
«وكالات» : يتواصل القتال في قطاع غزة، أمس الثلاثاء، غداة صدور أول قرار عن مجلس الأمن الدولي يدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار» بين حركة حماس وإسرائيل التي سارعت لإبداء امتعاضها من حليفها الأميركي لعدم تصويته ضد القرار كما فعل مراراً منذ اندلعت الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر.
وقالت قناة (الأقصى) الفلسطينية أمس الثلاثاء إن 30 شخصا قتلوا في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قال في وقت سابق أمس إنه هاجم 60 هدفا خلال سلسلة عمليات نفذها في مناطق مختلفة من قطاع غزة. وذكر الجيش أنه واصل عملياته في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه بشمال قطاع غزة، معلنا مقتل عدد ممن وصفهم بالمسلحين هناك.
كما أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أمس الثلاثاء خروج مستشفى الأمل في خان يونس بجنوب قطاع غزة عن الخدمة. وعبر الهلال الأحمر في بيان عن بالغ أسفه لخروج المستشفى عن الخدمة «بعد أن فشل المجتمع الدولي في توفير الحماية اللازمة لطواقمه ومرضاه ونازحيه»، لافتا إلى أن المستشفى حوصر لأكثر من 40 يوما وقصف عدة مرات قبل أن تعيد القوات الإسرائيلية حصاره من جديد.
وفجر الثلاثاء، استهدفت غارات جوية عدّة أماكن قريبة من رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب القطاع على الحدود المغلقة مع مصر والتي تضاعف عدد سكانها خمس مرات منذ اندلعت الحرب، بحسب ما أفاد شهود عيان لوكالة «فرانس برس».
كما أفاد شهود عيان بأنّ اشتباكات عنيفة دارت في حي الرمال ومخيم الشاطئ وتل الهوى بمدينة غزة ووسط خان يونس وغربها.
وبحسب مكتب الإعلام الحكومي التابع لحماس فقد شنّت إسرائيل، ليل الاثنين، عشرات الغارات الجوية في غزة ورفح ودير البلح وخان يونس والمغازي وبيت لاهيا، بالتوازي مع قصف مدفعي مكثف استهدف مناطق مختلفة في القطاع.
ورفح التي لجأ إليها أكثر من مليون نازح بسبب الحرب مهدّدة بعملية برية واسعة النطاق تعدّ لها إسرائيل ويخشى المجتمع الدولي من مخاطرها على المدنيين الفلسطينيين المكدّسين فيها.
وفجر الثلاثاء، دوّت صافرات الإنذار في بلدات إسرائيلية قريبة من قطاع غزة، وكذلك أيضاً في شمال إسرائيل، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية أمس الثلاثاء إن قرار مجلس الأمن الدولي الصادر بشأن قطاع غزة يشكل أرضية صالحة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، مطالبة بتنفيذه على الفور.
واعتبرت الخارجية الفلسطينية في بيان أن هجوم إسرائيل الشرس على قرار مجلس الأمن «غير مبرر ولا معنى له سوى إصرار (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو وأركان ائتلافه يمينه الحاكم على تحقيق أهدافه الخبيثة غير المعلنة من الحرب بالطرق العسكرية فقط».
والاثنين، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال اجتماع في واشنطن من مخاطر اجتياح رفح، مجدّداً التأكيد على رفض الولايات المتّحدة لمثل هكذا عملية عسكرية واسعة النطاق.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان، إن بلينكن «كرّر دعم الولايات المتحدة لضمان هزيمة حماس، بما في ذلك في رفح، لكنّه كرّر معارضته لعملية برية واسعة النطاق في رفح».
وأضاف أن الوزير الأميركي «شدّد على وجود حلول أخرى غير غزو برّي واسع النطاق، وهي حلول من شأنها أن تضمن بشكل أفضل أمن إسرائيل وتحمي المدنيين الفلسطينيين».
من جهته، قال غالانت إنه «لا يحقّ لنا من الناحية الأخلاقية وقف الحرب طالما أنّ هناك رهائن في غزة».
وشدد الوزير الإسرائيلي على أن «نتيجة هذه الحرب ستحدّد شكل المنطقة لسنوات مقبلة»، مؤكداً أنّه من أجل ضمان أمن الدولة العبرية لا بد من «هزيمة» حماس.
وعُقد الاجتماع بين بلينكن وغالانت في مقر وزارة الخارجية في واشنطن بعيد ساعات من إلغاء إسرائيل زيارة كان مقرراً أن يقوم بها وفد رفيع المستوى إلى العاصمة الأميركية.
وألغت إسرائيل الزيارة احتجاجاً على عدم استخدام واشنطن حقّ الفيتو في مجلس الأمن الدولي لمنع صدور القرار الداعي لوقف لإطلاق النار.
ويطالب القرار الذي تم تبنّيه بغالبية 14 صوتاً مؤيّداً وامتناع عضو واحد عن التصويت هو الولايات المتحدة، بـ»وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان» الذي بدأ قبل أسبوعين، على أنّ «يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم». كما يدعو القرار إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن».
ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بصدور القرار، مشدّداً على أهمية تنفيذه. وقال في منشور على منصة «إكس»: «ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمراً لا يغتفر».
أما الرئيس السابق دونالد ترامب الذي غالباً ما اعتُبر أكثر الرؤساء الأميركيين تأييداً لإسرائيل، فقال لصحيفة «إسرائيل هايوم» إنّه يتعيّن على إسرائيل أن «تنهي» الحرب في القطاع الفلسطيني لأنّها تخسر «الكثير من التأييد» حول العالم.
من جهتها، رحّبت حماس بقرار مجلس الأمن واتّهمت إسرائيل بـ»إفشال» الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق يرسي هدنة مؤقتة ويتيح إطلاق سراح رهائن إسرائيليين وأسرى فلسطينيين.
وفي قطاع غزة، رحّب سكّان بقرار مجلس الأمن لكنّهم طالبوا واشنطن باستخدام نفوذها على إسرائيل لتنفيذه.
واندلعت الحرب إثر هجوم شنّته حماس على جنوب إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر وأوقع وفق الأرقام الإسرائيلية 1160 قتيلًا معظمهم مدنيون. كما خُطف حينها نحو 250 شخصا ما زال 130 منهم رهائن في غزة، ويُعتقد أن 33 منهم لقوا مصرعهم.
وردّاً على هذا الهجوم غير المسبوق، تعهدت إسرائيل «القضاء» على حماس التي تعتبرها، على غرار ما تفعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، منظمة إرهابية، وشنّت ضدّها عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس، الاثنين، ارتفاع حصيلة الحرب في القطاع إلى 32333 قتيلًا و74694 جريحًا معظمهم من الأطفال والنساء.
ميدانياً، لا ينفكّ الوضع في غزّة يزداد سوءاً بالنسبة لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة والذين يخضعون لحصار كامل والمهددين بمجاعة، وفقاً للأمم المتحدة ومنظمات دولية.
وبعد أسبوع على بدء الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة النطاق ضدّ مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة، المستشفى الأكبر في قطاع غزة، فرض الجيش حصاراً على مستشفيي ناصر والأمل في خان يونس، بشبهة وجود قواعد عسكرية لحماس داخلهما.
وليل الاثنين، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنّه أجلى 27 من موظفيه إلى مستشفى الأمل بعدما أجلى الأحد النازحين الذين كانوا قد لجأوا إليه.
وشمالي القطاع، اصطفّ في جباليا سكّان كثر منهم من النساء والأطفال، لملء أواني مياه جرّوها على عربات أو حملوها على أكتافهم.
وتفرض إسرائيل حصاراً مطبقاً على قطاع غزة منذ بداية الحرب. وتقول وكالات الإغاثة إن شاحنات المساعدات المحدودة التي تسمح الدولة العبرية بدخولها لا تلبّي على الإطلاق الاحتياجات الهائلة لنحو 2,4 مليون نسمة معظمهم نازحون مهددون بالمجاعة.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن إسرائيل منعتها نهائياً من توصيل مساعدات إلى شمال قطاع غزة حيث تقدر وجود 300 ألف شخص بلا ماء ولا طعام.
لكنّ الدولة العبرية قالت الاثنين إنها تعمل «مع منظمات الإغاثة ووكالات الأمم المتحدة الأخرى لتسهيل تقديم كميات كبيرة من المساعدات إلى الشمال».
من جهة أخرى دعت منظمة العفو الدولية، أمس الثلاثاء، إلى التنفيذ الفوري لقرار مجلس الأمن الصادر بشأن قطاع غزة، مؤكدة على ضرورة أن يمهد لوقف دائم لإطلاق النار للتخفيف من المعاناة الجماعية في القطاع.
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار في بيان «لقد طال انتظار صدور هذا القرار، لكن من الضروري أن ينفذ فورا وأن يؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار لتخفيف وطأة الوضع على المدنيين ومعالجة الدمار والمعاناة الهائلين في غزة».
وأضافت «لا مجال لإضاعة الوقت، وينبغي للسلطات الإسرائيلية أن توقف فوراً حملة القصف الوحشية التي تشنها على غزة، وأن تسهل تسليم المساعدات الإنسانية».
كما شددت كالامار على أنه يجب على إسرائيل وحماس وغيرها من الفصائل المسلحة «العمل على ضمان ديمومة وقف إطلاق النار، ويتعين الإفراج فوراً عن الأسرى المدنيين وجميع الأسرى الفلسطينيين المحتجزين تعسفاً في السجون الإسرائيلية، ومن ضمنهم مدنيون من غزة».
وحذرت من أن الفلسطينيين في غزة «يواجهون خطر إبادة جماعية، حيث قُتل أكثر من 32 ألف شخص بينما يُجوَّعُ الأطفال حتى الموت، في ظل مجاعة وشيكة خلقتها إسرائيل وتحويل مساحات شاسعة من قطاع غزة إلى أماكن غير صالحة للسكن بسبب حملة القصف الوحشية التي تشنها إسرائيل».