
عواصم - «وكالات»: بينما أعلنت رفع عديد جيشها إلى 1,5 مليون عنصر ردا على التهديدات عند حدودها الغربية في خضم الحرب مع أوكرانيا، حذّرت روسيا مجدداً.
فقد أكد رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، أن موسكو، في حال استهداف المدن الروسية، سترد باستعمال أسلحة أكثر فتكاً وأشد قوة، محذراً من أن الغرب لن يبقى بمنأى عن الضرر.
وقال فولودين خلال افتتاح جلسة البرلمان الخريفية أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تناقش دون خجل إمكانية استهداف الأراضي الروسية، مشددا على أن هذا النقاش يمكن أن يؤدي إلى أفظع العواقب.
كما تابع أن الاعتقاد الغربي بإمكانية ضرب العمق الروسي مجرد وهم، مشددا على أن أقوى الأسلحة باتت جاهزة.
وأكد على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبذل قصارى جهده لوقف الكارثة النووية، ووقف الحرب التي يمكن أن تؤدي إلى حرب عالمية.
يأتي هذا بينما أكد الكرملين الثلاثاء أن قرار روسيا رفع عديد جيشها إلى 1,5 مليون عنصر يأتي ردا على التهديدات عند حدودها الغربية.
وكان بوتين أعلن أمس الأول الاثنين مرسوما بزيادة عدد القوات الروسية بواقع 180 ألف جندي وصولا إلى 1,5 مليون، ما يجعل الجيش الروسي ثاني أكبر جيش في العالم من حيث حجم القوات، وفقا لوسائل إعلام.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن القرار «يعود إلى عدد التهديدات التي تواجه بلادنا» و»الوضع العدائي جدا عند حدودنا الغربية وعدم الاستقرار عند حدودنا الشرقية».
وهذه المرة الثالثة التي يأمر فيها بوتين بزيادة عديد القوات منذ بدء الحرب في أوكرانيا في 2022، وفيما يقاتل نحو 700 ألف جندي في أوكرانيا، وفقًا لتقديرات بوتين في يونيو.
من جهة أخرى فقد كشفت تقديرات أوكرانية سرية مؤخرا أن عدد القتلى من القوات الأوكرانية بلغ نحو 80 ألفًا في حين وصل عدد الجرحى إلى 400 ألف.
أما تقديرات المخابرات الغربية للخسائر الروسية، فتراوحت بين 200 ألف قتيل 400 ألف جريح، حسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال.
أما سبب تلك الخسارة الكبيرة في صفوف الروس، فيعود إلى تجنيد موسكو مقاتلين غير مدربين بشكل جيد، بعضهم من أصحاب السوابق.
لكن هذه الفاتورة البشرية للخسائر، تبدو أشد فتكاً وضرراً بالنسبة لأوكرانيا، التي يقل عدد سكانها عن ربع عدد سكان جارتها العملاقة.
لاسيما أن معدل المواليد في أوكرانيا تراجع أيضاً خلال الحرب، فيما ارتفع معدل الوفيات.
فقد أظهرت بعض البيانات الحكومية الرسمية أن عدد المتوفين بلغ ثلاثة أضعاف عدد المواليد، خلال النصف الأول من العام الحالي.
إلا أن أعداد الضحايا المرتفعة على كلا الجانبين، تسلط الضوء على التأثير المدمر في المدى الطويل للبلدين على السواء، لاسيما أنهما عانا سابقا، قبل بدء الغزو الروسي حتى من انخفاض عدد السكان، بسبب الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية.
كما أن بعض المراقبين رأوا أن تلك تراجع عدد السكان في روسيا، شكل أحد دوافع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو الأراضي الأوكراني عام 2022، بهدف زيادة السكان عن طريق استيعاب الأوكرانيين في المناطق التي احتلتها القوات الروسية لاسيما في الشرق الأوكراني.
وفي السياق، رأى إيفان كراستيف، عالم السياسة البلغاري المولد ومؤلف كتاب سينشر حديثا عن التركيبة السكانية الأوروبية» أن التركيبة السكانية تمثل أولوية بالنسبة لبوتين، الذي يريد استخدام أوكرانيا وشعبها لتعزيز النواة السلافية لروسيا».
كما أضاف أن ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا عام 2014، أضاف حوالي 2.4 مليون شخص إلى السكان الروس.
وكان بوتين أعلن مرارا وتكرارا في السابق أن مواجهة التراجع الديمغرافي في البلاد يمثل أولوية بالنسبة له.
يشار إلى أن الحكومة الأوكرانية كالروسية تتحفظ بشكل كبير على خسائرها البشرية في المعارك، علماً أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كان أعلن في فبراير الماضي (2024) أن حوالي 31 ألف جندي قتلوا حتى الآن.
في حين أكد العديد من المسؤولين السياسيين والأمنيين السابقين أن تقليله من أعداد القتلى جاء بهدف تهدئة المجتمع ومواصلة تعبئة المجندين الجدد الذين تشتد الحاجة إليهم.
من جانب أخر قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بشأن قدرته على حل الحرب في أوكرانيا هي «رسائل انتخابية».
جاء ذلك خلال مقابلة أجراها زيلينسكي مع فريد زكريا على شبكة «سي إن إن»، حيث سُئل عن رأيه في تصريح ترامب بأنه سيحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة إذا أصبح رئيسًا.
ووفقًا لتقرير نشرته «ذا هيل»، قال زيلينسكي: «لا أستطيع أن أفهم اليوم، لأنني لا أعرف تفاصيل ما يعنيه وماذا يعني»، مؤكدًا أن هذه التصريحات تأتي في إطار الحملة الانتخابية، وغالبًا ما تكون رسائل انتخابية ليست حقيقية تمامًا.
وقد تبادل الرئيس الأوكراني وترامب الاتهامات علنًا بشأن تعليقات الأخير.
وفي مارس 2023، قال ترامب إنه إذا فاز في الانتخابات، فسوف «يحل» الحرب في يوم واحد من خلال العمل مع زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وروج ترامب لعلاقته مع بوتين كوسيلة لإنهاء الحرب، رغم أن بوتين أشار مؤخرًا إلى أنه يفضل فوز منافسة ترامب، نائبة الرئيس كامالا هاريس.
وأكد زيلينسكي أن لديه خطة لأوكرانيا للفوز بالحرب وإعادة البناء بعد انتهائها، وأنه يعتزم مشاركتها مع الرئيس جو بايدن، وكذلك مع هاريس وترامب.
وأشار زيلينسكي إلى أنه أجرى «محادثة جيدة» مع ترامب عبر الهاتف قبل حوالي شهرين، وأكد أن ترامب سيكون داعمًا للغاية لأوكرانيا.
ومع ذلك، خلال مناظرته مع هاريس في وقت سابق من هذا الشهر، رفض ترامب مرارًا وتكرارًا القول إنه يريد أن تفوز أوكرانيا في الحرب ضد روسيا.
من جهة أخرى تعهدت ألمانيا بدعم أوكرانيا بمبلغ إضافي قدره 100 مليون يورو كمساعدات شتوية في ظل الهجمات الروسية المستمرة على بنيتها التحتية.
وقالت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك على هامش مؤتمر الدعم الخامس لجمهورية مولدوفا الصغيرة المجاورة لأوكرانيا في العاصمة تشيسيناو، إن دعم أوكرانيا «يعد أيضاً دعماً لمولدوفا والديمقراطية الأوروبية ككل».
وفيما يتعلق بالسكان في مولدوفا، أضافت بيربوك: «القلق الأكبر للسكان هنا هو أنه إذا سقطت أوكرانيا، فإن مولدوفا ستكون الدولة التالية».
وبسبب البنية التحتية المدمرة، لا توجد في أوكرانيا إمدادات طاقة كافية وبالتالي يتعذر إنتاج الكهرباء والماء والتدفئة بالقدر الكافي.
وقالت بيربوك إن حرباً شتوية أخرى بين روسيا وأوكرانيا أصبحت وشيكة، مضيفةً أن هدف موسكو هو «جعل حياة الناس في أوكرانيا مروعة قدر الإمكان».
وذكرت بيربوك أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد التسبب في انهيار مولدوفا، وقالت: «لقد حقق العكس. مولدوفا مثل أوكرانيا الآن مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي»، مضيفة أنه يجرى التركيز الآن على تعزيز استقرار البلاد.
وكانت بيربوك أجرت قبل ذلك محادثات مع رئيسة مولدوفا مايا ساندو. وتعتزم الوزيرة زيارة مركز الاتصال الاستراتيجي ومكافحة التضليل والدعاية في تشيسيناو في وقت لاحق اليوم.
وفي إطار مؤتمر الدعم الخامس لمولدوفا تلتقي بيربوك ممثلين عن مولدوفا وفرنسا ورومانيا.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية في برلين إن المناقشات ستركز على التنمية الاقتصادية في مولدوفا وتأمين إمدادات الطاقة وإصلاح سيادة القانون في البلاد.
ولتعزيز قدرة مولدوفا على الصمود في مواجهة النفوذ الروسي، من المقرر إبرام اتفاق ثنائي بشأن التعاون في قطاع الإنترنت. وتتهم مولدوفا موسكو بشن حملات لزعزعة الاستقرار والتضليل.
وأطلقت بيربوك بالتعاون مع فرنسا ورومانيا ما يسمى بمنصة شراكة مولدوفا في أبريل 2022 في ضوء الحرب الروسية على أوكرانيا وتأثيراتها على مولدوفا.
وتعد مولدوفا، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 2.5مليون نسمة، واحدة من أفقر البلدان في أوروبا.
وتنقسم البلاد بين قوى موالية لأوروبا وأخرى موالية لروسيا. ومثل أوكرانيا، أصبحت مولدوفا مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام .2022 وفي 20 أكتوبر المقبل من المقرر عقد استفتاء في مولدوفا بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية حول ترسيخ الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كهدف في الدستور، وهو ما من شأنه أن يعزز مسار البلاد نحو أوروبا.