
«وكالات» : قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الثلاثاء، إن الحرب مع روسيا ستنتهي في نهاية المطاف عبر الحوار، لكن كييف يجب أن تكون في موقف قوي خلال قمة تأمل في عقدها هذا العام لدعم رؤيتها للسلام.
وأضاف في مؤتمر صحافي في كييف أن أن جيشه أجرى أخيراً اختباراً ناجحاً لأول صاروخ باليستي محلي الصنع.
وقال زيلينسكي: «تم إجراء تجربة إيجابية لأول صاروخ باليستي أوكراني. أهنئ صناعتنا الدفاعية على ذلك»، رافضاً «تقديم تفاصيل إضافية» حول هذا الصاروخ الجديد.
ويأتي إعلان الرئيس الأوكراني عقب ليلتين متتاليتين من قصف روسي عبر أوكرانيا أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص وتدمير بنى تحتية للطاقة. وتحاول أوكرانيا تطوير صناعة الأسلحة الخاصة بها وتشجيع الإنتاج العسكري محليا في إطار الجهود التي تبذلها من أجل أن تصبح أقل اعتمادا على المساعدات العسكرية الغربية.
وقال زيلينسكي الأسبوع الماضي إن قواته استخدمت للمرة الأولى في العمليات القتالية «صاروخا مسيّرا» طويل المدى أوكراني الصنع سمّي «باليانيتسيا». وكانت كييف وقّعت اتفاقيات مع شركات غربية لصناعة الأسلحة من أجل إنتاج أسلحة صغيرة وذخيرة.
في سياق متصل، أعلن زيلينسكي الثلاثاء أن كييف استخدمت طائرات مقاتلة من طراز إف-16 تسلمتها من شركائها الغربيين لصد الضربات الجوية الروسية الضخمة الأخيرة.
وقال زيلينسكي «قمنا بتدمير الصواريخ والطائرات المسيرة باستخدام طائرات إف-16»، مكررا أيضا أن عدد الطائرات التي تلقتها كييف لم يكن «كافيا».
من جهته قال الجنرال أولكسندر سيرسكي قائد الجيش الأوكراني، أمس الثلاثاء، إن قوات بلاده تواصل التقدم في منطقة كورسك الروسية، لكنه حذر من أن موسكو تعزز قواتها على جبهة بوكروفسك في الشرق، حيث تتقدم القوات الروسية.
وأضاف سيرسكي في تعليقات عبر رابط فيديو بثه التلفزيون أن روسيا تحاول تعطيل خطوط إمداد أوكرانيا إلى الجبهة قرب بوكروفسك، وهي مدينة تتميز بتعدين الفحم ولها قيمة عسكرية استراتيجية باعتبارها مركز نقل.
وقال: «الوضع على جبهة بوكروفسك صعب إلى حد كبير.. العدو يستغل تفوقه في الأفراد والأسلحة والمعدات العسكرية، ويستخدم المدفعية والطيران على نحو مكثف».
وأضاف أن الهجوم الأوكراني على منطقة كورسك الروسية منذ ثلاثة أسابيع أسفر حالياً عن السيطرة على 100 بلدة.
وأشار إلى أن القوات الروسية تحاول شن هجوم مضاد في المنطقة وتطويق القوات الأوكرانية التي تصدت لتلك المحاولات.
من جهة أخرى أعلن حاكم منطقة بلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا، أمس الثلاثاء، أنه تلقى معلومات عن محاولة توغل من قبل القوات المسلحة الأوكرانية، بينما أفادت وسائل إعلام روسية عن هجوم بري يجري حالياً.
وقال الحاكم فياتشيسلاف غلادكوف على حسابه على تليغرام: «هناك معلومات تشير إلى أن العدو يحاول عبور حدود منطقة بلغورود. وبحسب وزارة الدفاع الروسية، فإن الوضع على الحدود لا يزال صعباً، لكنه تحت السيطرة».
وأضاف أن «جنودنا ينفذون عمليات مخطط لها، أطلب منكم التزام الهدوء وعدم الوثوق إلا بمصادر المعلومات الرسمية».
يأتي هذا بينما ذكرت قناتان روسيتان على تطبيق تليغرام لهما صلة بأجهزة الأمن، أمس الثلاثاء، أن القوات الأوكرانية شنت هجوماً على موقع حدودي في منطقة بلغورود بجنوب روسيا.
وبلغورود متاخمة لمنقطة كورسك الروسية التي سيطرت القوات الأوكرانية على بعض أراضيها منذ التوغل المباغت في السادس من أغسطس.
وقالت قناة «ماش» على تليغرام إن نحو 500 جندي أوكراني شنوا هجوماً على نقطتي تفتيش روسيتين في نخوتييفكا وشيبكينو في منطقة بلغورود.
وأشارت إلى أن ما يصل إلى 200 جندي أوكراني مدعومين بمركبات قتالية للمشاة حاولوا عبور الحدود في نخوتييفكا لكن المدفعية الروسية أطلقت النار عليهم. وأضافت أن حوالي 300 جندي أوكراني هاجموا نقطة تفتيش أخرى عند شيبكينو.
من جهتها قالت قناة «شوت» الإخبارية على تليغرام إن موسكو طردت القوات الأوكرانية من نخوتييفكا بعد أن كبدتها خسائر. وأضافت أنه لم تقع اشتباكات في شيبكينو.
في سياق آخر، أعلن قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي، أمس الثلاثاء، بأن قوات بلاده سيطرت على 100 بلدة و1294 كيلومتراً مربّعاً في منطقة كورسك الحدودية الروسية، حيث أسرت 594 جندياً منذ بدء هجومها قبل ثلاثة أسابيع.
وقال سيرسكي خلال منتدى في كييف: «حتى اللحظة، سيطرنا على 1294 كلم مربعاً من الأراضي ومئة بلدة.. تم أسر 594 عنصراً من القوات المسلّحة الروسية في هذه المنطقة».
وفيما تتواصل الحرب الروسية الأوكرانية، قتل ثلاثة أشخاص على الأقل فجر أمس الثلاثاء في أوكرانيا، جراء قصف روسي جديد طال أراضيها، غداة ضربات واسعة النطاق نفّذتها موسكو تعدّ من الأكبر منذ بدء الحرب قبل عامين، فيما أكد سلاح الجو الأوكراني إسقاط 5 صواريخ و60 طائرة مسيرة أطلقتها روسيا الليلة الماضية.
وقتل شخصان في منطقة كريفي ريه وسط أوكرانيا، وفق ما أفاد المسؤول المحلي إيفغين سيتنيتشنكو عبر تلغرام في «هجوم» روسي لم يحدد طبيعته، بينما قتل شخص في هجوم بطائرة مسيّرة في منطقة زابوريجيا بجنوب البلاد، وفق ما أفاد الحاكم المحلي إيفان فيدروف.
القوات الجوية أوضحت في بيان على تطبيق تليغرام أن روسيا أطلقت عشرة صواريخ و 81 طائرة بدون طيار خلال الهجوم.
هذا وشوهدت أعمدة دخان في سماء العاصمة كييف جراء اعتراض الصواريخ الروسية على ما يبدو.
وفي وقت مبكر الثلاثاء، أعلنت السلطات الأوكرانية حال التأهب الجوي في غالبية أنحاء البلاد، باستثناء كييف وشبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو. وجاء ذلك مع رصد إقلاع قاذفات وطائرات مسيّرة روسية فجرا باتجاه أوكرانيا.
وقالت القوات الجوية الأوكرانية في بيان نشرته قرابة الساعة الرابعة فجرا (01,00 ت غ) على تطبيق تلغرام إنّ «قاذفات من طراز Tu-95ms أقلعت من قاعدة إنجيلز الجوية (جنوب غرب روسيا). يمكن للصواريخ أن تدخل المجال الجوي الأوكراني في غضون ساعتين تقريبا»، مشيرة إلى أنّ مسيّرات روسية أقلعت بدورها.
وأتى هذا التحذير غداة إطلاق روسيا مئات الطائرات المسيّرة والصواريخ على أوكرانيا، مستهدفة خصوصاً منشآت الطاقة، في هجوم أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة نحو عشرين.
وألحق الهجوم أضرارا بشبكة الطاقة المتضررة أصلاً من جراء الحرب، واضطر السلطات إلى جدولة انقطاعات في التيار الكهربائي في مناطق عدة.
بدوره، أفاد قائد سلاح الجو الأوكراني ميكولا أوليستشوك بأن أوكرانيا أسقطت 201 من أصل 236 جسما جويا أطلقتها روسيا، منددا بـ»أكبر هجوم صاروخي».
وأكد الرئيس الأوكراني وقوع «الكثير من الأضرار في قطاع الطاقة»، مؤكدا في تصريح عبر تلغرام أن إصلاحها جارٍ.
وأعلنت شركة الكهرباء الوطنية «أوكرينرغو» عن انقطاعات طارئة في التيار لإعادة الاستقرار إلى النظام، ما أدى الى تعطيل حركة بعض القطارات.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها شنت «ضربة كبرى» ضد مطارات عسكرية ومنشآت للطاقة.
وندّد الرئيس الأمريكي جو بايدن بما أسماه هجوم روسي «شائن»، وقال في بيان «أدين، بأشدّ العبارات الممكنة، استمرار روسيا في حربها ضد أوكرانيا وجهودها لإغراق الشعب الأوكراني في الظلمة»، مشددا على أن روسيا «لن تنجح أبدا في أوكرانيا، وروح الشعب الأوكراني لن تنكسر أبدا».
وتواصل بايدن هاتفيا مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي زار أوكرانيا الأسبوع الماضي، بحسب ما أعلنت واشنطن ونيودلهي.
وجدد مودي الذي تربطه علاقات جيدة بروسيا ورئيسها فلاديمير بوتين، رغبته في إحلال «السلام والاستقرار» بين موسكو وكييف، وفق الخارجية الهندية.
ونقل البيت الأبيض عن بايدن إشادته بـ»رسالة السلام والدعم الانساني المستمر» لأوكرانيا التي حملها مودي.
ودان حلفاء غربيون لكييف الهجوم، اذ اعتبرت لندن الضربات «جبانة»، بينما اتهمت برلين روسيا «بمحاولة تدمير الإمدادات» الكهربائية لأوكرانيا.
وتتقدم الولايات المتحدة الدول الغربية الداعمة عسكريا لأوكرانيا.
وجدد زيلينسكي في أعقاب الهجوم الطلب من حلفائه إجازة استخدام الأسلحة البعيدة المدى التي زوّدوا جيشه بها، لاستهداف عمق الأراضي الروسية. وتتيح الدول الغربية لأوكرانيا استخدام هذه الأسلحة لاستهداف مناطق حدودية حصرا.
وأتى القصف الروسي الإثنين في وقت تمضي أوكرانيا قدما في الهجوم البري الذي بدأته قبل نحو ثلاثة أسابيع في منطقة كورسك الروسية الحدودية، في عملية غير مسبوقة منذ بدء الحرب.
ولجأ العديد من سكان كييف الإثنين للاحتماء في محطات مترو الأنفاق، وفق ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
وقالت سفيتلانا كرافتشنكو (51 عاما) في إحدى المحطات وسط العاصمة الأوكرانية «لم يكن أحد يعتقد أن روسيا التي كانت ذات يوم بلدا شقيقا لنا، ستسبب لنا هذا القدر من الحزن».
وبات صوت صفارات الانذار معتادا في أوكرانيا منذ الحرب، ويعود الهجوم الدامي الأخير على العاصمة الى الثامن من يوليو، حين قتل زهاء 40 شخصا في ضربة طالت مركزا طبيا للأطفال.
ومنذ بدأت الحرب، تشنّ روسيا هجمات واسعة النطاق ومتكررة بما في ذلك ضد منشآت الطاقة الأوكرانية.
أسفرت الهجمات الاثنين عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من عشرين بجروح في أنحاء البلاد، بحسب مسؤولين.
وقتل اثنان في ضربات لاحقة، وفق السلطات.
في غضون ذلك، تواصل القوات الروسية تقدمها في مناطق شرق أوكرانيا.
وعلى الجانب الآخر من الحدود، قضى شخص وأصيب ستة آخرون في حريق اندلع في مصفاة للنفط في أومسك في سيبيريا، وفق ما أعلن عبر تلغرام الحاكم الإقليمي فيتالي خوتسينكو.
ولم تعلن السلطات أسباب الحريق في المصفاة التي تبعد 2300 كلم عن الحدود مع أوكرانيا.
وأعلنت كييف مرارا استهداف منشآت للطاقة داخل الأراضي الروسية، مؤكدة أن ذلك يأتي ردا على هجمات موسكو.
من ناحية أخرى حذّر مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الثلاثاء، من أن قرب المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية من محطة كورسك للطاقة النووية في روسيا «خطير للغاية»، نظرا إلى أن مفاعلاتها خصوصا معرّضة للخطر.
وقال غروسي بعدما زار محطة كورسك إن «محطة للطاقة النووية من هذا النوع قريبة إلى هذا الحد من نقطة تماس أو جبهة عسكرية هي حقيقة خطيرة للغاية».
وتأتي زيارة غروسي في وقت تشنّ أوكرانيا منذ أسابيع هجوماً برياً واسعاً في منطقة كورسك الحدودية.
وكان مدير الوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة أكد أنه سيتوجه إلى المحطة الروسية، لإجراء تقييم «مستقل» للوضع والمخاطر في ظل هجوم كييف غير المسبوق منذ اندلاع الحرب بين الطرفين مطلع العام 2022.
واتّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي أوكرانيا بمحاولة شن هجوم على محطة كورسك التي تقع على بعد أقل من 50 كيلومتراً من موقع المعارك الدائرة بين القوات الروسية والأوكرانية.
وأكّدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن السلطات الروسية أبلغتها بأنه تم العثور الخميس على شظايا مسيّرة على بعد نحو مئة متر عن منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك التابعة للمحطة.
وأفاد غروسي الاثنين بأنه «سيقيّم ما يحصل (في المحطة) بشكل مستقل.. نظراً إلى خطورة الوضع». وأضاف في بيان أن «سلامة وأمن جميع المحطات النووية مسألة تحمل أهمية مركزية وأساسية بالنسبة للوكالة الدولية للطاقة الذرية».
وكانت روسيا قد أكدت أن أوكرانيا حاولت في ليلة 22 أغسطس شن هجوم بمسيرة انتحارية على محطة الطاقة النووية في كورسك، مضيفة أنه تم إسقاط المسيرة وعثر عليها بالقرب من منشأة لتخزين الوقود النووي المستهلك.
ووصفت وزارة الخارجية الروسية مهاجمة محطة الطاقة النووية بأنها عمل «من أعمال الإرهاب النووي»، معتبرة أن الأمر يتطلب رداً فورياً من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأطلقت أوكرانيا عمليتها المباغتة في كورسك في السادس من أغسطس وأفادت بأنها تحقق تقدّماً، في وقت تتقدّم القوات الروسية من جانبها في شرق أوكرانيا.