
بيروت – «وكالات» : أفضَت الاستشارات النيابية الملزمة التي أجراها الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس الخميس، في قصر بعبدا الى تكليف رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة، بأصوات 65 نائباً من أصل 120، وذلك للمرّة الرابعة منذ دخوله الحياة السياسية غداة اغتيال والده الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، وهو أقل عدد أصوات ينالها حيث فاقت في استشارات سابقة الـ100 صوت.
وقد وعد رئيس الحكومة المكلف، سعد الحريري، الشعب اللبناني بوقف الانهيار الذي يهدد الاقتصاد والمجتمع. وتعهد بأن يشكل «سريعاً» حكومة «الفرصة الأخيرة» للبنان. أضاف أن الحكومة اللبنانية ستكون من «مستقلين غير حزبيين»، ووفق المبادرة الفرنسية. وأكد الحريري عزمه على وقف الانهيار وإعادة إعمار ما دمره انفجار المرفأ.
وتوجه الحريري إلى قصر بعبدا بعد تكليفه تشكيل الحكومة حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.وقال بري: «تفاؤلي كبير بين الرئيسين عون والحريري وبين التيارين الوطني الحر والمستقبل».
وانتهت أمس مرحلة التكليف، التي سلكت مساراً سهلاً، باستثناء تأجيل رئيس الجمهورية الاستشارات لمرّة واحدة مدّة أسبوع، وقد اجتازها الحريري بـ65 صوتاً من أصل 120 بعد استقالة 8 نواب على خلفية انفجار مرفأ بيروت، في 4 أغسطس الماضي، على أن تبدأ معركة التأليف التي من المتوقّع أن تكون صعبة وقاسية، وطويلة.
ويتسلَّح عون، في معركة تأليف الحكومة بحقه الدستوري الحصري بقبول التشكيلة الوزارية وتوقيع المراسيم، أو رفضها بالمطلق أو طلب تعديل بعض الأسماء فيها، في ظلّ أجواء توحي بأنّ الحريري قدَّمَ ضمانات لبعض الأحزاب بتسمية الوزراء على أن يكونوا من المستقلّين وغير المستفزّين ومن أصحاب الاختصاص والكفاءة، وعلى رأسهم «حركة أمل» «يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري»، و»حزب الله»، لناحية وزراء الطائفة الشيعية، ما سينسحب على باقي الكتل النيابية التي ستطالب بحصصها الوزارية، علماً أنّ أوساط الحريري تنفي هذا السيناريو، وتؤكد أنه ينوي تشكيل حكومة من المستقلّين، ولن يرضخ لأحد.ويعتبر مطلعون على الملف الحكومي، أنّ رئيس «تيار المستقبل»، يغامر أو ينتحر سياسياً بترشيح نفسه وتكرار التجربة خصوصاً في عهد الرئيس عون، وأنّ عجزه عن تأدية مهمّته هذه المرّة سيشكل ضربة قاضية له، هو العائد إلى رئاسة الحكومة بأدنى نسبة أصوات في مسيرته الحكومية، ولا سيما على الصعيد المسيحي.
وحاز الحريري على أصوات رئيسي الوزراء السّابقين نجيب ميقاتي وتمام سلام، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، «كتلة المستقبل النيابية»، «كتلة التكتل الوطني» (من فريق تيار المردة برئاسة سليمان فرنجية)، «كتلة اللقاء الديمقراطي» (تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط نيابياً)، «كتلة الوسط المستقل» (يرأسها ميقاتي)، «الكتلة القومية الاجتماعية» (تمثل الحزب السوري القومي الاجتماعي)، التي سمّت الحريري الذي اتصل برئيسها أسعد حردان، قبل الاستشارات للتداول بالملف الحكومي، في خطوةٍ لافتة، وضعت في إطار محاولة الحريري جمع الأصوات النيابية قدر الإمكان التي شملت اتصالاته مختلف الأفرقاء من الخصوم والحلفاء، باستثناء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. علماً أنّ «كتلة الاجتماعي»، لم تكن تجمع على تسمية الحريري وحصل تباين كبير في الآراء بهذا الشأن.
وسمّت «كتلة نوّاب الأرمن»، التي تنضوي ضمن «تكتل لبنان القوي»، برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري، في موقف يتعارض مع الخيار الذي سلكه التكتل بعدم تسمية أي شخصية لرئاسة الحكومة، مؤكدة، أنّ لا خلاف مع التكتل، بل اختلاف في الرأي.
وسمّت «كتلة التنمية والتحرير» برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحريري، لرئاسة الحكومة، في موقف معلن سابقاً، إذ يكرر بري في أكثر من مناسبة أنّ الحريري هو «رجل المرحلة»، علماً أنّ «الثنائي الشيعي» لا يزال يصرّ على موقفه بقبول مبدأ المداورة باستثناء وزارة المال التي يريد أن يسمي وزيرها، مع وزراء الطائفة الشيعية، ويبدو الحريري ميّالاً إلى قبول هذا الطلب، خصوصاً أنّه يعلم أنّ هذه الشروط هي التي دفعت السفير اللبناني لدى ألمانيا مصطفى أديب إلى الاعتذار، والتي دفعته قبلها الى طرح مبادرة تستثني وزارة المال من المداورة، وتكون من الحصة الشيعية على أن يسمّي الوزير الرئيس المكلّف.