
«وكالات» : أعلنت المملكة العربية السعودية أمس السبت، إدانتها استهداف المدنيين، محذرة في نفس الوقت من «انزلاق الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المزيد من التصعيد».
وأعربت وزارة الخارجية في بيان لها أمس السبت «عن تحذير المملكة العربية السعودية من انزلاق الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المزيد من التصعيد الخطير».
وأضاف البيان «المملكة إذ تدين كل استهداف للمدنيين، لتؤكد ضرورة وقف التصعيد وإحياء عملية السلام وإنهاء الاحتلال»، طبقاً لوكالة الانباء السعودية الرسمية «واس» اليوم السبت.
وتصاعد العنف مؤخراً في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بعد سلسلة من الحوادث الدامية آخرها إطلاق النار، في وقت سابق اليوم السبت في القدس، التي أسفرت عن وقوع جرحى.
وجاء ذلك بعد أن أقدم مسلح فلسطيني أمس الجمعة، على إطلاق النار على كنيس يهودي بالقدس مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وجرح عدد آخر في عملية حظيت بإدانات دولية واسعة.
من جهة أخرى أعلن البيت الأبيض الجمعة، أنه «قلق للغاية» إزاء تصاعد أعمال العنف بين إسرائيل والفلسطينيين، إثر غارات جوية شنتها الدولة العبرية على غزة رداً على صواريخ أطلقت من القطاع انتقاماً لمقتل 9 فلسطينيين خلال عملية إسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة.
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحافيين، إن الولايات المتحدة «قلقة للغاية من تصاعد العنف في الضفة الغربية، وكذلك أيضاً من الصواريخ التي تم إطلاقها على ما يبدو من غزة، نعتقد أنه يتعين على جميع الأطراف المعنية أن تسعى بشكل عاجل لنزع فتيل الأزمة».
كما دعت فرنسا، كلاً من إسرائيل والفلسطينيين إلى «الامتناع عن تأجيج التصعيد»، وذلك إثر غارات جوية شنتها الدولة العبرية على غزة، رداً على صواريخ أطلقت من القطاع.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية، آن كلير لوجاندر، إن «فرنسا تعرب عن قلقها العميق إزاء مخاطر التصعيد، بما في ذلك في قطاع غزة، في أعقاب العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي أمس في مخيم جنين بالضفة الغربية، والتي أفادت تقارير عدة أنّها أسفرت عن مقتل مدنيين».
وأعربت لوجاندر عن أسفها كون أعمال العنف في الضفة الغربية أسفرت في شهر يناير لوحده عن مقتل 30 فلسطينياً.
وشددت المتحدثة على أن فرنسا تؤكد تمسكها باحترام القانون الإنساني الدولي و»بواجب حماية المدنيين في الأراضي المحتلة، والذي يقع على عاتق إسرائيل».
وأضافت، أن باريس «تدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والامتناع عن تأجيج التصعيد».
وشنت إسرائيل أمس الخميس، عملية دامية، على مخيم جنين في شمال الضفة الغربية، أسفرت عن مقتل 9 فلسطينيين، بينهم مسنة وعدد من المسلحين المنتمين إلى حركة الجهاد.
وقد أعادت العملية الى الفلسطينيين مشاهد من الانتفاضة الثانية بين عامي 2000 و2005 عندما كان مخيم جنين في صلب المواجهات.
تحذيرات
ويحذر محللون من وقوع مزيد من أعمال العنف بعدما شهد العام 2022 سقوط أكبر عدد من القتلى في الضفة الغربية منذ نهاية الانتفاضة الثانية (2000-2005)، وفق الأمم المتحدة.
ويتمركز في المخيم مقاتلون فلسطينيون من مجموعات مسلحة مختلفة، ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات شبه يومية فيه، بعد سلسلة من الهجمات الدامية داخل إسرائيل العام الماضي.
وتقول المحللة في مجموعة الأزمات الدولية تهاني مصطفى، إنها تتوقع «استمرار تصاعد العنف مع تعمّق الغضب الفلسطيني من العمليات الإسرائيلية المتكررة وتزايد الإحباط من السلطة الفلسطينية التي ينظر إليها الكثيرون على أنها بيدق بيد إسرائيل».
وتوضح، أن العملية الأخيرة «ستؤجج الإحباط والغضب الذي يشعرون به بالفعل تجاه السلطة الفلسطينية والإسرائيليين».
وأعلنت السلطة الفلسطينية في وقت متأخر الخميس، أنها قطعت التنسيق الأمني مع إسرائيل للمرة الأولى منذ العام 2020، في خطوة انتقدتها واشنطن قبل أيام من وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة.
ويقول أبو كمال الذي يعيش في المخيم، إن جنين «تشعر بشكل متزايد وكأنها مجتمع تحت حصار دائم»، مشيراً الى أن «الغضب يسود في جميع أنحاء المخيم». ويضيف «الأجواء متوترة جداً، وهناك استياء من جرائم الاحتلال الإسرائيلي. وكأن كل بيت من بيوت جنين استهدف».
وتضاعف القلق من انفجار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بعد إطلاق حركة «الجهاد الإسلامي» في قطاع غزة صواريخ على إسرائيل خلال الليلة الماضية، وسط جهود دولية لنزع فتيل التوتر.
ورداً على الصواريخ القادمة من غزة، شنت طائرات إسرائيلية قصفاً على القطاع صباح اليوم الجمعة، مما تسبب في انطلاق صفارات الإنذار بمناطق إسرائيلية قرب الحدود مع القطاع الجنوبي الساحلي الذي تسيطر عليه حركة حماس.
ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات أو قتلى في كلا الجانبين ولم يظهر حتى الآن ما يفيد تطور الوضع إلى صراع أكثر خطورة من النوع الذي شوهد مراراً على مدى السنوات الأخيرة، والذي تبادلت خلاله إسرائيل والحركات الفلسطينية إطلاق الصواريخ.
من ناحية أخرى حذر المحلل الإسرائيلي، رون بن يشاي، من أن الهجوم الذي شهدته مدينة القدس، الجمعة، قد يؤدي إلى تصعيد يصل إلى مستوى الانتفاضة، معتبراً أن الحل لمواجهة المسلحين المنفردين هو الانتشار الأمني الكثيف.
وقال بن يشاي في تحليل له بصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تحت عنوان «الاختبار الأكبر للحكومة اليمينية»، إن الهجوم الذي وقع، مساء أمس السبت، في مستوطنة النبي يعقوب هو عمل انتقامي بعد العملية الإسرائيلية في جنين، حيث قتل 9 فلسطينيين معظمهم مُسلحون، وتم تحديد هوية المسلح الذي لم يكن له سجل أمني. وتابع «يبدو أن اختبار الرد الإسرائيلي أكثر صعوبة أكثر من أي وقت مضى»، وإذا تبين أن الإرهابي كان يعمل «كعنصر خامل» في خدمة حركة حماس بغزة أو من المقرات التابعة لها في الخارج، فسيتعين النظر في فرض عقوبات على حماس بغزة.
أما بشأن محاربة المسلحين المنفردين، فيقول بن يشاي إن المؤسسة الأمنية أدركت بالفعل، في السنوات الأخيرة، أنه ليس عليها إلا محاولة التعرف عليهم قبل تنفيذهم الهجمات وذلك من خلال مراقبة المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي أو باستخدام وسائل الاستخبارات التكنولوجية الأخرى.
وتابع ، كانت هناك يقظة في القدس وجميع أنحاء الضفة الغربية، وكانت على أعلى مستوى، ولذلك تم تحييد منفذ الهجوم على بعد أقل من كيلومتر واحد من مكان الهجوم الرئيسي، عن طريق ضباط الشرطة الذين كانوا جزءاً من الاستنفار الأمني بسبب الاضطرابات».
يقول بن يشاي إنه على إسرائيل أن تمنع على الفور المزيد من هذه الهجمات، وكذلك الأعمال الانتقامية من قبل اليهود المتطرفين في القدس أو في جميع أنحاء الضفة الغربية، مؤكداً أن الوسيلة المختبرة لذلك هي تعزيز قوات الأمن في المنطقة.
ووفقاً للمحلل الإسرائيلي، يمكن الأحداث في جنين والقدس رفع مستوى العنف الشديد، الذي تم احتواؤه نسبياً في الأشهر الأخيرة، إلى انتفاضة حقيقية يشارك فيها حشود من الفلسطينيين، ويشارك فيها متطرفون يهود، لافتاً إلى أن المهمة الرئيسية لقوات الأمن ستكون منع مثل هذا التصعيد.
وأشار بن يشاي إلى أن الحكومة اليمينية قد تنعقد بتشكيلتها الجديدة التي لا تضم الكثيرين من ذوي الخبرة، حيث تتألف بشكل أساسي من وزراء ذوي آراء قومية متشددة. وبدلاً من تهدئة المنطقة يمكنهم اتخاذ إجراءات من شأنها تأجيج النيران بشكل أكبر.
واختتم «في وقت تلتفت فيه الإدارة الأمريكية إلى منطقتنا، حيث زيارة رئيس الاستخبارات المركزية الأمريكية للمنطقة، والوصول المنتظر لأنتوني بلينكن يوم الإثنين المقبل، فمن المُحتمل أن يكون هناك ضغط على نتانياهو لعدم اتخاذ إجراءات من شأنها تصعيد العنف،. وللملك عبدالله الثاني أيضاً مصلحة في موضوع القدس، وسيحاول بالتأكيد التدخل»، مؤكداً أن هذا سيكون أول اختبار لمجلس الوزراء في الحكومة الإسرائيلية.