
طرابلس - «وكالات» : شددت الحكومة الليبية الجديدة والمكلفة من مجلس النواب على ضرورة التحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء التصعيد السياسي والعسكري.
وأكّدت الحكومة في بيان صدر صباح أمس الأحد على ضرورة تجنيب المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار من دائرة الاستقطاب والاستغلال السياسي، والالتزام بدعمهم وفق أسس وطنية متجردة.
وجاء بيان الحكومة بعد يوم من قرار أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 من الجانب الشرقي تعليق أعمالهم في اللجنة التي تضم أيضا 5 أعضاء مناظرين لهم في غرب البلاد.
وطالب الأعضاء القائد العام للقوات المسلحة في شرق البلاد خليفة حفتر بإيقاف تصدير النفط، وإغلاق الطريق الساحلي بين مدينتي سرت ومصراتة، وإيقاف تسيير الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، وإيقاف جميع أوجه التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية.
واتهمت الحكومة الجديدة حكومة الوحدة الوطنية التي تسيّر شؤون البلاد من طرابلس بتعميق الانقسام من خلال سياسات استفزازية تهدف إلى إيقاف إنتاج النفط، وقطع الطرق والمواصلات البرية والجوية بين الشرق والغرب والجنوب، والتحريض على العنف والصدام بين أبناء الشعب الواحد، بحسب النص.
وقالت في هذا الشأن: إن «ما تمر به البلاد من فوضى أمنية وسياسية سببه تعنت حكومة الوحدة واغتصابها السلطة بالمخالفة للشرعية الدستورية» متّهمة إياها بالفساد وإهدار المال العام بشكل متعمد، وتسخيره لمصالح شخصية وسياسية ضيقة، واستغلال إيرادات النفط على غير الأوجه الصحيحة، وتهديد المركز المالي للدولة، والنيل من حقوق الشعب الليبي في مقدراته وثرواته.
وأشارت الحكومة إلى أن موقفها ينبع من حرصها على تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار، وسعيها لتوحيد المؤسسات المنقسمة وخصوصاً المؤسسة العسكرية من خلال دعم اللجنة العسكرية المشتركة.
وحمّلت حكومة الوحدة مسؤولية العواقب الناتجة عن التدخل في شؤون المؤسسات السيادية، مجددة التأكيد على قُرب استلامها لمهام أعمالها من العاصمة طرابلس بالطرق السلمية، وإنهاء مظاهر الفوضى الأمنية والفساد المالي، وفق وصفها.
وكان مجلس النواب الليبي قد كلّف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة مَنَحَها الثقة مطلع مارس الماضي، إلا أن حكومة الوحدة رفضت تسليم مهامها للحكومة الجديدة، مطالبة بإجراء الانتخابات أولاً، ثم تسليم السلطة لجهة منتخبة بشكل مباشر من الشعب.
من ناحية أخرى علقت اللجنة العسكرية التابعة للجيش الوطني الليبي في شرق البلاد، أعمالها اعتراضاً على ما تقوم به حكومة الوحدة الوطنية، وعدم تسليم مهامها للحكومة الجديدة المكلفة من مجلس النواب.
وتلى أعضاء اللجنة الخمسة بياناً من مدينة بنغازي اليوم السبت، طالبوا فيه قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، بإيقاف تصدير النفط، وإغلاق الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب، وإيقاف جميع أوجه التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية ومكوناتها، وإيقاف تسيير الرحلات الجوية بين الشرق والغرب.
وتأسست اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) عام 2020 بموجب اتفاق برلين لوقف الحرب التي كانت تدور في ضواحي العاصمة طرابلس بين قوات ما يسمى بالجيش الوطني الليبي وقوات حكومة الوفاق الوطني. وتضم اللجنة 5 أفراد من كل طرف.
وساهمت اللجنة بعد ذلك في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتثبيته، هذا بالإضافة لإعادة فتح الطريق الساحلي وأجواء الطيران الداخلية بالبلاد، وكذلك تأمين جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية التي جرت في مدينة سرت، والبدء في توحيد جهاز حرس المنشآت النفطية، وكذلك المساهمة في إعادة ضخ مياه النهر الصناعي من جنوب البلاد.
ولم تتمكن اللجنة من إنهاء أحد أهم الملفات الملقاة على عاتقها وهو توحيد المؤسسة العسكرية.
وقال أعضاء اللجنة ضمن البيان: «لقد فوجئنا بما قام به رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة من إجراءات عرقلت عمل اللجنة وشكلت خطراً جسيماً على الأمن القومي لبلادنا، ومنها النهب الممنهج وغير المسبوق لأموال الليبيين بما لا يخدم الوطن. وعدم انصياعه لقرارات مجلس النواب».
وأضاف أعضاء اللجنة، أن «الدبيبة نكث عهده بعدم ترشحه للانتخابات التي قام بعرقلتها بحجج واهية، وكذلك الفساد المالي الذي سجل على الحكومة ووزرائها وإحالة الكثير منهم للتحقيق، وهيمنة عائلة الدبيبة على الحكومة وقراراتها».
وأشار أعضاء اللجنة إلى «عدم تعيين وزير للدفاع واحتفاظ الدبيبة بالحقيبة لأعراض شخصية، هذا بالإضافة لإيقاف صرف مرتبات القوات المسلحة في الشرق أكثر من مرة، وبعض المؤسسات الأخرى بالمنطقة الشرقية، وفي المقابل قام بصرف مبالغ طائلة على بعض المجموعات المسلحة في غرب البلاد لشراء ذمتها وكسب ودها لتأمين حماية الحكومة ورئيسها».
واعتبر الأعضاء «تصرفات حكومة الوحدة مخالفة صريحة للاتفاق السياسي وانتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وفق المعايير والمواثيق الدولية، وأكدوا أنهم ماضون في تعليق أعمالهم إلى حين النظر في مطالبهم».
يأتي هذا البيان في وقت تشهد فيه ليبيا بداية عودة ملامح الانقسام السياسي، حيث رفضت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة تسليم مهامها إلا لسلطة منتخبة، في حين تصر الحكومة الجديدة على استلام مهامها في عاصمة البلاد طرابلس، وذلك بعد استلام ديوان رئاسة الوزراء في عاصمتي الشرق والغرب.