
واشنطن - «وكالات» : برأ مجلس الشيوخ الأمريكي مساء الأربعاء الرئيس دونالد ترامب من تُهمتَي عرقلة عمل الكونغرس واستغلال السلطة، في ختام محاكمة تاريخية سعى من خلالها الديموقراطيون لعزله، في حين تكاتف الجمهوريون لتبرئته.
ويعتبر ترامب ثالث رئيس أميركي يحاكم في مجلس الشيوخ في قضية عزل، لكن أي رئيس لم يعزل في إجراء كهذا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي مجلس الشيوخ المؤلف من مئة عضو، صوّت 52 عضوا جمهوريا من أصل 53 على تبرئة الرئيس الأمريكي من تهمة استغلال السلطة، بينما صوّت 53 عضوا جمهوريا على تبرئته من تهمة عرقلة عمل الكونغرس، وهما التهمتان اللتان وجههما إليه مجلس النواب في 18 ديسمبر.
ويفرض دستور الولايات المتحدة غالبية الثلثين لإدانة الرئيس في مجلس الشيوخ في إطار محاكمة لعزله من منصبه.
وقال رئيس المحكمة العليا القاضي جون روبرتس التي ترأس المحاكمة إن «ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الحاضرين لم يعتبروا ترامب مذنبا، لقد قرر المجلس أن المدعى عليه دونالد جون ترامب، رئيس الولايات المتحدة، غير مذنب في التهمتين الموجهتين إليه».
وخالف جمهوري وحيد هو السناتور ميت رومني إجماع حزبه، بتصويته إلى جانب الديمقراطيين لمصلحة إدانة ترامب بتهمة استغلال السلطة.
وقال مرشح الرئاسة لعام 2012 في كلمة أمام مجلس الشيوخ إن «الرئيس مذنب بإساءة استخدام مروعة للثقة العامة»، علما أنه برأه من تهمة عرقلة عمل الكونغرس.
وونجا ترامب، من ثالث مساءلة يخضع لها رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، في أصعب فصل من فصول رئاسته العاصفة، ويتأهب الآن لدخول موسم انتخابي من المتوقع أن يزيد البلاد انقساماً.
وقال مسؤول كبير في الإدارة إن ترامب تابع التصويت مع كبار مساعديه في قاعة طعام بالبيت الأبيض يستخدمها مكتباً خاصاً.
وقال ترامب إنه سيلقي بياناً عاماً في الثانية عشرة ظهراً، الخميس بالتوقيت المحلي: «للتحدث عن نصر بلدنا على مخطط المساءلة».
وعلى تويتر نشر الرئيس تسجيلاً مصوراً يظهر لافتات لحملات انتخابية يخوضها في 2024 وما بعدها، وينتهي بعبارة «ترامب للأبد». ويٌقصر الدستور مدة الرئاسة على فترتين كل منهما أربعة أعوام.
وقال براد باسكال مدير حملة ترامب في بيان: «برئت ساحة الرئيس ترامب تماماً، وحان الوقت الآن للعودة للتركيز على شؤون الشعب الأمريكي».
وأشاد البيت الأبيض بتصويت مجلس الشيوخ ووصف المساءلة بـ «حملة... قامت على سلسلة من الأكاذيب».
وقال السكرتير الصحافي للبيت الأبيض في بيان: «اليوم، انتهت محاولة المساءلة المختلقة التي حاكها الديمقراطيون بإبراء تام لذمة الرئيس دونالد جيه ترامب. وكما كنا نقول طوال الوقت، هو ليس مذنباً.
من جهة أخرى وقالت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، إن ترامب «يبقى تهديداً للديموقراطية» رغم تبرئته.
أما السياسي البريطاني نايجل فراج، الذي دعم حركة استقلال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، فكتب في تغريدة أن «الشعب الأمريكي كسب المعركة ضد المنابع مرة أخرى. كانت المساءلة برمتها سيئة للولايات المتحدة»:
من ناحيتها علقت واشنطن بوست أمس الخميس على محاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي انتهت بتبرئته في مجلس الشيوخ، وقالت إن الأمر لم ينته بعد، وإنه يجب على الكونغرس مواصلة محاسبته.
وأشارت الصحيفة في افتتاحيتها إلى زعم بعض أعضاء مجلس الشيوخ -الذين صوتوا أمس الأربعاء لتبرئة ترامب من تهمتي إساءة استخدام السلطة وعرقلة الكونغرس- بأنه اتعظ بالتأكيد من محاكمته في مجلس النواب، وشككت في زعمهم هذا بأنهم أفضل من يعرفونه بأنه ليس فقط غير نادم بصلف على محاولته لابتزاز مساعدة أوكرانيا لإعادة انتخابه، ولكن من المحتمل أيضا أن يأخذ تصويت مجلس الشيوخ كإثبات ورخصة لمزيد من التصرفات غير اللائقة.
وأضافت أن هذا الأمر يجعل من واجب الأعضاء المسؤولين في الكونغرس الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء بذل ما في وسعهم لحماية نزاهة انتخابات نوفمبر المقبل، وكذلك الدستور.
والخطوة الأولى في ذلك -كما تقول الصحيفة- يمكن أن تكون قرار توبيخ من مجلس الشيوخ، ومع أن ذلك لن يؤدي إلى إقالة ترامب لكنه سيتحدى الجمهوريين الذين يقولون إنهم يعتبرون أفعاله «غير مناسبة» للتصويت وفقا لذلك، وإذا فعلوا ذلك فقد يكون له تأثير رادع، وإذا لم يفعلوا ذلك فسيكون لدى الناخبين سبب للحكم على أولئك النواب المرشحين لإعادة انتخابهم هذا العام.
كما أن من شأن اقتراح توبيخ من الحزبين أن يصعب على ترامب الاستمرار في الادعاء بأنه لم «يفعل شيئا خطأ إطلاقا»، وأن القضية ضده كانت «خدعة».
وترى الصحيفة أنه ينبغي للجان في مجلس النواب -التي تابعت التحقيق في تصرفات ترامب في أوكرانيا- أن تواصل القيام بذلك، وأنه لا يزال هناك الكثير غير معروف، وهناك أيضا اهتمام شعبي بنشر الأدلة التي قمعها البيت الأبيض بشكل غير قانوني عن حملة الضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ويجب على المجلس استدعاء مستشار الأمن القومي جون بولتون، إلى جانب الوثائق المتعلقة بحجب ترامب المساعدات العسكرية عن حكومة زيلينسكي.
وتضيف أنه إذا كانت هناك حاجة إلى معارك قضائية للحصول على هذه الأدلة فإنه يجب على المجلس خوضها، ومن الأهمية بمكان تأكيد سلطة الكونغرس في الإشراف على السلطة التنفيذية، وإلا فيمكن توقع أن يستمر ترامب في رفضه التام للتعاون مع تحقيقات الكونغرس خلال الفترة المتبقية من وقته في منصبه، وبالتالي تحييد ما ينبغي أن يكون فرعا متكافئا من الحكومة.
وقبل كل شيء يجب أن يبقى المشرعون ووسائل الإعلام والمسؤولون الحكوميون الوطنيون على أهبة الاستعداد لأي محاولات جديدة يقوم بها ترامب لتخريب الديمقراطية، خاصة أنه قد دعا الصين وأوكرانيا علنا إلى التحقيق مع جو بايدن نائب الرئيس السابق.
وأضافت الصحيفة أنه لا يوجد سبب للاعتقاد بأن روسيا والسعودية وغيرهما من الأنظمة الاستبدادية التي يفضلها ترامب لن تحاول مساعدة حملته كما فعلت روسيا في عام 2016.
وأشارت إلى أنه إذا ظهر دليل على هذا التدخل أو أي مخالفات أخرى فإنه يجب ألا يتردد الكونغرس في متابعته، وحتى لو كان حديث مؤيدي ترامب صحيحا بأن قضية المساءلة جاءت بنتائج عكسية سياسيا مما عزز موقفه في استطلاعات الرأي فإنه يجب ألا يردع ذلك الكونغرس عن محاسبته.
وختمت افتتاحية الصحيفة بأن الدرس من مسألة أوكرانيا يجب ألا يكون أنه لا يوجد علاج لرئيس يمكن أن يستخدم سلطاته لتقويض الديمقراطية الأمريكية.