
«وكالات» : وسط استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة المحاصر، ومنع دخول المساعدات، جددت المملكة العربية السعودية استنكارها.
فقد أكد ممثل السعودية أمام محكمة العدل الدولية السفير محمد سعود الناصر أمس الثلاثاء في لاهاي، على أن إسرائيل حولت قطاع غزة إلى كومة من الركام، مشدداً على ألا شيء يمكن أن يبرر انتهاكاتها في القطاع المحاصر.
وشدد على أن إسرائيل تواصل تجاهل الأوامر الصادرة عن المحكمة وتضاعف انتهاكاتها، لافتاً إلى أهمية رأي محكمة العدل في إلزام تل أبيب على إدخال المساعدات.
كما لفت إلى أن إسرائيل تسببت في أوضاع غير إنسانية في قطاع غزة، إذ قتلت أكثر من 200 موظف في الأونروا وهاجمت مقرات الوكالة ومخازنها.
وتابع أن تل أبيب ما زالت تواصل تجاهل دعوات السماح بإدخال المساعدات إلى غزة، كما هاجمت مرافق الأونروا ومخازنها ونهبت محتوياتها، في حين أن الأمم المتحدة فندت المزاعم الإسرائيلية بشأن حيادتها وادعاءاتها.
أتى ذلك بينما فتحت محكمة العدل الدولية الاثنين، أسبوعا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي مزقته الحرب.
كما بدأ ممثلو الأمم المتحدة ماراثونا يستمر 5 أيام في محكمة العدل الدولية، أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة في لاهاي بهولندا، أمام هيئة مؤلفة من 15 قاضيا.
يذكر أن إسرائيل تتحكم بكل تدفقات المساعدات الدولية التي تعتبر حيوية بالنسبة لـ 2.2 مليون فلسطيني في قطاع غزة الذي يعاني أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وقد قطعت إسرائيل هذه المساعدات في الثاني من مارس قبل أيام فقط من انهيار وقف إطلاق نار هش بعد 15 شهرا من القتال المتواصل.
من ناحية أخرى أفادت مصادر باستشهاد 21 فلسطينيا جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ فجر أمس الثلاثاء، في حين طالب مدير المستشفيات في القطاع العالم بالتدخل لوقف المجازر المستمرة.
وقد أعلنت مصادر طبية أمس استشهاد 4 فلسطينيين بينهم 3 أطفال وأكثر من 40 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين في منطقة المواصي بمدينة خان يونس فجر أمس.
وأوضحت المصادر أن قوات الاحتلال أطلقت قذائفها نحو الخيام، وهذا أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.
وأشارت المصادر إلى أن حالة بعض الجرحى حرجة، ما ينذر بارتفاع حصيلة الشهداء خلال الساعات المقبلة، خاصة في ظل ضعف الإمكانيات الطبية ونقص الإمدادات داخل مستشفيات القطاع المحاصر.
كما أفادت مصادر بانتشال جثمان فلسطيني استشهد في قصف إسرائيلي سابق استهدف منطقة المنارة في مدينة خان يونس، مشيرا إلى استشهاد آخر إثر قصف شنته مسيرة إسرائيلية على حي الشجاعية شرقي مدينة غزة.
وأضافت المصادر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي استهدف بلدة القرارة شمالي مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة، بغارات وقصف مدفعي من دباباته المتوغلة في المنطقة.
واستشهد 71 فلسطينيا وأصيب 153 بقصف متفرق على قطاع غزة، إذ ارتكب الاحتلال مجازر بحق عائلات ضمن جرائم الإبادة الجماعية التي يقترفها منذ السابع من أكتوبر 2023.
بدورها، أكدت وزارة الصحة بغزة في وقت سابق ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 51 ألفا و495 شهيدا و117 ألفا و524 مصابا منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقد طالب مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بقطاع غزة مروان الهمص، العالم بالتدخل لوقف المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في ظل منظومة طبية منهارة.
وأضاف أن ما حدث في شارع مكتظ بغزة يثبت ألا هدف للاحتلال سوى قتل الفلسطينيين من دون أن يُلقي بالا لأي أحد.
وسبق أن جددت وزارة الصحة في غزة مرارا مناشدتها المؤسسات المعنية بضرورة حماية القطاع الطبي من نيران الاحتلال، ومطالبتها بتوفير مولدات للمستشفيات لتجنب كارثة صحية في ظل نقص نفاد الوقود واستمرار إغلاق المعابر.
من جهة أخرى هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي 4 منازل ومنشآت زراعية في مدينتي الخليل ورام الله، كما اعتقل 22 فلسطينيا، بينهم صحفي و4 سيدات، في الضفة الغربية.
واقتحمت قوات الاحتلال قرية الزويدين بمسافر يطا جنوبي الخليل، وهدمت منزلين و5 بركسات (حظائر) لتربية الماعز وبئرا لجمع مياه الأمطار.
وغربي رام الله وسط الضفة، اقتحمت قوة إسرائيلية بلدة قبيا برفقة جرافات، وشرعت في هدم منزلين.
والاثنين، هدمت جرافات إسرائيلية 5 منازل في بلدة إذنا غربي الخليل.
بالتزامن مع ذلك، اعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ مساء الاثنين وحتى صباح أمس الثلاثاء، 22 فلسطينيا بينهم صحفي و4 سيدات في الضفة الغربية المحتلة.
أفاد بذلك بيان مشترك لنادي الأسير الفلسطيني (غير حكومي) وهيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية (حكومية).
وأوضح البيان أن جيش الاحتلال اعتقل 22 فلسطينيا في الضفة، بينهم صحفي و4 سيدات وأسرى سابقون، وأشار إلى أنه تم الإفراج عن 3 سيدات بعد ساعات من اعتقالهن.
وذكر البيان أن الاعتقالات توزعت في غالبية محافظات الضفة الغربية.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال عدوانها على محافظتي جنين وطولكرم شمالي الضفة منذ 21 يناير الماضي يرافقها عمليات اعتقال وتحقيق ميداني مستمرة.
وعزل الاحتلال مدن الضفة الغربية بأكثر من ألف حاجز وبوابة عسكرية.
ونفذ الاحتلال 600 حالة اعتقال في جنين و260 حالة اعتقال في طولكرم، يشمل ذلك من تم اعتقالهم والإفراج عنهم لاحقا.
وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، نفذت سلطات الاحتلال خلال مارس/آذار الماضي 58 عملية هدم شملت 87 منشأة، بينها 39 منزلا مأهولا و6 غير مأهولة، و26 منشأة زراعية وغيرها.
وبالتوازي مع حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، صعّد الاحتلال عدوانه بالضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 958 فلسطينيا وإصابة قرابة 7 آلاف، إضافة إلى تسجيل 16 ألفا و400 اعتقال، وفق معطيات فلسطينية.
من جانب اخر قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن أكثر من 50 من موظفيها تعرضوا لسوء المعاملة واستخدمهم الجيش الإسرائيلي دروعا بشرية خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وقال المفوض العام للأونروا، فيليبي لازاريني -أمس الثلاثاء- إنه «منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، تم احتجاز أكثر من 50 موظفا بالأونروا، بينهم معلمون وأطباء وعاملون اجتماعيون».
وأكد لازاريني في تدوينة نشرها عبر حسابه في منصة إكس، أن موظفي الوكالة تعرضوا لسوء المعاملة من قبل الجيش الإسرائيلي، وقال «لقد عوملوا بطرق هي الأشد ترويعا وأبعد ما تكون عن المعاملة الإنسانية، وأفادوا بأنهم تعرضوا للضرب واستخدموا كدروع بشرية».
ونقل لازاريني في منشوره شهادة لأحد الموظفين الذين كانوا محتجزين لدى الجيش الإسرائيلي وأفرج عنه لاحقا.
وقال الموظف في إفادته «تمنيت الموت حتى ينتهي هذا الكابوس الذي كنت أعيشه».
وأوضح لازاريني أن المحتجزين «حُرموا من النوم وتعرضوا للإذلال، والتهديد بإلحاق الأذى بعائلاتهم وسُلطت عليهم الكلاب».
وأضاف «العديد منهم أجبروا على الإدلاء قسرا باعترافات، هذا أمر مروع ومشين بكل المقاييس».
وجاءت تصريحات لازاريني بعد يوم من بدء محكمة العدل الدولية أسبوعا من جلسات الاستماع المخصصة لالتزامات إسرائيل الإنسانية تجاه الفلسطينيين، بعد أكثر من 50 يوما على فرضها حصارا شاملا على دخول السلع والمساعدات إلى قطاع غزة الذي دمرته الحرب.
ولم تشارك إسرائيل في الجلسات التي انطلقت الإثنين، واعتبرتها جزءا من «اضطهاد ممنهج» ضدها لتجريدها من الشرعية وتقويضها.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر الاثنين «ليست إسرائيل هي التي يجب أن تكون في المحكمة، بل الأمم المتحدة والأونروا».
والأونروا هي الوكالة الأممية الرئيسية التي تقدم خدمات إنسانية للفلسطينيين، لكن الكنيست الإسرائيلي أقر قانونا يحظر عملها في إسرائيل، ويحظر على المؤسسات الإسرائيلية التعامل معها.
ويعيق هذا القانون عمليات الوكالة في وقت تشتد فيه الحاجة إليها.
وأقر الكنيست هذا التشريع ضد عمل الأونروا استنادا إلى مزاعم إسرائيلية تتهم الوكالة بتوفير غطاء لمقاومي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وتطعن الأمم المتحدة والعديد من الحكومات المانحة بصحة هذه الاتهامات التي خلصت لجنة تحقيق أممية إلى أنها لا تستند إلى أي أدلة.
من جهة أخرى على الرغم من أن مسؤولاً إسرائيلياً كان نفى حدوث انفراجة بالمفاوضات التي عقدت في القاهرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، يبدو أن هناك تقدّماً.
فقد أكدت مصادر بأن هناك اتفاقا مبدئيا على الإفراج عن رهائن من غزة خلال مايو بينهم الرهينة الأمريكي.
وأكدت استمرار الاجتماعات بين مسؤولين مصريين وحماس وإسرائيل خلال الأيام المقبلة.
كما أوضحت الثلاثاء، أنه تم الاتفاق على إنشاء 3 ممرات آمنة لعبور المساعدات لغزة برقابة الوسطاء.
يأتي هذا بينما أوضح عضو من الوفد الإسرائيلي في مفاوضات الصفقة مع حماس، أن الأمور تسير بإيجابية.
وأفادت مصادر إسرائيلية بوجود تبادل للرسائل الإيجابية، لافتاً إلى أنها جميعها ما زالت بانتظار قرار من المستوى السياسي في إسرائيل.
كما تابعت أن الصفقة المقترحة ستكون شاملة وليست بعيدة.
وأضافت أن هذه الرسائل تتم بينما يبذل الجانب الأمريكي جهوداً كبيرة بالضغط على حماس مباشرة وعبر الوسطاء.
وكان مصدران أمنيان مصريان كشفا الاثنين أن المفاوضات التي عقدت في القاهرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة تشهد تقدماً كبيراً.
إلا أن مسؤولا إسرائيليا نفى حدوث انفراجة حسب ما ذكر موقع «أكسيوس» دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وكانت حماس رفضت في 17 أبريل الحالي اقتراحاً إسرائيلياً يتضمن هدنة لمدة 45 يوماً مقابل الإفراج عن 10 محتجزين إسرائيليين أحياء. وطالبت باتفاق شامل يقضي بوقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من غزة، مقابل إطلاق جميع المحتجزين لديها.
في المقابل، تمسكت إسرائيل بإعادة جميع الأسرى ونزع سلاح حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، مقابل الهدنة وليس إنهاء الحرب بشكل تام أو الانسحاب الكامل.
واستأنفت إسرائيل هجومها على غزة في 18 مارس الفائت بعد انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم في يناير 2025، مؤكدة أنها ستواصل الضغط على حماس حتى تُطلق سراح باقي الرهائن في القطاع. ولا يزال 58 أسيراً محتجزين في غزة، 34 منهم قتلى، حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي.