
«وكالات» : تطرح المحادثات بين الأميركيين والعراقيين حول انسحاب القوات الأميركية من العراق اشكالية خاصة، والسبب يعود الى تعدد الأطراف المنخرطة في تلك المسألة.
فهناك الحكومة العراقية في الواجهة، وإلى جانبها أطراف متعددة بدءاً من الشارع العراقي وصولاً الى الاحزاب الشيعية مروراً بالأحزاب والمناطق ذات الأكثرية السنية بالإضافة الى الأكراد.
أما البعد الخارجي للمسألة العراقية ليس أقل أهمية، فالأتراك لديهم مصلحة بإبقاء الميليشيات الشيعية والنفوذ الايراني بعيداً عن حدودهم الجنوبية، والإيرانيون يريدون طرد الأميركيين من العراق ومحاولة إخضاع البلاد لنفوذهم المتصاعد، وهناك إمتداد أمني مهم للأميركيين في سوري أيضا.
وفي السياق، تحدّثت مصادر في واشنطن وكان لافتاً جداً أن الاميركيين يتحدّثون عن أمر واحد ألا وهو «منع عودة داعش»
فقد وصف أحد المتحدّثين الأوضاع الميدانية بالقول إن «داعش تنظيم فائق الخطورة وهو منتشر في الاراضي العراقية خصوصاً في منطاق الحدود مع سوريا و كلما قضيت على بعضه أو تراجع اهتمامك به عاد مثل العشب البرّي»
ويتحدّث الأميركيون بكثير من القلق عن داعش وامكانية عودته إلى نشاطه، ويشترطون أن تكون مغادرتهم مرتبطة بعدم عودة التنظيم.
فيما يضعون تحت هذا البند الكثير من المتطلبات، ومنها أهلية وامكانيات القوات الحكومية العراقية، وقدرتها على ضبط الاوضاع في المستقبل، بحيث لا يشهد البلاد أية أزمة يتسبب بها التنظيم الارهابي.
إلى ذلك، شدد أحد المتحدثين لـ العربية.نت على أن الادارة الأميركية لا تريد بأي شكل من الأشكال تكرار سيناريو العام 2011 عندما غادرت القوات الأميركية وتركت الساحة للحكومة في بغداد، لكن بعد ثلاث سنوات انهارت القوات العراقية أمام تقدّم داعش، فاضطر الأميركيون للعودة على عجل، وقاموا بعمليات عسكرية واسعة لدحر التنظيم ومساعدة الجيش العراقي على اعادة بناء نفسه.
كما قال «حين نغادر لا يجب أن نعود! العودة مسألة مكلفة جداً وقد عانينا من الأمر»
ويبدو أن الأميركيين جادّون في هذا «الاشتراط»، ويريدون النظر الى تحدّي داعش ليس كمشكلة عراقية، بل كمشكلة ارهاب تهدّد العراق والعالم أجمع.
إلى ذلك،وتضيف مشكلة داعش في سوريا أسئلة على الحضور الأميركي في العراق، فقداعتمدت القوات الأميركية خلال السنوات الماضية على قواعدها في العراق والأردن والتنف لمساندة مهمتها بمنطقة شمال شرق سوريا.
لذاوفي حال الانسحاب، سيكون على الاميركيين، خصوصاً العسكريين المجيء بخطط إمداد جديدة لإسناد القوات الاميركية وقوات سوريا الديموقراطية داخل الاراضي السورية.
وقد أوضح أحد المتحدثين لـ العربية.نت والحدث.نت أنه ليس لدى واشنطن اصدقاء في سوريا، في اشارة واضحة الى ان الاراضي السورية ليست بديلاً للأراضي العراقية في عملية الاسناد، فغالبية المناطق السورية تسيطر عليها قوات تابعة للرئيس السوري بشار الأسد والميليشيات الايرانية.
إذا من الواضح أن الأميركيين عندما يتحدّثون عن العلاقات مع العراق يعطون الانطباع ان مسألة الحضور العسكري مسألة تقنية أكثر من أي شيء آخر، ويريدون من المستمع ان يفهم التحديات العسكرية ومكافحة الارهاب أكثر من أي أمر آخر.
في المقابل، أكدت مصادر أن «العراقيين لا يريدون أن تغادر القوات الأميركية». لكن المتحدثين لم يعطوا الكثير من التفاصيل.
في حين تريد الحكومة العراقية ان تتمّ مقاربة الانسحاب بطريقة مختلفة وبشعارات محددة. وقال اشخاص مطلعــــون على موقف الحكـــومة ببغداد أنها تريد طرح الانسحاب تحت ثلاثة عناوين: الاول هو إنهاء مهمة التحالف وليس انسحاب اميركي، والثاني هو الانسحاب بالتراضي والثالث التحوّل الى العلاقات الثنائية العميقة .
في أي حال سيكون الانسحاب الاميركي من العراق، تحوّلاً آخر في علاقات الولايات المتحدة مع بغداد.
وفي حين لا ترى الولايات المتحدة في ظل الرئيس الحالي جوزيف بايدن أن بقاءها في العراق ضرورة استراتيجية، ولا تتحدّث عن أنها تريد مواجهة النفوذ الايراني وأذرعه في العراق وسوريا، تدل كل المؤشرات على أن الاكراد العراقيين يريدون من واشنطن الاحتفاظ بحضور كبير في منطقتهم بصرف النظر عن أي اتفاق مستقبلي بين واشنطن وبغداد.