمنية ومنسقي التظاهرات بالتعاون في مداخل التفتيش إلى الساحات خوفاً من دخول ما يسمى الطرف الثالث، وعلى الأجهزة الأمنية الكشف عن الجهات التي نفذت التفجير الإرهابي التي استهدف المتظاهرين السلميين.
وناشدت قيادة عمليات بغداد صباح أمس المتظاهرين في ساحة التحرير وامتداداتها بالمحافظة على سلمية التظاهرات في مناطق الخلاني والسنك والمحافظة على الأموال العامة والخاصة، وأكدت أنه تم فتح الطريق من ساحة الطيران باتجاه ساحة الخلاني وشارع الجمهورية من أجل فسح المجال أمام حركة المواطنين.
وشرع العشرات من المتظاهرين أمس بإغلاق الطريق المؤدية إلى بوابات ميناء أم قصر التجاري في محافظة البصرة، وتم نصب خيمة اعتصام تم خلالها السماح للشاحنات المحملة بالسلع والبضائع بالخروج من الميناء وعدم السماح للشاحنات الأخرى بالدخول إلى داخل الميناء رغم الإجراءات الأمنية التي اتخذتها القوات الأمنية، فيما قام العشرات من المتظاهرين بقطع الطريق المؤدية إلى حقل مجنون النفطي شمال شرقي محافظة البصرة؛ للمطالبة بالتعيين في منشآت الحقل النفطي.
كما أفاد مصدر أمني عراقي، الجمعة، بمقتل متظاهرين اثنين وإصابة آخرين، جراء إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع في ساحة الخلاني وسط بغداد.
وقال المصدر، وفق «السومرية نيوز»، إن «حالات الكر والفر بين المتظاهرين والقوات الأمنية مستمرة في ساحة الخلاني وسط العاصمة بغداد»، مؤكداً سقوط قتيلين فيما ارتفع أعداد المصابين بحالات اختناق إلى 50 حالة.
وكان مصدر أمني أفاد في وقت سابق، بحدوث حالات اختناق بين المتظاهرين بسبب إطلاق القنابل الدخانية المسيلة للدموع في ساحة الخلاني وسط بغداد.
من ناحية أخرى أثارت تصريحات وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، بشأن استخدام قنابل غاز مسيل للدموع تحتوي على غازات سامة، غضباً واسعاً في الأوساط السياسي والشعبية، وسط تساؤلات عن الجهة التي استوردت تلك القنابل، ودور الأجهزة الأمنية في حماية المواطنين، سواءً المتظاهرين أو غيرهم.
وقال النائب عن تحالف النصرفلاح الخفاجي: إن «على البرلمان، ولجنة الأمن والدفاع، ومفوضية حقوق الإنسان، فتح تحقيق عاجل في تصريحات وزير الدفاع حول القنابل الغازية، وإيجاد أجوبة واضحة عن تلك البنادق، وكيف دخلت إلى البلاد، ومن أدخلها، ومن سلّمها إلى الجيش والشرطة؟»، بحسب ما أفاد موقع بغداد بوست الإخباري.
وتساءل الخفاجي في تصريح صحفي: «هل نحن في دولة أم لا؟ هذه الحادثة لا تنطبق على دولة مطلقاً، ومن المفترض أن يفتح رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تحقيقًا في تلك القضية، لمعرفة إن كانت تلك القنابل مستوردة عن طريق الدولة، أم لا؟ فمثل تلك القضايا بحاجة إلى أجوبة واضحة من الجهات المعنية، والسلطات المختصة».
واستخدمت القوات الأمنية العراقية تلك القنابل الشهر الماضي، وتسببت بمقتل عشرات المحتجين، بسبب وزنها الثقيل ونوعياتها الخاصة.
وقالت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته نهاية الشهر الماضي، إن 5 متظاهرين قُتِلوا في بغداد بقنابل مسيلة للدّموع «اخترقت جماجمهم»، ودعت العراق إلى إيقاف استخدام هذا النوع غير المسبوق من القنابل التي يبلغ وزنها 10 أضعاف وزن عبوات الغاز المسيل للدموع التي تُستخدم في العادة.
وقُتل في العراق مئات المتظاهرين، وأصيب نحو 15 ألف آخرين، جرّاء الصدام مع القوات الأمنية، واستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، حسب ما ذكرت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان.