
«وكالات» : يبدو أن التوترات المتصاعدة في المنطقة، وهجمات الميليشيات الموالية لها من العراق إلى سوريا فاليمن، جراء الحرب الإسرائيلية على غزة، بدأت تثير قلق إيران.
فقد كشف مسؤولون مطلعون على تقارير المخابرات الأميركية عن وجود دلائل ومؤشرات تشي بأن طهران متوترة جراء تصرفات بعض وكلائها في المنطقة.
إذ تهدد الهجمات التي شنتها ولا تزال تلك الميليشيات بتعطيل الاقتصاد العالمي، وتزيد من خطر المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، وفق ما نقلت شبكة سي أن أن، أمس الخميس.
وقال عدة مسؤولين إن الهجوم الذي نفذته ميليشيات عراقية مسلحة الأسبوع الماضي بطائرة بدون طيار استهدفت البرج 22 على الحدود الأردنية وأدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين فاجأ طهران وأثار قلق القيادة السياسية هناك.
إلى ذلك، أشارت المخابرات الأميركية أيضًا إلى أن إيران تشعر بالقلق من أن الهجمات التي يشنها المسلحون الحوثيون باليمن على السفن التجارية في البحر الأحمر يمكن أن تزعزع المصالح الاقتصادية لكل من الصين والهند، الحليفين الرئيسيين لها.
رغم ذلك، لا يرى المسؤولون أن حذر طهران المتزايد سيغير استراتيجيتها الأوسع المتمثلة في دعم الهجمات بالوكالة على أهداف أميركية وغربية، إلا أنه قد يدفعها إلى إجراء تعديلات معينة.
ورجحوا أن تعتمد نهجا محسوباً بدقة أكبر في الصراع يهدف إلى تجنب إشعال حرب شاملة.
وكانت واشنطن أكدت أن هجوم الأردن لن يمر مرور الكرام، وتوعدت طهران بالرد وضرب قواعد وأصول تابعة لها في المنطقة.
كما ألمح بعض المسؤولين الأميركيين إلى أن عملية الرد قد تمتد أكثر من أسبوع وتتنوع وفق أساليب وأهداف مختلفة.
يذكر أنه الحرب التي تفجرت في غزة يوم السابع من أكتوبر الماضي، صاعدت التوتر في المنطقة وحركت عدة جبهات وساحات. فمنذ 17 أكتوبر الماضي بلغ عدد الهجمات التي شنتها فصائل مسلحة موالية لطهران في العراق وسوريا على قواعد عسكرية أميركية أكثر من 160 هجوماً.
كما شن الحوثيون عشرات الهجمات منذ نوفمبر المنصرم على سفن الشحن في البحر الأحمر، ما أدى إلى اضطرابات في حركة الشحن الدولي، فضلا عن تباطؤ التجارة بين آسيا وأوروبا، وأجج مخاوف من اختناقات في الإمدادات.
كما أثارت تلك الهجمات قلق القوى الكبرى حيال اتساع نطاق حرب غزة إقليميا.
من ناحية أخرى بعد الضربات المؤلمة التي تلقاها خلال الفترة الماضية، إثر مقتل بعض من كبار ضباطه في سوريا جراء غارات إسرائيلية، يبدو أن الحرس الثوري الإيراني قرر سحب عدد من كبار مسؤوليه ومستشاريه.
فقد كشفت مصادر مطلعة أن الحرس قلص بالفعل انتشار كبار ضباطه على الأراضي السورية بعد موجة الضربات الإسرائيلية المؤلمة التي تلقاها مؤخراً.
كما أوضحت أن تلك الخطوة أتت جزئيًا بسبب سعي إيران لتفادي الانجرار مباشرة في الصراع المحتدم بالشرق الأوسط منذ تفجر الحرب في غزة، حسب ما نقلت وكالة رويترز.
رغم ذلك، أكدت المصادر أن إيران لا تنوي الانسحاب كلياً من سوريا، إلا أن خطوتها هذه تأتي على ما يبدو في إطار إعادة التفكير والبحث في أفق الصراع وكيفية توسعه منذ السابع من أكتوبر الماضي، يوم الهجوم المباغت الذي نفذته حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة.
إلى ذلك، كشفت أن الحرس الثوري سيبقى حاضراً في المشهد السوري، على أن يدير ويوجه تلك العمليات عن بعد عبر مساعدة حزب الله اللبناني.
أما في ما يتعلق بالقوات الإيرانية أو المستشارين الذين ما زالوا داخل سوريا، فكشف مسؤول اقليمي مقرب من إيران، أنهم تركوا مكاتبهم ومراكزهم واختفوا عن الأنظار، مقللين من تحركاتهم إلى أقصى الحدود.
هذا وكشفت 3 مصادر مطلعة أن الحرس الثوري أثار مخاوفه من تسرب المعلومات الحساسة من الداخل السوري، مع عدد من المسؤولين الرسميين في دمشق.
أتت تلك التحركات على ما يبدو بعدما أدت ضربة إسرائيلية في 20 يناير الماضي إلى مقتل 5 من عناصر ومستشاري الحرس الثوري.
كما جاءت بعد أكثر من شهر على مقتل القيادي الرفيع رضي موسوي قرب دمشق، يوم 25 ديسمبر الفائت.
كذلك، تزامنت مع تصاعد التوتر الإقليمي والمخاوف الدولية من اتساع دائرة الحرب في قطاع غزة، وإمكانية انجرار إيران مباشرة إليها.
يذكر أن إسرائيل شنت خلال الأعوام الماضية مئات الضربات الجوّية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافاً إيرانية وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر، لكن أيضاً مواقع للجيش السوري.
إلا أنها قلما أعلنت تبنيها رسميا لتلك الهجمات أو الغارات، لكنها كررت مرارا أنها ستتصدى لما تصفه بمحاولات طهران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.