
غزة – «وكالات»: أعلنت السلطات الصحية الفلسطينية أمس الثلاثاء استشهاد 23 فلسطينيا وإصابة أكثر من 50 آخرين في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بمخيم (البريج) وسط قطاع غزة ودمر خلالها مربعا سكنيا.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني الفلسطيني محمود بصل في تصريح صحفي إن 23 فلسطينيا على الأقل استشهدوا في المجزرة الجديدة التي ارتكبتها قوات الاحتلال بعد قصفها لمنازل وسط المخيم فيما نقل عدد من المصابين إلى مستشفى (العودة) بمخيم (النصيرات) واصفا المشهد ب «المأساوي».
وذكر بصل أن التقديرات تشير إلى وجود حوالي 50 شخصا في منازل المخيم المستهدفة مطالبا (اللجنة الدولية للصليب الأحمر) بضرورة التنسيق الفوري لدخول الطواقم الطبية إلى المنطقة لإنقاذ الأحياء قبل فوات الأوان.
وأوضح أن الدفاع المدني تلقى عشرات من مناشدات الاستغاثة من العالقين داخل المنازل المستهدفة لافتا الى اصابة أحد عناصر الدفاع المدني إثر استهداف طائرات الاحتلال للطاقم فور وصوله للمنطقة ما أدى لانسحابه منها لخطورة الاوضاع
واستنكرت حركة «حماس» المجزرة الجديدة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي أمس الثلاثاء، بمخيم البريج وسط قطاع غزة، مستهجنة «الصمت الدولي» إزاء المجازر الإسرائيلية.
وقالت الحركة في بيان: «مجزرة جديدة يرتكبها جيش الاحتلال الإرهابي، بتنفيذ مقاتلاته الحربية قصفا وحشيا مكثفا على مربّع سكني مكتظ بالأهالي شرق مخيم البريج».
وأضافت أن هذا القصف «أسفر عن تدمير عدد من المنازل على رؤوس ساكنيها، وإيقاع العشرات من الشهداء والمصابين، معظمهم لا زالوا تحت الأنقاض دون القدرة على انتشالهم أو الوصول إليهم، في ظل استمرار القصف المدفعي العشوائي على المنطقة».
واعتبرت حماس «هذه الجرائم البشعة والمتكررة إمعانا من جيش الاحتلال الإرهابي في حرب الإبادة والاستهداف المباشر والمتعمّد للمدنيين العزّل بغزة».
واستنكرت أن يحدث ذلك «وسط صمت دولي مُستهجَن، وحالة شلل كامل للمنظومة الدولية عن أخذ دورها في تفعيل قوانين حماية المدنيين في الحروب، وإلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ قرارات وقف العدوان، ومحاسبة مجرمي الحرب الصهاينة على جرائمهم».
وشددت حماس على أن «هذه المجازر المتواصلة بحق شعبنا وأهلنا في غزة، والتي تُرتَكَب بتواطؤ ودعم من الإدارة الأمريكية وعواصم غربية؛ لن توهِن من عزيمة وصمود شعبنا الفلسطيني أو تُفلِح في إخضاع مقاومته، أو تُقَرِّب الطغمة الفاشية الصهيونية من تحقيق أهداف عدوانها الوحشي».
وتابعت أن مثل هذه المجازر «لن تزيدنا إلا إصرارا على المقاومة، ومواصلة خطوات تهشيم إرادة جيش الاحتلال الفاشي ودحر عدوانه، على طريق تحقيق آمال شعبنا في التحرير وتقرير المصير».
وفي وقت سابق اليوم، أعلن جهاز الدفاع المدني بغزة عن «عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف شنته طائرات حربية إسرائيلية على عدة منازل لعائلات الترتوري وأبو شوقة والبطران شرق مخيم البريج».
وأضاف الدفاع المدني في بيان: «تقديرات بوجود أكثر من 50 شخصًا في المنازل التي استهدفها الجيش الإسرائيلي».
وأشار إلى انتشال 4 قتلى بينهم طفلة حتى الساعة 13:00 (ت.غ) فيما لا يزال عشرات من القتلى والجرحى عالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة.
وطالب البيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة التنسيق الفوري لدخول طواقم الدفاع المدني للمنطقة وإنقاذ المصابين قبل فوات الأوان.
ونقل شهود عيان عن مسعفين فلسطينيين، أن «طائرات مسيرة إسرائيلية من نوع كواد كابتر وآليات عسكرية شرق البريج تطلق نيران أسلحتها باتجاه طواقم الإسعاف والدفاع المدني التي تقترب من المكان لإجلاء الضحايا».
كما اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي منذ مساء امس الثلاثاء 30 فلسطينيا على الأقل بالضفة الغربية من بينهم ثلاث سيدات وصحفي.
وقالت (هيئة شؤون الأسرى والمحررين) و(نادي الأسير الفلسطيني) في بيان مشترك ان من بين المعتقلين عبلة سعدات زوجة الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الاسير احمد سعدات وتحرير جابر وطالبة الاعلام في جامعة بيرزيت دعاء القاضي والصحفي قتيبة حمدان.
وأوضح البيان ان عمليات الاعتقال توزعت على غالبية محافظات الضفة ورافقتها عمليات اقتحام وتنكيل واسعة واعتداءات بالضرب المبرح وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم إلى جانب عمليات التخريب والتدمير في منازل المواطنين.
ولفت الى ان حصيلة الاعتقالات في الضفة الغربية تجاوزت منذ بدء حرب الإبادة المستمرة 10 الاف و700 حالة وشملت جميع فئات المجتمع الفلسطيني .
من جانب أخر شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على أن «لا شيء يبرّر العقاب الجماعي» الإسرائيلي اللاحق بسكان قطاع غزة الذين يعانون على نحو «لا يمكن تصوره».
ووجّه الأمين العام انتقادات حادة للطريقة التي تدير بها الدولة العبرية حربها في القطاع الفلسطيني المدمّر والتي تدخل الشهر المقبل عامها الثاني.
وقال غوتيريش: «هذا أمر لا يمكن تصوّره، مستوى المعاناة في غزة، ومستوى الموتى والدمار لا مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصبحت أميناً عاماً» في 2017.
وأضاف «بالطبع، ندين كل الهجمات الإرهابية، وكذلك احتجاز الرهائن الذي هو انتهاك مطلق للقانون الإنساني الدولي».
لكن في معرض وصفه لما يشهده القطاع المحاصر من قتلى ودمار وجوع وأمراض، لفت إلى أن «الحقيقة هي أن لا شيء يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وهذا ما نشهده على نحو دراماتيكي في غزة».
وقال غوتيريش إن «المساءلة يجب أن تكون ضرورية» في ما يتّصل بالقتلى المدنيين، مشيراً إلى «انتهاكات واسعة النطاق» ارتكبتها إسرائيل وكذلك أيضاً حماس.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة مراراً إلى وقف فوري لإطلاق النار، لكنّ المحادثات التي تجرى بوساطة أمريكية مصرية قطرية ما زالت تراوح مكانها وسط تقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن عرقلة جهود التوصل لاتفاق.
وإذ وصف غوتيريش المحادثات بأنها «لا نهاية لها»، أعرب عن اعتقاده أنه سيكون من «الصعب جداً» التوصل إلى تسوية، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنه لا يزال متفائلاً.
ومع رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الرد على اتصالاته منذ أكتوبر لا يعوّل غوتيريش على تحقيق اختراق خلال أسبوع من الاجتماعات الرفيعة المستوى للجمعية العامة التي ستعقد اعتباراً من الأحد.
وفي العادة يستقبل الأمين العام كل رؤساء الدول والحكومات الذين يشاركون في الجمعية العامة، لكنه، على الأرجح، لن يجتمع بنتانياهو هذه المرة.
وقال غوتيريش: «على حدّ علمي فقد قيل بالفعل علناً إنه لا يعتزم طلب عقد اجتماع معي. لذلك بالطبع، من المحتمل جداً ألا يعقد الاجتماع».
وأضاف «ليس المهم مسألة إجراء مكالمة هاتفية من عدمها أو عقد اجتماع من عدمه، المهم هو ما يحدث على الأرض. المهم هو معاناة الناس».
وتابع «المهم هو الإنكار المستمر لحل الدولتين وتقويض حل الدولتين من خلال تدابير مختلفة تطبّق على الأرض».
وأوضح الأمين العام أنه «مع قضم الأراضي، والإخلاءات، ومع المستوطنات الجديدة التي يتم بناؤها، وكل ذلك على نحو غير شرعي وفي سياق احتلال هو الآن، وفقاً لرأي محكمة العدل الدولية، بحدّ ذاته أيضاً غير شرعي».
وقال إن بعثة المراقبة المقترحة التي يدعمها للإشراف على أي وقف لإطلاق النار في المستقبل تبدو «غير محتملة»، إذ من غير المرجح أن تحظى بموافقة كل الأطراف. وتتطلّب بعثات الأمم المتحدة موافقة الدول المضيفة.
وهذا واحد من الأسباب التي دفعت مجلس الأمن قبل نحو عام إلى تفويض بعثة متعددة الجنسيات، بقيادة كينيا وليس الأمم المتحدة، دعم الشرطة في هايتي في مكافحة عنف العصابات في بلد ينبذ قوات حفظ السلام الأممية.
وفي معرض الرد على اتهامات للأمم المتحدة بأنها عاجزة عن كبح النزاعات في غزة وأوكرانيا وغيرها، حمّل غوتيريش المسؤولية للدول الأعضاء، خصوصاً في مجلس الأمن وأعضائه الـ15، في ما يتّصل بالقرارات، سواء المتخذة أو غير المتخذة.
وقال إن مجلس الأمن الدولي والمؤسسات المالية الدولية «عفا عليها الزمن وتعاني اختلالاً وغير عادلة».
وأضاف «لقد حاولنا إيجاد حلول لحروب، لكنّ المشكلة تكمن في أنه ليست لدينا القدرة، وأحياناً الموارد، التي تمكّننا من ذلك».