
«وكالات» : دخلت منطقة الشرق الأوسط خلال الساعات الماضية مرحلة «الأيام العصيبة». وقال مسؤول أميركي إن «مرحلة السماح انتهت»، مشيراً إلى أن أي شيء ممكن أن يحدث الآن.
وفي تفصيل لهذا الكلام، يتابع الأمريكيون بعد كل حدث ضخم في الشرق الأوسط ما يفعله الأطراف، خصوصاً إيران، وقد تعلّم الأمريكيون أن إيران كلما تلقّت ضربة، تدخل في أيام من النقاش الداخلي، وأن أجنحة الدولة الإيرانية تدرس الخيارات المطروحة والممكنة، وينخرط في هذا الدرس الحرس الثوري والمرشد الإيراني.
تعتبر الأجهزة الأمريكية هذه المرحلة «مرحلة السماح»، حيث يتأخر الرد الإيراني، وتسمّيها حرفياً «المرحلة الحلوة»، لكن هذه الأجهزة الأمريكية تعرف أيضاً أن الإيرانيين يعملون خلال هذه الأيام على وضع خطط للرد على الضربة، والآن يعتبر الأمريكيون أن مرحلة السماح هذه انتهت، والآن بدأت مرحلة «الأيام العصيبة» حيث من الممكن أن ترد إيران على اغتيال زعيم حركة حماس في طهران، ويكون حزب الله مستعداً لتنسيق هجومه المحتمل مع طهران، ردّاً على مقتل فؤاد شكر أحد أكبر قادة التنظيم التابع لإيران.
استغل الأمريكيون مرحلة السماح هذه لإيصال رسائل إلى طهران، وإلى الأطراف التابعة لها، وتُجمع كل التصريحات الأمريكية على القول إن واشنطن لا تريد تصعيداً، وقد استعملت الولايات المتحدة كل الأقنية الدبلوماسية المتاحة لإيصال هذه الرسالة إلى طهران.
يؤكد الكثير من المسؤولين الأمريكيين أن واشنطن استعملت القنوات الدبلوماسية المعتمدة مثل السفارة السويسرية في طهران لإيصال هذه الرسالة، كما أنها اعتمدت على حلفاء مثل رئيس وزراء بريطانيا والرئيس الفرنسي ومستشار ألمانيا لإجراء محادثات مع الرئيس الإيراني الجديد، وللقول له إن الولايات المتحدة وباقي الأطراف لا يريدون تصعيداً.
يخشى الأمريكيون من أن تكون طهران استغلّت «مرحلة السماح» لتنسيق هجوم أكبر وأسوأ من هجوم 13 إبريل نيسان الماضي، ويقدّر الأمريكيون الآن أن لدى إيران الكثير من الخيارات، خصوصاً شنّ هجوم مباشر من الأراضي الإيرانية وبالتعاون مع الميليشيات التابعة لها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
أبدى أكثر من مسؤول أميركي خشية خاصة من شنّ إيران أو الميليشيات التابعة لها، هجمات على الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق وسوريا، وقال أحد المتحدّثين إن هؤلاء الجنود معرّضون للمخاطر ولا نريد أن يصيبهم أي أذى.
من الواضح أن الأمريكيين يريدون التشديد على أن الهجوم الإيراني المنسّق مع الميليشيات، لا يعني فقط أمن إسرائيل، بل يعني أيضاً الأمريكيين، وهذا ما يسبب حالة توتّر كبيرة لدى الرئيس الأمريكي وإدارته، خصوصاً وزارة الدفاع المسؤولة المباشرة عن جنودها في منطقة الشرق الأوسط.
ما يزيد من مخاطر هذه «الأيام العصيبة» أن إيران لم تبدِ حتى الآن نيّة للتجاوب مع المساعي الأوروبية، أو مع الرسائل الأمريكية، ولم يصدر أي تصريح من قبل القيادات الإيرانية يشير إلى أن طهران مستعدّة بالفعل للتراجع عن تهديداتها.
يعتبر الأمريكيون أن الردّ على تصاعد التهديدات الإيرانية هو في حشد المزيد من القوات في منطقة الشرق الأوسط والتحوّل من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم.
فقد نشرت واشنطن منذ بدء التوتّر قوات بحرية إضافية في شرق المتوسط وفي البحر الأحمر وفي مياه الخيلج العربي، بالإضافة إلى نشر بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ في المنطقة، ومن الواضح لدى النظر إلى خريطة الانتشار أنها كانت في وضعية جيّدة لمواجهة أي هجوم كبير من إيران وميليشياتها وإفشال هذا الهجوم.
لكن اليومين الماضيين شهدا تحوّلاً واضحاً في القدرات الأمريكية، فقد أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أنه طلب من حاملة الطائرات لينكولن التوجّه بسرعة أكبر إلى الشرق الأوسط، وأنه وجّه غواصة أميركية تحمل صواريخ «توماهوك» للدخول في منطقة عمليات المنطقة المركزية.
أكد مسؤول عسكري كبير تحدّث إلى أن الولايات المتحدة كانت تملك قدرات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط في بداية المرحلة لكن «حاملة الطائرات والغواصة هما قوات هجومية».
لا يجب أن نفهم على الإطلاق أن الأمريكيين يريدون الانخراط في عملية استباقية، أو المسارعة إلى ضرب أهداف إيرانية، لكن مسؤولاً أميركياً قال إن «هذه القدرات الهجومية موجودة لمواجهة مرحلة من التصعيد»، ووصف سيناريوهات التصعيد بقصف إيراني منسّق مع الميليشيات التابعة لطهران، وسقوط ضحايا خلال الهجوم، وأن تردّ إسرائيل على هذا الهجوم، فنكون بالفعل في مرحلة التصعيد وهذا ما يحتّم على الأمريكيين الاستعداد للانخراط في ضرب أهداف إيرانية أو تابعة للميليشيات.
إنها أيام عصيبة بكل معنى الكلمة، ولا تريد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن يحدث شيء، «فالجميع يعرف أن القيادة السياسية الأمريكية تريد تركيز اهتمامها في مكان آخر، ولكن هذا هو الشرق الأوسط، وعلينا أن نكون مستعدّين لكل شيء» يقول أحد المتحدثين الأمريكيين وهو يشير إلى صعوبة المرحلة.
من ناحية أخرى أعلنت إسرائيل ووكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «وفا» مقتل 6 فلسطينيين، ليل الثلاثاء-الأربعاء وصباح الأربعاء، برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال الضفة الغربية المحتلة وبالقرب من القدس.
وأفادت «وفا» بمقتل «ثلاثة شبان أمس الأربعاء في قصف طائرة مسيرة» إسرائيلية لـ»مجموعة من الشبان في بلدة طمون جنوب شرق طوباس».
وذكرت الوكالة أن جثامين الشبان الثلاثة «محتجزة» لدى القوات الإسرائيلية.
وكانت وكالة الأنباء أعلنت في وقت سابق صباح الأربعاء، مقتل الشاب فايز فواز أبو عامر برصاص قوات إسرائيلية «بعد أن حاصرته داخل منزله» في طوباس في شمال الضفة الغربية.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته «باشرت عملية» في قريتي طوباس وطمون في منطقة الأغوار.
وأضاف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في حسابه على منصة إكس «حتى الآن قضت القوات على مخرب واحد وأصابت آخرين خلال اشتباكات واعتقلت عدداً من المطلوبين وصادرت وسائل قتالية»، حسب تعبيره.
وفي بلدة طمون قال الجيش إنه «نفذ غارات جوية على عدد من المسلحين»، مؤكداً أن العملية متواصلة.
كذلك أعلنت الشرطة الإسرائيلية، ليل الثلاثاء-الأربعاء، قتل شاب في الـ16 من العمر قرب القدس بعد أن «صعد إلى أعلى الجدار (الأمني) وألقى زجاجات حارقة».
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعداً في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر.
وقُتل ما لا يقل عن 624 فلسطينياً برصاص القوات الإسرائيلية والمستوطنين في الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر.
من ناحية أخرى أعلن حزب الله عن مهاجمته 5 مواقع إسرائيلية قبالة الحدود الجنوبية للبنان وفي تلال كفرشوبا ومزارع شبعا المحتلة، وردت إسرائيل بعدد من الغارات على بلدات في جنوب لبنان، وفي حين قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن المنطقة أمام ما وصفها بفرص قلقة للدبلوماسية لمنع الحرب، اعتبر الموفد الرئاسي الأمريكي آموس هوكشتاين أن الحل الدبلوماسي بات مُلحا.
وقال حزب الله إن مقاتليه استهدفوا بالصواريخ تجمعا للجنود في حرش شتولا، وقصفوا موقعي البغدادي والرمثا والتجهيزات التجسسية في موقع المطلة، كما استهدفوا ثكنة زبدين مؤكدا تحقيق إصابات في هجماته.
وقبل ذلك أعلن حزب الله اللبناني عبر تليغرام أنه استهدف التجهيزات التجسسية في موقع مسكاف عام، مشيرا إلى إصابتها بشكل مباشر. وذكر الحزب أنه هاجم تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من ثكنة ميتات، واستهدف أيضا انتشارا للجنود في محيط موقع السماقة في تلال كفرشوبا، وكذلك موقع رويسات العلم في نفس المنطقة. وأضاف حزب الله أنه استهدف قاعدة جبل نيريا، التي تشغلها قوات من لواء غولاني الإسرائيلي، باستخدام صواريخ الكاتيوشا.
ويأتي هذا بعد أن أطلق حزب الله أكثر من 40 صاروخا نحو شمال إسرائيل، حيث أكد الحزب استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية عدة، بما في ذلك «جبل الدير» وقاعدة «جبل نيريا» بصواريخ كاتيوشا.
ورصدت هيئة البث الإسرائيلية إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان على بلدة المطلة، بدون تسجيل إصابات أو أضرار.
من جهة أخرى، أشارت هيئة البث إلى أنه تم رصد نحو 25 قذيفة في جبل ميرون ومحيطه في الجليل الأعلى في مناطق مفتوحة بدون وقوع إصابات خلال ساعات الليلة الماضية.
وفي وقت سابق من مساء الثلاثاء، نقلت الهيئة سقوط حوالي 15 قذيفة في منطقة الجليل الأعلى، بعد سماع صفارات الإنذار في ديشون ومالكيا، بدون تسجيل أي خسائر بشرية.
من جهته أفادت مصادر بوقوع غارة من مسيّرة إسرائيلية على محيط بلدة العباسية بقضاء صور جنوبي لبنان.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن 10 أشخاص أصيبوا بينهم 3 بجراح خطيرة في قصف الاحتلال على بلدة العباسية جنوب لبنان.
كما شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على بلدة كفركلا، مستخدمة 3 قنابل ارتجاجية من طراز»إم كيه 84» أو ما تسمى بـ»المطرقة» بسبب الضرر الشديد الذي تلحقه إثر انفجارها.
وشنت مقاتلة إسرائيلية غارة على بلدة عيتا الشعب، وقصفت المدفعية الإسرائيلية محيط بلدتي راشيا الفخار وحولا. كما استهدف القصف الإسرائيلي الليلة الماضية المثلث الحرجي بين رشاف والطيري وحداثا.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن الطائرات الإسرائيلية اخترقت على علو منخفض أجواء مدينة صيدا، وألقت بالونات حرارية وقنابل مضيئة فوق قرى قضاءي صور وبنت جبيل. كما انفجر صاروخ اعتراضي فوق البحر قبالة مدينة صيدا.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه الحدود اللبنانية الإسرائيلية حالة من القلق المتزايد من احتمال اتساع النزاع، في ظل استعدادات تل أبيب لردود فعل محتملة من إيران وحزب الله بعد اغتيال قيادات بارزة في حماس وحزب الله.
من جهته أكد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أمس الأربعاء أن المنطقة أمام ما وصفها بفرص قلقة للدبلوماسية، واعتبر أن «التعنت الإسرائيلي يهدد مساعي وقف الحرب».
وأشار ميقاتي خلال كلمة ألقاها في جلسة مجلس الوزراء إلى أن الحرب الإسرائيلية المستمرة في لبنان وقطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر أدت إلى «ثمن باهظ من أرواح شبابنا وأهلنا»، مؤكدا على حق لبنان في تحرير أرضه وحفظ سيادته.
وأدان ميقاتي بشدة مجزرة مدرسة التابعين التي ارتكبتها إسرائيل، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني، ودعا المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف هذه «الإبادة الجرمية المنظمة».
كما شدد على أن لبنان ملتزم بمضامين القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي، وتنفيذ كامل بنوده ومندرجاته من الجميع كمدخل لأي حل.