
«وكالات» : أعلن الجيش الروسي أمس الاثنين إسقاط 21 مسيّرة أطلقت من أوكرانيا، في حين تصدت الدفاعات الأوكرانية لهجوم صاروخي روسي على العاصمة كييف.
وقالت وزارة الدفاع الروسية -في بيان- «خلال الليل أحبطنا محاولات لنظام كييف لتنفيذ هجمات إرهابية بواسطة مسيرات جوية على مواقع داخل الأراضي الروسية».
وأضافت أن «أنظمة الدفاع الجوي دمرت 21 مسيرة أوكرانية»، دون الإعلان عن وقوع ضحايا أو أضرار.
وأشارت إلى أن 12 مسيرة أسقطت فوق شبه جزيرة القرم، و6 أخرى فوق منطقة كورسك التي تشهد هجوما أوكرانيا واسعا.
وجاء في البيان أيضا أنه جرى اعتراض المسيرات الأخرى في مناطق بلغورود وبريانسك وفورونيج الحدودية مع أوكرانيا.
من جهتها، قالت السلطات في كييف أمس إن حطام صواريخ سقط في 3 مناطق خلال ساعات الصباح بعد أن تصدت الدفاعات الجوية لضربة روسية.
وأوضح سيرجي بوبكو رئيس الإدارة العسكرية في كييف عبر تطبيق تليغرام أن التقييم الأولي يظهر أنه لم ترد أنباء عن خسائر بشرية أو أضرار كبيرة جراء الهجوم الذي أطلقت فيه روسيا صواريخ كينجال الفرط صوتية.
وذكرت إدارة بوبكو أن الحطام ألحق أضرارا بسقف مبنى سكني متعدد الطوابق غرب المدينة، وسقطت قطعة من الحطام على أراضي مدرسة.
ومنذ 24 فبراير 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه «تخلي» كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف «تدخلا» في شؤونها.
وبدأت أوكرانيا في الآونة الأخيرة بشن هجمات على الأراضي الروسية، حيث أطلقت قواتها في 6 أغسطس الماضي، عملية واسعة النطاق على منطقة كورسك الحدودية، أسفرت عن اندلاع اشتباكات عنيفة متواصلة مع الجيش الروسي داخل أراضيه.
من ناحية أخرى قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده ستطرح «خطة النصر» لحلفائها خلال اجتماع في ألمانيا الأسبوع المقبل، في حين أعلنت روسيا سيطرتها على قرية جديدة قرب مدينة بوكروفسك.
وكتب زيلينسكي السبت في منشور على تليغرام «سنطرح خطة النصر، خطوات واضحة ومحددة لإنهاء الحرب على نحو عادل».
وتأتي تصريحات زيلينسكي بعد مضي نحو ألف يوم على اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، كما تأتي بعد تعرّض أوكرانيا لانتكاسة كبيرة في ساحة المعركة يوم الأربعاء الماضي عندما استولت القوات الروسية على مدينة فوليدار بشرق البلاد بعد عامين من المقاومة.
وسيلتقي زيلينسكي بالرئيس الأمريكي جو بايدن وزعماء آخرين في اجتماع دوري لحلف شمال الأطلسي (الناتو) والحلفاء الآخرين لكييف في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية بألمانيا في 12 أكتوبر الجاري.
وقدم زيلينسكي الخطة للرئيس الأمريكي وكذلك للمرشحين الرئيسيين في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة كامالا هاريس ودونالد ترامب عندما زار واشنطن في الآونة الأخيرة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الخطة تتضمن «عددا من الخطوات البناءة» التي ستتعاون الولايات المتحدة مع أوكرانيا بشأنها.
لكن مسؤولا أميركيا وصف الخطة بأنها طلب معاد للحصول على المزيد من الأسلحة ورفع القيود المفروضة على استخدام الصواريخ البعيدة المدى.
وأضاف المسؤول أن الخطة تفترض هزيمة روسيا في الحرب في نهاية المطاف، وهو هدف يرى بعض المسؤولين أنه غير واقعي.
من ناحية أخرى، أعلنت روسيا سيطرتها على قرية جديدة قرب مدينة بوكروفسك التي تعد تقاطعا لوجستيا بالنسبة للجيش الأوكراني في شرق البلاد وتتقدم باتجاهها قوات موسكو تدريجيا منذ أسابيع.
وتقع هذه القرية إلى جنوب شرق مدينة أوكرايينسك التي سيطر عليها الجيش الروسي أواخر سبتمبر الماضي.
وفي هذا القطاع من الجبهة تسعى القوات الروسية للسيطرة على مدينة بوكروفسك التي تعد تقاطعا لوجستيا أساسيا بالنسبة للجيش الأوكراني وحيث تقع مناجم فحم كبيرة.
وفي المناطق التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا أصيب 11 شخصا بجروح السبت في قصف مدفعي وهجمات بطائرات مسيرة على مدينة غورليفكا، وفقا لرئيس البلدية إيفان بريخودكو.
كما قُتل شخصان في ضربات روسية على زاباروجيا في جنوب أوكرانيا، وفقا لحاكم المنطقة إيفان فيدوروف.
وتسيطر القوات الروسية على نحو 18% من الأراضي الأوكرانية، وأعلنت موسكو ضم 4 مناطق من أوكرانيا، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014.
من جانب آخر أعلن الجيش الأوكراني، أن هجمات جوية روسية أبقت الإنذارات تدوي في النصف الشرقي من أوكرانيا لأكثر من 5 ساعات، بعد شن موسكو ضربات استهدفت كييف ومدناً أخرى.
وقال رئيس الإدارة العسكرية في كييف، سيرهي بوبكو عبر تلغرام: «مرة أخرى استخدم العدو طائراته دون طيار ضد كييف الليلة الماضية. دخلت طائرات روسية دون طيار العاصمة الأوكرانية في عدة موجات ومن اتجاهات مختلفة».
وأضاف «جميع الأسلحة الجوية دمرت أثناء اقترابها، ووفقاً للمعلومات الأولية لم ترد أنباء عن أضرار أو إصابات». وتابع أن التفاصيل عن حجم الهجوم ستأتي في وقت لاحق.
وأوضح بوبكو أن «الإنذارات من الغارات الجوية على العاصمة ومحيطها، انطلقت 3 مرات خلال الليل، واستمرت أكثر من 5 ساعات».
من جهته، قال رئيس بلدية مدينة أوديسا على البحر الأسود، هينادي تروخانوف عبر تلغرام إن «روسيا استهدفت المدينة في جنوب أوكرانيا الليلة الماضية، ووردت تقارير عن عدة انفجارات». ولكن لم ترد معلومات عن أضرار أو إصابات.
وقال حاكم منطقة خيرسون جنوب أوكرانيا، أولكسندر بروكودين، صباح الأحد عبر تلغرام إن «مدنياً واحداً قُتل، وأصيب 15 آخرون في هجمات روسية على المنطقة، في الساعات الـ 24 الماضية». ولم يتسن التحقق من التقارير بشكل مستقل. كما لم يصدر بعد تعليق من روسيا.
من جانب آخر أعلن المدعون الأوكرانيون، السبت، أنهم يحققون في احتمال قيام القوات الروسية بإعدام 4 أسرى حرب أوكرانيين، وقالوا إن المشتبه به في عمليات القتل قيد الاعتقال.
وقال بيان صادر عن مكتب المدعي العام في منطقة خاركيف شمال شرق البلاد، عبر تلغرام،: «بدأ المدعون العامون تحقيقاً قبل المحاكمة، يتعلق بالقتل العمد لأربعة أسرى حرب».
ونقل البيان عن المدعي العام الرئيسي أوليكسندر فيلتشاكوف قوله «بدأ التحقيق عبر استجواب أسرى حرب روس، تم خلاله الحصول على شهادات بشأن ارتكاب الجريمة».
ويُزعم أن العسكريين قُتلوا بناء على أوامر القيادة العسكرية الروسية خلال الصيف في مصنع تجميع في فوفشانسك، والذي كان مسرح معارك عنيفة.
في مايو، شنت روسيا هجوماً على منطقة خاركيف حيث تقع فوفشانسك، وهي المنطقة التي احتلتها أولاً ثم انسحبت منها في بداية الحرب في عام 2022.
وأضاف فيلتشاكوف «هذه القضية فريدة، لأن الشخص الذي قد يصبح مشتبهاً به في الإجراءات المذكورة، هو أيضا أسير لدى أوكرانيا».
وفي حال ثبتت إدانته بارتكاب جريمة الحرب، يواجه المشتبه به السجن مدى الحياة.
وقال مكتب المدعي العام الأوكراني في وقت سابق هذا الشهر إن لديه معلومات عن إعدام «ما لا يقل عن 92 جندياً أوكرانيا استسلموا» في ساحة المعركة.
ويشمل ذلك مزاعم أن القوات الروسية أعدمت 16 أسير حرب بالقرب من مدينة بوكروفسك في شرق البلاد، وهي مركز لوجستي رئيسي للجيش الأوكراني.
وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات بقتل أسرى حرب منذ شنت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا في فبراير 2022.
من ناحية أخرى يرى المحلل الكوري الجنوبي داي أون هونغ، أن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين روسيا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، في يونيو الماضي، تعتبر إحياء لمعاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة المبرمة عام 1961، والتي نصت على التدخل التلقائي في أوقات الحرب.
وقال هونغ، وهو أستاذ قانون في جامعة دونجكوك في سيؤول، كوريا الجنوبية، وأستاذ مساعد في كلية الحقوق بجامعة كورنيل، حيث يدرس القانون والمجتمع في كوريا الشمالية، إنه «تم إلغاء معاهدة 1961 في عام 1996، عندما أصبحت روسيا أكثر اهتماماً بتحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية».
وأضاف في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية، أن معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التالية التي تم التوقيع عليها في عام 2000، لم تتضمن بند التدخل العسكري التلقائي الذي طالبت به بشكل ملح جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية».
واستمر هذا الوضع لأكثر من 20 عاماً. وفي هذا الصدد، حصلت جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية على ميزة أمنية مهمة من خلال إبرام معاهدة جديدة مع روسيا.
وفي حالة معاهدة عام 2024، ورغم أن هناك بعض الشروط المسبقة للتدخل العسكري بموجب القوانين الداخلية في كلتا الدولتين (المادة 4)، فإنها سوف تكون سارية بالفعل إلى أجل غير مسمى، ما لم يقم طرف بالإخطار بأنه سوف يعلق العمل بالمعاهدة (المادة 23).
وعلى النقيض من معاهدة 1961، التي كان يتعين تجديدها كل 10 سنوات وتم إنهاء العمل بها نهائياً في عام 1996، فإن الحقيقة التي مفادها أن معاهدة 2024 سارية إلى أجل غير مسمي، تعني أنه تمت تلبية طلب جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بضمانات أمنية دائمة.
ويبدو أن روسيا قد استأنفت تحالفها مع جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، على أساس استنتاج بأنها يمكن أن تكسب مزايا سياسية واقتصادية أو عسكرية محدودة من علاقتها مع كوريا الجنوبية.
ويرجع هذا الاستنتاج إلى الموقف الموالي للولايات المتحدة للحكومة الكورية الجنوبية الحالية، التي تواصل دعم أوكرانيا. ويشير هذا الاستنتاج إلى أن روسيا قد أنهت دبلوماسية المسافة المتساوية من الكوريتين الشمالية والجنوبية، والتي حافظت عليها عادة منذ حقبة تسعينيات القرن الماضي عقب تفكك الاتحاد السوفييتي.
وجنت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية المزايا الأمنية والاقتصادية المهمة من تحالفها مع روسيا. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما هو التأثير الذي سيكون للتحالف بين روسيا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية على علاقات الأخيرة مع دول أخرى وبصفة خاصة الصين؟
وفي الماضي، خلال الحرب الباردة، حصلت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية على الفوائد السياسية والاقتصادية الضرورية للحفاظ على نظامها من خلال دبلوماسية االمسافة المتساوية من الاتحاد السوفييتي والصين.
ومع ذلك، فإنه بعد انتهاء الحرب الباردة، أصبحت دبلوماسية المسافة المتساوية غير ممكنة ومنذ ذلك الحين، استخدمت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية القمم ووسائل أخرى لتفادي العزلة الدولية. وعلى سبيل المثال، اعتبرت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية إقامة علاقات دبلوماسية بين الصين وكوريا الجنوبية في عام 1992، بمثابة خيانة. وأدى هذا التقارب إلى تراجع في تبادل الزيارات عالية المستوى بين بيونغ يانغ وبكين لبعض الوقت.
غير أنه في عام 2006، عندما أبدت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ميلاً صوب تحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية أو الولايات المتحدة، اتخذت الصين أيضاً خطوات للحفاظ على نفوذها على جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، مثل عقد قمم أو إرسال مسؤولين رفيعي المستوى. وعلى سبيل المثال، في يونيو (حزيران) عام 2000 قبل وقت قصير من اجتماع الزعيم الكوري الشمالي آنذاك كيم جونغ إيل، مع الرئيس الكوري الجنوبي كيم داي جونغ في قمة بين الكوريتين، توجه كيم جونغ إيل إلى الصين للقاء رئيسها جيانغ زيمين.
وإضافة إلى ذلك، ففي شهر أكتوبر من نفس العام، وقبل يوم من زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك مادلين أولبرايت، لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، زار وزير الدفاع الصيني بيونغ يانغ.
وبعد توليه مقاليد السلطة، لم يبد الرئيس الصيني شي جين بينغ أي اهتمام بلقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. غير أنه في عام 2018، عقد كيم جونغ أون مع شي جين بينغ اجتماعات متعاقبة، قبل وبعد اجتماعات مع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبدو الأمر وكأنه تكرار لعام 2000، وإضافة إلى ذلك، يبدو أن احتمال تعزيز العلاقات بين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية والولايات المتحدة، قد دفع شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى زيارة بيونغ يانغ في عام 2019.
وتابع هونغ أنه «بهذه الطريقة، استخدمت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية القمم لتحسين العلاقات مع دول أخرى، ولتقليص عزلتها من المجتمع الدولي. غير أنه رغم التقارب بين جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وروسيا، تظل العلاقات بين بكين وبيونغ يانغ باردة باستمرار، ما يشير إلى أن الأخيرة على النقيض من فترة الحرب الباردة، لها تأثير محدود في علاقتها مع بكين».
وأوضح أنه لكي تنجح دبلوماسية المسافة المتساوية، يجب أن تكون الدولتان المستهدفتان في حالة مواجهة وتسعيان لاحتواء كل منها الأخرى. غير أنه من الصعب بالنسبة لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أن تتبع دبلوماسية المسافة المتساوية على نحو مؤثر، بسبب المشهد الجيوسياسي الحالي، الذي يختلف عن التوترات التي تمت مشاهدتها خلال الحرب الباردة.
وتدرك الصين أن روسيا لا تستطيع أن تضطلع بالكامل بدورها في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية. وعندما تنتهي الحرب الروسية الأوكرانية في يوم ما، ولم تعد روسيا في حاجة للحصول على أسلحة على نطاق واسع من جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، فإن من غير المرجح أن روسيا سوف تحتفظ باهتمام كبير بجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية.
واختتم هونغ تقريره بالقول إنه «إذا كان يتعين على الولايات المتحدة، الدولة الوحيدة حالياً التي تنظر إليها الصين بقلق وحذر، أن تحسن العلاقات مع جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، فإن الصين سوف تتخذ أيضاً موقفاً واضحاً، مثلما فعلت إزاء العلاقات بين الاتحاد السوفييتي وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية خلال حقبة الحرب الباردة».