
«وكالات» : بينما تتصاعد النداءات الدولية من أجل دفع إسرائيل للسماح بدخول المزيد من شاحنات الإغاثة إلى غزة والتحذيرات الأممية من شبح مجاعة يلوح في القطاع الفلسطيني المحاصر، استهدف قصف إسرائيلي أمس الخميس جنوب غربي مدينة غزة، بينما كان المئات ينتظرون الحصول على المساعدات.
فقد أدى القصف الإسرائيلي الذي استهدف دوار النابلسي شمال القطاع إلى مقتل 104 مدنيين، وإصابة نحو 760 آخرين.
أتى ذلك، بينما قدم آلاف الفلسطينيين إلى الدوَّار من مدينة غزة ومن جباليا وبيت حانون انتظاراً لوصول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية عند طريق هارون الرشيد الساحلي في منطقة الشيخ عجلين بغرب مدينة غزة، وفق ما أفادت مصادر أمس.
كما أشار إلى أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار بشكل مباشر على بعض المدنيين أثناء انتظارهم المساعدات. وأوضح أن أعدادا كبيرة من الجرحى نقلوا إلى مستشفى الشفاء، ما فاق قدرة الطاقم الطبي على التعامل معهم، كما نقل عدد من الجثامين والمصابين إلى مستشفيي المعمداني في مدينة غزة، وكمال عدوان في جباليا.
بدوره، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن فريقه الميداني «وثَّق إطلاق الدبابات الإسرائيلية النيران بشكل مباشر تجاه آلاف المدنيين الجياع» في غزة.
كما أكد الإعلام الحكومي في غزة أن القوات الإسرائيلية كانت لديها «نية مبيتة» للهجوم على النازحين.
إلى ذلك قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن ما يحدث في غزة «مذبحة» يجب وقفها.
وأضاف في بيان أنه «لا توجد حدود «للأهوال التي تتكشف أمام أعيننا في غزة ولا توجد كلمات لوصفها»، مشدداً على أن «قتل وتشويه المدنيين في غزة بلغ مستوى غير مسبوق»، وفقاً لوكالة أنباء العالم العربي AWP.
كما أردف أن «إسرائيل استخدمت بشكل متكرر أسلحة متفجرة ذات آثار واسعة النطاق في أحياء مكتظة بالسكان في غزة».
فيما علقت حركة «حماس» على الحادثة، وقالت إن إسرائيل تتحمل تبعات فشل المفاوضات بسبب استمرار جرائم الإبادة.
وقالت إن «المفاوضات ليست عملية مفتوحة على حساب دماء الشعب الفلسطيني».
في المقابل قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجيش ليس على علم بقصف منطقة غرب مدينة غزة أمس، مضيفاً أنه «لا توجد معلومات عن قصف إسرائيلي في المنطقة»، حسب رويترز.
أتى ذلك، فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر ارتفع إلى أكثر من 30 ألفا، فيما وصل عدد المصابين إلى أكثر من 70 ألفا.
بينما لا يزال عدد غير معروف من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات.
بدوره أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عدد قتلى الحرب في قطاع غزة تجاوز 30 ألفا، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، في حين تخطى عدد المصابين 70 ألفا. وشدد في تغريدة عبر حسابه على منصة إكس أمس على ضرورة وقف إطلاق النار وإنهاء «هذا العنف المروع والمعاناة» في غزة.
بالتزامن حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أمس أيضاً من أن الأنباء المتعلقة بوفاة ستة أطفال نتيجة الجفاف وسوء التغذية في شمال غزة مروعة. وأضافت عبر منصة إكس أن «المطلوب الآن إتاحة الوصول لأنحاء القطاع، مشددة على أن وقف إطلاق النار الفوري يمثل «مسألة حياة أو موت».
وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد أعلنت الأربعاء وفاة طفلين بمجمع الشفاء الطبي بسبب الجفاف وسوء التغذية، ما يرفع عدد وفيات الأطفال في شمال القطاع نتيجة ذلك إلى ست وفيات.
يذكر أن الأمم المتحدة كانت حذرت مرارا وتكرار في السابق من ارتفاع أعداد القتلى المدنييين من الأطفال والنساء جراء الحرب في القطاع، مؤكدة أنهم يدفعون الفاتورة الأغلى ثمناً.
كما نبهت هذا الأسبوع من «مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريبا» تهدد 2,2 مليون شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع، لا سيما في شماله، مع تعثر وصول المساعدات جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت أكثر من مرة شحنات مساعدات أممية.
من جهة أخرى بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مجموعة من المدنيين الفلسطينيين في جنوب غربي مدينة غزة، أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية فجر أمس الخميس، لوحت حركة حماس بوقف المفاوضات
وأكدت في بيان أن «المحادثات التي تجريها قيادة الحركة ليست عملية مفتوحة على حساب دماء الشعب» وفق قولها.
كما حملت الجانب الإسرائيلي تبعات أي فشل يلحق بالمفاوضات الجارية منذ أيام عبر الوسطاء القطريين والمصريين.
إلى ذلك، وصفت حماس الحادثة بأنها «مجزرة مروعة» وقالت إن «المواطنين ذهبوا للحصول على الغذاء بعد تجويعهم وتجويع أكثر من 700 ألف إنسان منذ 146 يوما».
بدورها دانت وزارة الخارجية الفلسطينية «المجزرة البشعة»، معتبرة أنها «جزء لا يتجزأ من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها حكومة الاحتلال ضد الشعب».
في المقابل، نفت إسرائيل علمها بحصول أي قصف في المنطقة. وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن الجيش ليس على علم بقصف منطقة دوار النابلسي غربي مدينة غزة، علماً أن مسعفين فلسطينيين كانوا أكدوا أن العشرات قتلوا في هجوم إسرائيلي بينما كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات. وأضاف قائلا «لا توجد معلومات عن قصف إسرائيلي في المنطقة».
ثم أعلن الجيش بوقت لاحق أن الإصابات في دوار النابلسي أتت جراء «تزاحم وتدافع» الناس لدى وصول شاحنات الإغاثة. وقال في بيان «في وقت مبكر من صباح أمس، وعند دخول شاحنات مساعدات إنسانية إلى شمال غزة، أحاط السكان بالشاحنات ونهبوا الإمدادات التي كان يجري تسليمها، فأصيب العشرات نتيجة التزاحم والتدافع».
أتى ذلك، بعدما أكد مسؤول طبي في غزة أن 50 شخصا على الأقل قتلوا بنيران إسرائيلية أثناء تجمعهم للحصول على مساعدات إنسانية في شمال القطاع الفلسطيني المحاصر. وأفاد مدير الطوارئ في مستشفى الشفاء أمجد عليوة في بيان عن سقوط «50 على الأقل وأكثر من 120 مصابا بينهم نساء وأطفال جراء إطلاق القوات الإسرائيلية النار في ساعة مبكرة أمس في اتجاه آلاف المواطنين الذين تجمعوا عند وصول شاحنات الإغاثة إلى دوار النابلسي».
من جانب آخر وسط المواجهات اليومية المستمرة منذ أكتوبر الماضي بين إسرائيل وحزب الله جنوب لبنان، تتصاعد المخاوف داخل الإدارة الأميركية من توغل بري إسرائيلي محتمل خلال الأسابيع أو الأشهر المقبل داخل الأراضي اللبنانية.
فقد كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية ومسؤولون مطلعون على المعلومات الاستخبارية أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولي المخابرات يشعرون بالقلق من مخططات إسرائيلية لتوغل بري في لبنان يمكن أن يبدأ في الأشهر المقبلة إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في دفع حزب الله إلى التراجع عن الحدود الشمالية لإسرائيل.
وقال مسؤول أميركي مطلع إن التوغل الإسرائيلي المحتمل ربما يكون أوائل الصيف المقبل.
كما أشار إلى أن «الإدارة تعمل افتراضها حدوث عملية عسكرية إسرائيلية في الأشهر المقبلة». وأردف قائلا: «ليس بالضرورة أن يحصل أن التوغل خلال الأسابيع القليلة المقبلة ولكن ربما في وقت لاحق من هذا الربيع».
إلى ذلك، أضاف أن العملية العسكرية الإسرائيلية باتت احتمالا واضحاً.
وفي حين لم يتم اتخاذ قرار إسرائيلي نهائي بعد، فإن القلق البالغ من حصول مثل هذا التحرك شق طريقه إلى الإحاطات الاستخباراتية لكبار المسؤولين في الإدارة، وفق ما أوضح شخص مطلع لشبكة «سي أن أن»، أمس الخميس.
أتت تلك المعلومات بعدما دعت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء الماضي إلى التركيز على الدبلوماسية لإيجاد حل للتصعيد العسكري على الحدود اللبنانية الإسرائيلة، بعد تحذير إسرائيل من أنها ستواصل ملاحقة حزب الله. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر «لا نريد أن نرى أيا من الجانبين يصعّد النزاع في الشمال»، مضيفا أن «الحكومة الإسرائيلية أكدت لواشنطن بشكل خاص أنها تريد تحقيق مسار دبلوماسي»، حسب قولها.
وكان حزب الله أكد مراراً أن ما سمّاه «محور المقاومة» في إشارة إلى المجموعات والفصائل الوالية لإيران في المنطقة ستواصل دعم حماس، في تطبيق لما يعرف بتوحيد الساحات أو الجبهات.
في حين توعد المسؤولون الإسرائيليون لاسيما وزير الدفاع يوآف غالانت بمواصلة ضرب وملاحقة حزب الله، حتى لو تم الاتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.
يشار إلى أنه منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، إثر الهجوم الذي شنته حماس على مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة، تسبب التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية بمقتل 286 شخصاً على الأقل، بينهم 197 مقاتلاً من حزب الله و44 مدنياً و24 مقاتلا فلسطينياً، 10 منهم من حماس.
كما دفع حوالي 80 ألف إسرائيلي وحوالي 75 ألف لبناني إلى إخلاء منازلهم من المناطق الحدودية في الجانبين.