
«وكالات» : قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أمس الأربعاء، إنه من المستحيل تحقيق سلام عادل في أوكرانيا إذا فقدت كييف حيادها بالانضمام إلى تكتل مثل حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة.
وصرح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن محادثات السلام لن تبدأ إلا إذا وافقت أوكرانيا على التخلي عن مساحات شاسعة من الأراضي أعلنت روسيا ضمها، وإذا توقفت عن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي تعليقات حول تقارير تفيد بأن الغرب يناقش خيارا يشمل انضمام أوكرانيا إلى الحلف مقابل قبول كييف للسيطرة الروسية على أراضي أوكرانية، قالت زاخاروفا إن تحقيق سلام عادل في أوكرانيا سيكون مستحيلا بدون ضمان أن أوكرانيا في وضع محايد وغير منحاز.
وأضافت أن ما تصفه روسيا «بالعملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا هو رد فعل على توسع الحلف شرقاً.
من جهة أخرى قالت وزارة الدفاع الروسية، أمس الأربعاء، إن وحدات الدفاع الجوي دمرت 47 طائرة مسيرة أطلقتها أوكرانيا على غرب روسيا، وقال مسؤولون محليون إن الهجمات لم تسفر عن إصابات.
وذكرت الوزارة عبر تطبيق تليغرام أنه تم إسقاط نحو 24 طائرة مسيرة فوق منطقة بريانسك الحدودية جنوب غرب روسيا، وتدمير العدد المتبقي فوق مناطق بلغورود وكورسك وروستوف وكراسنودار وفوق مياه بحر آزوف.
وقال فاسيلي جولوبيف حاكم منطقة روستوف عبر تليغرام، إن حريقاً اندلع بسبب سقوط حطام طائرات مسيرة في موقع غير مأهول بالمنطقة الواقعة جنوب روسيا على الحدود مع أوكرانيا وتم إخماده على الفور، مضيفاً أنه لم تقع أضرار أخرى.
وذكر ألكسندر بوجوماز حاكم بريانسك أن خدمات الطوارئ تعمل في المواقع التي سقط فيها الحطام، دون أن يوضح ما إذا كانت هناك أضرار.
من جهته، أعلن الجيش الأوكراني، أمس الأربعاء، أن روسيا أطلقت ثلاثة صواريخ باليستية و22 طائرة مسيرة في هجوم شنته خلال الليل.
وأضاف الجيش أن القوات الجوية أسقطت 21 طائرة مسيرة وعادت الطائرة المتبقية صوب الأراضي الروسية.
يأتي هذا بينما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، إن القوات الأوكرانية مستمرة في الضغط بشكل كاف على القوات الروسية في منطقة كورسك الروسية، حيث شنت كييف توغلاً كبيراً في أغسطس.
وأضاف زيلينسكي في خطابه المسائي المصور بعد اجتماع مع كبار القادة «القتال مستمر الآن في منطقة كورسك للشهر الثالث ونحن مستمرون في الضغط اللازم على روسيا في هذا القطاع».
وسيطرت القوات الأوكرانية على عشرات القرى في منطقة كورسك، على الحدود الروسية مع أوكرانيا، لكن موسكو تقول إنها استعادت بعض الأراضي.
من جهتها، تتقدم القوات الروسية في أنحاء في منطقة دونيتسك الواقعة نحو الجنوب، وهي النقطة المحورية الرئيسية لحرب موسكو على أوكرانيا.
من جهة أخرى قال السفير الأوكراني لدى تركيا، فاسيل بودنار، أمس الأربعاء، إن كييف تستهدف تنظيم قمة سلام جديدة بنهاية هذا العام وترغب في مشاركة روسيا هذه المرة، لكنه استبعد إجراء أي محادثات ثنائية مباشرة مع موسكو خلال الاجتماع.
ومع استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا للعام الثالث، ما زالت الدولتان متباعدتين فيما يتعلق بكيفية إنهاء الحرب. وعرضت تركيا والصين والبرازيل ودول أخرى التوسط لإنهاء الصراع أو مناقشة مقترحات للسلام لكن لم يتحقق أي تقدم.
وتسعى أوكرانيا إلى تنفيذ «خطة النصر» للرئيس فولوديمير زيلينسكي، في حين قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثات السلام لا يمكن أن تبدأ إلا إذا وافقت كييف على التخلي عن مساحات شاسعة من الأراضي التي أعلنت موسكو ضمها، وتخلت كذلك عن سعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال السفير فاسيل بودنار في مؤتمر صحافي بأنقرة عبر مترجم تركي «من أهم أهداف هذه القمة التوصل إلى سلام عادل في أوكرانيا. نحن لا نتحدث هنا عن وضع تجلس فيه أوكرانيا وروسيا وجها لوجه لتستمع أوكرانيا إلى مطالب روسيا».
وتابع «ما نهدف إليه الآن هو أن يجلس (ممثلون من) المجتمع الدولي مع أوكرانيا لوضع قائمة بالخطوات التي يمكن اتخاذها لتحقيق سلام عادل في أوكرانيا ومناقشة نوع المطالب التي سيطلبونها من روسيا على أساس هذه القائمة».
وأضاف قائلا «لن يكون اجتماعا ثنائيا مباشرا، بل من المرجح أن يكون اجتماعا تشارك فيه أطراف ثالثة أيضا، وتتم (المحادثات) عبر أطراف ثالثة. نأمل أن نعقد هذه القمة بحلول نهاية العام».
وأوضح بودنار أن تركيا، التي سعت إلى الحفاظ على علاقات ودية مع كل من أوكرانيا وروسيا منذ بداية الحرب، ستكون من بين الأطراف المهمة نظرا لخبرتها في الوساطة في صراعات أخرى.
من ناحية أخرى قال منظمون، أمس الأربعاء، إن اجتماع قمة لحلفاء أوكرانيا الرئيسيين في رامشتاين بألمانيا تأجل بعد أن ألغى الرئيس الأمريكي جو بايدن رحلة خارجية مقررة.
وألغى بايدن زيارته الثلاثاء إلى ألمانيا وأنغولا في ضربة لخطط عقد اجتماع على أرفع مستوى على الإطلاق لأعضاء مجموعة رامشتاين للمانحين للأسلحة لأوكرانيا، والتي تهدف إلى التأكيد على استمرار الدعم لكييف في مواجهة روسيا.
وقالت إدارة الشؤون العامة الأمريكية في قاعدة رامشتاين الجوية في رسالة بالبريد الإلكتروني للصحافيين: «تأجل حدث 12 أكتوبر 2024.. سيجري الإعلان لاحقاً عن اجتماعات مجموعة التواصل الدفاعية الأوكرانية في المستقبل».
وكان من المقرر أن تجتمع مجموعة رامشتاين على هامش زيارة بايدن الرسمية إلى ألمانيا في الفترة من 10 إلى 13 أكتوبر، والتي كانت ستصبح أول زيارة دولة أميركية للبلاد منذ نحو 40 عاماً.
لكن البيت الأبيض قال إن بايدن أرجأ زيارته للإشراف على الاستعدادات لإعصار ميلتون وجهود الإغاثة بعد إعصار آخر الشهر الماضي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص.
وبعد اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022، جمعت واشنطن الدول ذات التفكير المماثل في القاعدة الجوية الأمريكية في رامشتاين الواقعة جنوب غربي ألمانيا لتشكيل مجموعة تضم نحو 50 دولة يجتمع وزراء دفاعها بانتظام لتلبية طلبات كييف من الأسلحة بالتوافق مع تعهدات المانحين.
من جانب آخر حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، مارك روته، الثلاثاء، من أن أوكرانيا قد تواجه أقسى شتاء لها منذ اندلاع الحرب مع روسيا في 24 فبراير 2022، داعياً الحلفاء إلى تكثيف دعمهم.
وقال روته، الذي تسلم منصبه هذا الشهر أمام الصحافيين: «تواصل روسيا تنفيذ ضربات صاروخية ضد المنشآت الأساسية للطاقة في أوكرانيا.. التي قد تواجه أقسى شتاء لها منذ بداية الغزو».
يأتي ذلك فيما تخسر القوات الأوكرانية المزيد من الأراضي في دونباس بشرق البلاد، حيث يعلن الجيش الروسي بشكل شبه يومي السيطرة على بلدات جديدة، مع اقترابه من مدينة بروكوفسك الاستراتيجية.
وأقر روته بأن وضع القتال «صعب» لكنه أكد أن الكلفة الباهظة تدفعها القوات الروسية، مع سقوط أكثر من ألف عنصر بين قتيل وجريح يومياً علاوة على «ما مجموعه 500 ألف قتيل أو جريح».
وأكد أن الأوكرانيين «يحتاجون إلى دعمنا المستمر، وهذا أمر واضح للغاية، إنهم يحتاجون إليه الآن وفيما بعد أيضاً».
ورحب بـ»الاجتماع المهم للغاية» المقرر عقده السبت في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية في جنوب غربي ألمانيا.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد دعا الدول الخمسين الداعمة لأوكرانيا لعقد اجتماع السبت في ألمانيا، لكنه قرر إرجاء زيارته بسبب وصول إعصار ميلتون إلى فلوريدا (جنوب شرقي الولايات المتحدة).
وفي 3 أكتوبر، زار الأمين العام الجديد لحلف الناتو كييف، في أول رحلة له إلى الخارج بصفته هذه لتأكيد دعم الحلفاء لكييف.
يأتي هذا بينما قال مسؤولون إقليميون إن مدنيين قتلا وأصيب أكثر من 30، من بينهم فتى، في هجمات روسية على مدينة خاركيف شمال شرقي أوكرانيا.
وذكر أوليه سينيهوبوف حاكم منطقة خاركيف أن القوات الروسية أسقطت نحو أربع قنابل موجهة على خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، خلال فترة بعد الظهر.
وتابع على تطبيق تليغرام للتراسل أن القتيلين، وهما رجل وامرأة، كانا يسيران في الشارع، مضيفاً أن ما لا يقل عن ثلاثة آخرين أصيبوا في ذلك الهجوم.
وقال سينيهوبوف إن هجوماً روسياً في وقت سابق أدى إلى إصابة 28 شخصاً، ومنهم فتى عمره 16 عاماً.
وأفاد سينيهوبوف وإيهور تيريخوف رئيس بلدية خاركيف بتعرض منشأة إنتاج مدنية لأضرار. وقال تيريخوف إن هناك حريقاً اندلع فيها.
من جهتها سيطرت روسيا على قريتين في شرق أوكرانيا، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الثلاثاء، في وقت تتقدّم قوات موسكو بشكل ثابت في المنطقة.
وقالت الوزارة في بيان إن وحدات روسية «حرّرت» قريتَي زوريان وزولوتا نيفا في منطقة دونيتسك، جنوب مدينة بوكروفسك التي تُعد مركزاً لوجستياً للجيش الأوكراني.
وتقول روسيا إن السيطرة على القرى يساهم في مواصلة تقدمها بشكل أعمق خارقةً دفاعات أوكرانيا ويحسّن من موقعها التكتيكي.
من ناحية أخرى أكدت روسيا أنها تحافظ على قنوات اتصال مع حلف الأطلسي (ناتو) من أجل الطوارئ، وأنها تتابع الدور المتزايد للأسلحة النووية في إستراتيجية الحلف.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن ألكسندر غروشكو نائب وزير الخارجية الروسي القول إن كبار مسؤولي الدفاع في روسيا والولايات المتحدة وحلف الناتو يحافظون على قنوات الاتصال بينهم، ولكن ذلك في المقام الأول من أجل حالات الطوارئ وليس لإيجاد سبل لتخفيف التوتر.
كما نقلت وكالة الإعلام عن غروشكو قوله إن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، تعد مشروعا جيوسياسيا فرضته الولايات المتحدة على حلفائها، وإن روسيا تأخذ في الاعتبار أن حلف شمال الأطلسي في طريقه إلى زيادة دور الأسلحة النووية في إستراتيجيته.
وذكرت وكالة سبوتنيك الروسية أن سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، كان قد أكد في 11 يونيو الماضي، أن تدريبات القوات المسلحة الروسية المتعلقة بإعداد واستخدام الأسلحة النووية غير الإستراتيجية، تأتي كرد مناسب على المشاركة النشطة لقوات حلف الناتو في النزاع الأوكراني، وتمكين كييف من شن هجمات صاروخية على المدنيين الروس، فضلا عن زيادة الإمكانات العسكرية للحلف قرب الحدود الروسية.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، مرت العلاقات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بمراحل متنوعة تراوحت بين التقارب إلى درجة التعاون الإستراتيجي، والتباعد إلى درجة الخصومة واتخاذ خطوات تصعيدية متبادلة.
وشكل ملف توسع الناتو شرقا أول انهيار كبير في العلاقات بين الطرفين، إذ تعتبر موسكو أن قبول أعضاء جدد في الحلف يستلزم تقليص فترة النشر الإستراتيجي لقواته، مما يبقي لروسيا وقتا أقل لرفع قواتها إلى الاستعداد القتالي.
ودخلت العلاقات في أزمة إضافية ونوعية مع بداية الحرب الروسية-الأوكرانية وإعلان الحلف وقوفه الكامل إلى جانب كييف وتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية وسياسية لها في الحرب مع موسكو.