
«وكالات» : أطلقت ميليشيا الحوثي الموالية لإيران في الأول من سبتمبر الجاري عرضاً عسكرياً هائلاً في مدينة الحديدة مهددة بذلك بنسف الجهود الأممية لإرساء السلم في اليمن، عبر اللجوء إلى خيار القوة لفرض أجندتها، المتمثلة في رفع القيود عن ميناء الحديدة، واستئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولي.
وفي 1 ستبمبر الجاري، وصف الناطق العسكري لميليشيا الحوثي يحيى سريع العرض العسكري، بأنه الأكبر ضمن الاستعراضات التي دأبت على إقامتها منذ دخول الهدنة الأممية حيز التنفيذ.
وشمل الاستعراض على أسلحة محرمة دولياً، وأخرى مخصصة للردع البحري. وبحسب المحللين، فإن الميليشيا عبر استعراضها الهائل، تهدف إلى التهديد في ظل تجدد مخاوفها من استئناف المواجهات وخصوصاً في الساحل الغربي الذي أوشكت قوات المقاومة المشتركة اليمنية في 2018 على تحريره قبل تدخل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لفرض ما سمّي بـ»اتفاق الحديدة» الموقع في ستوكهولم، وفقاً لما ذكرته صحيفة «العرب» اليوم الأحد.
ومن بين الأسلحة المستعرضة أيضاً، صواريخ (بر - بحر) وتحمل اسم «فالق - 1». وتزعم الميليشيا إنها قادرة على إصابة أي أهداف بحرية حتى من خارج الساحل الغربي، في تهديد ضمني بأن أي استهداف للميليشيات في الحديدة واستكمال تحرير الساحل الغربي لليمن لن يحولا دون تهديد الجماعة للممر الملاحي الدولي في باب المندب.
كما استعرضت الميليشيا صواريخ أخرى مثل «مندب 2» و»روبيج»، الذي يعتقد أنه كان ضمن ترسانة الجيش اليمني السابق، إلى جانب ألغام بحرية متنوعة.
وترمي الميليشيا من خلال استعراضها الضخم، لتهديد الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب بشكل رئيسي، وكشفت رئيس المجلس السياسي الأعلى لميليشيا الحوثي، مهدي المشاط، الذي حضر العرض العسكري في الحديدة، «قدرة الميليشيا على ضرب أي نقطة في البحر الأحمر من أي منطقة داخل اليمن».
وقال المشاط، «أجرينا اختبارات لأسلحة بحرية وحققت نجاحاً باهراً». مضيفاً أن الميليشيا الموالية لإيران تمكنت من تطوير أسلحة أرضية وبحرية في الفترة الأخيرة «باستطاعتها براً وبحراً ضرب هدفها في أي نقطة في اليمن».
الحكومة اليمنية، بدورها اعتبرت أن استعراض ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، لأسلحة محرمة دولياً في عرض عسكري أقامته بمحافظة الحديدة، بأنه تصعيد خطير وانقلاب كامل على اتفاق السويد.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني على تويتر، إن «استعراض ميليشيات الحوثي الإرهابية التابعة لإيران للألغام والصواريخ البحرية إيرانية الصنع من طرازات مختلفة في عرض أقامته بمدينة الحديدة، يعكس الخطر الذي يمثله استمرار سيطرة ميليشيات إرهابية على سلامة السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب».
وأوضح الأرياني، أن «تلويح ميليشيات الحوثي بالألغام والصواريخ البحرية بشكل علني يمثل تحدياً سافراً للقوانين الدولية التي تحرم حيازتها، وتأكيداً على استمرار تدفق الأسلحة والخبراء الإيرانيين عبر موانئ الحديدة، واستخدام طهران للحوثيين أداة لتهديد حركة التجارة العالمية وأمن الطاقة والأمن والسلم الإقليمي والدولي».
وتشير التحليلات إلى أن الاستعراض الحوثي الأخير يحمل رسالة واضحة لا تخلو من تحدّ للمجتمع الدولي. ويعد هذا أول نشاط عسكري يعلن عنه في مدينة الحديدة منذ بدء الهدنة الراهنة في الثاني من أبريل الماضي.
يندرج الاستعراض الحوثي أيضاً، في سياق ابتزاز السلطة اليمنية الشرعية والقوى الراعية لمفاوضات السلام لدفعها إلى القبول بحزمة المطالب الجديدة التي يعرضونها وفي مقدمتها رفع جميع القيود عن موانئ الحديدة، وعن الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، إلى جانب التزام الحكومة المعترف بها دولياً بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم...وهو ما يعني انهم يريدون كل شي مقابل لاشيء.
التصعيد الخطير للحوثيين في الضالع وتعز، ثم الدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة نحو الحديدة يندرج في سياق عملية لي ذراع، وهذا يضع المجتمع الدولي ولاسيما الولايات المتحدة أمام اختبار صعب، بين الخضوع مجدداً لمطالب الحوثيين ومحاولة إجبار الحكومة الشرعية للقبول بها، وبين التحرك ووضع حد لسياسة الحوثيين، وفقاً لما ذكره موقع «المشهد العربي».
وقال الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي لصحيفة «العرب»، إن الهدف من العرض الحوثي هو استعراض القوة البشرية أكثر منه استعراضاً للأسلحة.
وأضاف العوبلي، «يشعر الحوثيون بعقدة نقص أمام خصومهم وأمام أنصارهم على حد سواء، مردها حجم الاستنزاف البشري الهائل الذي تعرضت له ميليشياتها على مدى الأعوام الماضية من المعركة، ولهذا فقد أصر الحوثيون على أن يُظهروا لخصومهم بأن القوة البشرية ما زالت متوفرة، وبأن هناك قبولاً واسعاً لهم في مناطق سيطرتهم وهذا هو الهدف من الاستعراضات الحوثية».
ولفت العوبلي إلى أن الحوثيين يحاولون الهروب من ضغط المطالب الشعبية المتصاعدة في مناطق سيطرتهم بشأن ضرورة استعادة الخدمات وصرف الرواتب من خلال استدعاء ظروف وأجواء الحرب بالتعبئة والحشد والانشغال بهذه الجوانب.
وأكد الباحث السياسي والعسكري اليمني عبدالوهاب بحيبح، أن «هذا العرض في هذا التوقيت في الحديدة المطلة على البحر الأحمر وبالقرب من باب المندب ليس سوى تعزيز لموقف المفاوض الإيراني ولكسب نقاط على طاولة المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي، فالحوثي في الأساس يعمل كذراع لتنفيذ أهداف إيران الاستراتيجية في المنطقة، وعبر هذا العرض تسعى طهران لإظهار قدرتها على تهديد الملاحة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر عبر الأداة الحوثية وإظهار سيطرتها على أهم ممرين دوليين هما مضيق هرمز باب المندب وقدرتها على تعطيل الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر».
من ناحية أخرى بث تنظيم القاعدة السبت، رسالة مسجّلة يناشد فيها موظف في الامم المتحدة مختطف في اليمن منذ أكثر من ستة أشهر تلبية مطالب الجماعة لإنقاذ حياته، بحسب ما ذكر موقع «سايت» الذي يرصد الحركات الإسلامية المتطرفة.
وكانت المنظمة الاممية أعلنت في فبراير الماضي، أن خمسة من موظفيها خطفوا في جنوب اليمن الذي تمزقه الحرب وتنشط فيه الجماعات المتطرفة، وبينها جماعة «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب»، الفرع المحلي لتنظيم القاعدة.
وأكّد أكام سوفيول أنام الذي عُرّف عنه بأنّه مدير «مكتب الأمم المتحدة للسلامة والأمن» في اليمن، أنّه اختُطف مع زملاء آخرين في 11 فبراير في أبين عندما كانوا في طريقهم إلى عدن، المقر الموقت للحكومة اليمنية، بعد استكمالهم مهمة ميدانية.
وتابع في الرسالة التي نشرها موقع «سايت» أنّه يواجه «مشكلة صحية خطيرة» ويحتاج إلى رعاية صحية عاجلة، مناشداً الأمم المتحدة تلبية مطالب التنظيم للافراج عنه، من دون أن تتضح تلك المطالب.
ويشهد اليمن حرباً ضارية منذ 2014، ووفّرت الحرب موطئ قدم للجماعات المتطرفة وبينها تنظيم داعش، لكن الضربات التي شنّها التحالف بقيادة السعودية وكذلك الولايات المتحدة أضعفت هذه الجماعات في السنوات الاخيرة.
وكانت الإمم المتحدة أشارت لدى إعلانها اختطاف موظفيها الى أنها «على اتصال وثيق بالسلطات لتأمين إطلاق سراحهم»، من دون أن تفصح عن الجهة المسؤولة عن عملية الاختطاف.
وفي مارس الماضي، قال مصدر حكومي يمني أن «جماعة مسلّحة» عمدت إلى «اختطاف» اثنين من موظفي منظمة «اطباء بلا حدود» في شرق اليمن، بعدما أكدت المنظمة الإنسانية «فقدان الاتصال» بهما.
وتعمل عشرات المنظمات الاغاثية في اليمن لمساعدة ملايين السكان الذي يعانون الجوع والفقر بسبب النزاع الذي أدّى إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف وتسبّب بأكبر أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.