
بغداد - «وكالات» : قال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إن البلاد رهينة للفساد والعنف. ودعا مؤيديه إلى الانسحاب التام خلال 60 دقيقة بعد يومين من المواجهات بينهم وبين فصائل شيعية أخرى موالية لإيران وقوى أمنية أوقعت 23 قتيلاً. وقال: «سأتبرأ من أنصار التيار الصدري إذا لم ينسحبوا من الاعتصام خلال ساعة».
وردا على سؤال، وقال: «اعتزالي هو شرعي لا سياسي ونهائي». وتابع الصدر يقول إن ما يحدث ليس ثورة لأنه ليس سلمياً، موجهاً الشكر لقوات الأمن على عدم الانحياز إلى أي جانب في أحداث العنف الأخيرة.
وقدم اعتذاره للشعب العراقي على العنف في البلاد.
من ناحية أخرى أفادت مصادر في بغداد بانسحاب أنصار التيار الصدري من محيط المنطقة الخضراء، بعدما وجه زعيم التيار مقتدى الصدر خطابا لمؤيديه وإمهاله إياهم 60 دقيقة للانسحاب من أمام البرلمان وإلغاء الاعتصام.
وقالت المصادر أيضا بأن قيادة العمليات المشتركة قررت رفع حظر التجول في بغداد والمحافظات، بينما أعلنت وزارة التربية العراقية استئناف الامتحانات الرسمية غدا.
واستفاقت العاصمة العراقية بغداد أمس الثلاثاء على أصوات اشتباكات متقطعة وانفجارات، بعد يوم دام عقب إعلان مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي.
وشهد العراق في الساعات الأخيرة تطورات أمنية وسياسية متلاحقة، إذ أخرجت القوات الأمنية أنصار الصدر بالقوة من داخل القصر الحكومي والساحات المحيطة به، وفرضت حظرا للتجول في جميع المحافظات.
وقال مصدر طبي عراقي أمس الثلاثاء إن 30 شخصا قُتلوا وأصيب 700 آخرون جراء الاشتباكات التي شهدتها المنطقة الخضراء ببغداد منذ أمس، بينهم 110 من أفراد القوات الأمنية.
وأفادت المصادر بأن صافرات الإنذار دوت في السفارة الأميركية ببغداد في ساعة مبكرة من صباح أمس الثلاثاء، وتم تفعيل منظومة الدفاع الجوي «سيرام» (C-RAM) مرتين، وهي منظومة أمريكية مستخدمة للدفاع عن المناطق ذات الأهمية البالغة من أنواع القذائف والصواريخ التي قد تتعرض لها.
واندلعت اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة داخل المنطقة الخضراء. وقد تعرض مقر إذاعة صوت العهد وقناة العهد الثانية -التابعتين لكتائب عصائب أهل الحق- في منطقة البلديات شرقي بغداد لهجوم بقذائف «آر بي جي» (RPG).
وأفادت مصادر مطلعة بوجود مفاوضات بين مسؤولين حكوميين وقادة في الإطار التنسيقي والتيار الصدري للتوصل إلى اتفاق يُجنب البلاد الانزلاق نحو دوامة العنف.
وفي تغريدة على تويتر، قال الرئيس العراقي برهم صالح إن دم العراقيين خط أحمر، وقد أعلنت رئاسة الوزراء تعطيل الدوام الرسمي أمس الثلاثاء في جميع المحافظات.
وقال رئيس الكتلة الصدرية البرلمانية المستقيلة حسن العذاري، في تغريدة على تويتر، إن الصدر أعلن الدخول في إضراب عن الطعام حتى يتوقف العنف واستعمال السلاح.
وأظهرت مقاطع فيديو اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة داخل المنطقة الخضراء في بغداد.
وأفادت مصادر بسماع دوي 13 انفجارا في المنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية، واصفا ما يحدث بالحرب الحقيقية، حيث دارت اشتباكات عنيفة في المنطقة الخضراء، وتصاعدت ألسنة اللهب في مناطق مختلفة منها.
وأضافت المصادر أن الاشتباكات دارت بين التيار الصدري والإطار التنسيقي اللذين يمتلكان مليشيات مسلحة وقدرات عسكرية هائلة.
وبدورها، قالت وكالة الأنباء الفرنسية إن 7 قذائف هاون على الأقل سقطت مساء أمس الأول الاثنين في المنطقة الخضراء، التي تضم مقار حكومية وسفارات.
وقالت وسائل إعلام عراقية إن صافرات الإنذار دوّت في السفارة الأميركية في بغداد بعد سقوط قذيفة هاون قربها، وأكدت إخلاء مقر السفارة الهولندية في المنطقة الخضراء وانتقال موظفيها إلى السفارة الألمانية.
وأفادت المصادر بوقوع إطلاق نار كثيف قرب البرلمان العراقي داخل المنطقة الخضراء، وإطلاق نار كثيف في البصرة، بالتزامن مع بدء سريان حظر التجول الشامل في جميع المحافظات العراقية.
وقالت وكالة الأنباء العراقية إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وجّه بمنع استخدام الرصاص وإطلاق النار على المتظاهرين من أي طرف أمني، كما وجه بفتح تحقيق عاجل بشأن أحداث المنطقة الخضراء، مطالبا قوات الأمن بحماية المتظاهرين.
وذكرت المصادر أن أعدادا كبيرة من أنصار التيار الصدري انسحبت من المنطقة الخضراء.
وكانت القوات الأمنية العراقية قد أعلنت استعادتها السيطرة الكاملة على مقر القصر الحكومي بعد إخراج أنصار التيار الصدري منه بالقوة.
وقالت مصادر في بغداد إن قوات الأمن أطلقت النار بكثافة داخل المنطقة الخضراء، واستطاعت السيطرة على القصر بعد طرد المتظاهرين منه.
وأضافت المصادر أن قوات الأمن أوقفت أفراد طاقم الجزيرة بضع دقائق وهشمت الكاميرا الخاصة بهم، قبل أن تقوم بطردهم من محيط القصر الحكومي.
كما قرر رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تعليق جلسات مجلس الوزراء إلى إشعار آخر بسبب دخول متظاهرين مقر المجلس، وأعلن حالة الإنذار القصوى في بغداد لكل القوات الأمنية.
وطالب رئيس الوزراء العراقي -خلال ترؤسه اجتماعا طارئا للقيادات الأمنية في مقر العمليات المشتركة- القيادات الأمنية بالالتزام التام بحماية أرواح المتظاهرين والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة.
ودعا الكاظمي -في بيان- المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء والالتزام بتعليمات القوات الأمنية، كما طالب مقتدى الصدر بالمساعدة في دعوة المتظاهرين للانسحاب من المؤسسات الحكومية.
وقال رئيس الوزراء العراقي إن تجاوز المتظاهرين على مؤسسات الدولة يعدّ عملا مدانا وخارجا عن السياقات القانونية، منتقدا ما سماه تمادي الخلاف السياسي ليصل إلى لحظة الإضرار بكل مؤسسات الدولة.
وقال رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إن ما شهدته البلاد ينذر بخطر كبير، في حين دعا رئيس إقليم كردستان العراق مسرور البارزاني الأطراف السياسية كافة إلى ضبط النفس وألا تسمح بانفلات الوضع عن السيطرة أكثر مما هو عليه.
أما هوشيار زيباري القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ووزير الخارجية الأسبق، فقال إن ما حدث في بغداد كان نتيجة تراكمية لسياسات ومصالح وقرارات قضائية تعسفية قصيرة النظر.
من جانبه، دعا حيدر العبادي رئيس الوزراء السابق ورئيس ائتلاف النصر العراقي إلى التهدئة، وضبط النفس، وعدم الانجرار خلف الفتن.
بدوره، قال زعيم ائتلاف الوطنية العراقي إياد علاوي إنه لا سبيل لحل الأزمة السياسية إلا بالحوار الوطني.
كما دعا الإطار التنسيقي في العراق التيار الصدري للعودة إلى طاولة الحوار، قائلا إن على الجميع درء الفتنة وتغليب لغة العقل والحوار وتجنيب البلد الفوضى وإراقة الدماء.
ودعا الرئيس العراقي برهم صالح المتظاهرين إلى الانسحاب من المؤسسات الرسمية، وإفساح المجال أمام القوات الأمنية للقيام بواجبها.
وخارج العاصمة، اقتحم أنصار التيار الصدري مكتب مجلس النواب في محافظة كربلاء جنوبي البلاد، كما أظهرت صور محاصرة أنصار التيار الصدري محكمة الاستئناف في محافظة ميسان الاتحادية جنوب شرقي العراق.
وقال مسؤولون أمنيون عراقيون إن أنصار الصدر يغلقون مداخل ميناء أم قصر في محافظة البصرة.
وقالت مصادر إن أنصار التيار الصدري أغلقوا مقر مبنى محافظة ذي قار في مدينة الناصرية.
واقتحم أنصار الصدر أيضا مقر محافظة ديالى في شرق العاصمة بغداد، وأظهرت صور بثها ناشطون عشرات منهم وهم يجولون داخل أروقة مقر المحافظة.
وفي محافظة واسط اقتحم أنصار الصدر مبنى المحافظة، وسيطروا عليه بالكامل.
وتفجرت الأزمة عندما أعلن مقتدى الصدر صباح الاثنين اعتزاله الحياة السياسية نهائيا وإغلاق المؤسسات التابعة له.
وقال الصدر -في بيان نشره عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر- إنه سيغلق «كافة المؤسسات إلا المرقد الشريف والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر الكرام».
وتابع «الكل في حل مني، وإن مت أو قُتلت فأسألكم الفاتحة والدعاء».
كما جاء في البيان على لسان مقتدى الصدر «لم أدّعِ يوما العصمة أو الاجتهاد ولا حتى القيادة، إنما أنا آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، ولله عاقبة الأمور، وما أردت إلا أن أقوّم الاعوجاج الذي كان السبب الأكبر فيه هو القوى السياسية الشيعية بوصفها الأغلبية، وما أردت إلا أن أقرّبها إلى شعبها وأن تشعر بمعاناته».