
«وكالات» : تظاهر الآلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل في العاصمة أمس السبت تنديدا باستهداف الحريات النقابية والعامة، في وقت حذر الرئيس قيس سعيد من مشاركة الأجانب في الاحتجاج.
وقال الاتحاد إن احتجاجه يأتي للتنديد بما اعتبره استهدافا للحريات النقابية وللحريات الفردية والعامة من قبل السلطات، في ظل تدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والمعيشـــية للتـــــونسيين، وفق تعبيــر هـــذه المنظمة النقابية الأكبر في البلاد.
وقال الأمين العام نور الدين الطبوبي -في كلمة أمام المتظاهرين- إن الاتحاد لن يقبل بقمع الحريات مهما كانت النتيجة.
وأكد الطبوبي أن الاتحاد العام للشغل قدم رؤيته بشأن خطة الإصلاح الحكومية، لكنه لم يجد آذانا صاغية.
وأضاف أن كلمة الحوار أصبحت بمثابة جريمة في تونس، كما ندد بتصريحات الرئيس سعيد الأخيرة بشأن المهاجرين الأفارقة معلنا ترحيبه بهم في تونس.
وتأتي هذه التحركات وسط توتر متصاعد بين هذه المنظمة النقابية من جهة، ورئاستي الدولة والحكومة من جهة أخرى.
وتتهم المنظمة النقابية السلطات بالسعي إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية وبيع مؤسسات القطاع العام تنفيذا لشروط صندوق النقد الدولي، ومحاولة استهداف المنظمة والعمل النقابي.
بالمقابل، قال سعيد إن اتحاد الشغل «حر في تنظيم المظاهرات، لكنه ليس حرا في أن يدعو الأجانب للمشاركة فيها»، وفق تعبيره، فيما بدا تأكيدا لقرار السلطات منع عدد من المسؤولين النقابيين الأجانب من دخول البلاد للمشاركة في المظاهرات التي ينظمها اتحاد الشغل.
وقال الرئيس سعيد -خلال لقائه وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي- إن دعوة أجانب للتظاهر والمشاركة في الاحتجاجات في تونس «غير مقبولة أبدا».
واعتبرت هذه المنظمة النقابية قرار منع دخول نقابيين أجانب لتونس بالقرار الذي يسيء إلى سمعتها ويمثل شاهدا آخر على أنها تسير نحو الاستبداد، على حد وصف المتحدث باسم الاتحاد سامي الطاهري.
وذكر اتحاد الشغل -في صفحته الرسمية على فيسبوك الجمعة- أن السلطات منعت دخول ممثلين عن اتحادات نقابية في 6 دول على الأقل من أجل المشاركة في الاحتجاج.
بدورها، قالت جبهة الخلاص الوطني المعارضة إنها لن تستجيب لقرار السلطات منع احتجاج الجبهة المقرر غدا، وقالت إنه قرار تعسفي وباطل، مضيفة أنه صدر عن سلطة غير مختصة، ولأسباب لا تمت إلى القانون بصلة.
وأضافت الجبهة في بيان أنها تتمسك بحقها في التظاهر يوم الخامس من مارس/آذار الجاري العاشرة صباحا (09:00 بتوقيت غرينتش) من ساحة الجمهورية إلى شارع الحبيب بورقيبة (في العاصمة).
وتضم جبهة الخلاص الوطني: حركة النهضة، حزب الأمل، قلب تونس، مواطنون ضد الانقلاب، إلى جانب كيانات وتيارات سياسية وشعبية ترفض المشروع السياسي للرئيس سعيّد.
بدوره، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس إنه لا بد من العمل من أجل الحفاظ على الديمقراطية في تونس التي انطلق منها الربيع العربي.
وأضاف غوتيريش -في مقابلة مع الجزيرة- أنه ينبغي ألا يعتقل أي شخص في تونس على خلفية رأيه السياسي.
ومن جانبها، أعربت خارجية الولايات المتحدة عن قلقها من حملة الاعتقالات بحق ناشطين في تونس بذريعة تواصلهم مع السفارة الأميركية هناك.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس «هذا جزء من وتيرة متصاعدة من الاعتقالات ضد من يعتبرون معارضين للحكومة» مشيرا إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين في أنحاء العالم يلتقون شخصيات مختلفة في كل البلدان.
ومنذ 25 يوليو2021 تعيش تونس أزمة سياسية حادة بعد اتخاذ الرئيس سعيد إجراءات استثنائية، من أبرزها حل مجلس القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، وإقرار دستور جديد.
من ناحية أخرى تنطلق أمس السبت من تونس عمليات إجلاء نحو 300 مهاجر من مالي وساحل العاج إلى بلادهم بعد حملات عدائية تجاه المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء أججها خطاب الرئيس قيس سعيد.
وقال السفير العاجي في تونس إبراهيم سي سافاني «من المقرر مغادرة طائرة الخطوط الجوية العاجية السبت الساعة 7 صباحا بالتوقيت المحلي وعلى متنها 145 راكبا»، مضيفا أن عدد المسجلين للعودة بلغ 1100 حتى الآن.
ويقدر عدد الجالية العاجية في تونس بنحو 7 آلاف شخص، وفقا لإحصاءات رسمية.
وقال دبلوماسي مالي في تونس للفرنسية إن بلاده استأجرت طائرة لإعادة ما يقارب 150 شخصا بناء على أوامر رئيس المجلس العسكري الذي أعطى «تعليمات صارمة للغاية» للتعامل مع موضوع عودة الرعايا إلى بلدهم.
وهذه أولى رحلات الإجلاء إلى هذين البلدين منذ خطاب ألقاه سعيد الأسبوع الفائت شدد فيه على وجوب اتخاذ «إجراءات عاجلة» لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكدا أن هذه الظاهرة تؤدي إلى «عنف وجرائم».
ونددت منظمات حقوقية تونسية ودولية عدة بتصريحات سعيد، واعتبرت خطابه «عنصريا» و»يدعو إلى الكراهية».
وتحدث غينيون عادوا في أول رحلة إجلاء الأربعاء الماضي إلى بلدهم عن «تصاعد الكراهية» بعد هذا الخطاب، وعن «كابوس» عاشوه إثر ذلك في الشارع وفي الأحياء السكنية التي يقطنون فيها بالعاصمة التونسية والمحافظات.
وقد فقد عدد كبير من الـ21 ألف مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء المسجلين رسميا في تونس -ومعظمهم في وضع غير قانوني- وظائفهم وطردوا من منازلهم بين ليلة وضحاها.
وأوقف العشرات خلال حملات للشرطة وسجن بعضهم، وقدّم بعضهم الآخر شهادات إلى منظمات حقوقية عن تعرضهم للتعذيب الجسدي، منددين بوجود «مليشيات» تقف وراء ذلك.