
«وكالات» : في وقت ينازع فيه اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وسط العراقيل العديدة التي لا تزال تعترض طريق الوسطاء، لوحت حركة حماس مجدداً بورقة الأسرى الإسرائيليين.
كما أكدت أنه إن لم يتم الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وإلزامه بما تم الاتفاق عليه سابقاً «فلن يرى الأسرى النور».
وقال عضو المكتب السياسي لحماس، عزت الرشق، في بيان أمس الاثنين إن الجميع يعلم أن نتنياهو وحكومته «هما الطرف المعطل للاتفاق».
كذلك أضاف أن «مطالب الحركة واضحة ألا وهي وقف العدوان بشكل دائم، والانسحاب الكامل من قطاع غزة»، مؤكداً أن حماس متمسكة بها.
وحذر «من اعتبار شروط نتنياهو الجديدة، نقطة للتفاوض وإعادة المحادثات بالتالي إلى المربع الأول».
فيما نفى كل ما أشيع عن مطالب جديدة تقدمت بها حماس، قائلاً إن «ما تروجه إسرائيل وبعض المصادر الأمريكية عن مطالب جديدة كذب ومحاولة للتهرب من مسؤوليتهم عن تعطيل المفاوضات ووقف العدوان» على الشعب الفلسطيني.
يشار إلى أن مسؤولين أميركيين كانوا أفادوا أن واشنطن بدأت تعيد تقييم خطواتها التالية في ما يتعلق باتفاق انتقالي كانت طرحته على طاولة التفاوض خلال الأسابيع الماضية، تحت شعار «قبوله أو رفضه».
أما السبب فيعود إلى تقديم حماس طلباً جديداً يتعلق بالأسرى الفلسطينيين الذين ستطلق إسرائيل سراحهم، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، الأحد.
إذ كشف مسؤول أميركي رفيع أن الجانبين كانا اتفقا مبدئياً على إطلاق إسرائيل سراح معتقلين فلسطينيين يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد مقابل إطلاق حماس سراح جنود إسرائيليين.
لكن قبل أيام، أطلت حماس بطلب جديد وصفه المسؤول الأمريكي بأنه «سم في العسل»، قائلة إنه يجب إطلاق المعتقلين الفلسطينيين مقابل مدنيين إسرائيليين محتجزين في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وكانت إسرائيل عرقلت بدورها قبل أسابيع قليلة، أكثر من 9 أشهر من المفاوضات بمطالب مستجدة ليس أقلها التمسك بالسيطرة العسكرية على ممر فيلادلفيا (محور صلاح الدين) الممتد بين جنوب غزة والحدود المصرية.
ما دفع المفاوضين إلى الاعتقاد على نحو متزايد أنه لا يوجد نية فعلية لحل النزاع ووقف النار بين الجانبين إسرائيل وحماس على السواء.
يذكر أن نتنياهو كان كرر صراحة الأسبوع الماضي أن القوات الإسرائيلية لن تنسحب من ممر فيلادلفيا لسنوات، ما أثار حفيظة مصر التي تقوم بدور الوسيط في مفاوضات وقف النار منذ أشهر، كما أشعل موجة احتجاجات في تل أبيب من قبل أهالي المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
ولا يزال ما يقارب 100 أسير إسرائيلي داخل القطاع الفلسطيني المدمر، بينهم نحو 64 أحياء، حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي.
في حين يرجح بعض المسؤولين الأمريكيين عدد الأسرى الأحياء بنحو 32 فقط.
بينما لم تفلح بعد جولات عدة من المفاوضات التي عقدت على مدى الأشهر الماضية، برعاية أميركية مصرية قطرية في دفع الجانبين إلى التوافق.
من جهة أخرى أفادت مصادر بوقوع اشتباكات مسلحة أمس الاثنين بين مقاومين وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين بشمال الضفة الغربية.
وقالت وسائل إعلام فلسطينية إن الاشتباكات اندلعت عقب قيام الأجهزة الأمنية بتفكيك عبوة ناسفة قرب دوار الحصان.
وأضافت المصادر أن العبوات زُرعت في المنطقة لاستهداف الآليات الإسرائيلية التي تتوغل بشكل متكرر في مدينة جنين ومخيمها في إطار التصعيد العسكري الإسرائيلي المستمر منذ عملية طوفان الأقصى.
وبث ناشطون مقاطع مصورة تسمع فيها أصوات الاشتباكات بالأسلحة الرشاشة. ولم يبلغ عن إصابات أو اعتقالات إثر المواجهات التي بدت محدودة.
وكان أمن السلطة الفلسطينية قام في الأشهر السابقة بتفكيك عبوات ناسفة في مدن ومخيمات تتعرض لاقتحامات إسرائيلية.
وتتهم فصائل فلسطينية الأجهزة الأمنية بالتضييق على أنشطتها واعتقال منتمين لها، وفي المقابل تؤكد السلطة الفلسطينية أن قواتها الأمنية تطبق القانون ضد كل من ينتهكه في مدن الضفة ومخيماتها.
وفي يوليو الماضي، قتل شاب فلسطيني برصاص الأجهزة الأمنية في اشتباكات وقعت في مخيم جنين أثناء ملاحقة مسلحين، وفي الشهر نفسه أخرج عدد من الأهالي قائد كتيبة طولكرم محمد جابر (أبو شجاع) -الذي اغتاله الجيش الإسرائيلي مع مقاومين أواخر الشهر الماضي- من مستشفى بالمدينة بعدما حاصرته قوى الأمن الفلسطينية، بحسب تأكيد الفصائل الفلسطينية.
من جانب آخر على وقع الاقتحامات والاعتقالات الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ أكثر من أسبوع، دانت الأمم المتحدة تلك الانتهاكات.
وطالب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمس الاثنين، من الدول التحرك بشأن ما وصفه «بالتجاهل الصارخ» من جانب إسرائيل للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما شدد على أن إنهاء الحرب المستمرة منذ قرابة عام في قطاع غزة يمثل أولوية.
وأضاف تورك في كلمة ألقاها خلال افتتاح الدورة السابعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف «يتعين على الدول ألا تقبل، ولا يمكنها أن تقبل، التجاهل الصارخ للقانون
الدولي، بما يشمل القرارات الملزمة الصادرة عن مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية»، وفق ما نقلت رويترز.
كذلك أشار في كلمته إلى رأي أصدرته محكمة العدل التابعة للأمم المتحدة في يوليو الماضي وصفت فيه احتلال إسرائيل بأنه غير قانوني، وقالت إن هذا الوضع يجب معالجته على نحو شامل.
أتت هذه التصريحات بعدما أطلقت القوات الإسرائيلية قبل نحو 10 أيام عملية عسكرية غير مسبوقة في الضفة اقتحمت خلالها العديد من المدن، بينها جنين وطولكرم، ما أدى إلى مقتل 30 فلسطينيا.
كما نفذت مداهمات واعتقالات عدة، وتركت دمارا هائلاً في البنية التحتية.
ومنذ سنوات تعيش الضفة توترات خطيرة، تفاقمت بعد السابع من أكتوبر وتفجر الحرب في غزة.
حيث باتت تقبع على فوهة بركان يغلي، مع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية، إذ قتلت القوات الإسرائيلية أو مستوطنون إسرائيليون منذ أكتوبر الماضي، أكثر من 690 فلسطينياً، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
فيما قُتل 23 إسرائيلياً على الأقل، بينهم عناصر أمن، في هجمات نفذها فلسطينيون في المنطقة خلال الفترة ذاتها، حسب مسؤولين إسرائيليين.
من ناحية أخرى فيما لا يزال حزب الله وإسرائيل يتبادلان القصف بشكل يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، أكما فادت مصادر، الاثنين، بإصابة مبنى في نهاريا شمال إسرائيل بشكل مباشر نتيجة مسيرة أطلقها حزب الله.
فيما أضاف أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية أسقطت 4 من أصل 6 مسيرات أطلقها حزب الله.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن، الأحد، أنه شن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف لحزب الله في الجنوب اللبناني.
كما أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي في بيان نشره على حسابه في منصة «إكس»، أنه تم اعتراض عدد من المقذوفات التي أطلقت من لبنان.
كذلك لفت إلى أن «الطائرات الحربية أغارت على مبان عسكرية لحزب الله في عيترون ومارون الراس ويارون في الجنوب اللبناني».
وأفاد بأن «غارات طالت السبت أيضاً منطقة فرون جنوب لبنان، وقضت على عناصر من حركة أمل كانوا داخل مبنى عسكري لحزب الله».
أما في ما يتعلق بصفارات الإنذار التي دوت في الجليل الأعلى صباح الأحد، فأوضح أن الدفاعات الإسرائيلية اعترضت نحو 30 قذيفة صاروخية أطلقت من لبنان، بينما سقطت البقية في منطقة مفتوحة دون تسجيل إصابات.
كما أشار إلى أن ما يقارب 20 قذيفة صاروخية أطلقت أيضاً نحو كريات شمونة، لكن تم اعتراض معظمها، وفق زعمه.
وكان حزب الله قد أعلن قبل ذلك أنه أطلق وابلاً من الصواريخ على شمال إسرائيل، فجر الأحد، رداً على هجوم أسفر، حسب وزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل 3 مسعفين لبنانيين.
أتى ذلك، بعد تهديد رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بالاستعداد لاتخاذ خطوات هجومية في الداخل اللبناني، دون تحديد ماهيتها.
يذكر أنه منذ السابع من أكتوبر، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية مواجهات يومية، في ما أطلق عليه حزب الله المدعوم إيرانياً «جبهة مساندة» لحركة حماس في غزة.
فيما أدت تلك المواجهات إلى مقتل 610 أشخاص على الأقل في لبنان، بينهم 394 من حزب الله و135 مدنياً، وفقاً لفرانس برس.
كما دفعت بمئات آلاف اللبنانيين إلى ترك منازلهم والنزوح من الجنوب هرباً من القصف.
أما في إسرائيل، فأحصت السلطات مقتل 24 عسكرياً و26 مدنيا على الأقل، بينهم 12 قتلوا في الجولان السوري المحتل.