
«وكالات» : على خطى وزير دفاعه، شدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على مضي بلاده في القتال «من رفح إلى جبل الشيخ حتى تحقيق النصر»، وفق تعبيره.
وقال في كلمة ألقاها، أمس الأربعاء، بذكرى مقتل الجنود الإسرائيليين «سنحقق الانتصار الحاسم على أعدائنا».
كما اعتبر أن «بقاء إسرائيل عبارة عن سلسلة من التضحيات.. وهو ما يقوم به مقاتلونا الآن»، حسب قوله.
وكان ويزر الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أكد بدوره في وقت سابقا أمس أن «الهدف الرئيسي لبلاده في غزة هو تحقيق نصر واضح من دون أي تنازل».
كما أشار إلى أن «الدرس الأساسي المستخلص من أحداث السابع من أكتوبر 2023، هو أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يقف دائمًا بين الأعداء في الشريط الأمني بلبنان، وعلى جبل الشيخ وفي المنطقة الأمنية في سوريا، وفي مخيمات اللاجئين شمال الضفة، وداخل المساحات الأمنية حول غزة، وبين البلدات الإسرائيلية».
في حين أعلن سابقاً أن القوات الإسرائيلية باقية في غزة وجنوب لبنان وسوريا حتى إشعار آخر.
أتت تلك التصريحات فيما لا تزال مساعي الوسطاء مستمرة من أجل وقف النار في قطاع غزة، وابرام اتفاق لتبادل الأسرى بين الجانب الإسرائيلي وحركة حماس.
كما جاءت بالتزامن مع إصدار الجيش الإسرائيلي أوامر تجنيد لآلاف جنود الاحتياط من سلاحي المدرعات والمشاة، استعدادًا لتوسيع العملية البرية في قطاع غزة في حال تعثرت المفاوضات الحالية، وفق ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية.
بينما كشفت عن مقترح جديد ينص على وقف الحرب في غزة لمدة ستة أشهر مع فتح معبر رفح والعودة إلى البرتكوول الإنساني في إدخال المساعدات إلى سكان القطاع الفلسطيني المدمر.
علما أن حماس كانت أكدت سابقا تمسكها بوقف الحرب بشكل تام، والانسحاب الإسرائيلي من كامل القطاع، مقابل الإفراج عن كافة الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة.
من جهة أخرى أفادت مصادر طبية باستشهاد 21 فلسطينيا في غارات إسرائيلية منذ فجر أمس الأربعاء على عدة مناطق في قطاع غزة، في وقت دعا فيه المفوض الأممي السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك المجتمع الدولي إلى وقف «الكارثة الإنسانية» في القطاع الفلسطيني، الذي يواجه سكانه خطر الموت الجماعي جوعا مع استمرار منع قوات الاحتلال إدخال المواد الغذائية الأساسية.
وشنت إسرائيل منذ الفجر عددا من الغارات على مناطق متفرقة في القطاع، وقصفت عددا من المنازل وخيام النازحين، وأفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 3 مواطنين -بينهم طفلة- وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف منزلا جنوبي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
كما أفادت مصادر بإصابة عدة أشخاص في قصف مروحيات إسرائيلية منزلا في بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس جنوبي القطاع .
وأوضحت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) أن 12 فلسطينيا استشهدوا في قصف الاحتلال 3 منازل في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
وأضافت أن 6 استشهدوا في قصف منزل يعود لعائلة أبو جريبان، و3 آخرين إثر قصف منزل يعود لعائلة حمدان، إضافة إلى 3 آخرين هم الأب والأم وطفلهما في منطقة السوارحة.
ووفق الوكالة «استشهد 3 فلسطينيين آخرين بينهم طفلتان جراء قصف الاحتلال منزلا في جباليا البلد شمال قطاع غزة».
وذكرت أن صيادا استشهد إثر إطلاق النار عليه من قبل زوارق الاحتلال الحربية على شاطئ بحر مدينة غزة، في حين استشهد فلسطيني في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس جراء قصف الاحتلال منزلا يؤوي نازحين.
وأشارت إلى استشهاد مواطن من ذوي الإعاقة إثر قصف الاحتلال منزلا في حي الزيتون بمدينة غزة، في حين استشهد مواطن متأثرا بجروح أصيب بها في مخيم البريج.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن استشهاد 2273 شخصا على الأقل في قطاع غزة منذ استئناف إسرائيل عدوانها على القطاع الشهر الماضي.
في غضون ذلك، دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك المجتمع الدولي إلى وقف «الكارثة الإنسانية» في قطاع غزة، مع استمرار منع إسرائيل دخول المساعدات.
وقال تورك في بيان له «مع دخول الحظر الكامل للمساعدات الضرورية للبقاء على قيد الحياة أسبوعه التاسع، ينبغي بذل جهود دولية لمنع هذه الكارثة الإنسانية، وعلى العالم أن يتضافر لمنع انهيار عمليات الإغاثة الإنسانية من بلوغ مستوى جديد غير مسبوق».
وقال تورك «إن أي استخدام لتجويع السكان المدنيين كأسلوب حرب يُشكل جريمة حرب، وكذلك جميع أشكال العقاب الجماعي»، في إشارة إلى تبرير إسرائيل التي تعتبر الحصار «تكتيكا» للضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لإطلاق الأسرى.
وأدى 60 يوما من الحصار الإسرائيلي المطبق على قطاع غزة إلى تأثيرات بالغة، وجعل 2.4 مليون فلسطيني هم سكان القطاع في مواجهة خطر الموت جوعا، بينهم أكثر من مليون طفل من مختلف الأعمار يعانون من الجوع اليومي.
وأصيب 65 ألف شخص بسوء تغذية حاد، ونقلوا إلى ما تبقى من المستشفيات والمراكز الطبية المدمرة في القطاع.
وحتى يوم الجمعة الماضي، لفظ 50 طفلا أنفاسهم الأخيرة جراء الجوع، وكان آخرهم عدي فادي أحمد الذي قضى بمستشفى الأقصى في دير البلح.
وقبل أسبوع، حذرت منظمة اليونيسيف من أن 335 ألف طفل دون سن الخامسة -أي كل أطفال غزة من هذه الفئة العمرية- على شفا الموت بسبب سوء التغذية الحاد الذي يواجهونه مع أمهاتهم.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ارتفع عدد الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية بنسبة 80 في المئة مقارنة بشهر مارس الماضي.
ولا يحصل 92 في المئة من الرضع بين 6 أشهر وسنتين -مع أمهاتهم- على الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية الأساسية، مما يعرضهم لمخاطر صحية جسيمة ستلازمهم طيلة حياتهم.
كما أن 65 في المئة من سكان قطاع غزة لم يعد باستطاعتهم الحصول على مياه نظيفة للشرب أو الطبخ، وفق هيئات إغاثة دولية.
وتواصل إسرائيل حرب الإبادة على الفلسطينيين في قطاع غزة بعدما تنصلت من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في يناير الماضي.
وقد ارتفع عدد الشهداء منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 إلى أكثر من 52 ألف شهيد، وبلغ عدد الجرحى نحو 118 ألفا، وفق بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة.
من جانب آخر اندلعت أمس الأربعاء مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي قرب جنين شمالي الضفة الغربية، في حين اقتحم مستوطنون مجددا المسجد الأقصى.
وقالت مصادر فلسطينية إن اشتباكات وقعت بعيد اقتحام قوات إسرائيلية بلدة اليامون غربي جنين.
وأضافت المصادر أن فلسطينيين اثنين أصيبا برصاص جنود الاحتلال، مشيرة إلى اعتقال عدد من الشبان.
من جهتها، أعلنت سـرايا القدس- كتيبة جنين أن مقاتليها في سرية اليامون فجروا عبوة ناسفة في آلية عسكرية واشتبكوا بالرصاص مع القوات المقتحمة للبلدة في محاور عدة.
وكانت قوات الاحتلال نفذت فجر أمس والليلة الماضية اقتحامات لمدن وبلدات من طولكرم وقلقيلية شمالا إلى الخليل جنوبا.
وقالت مصادر محلية إن قوة إسرائيلية اعتقلت 20 فلسطينيا أثناء اقتحامها قرية الطبقة جنوب مدينة دورا في الخليل.
وفي شمالي الضفة، اقتحم الجيش الإسرائيلي أحياء في مدينة قلقيلية واعتقل ما لا يقل عن شخصين، كما شملت الاقتحامات في قلقيلية بلدتي عزون وحجة شرق المدينة.
وفي منطقة طولكرم القريبة توغلت قوة إسرائيلية بلدة عنبتا واعتقلت شابا، وفقا لمصادر فلسطينية.
كما اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة قريوت جنوب نابلس، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع شبان فلسطينيين.
وفي جنين شمالي الضفة، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن شابا فلسطينيا اعتقل مساء الثلاثاء من قرية دير أبو ضعيف شرق المدينة.
وبالتزامن، تتواصل في مخيمات جنين وطولكرم ونابلس وطوباس شمالي الضفة عمليات الهدم والتهجير التي بدأت مطلع العام الجاري.
وفي وسط الضفة الغربية، أفادت المصادر بأن قوات الاحتلال اقتحمت مخيم الجلزون شمال مدينة البيرة.
في غضون ذلك، قالت مصادر إن عددا من المستوطنين اقتحموا أمس المسجد الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت المصادر أن المستوطنين اقتحموا المسجد من جهة باب المغاربة على شكل مجموعات ونفذوا جولات في باحاته وأدوا طقوسا تلمودية.
ووفقا لمصادر فلسطينية، شارك 96 مستوطنا في عملية الاقتحام الجديدة.
وسبق أن حذر مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس من تصاعد انتهاكات الاحتلال والمستوطنين بحق المسجد الأقصى، ووصفها بغير المسبوقة.
وأحصت أوقاف القدس أعداد المقتحمين للأقصى بعشرات الآلاف خلال أيام.
وفي تطور آخر، قالت مصادر إن مستوطنين اقتحموا المنطقة الشرقية في بلدة حزما شمال شرقي القدس المحتلة..
وتتزايد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية تحت حماية الجيش الإسرائيلي، وتشمل شن هجمات مسلحة واقتحام القرى والبلدات وتخريب المحاصيل الزراعية.
وبالتوازي مع الحرب على غزة تصاعد العدوان على الضفة الغربية، إذ اعتمد الجيش الإسرائيلي أساليب أكثر دموية ونشر الدبابات واحتل عددا من مخيمات شمالي الضفة، وأسفرت اعتداءاته عن استشهاد نحو 960 وإصابة 7 آلاف واعتقال 16 ألفا، فضلا عن تهجير عشرات الآلاف.
من ناحية أخرى حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الثلاثاء من أن الشرق الأوسط في مفترق طرق حرج.
وقال في نقاش بمجلس الأمن الدولي إن «الوعد بحل الدولتين معرض لخطر التلاشي تماما.. الإرادة السياسية لتحقيق هذا الهدف تبدو بعيدة المنال أكثر من أي وقت مضى».
وحث غوتيريش الدول على تجاوز التصريحات وتحديد خطوات محددة لإحياء حل الدولتين. وقال إن «الوقت يمر، الوقت ينفد».
وأعرب غوتيريش عن قلق عميق إزاء تدهور الوضع في قطاع غزة، حيث قتل ما يقرب من ألفي فلسطيني منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس الماضي.
وأدان الأمين العام للمنظمة الدولية استمرار الحصار المفروض على إدخال المساعدات للقطاع الفلسطيني، الأمر الذي وضع أكثر من مليوني شخص في حالة طوارئ إنسانية وصفها بأنها «تفوق الخيال».
وقال غوتيريش «أشعر بالقلق من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تشير إلى أن المساعدات تستخدم كوسيلة ضغط لتحقيق مكاسب عسكرية.. المساعدات ليست ورقة مساومة. إنها غير قابلة للتفاوض».
من جهة أخرى تناولت صحف ومواقع عالمية في تغطياتها تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وخصت إحداها الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي بمقال ينتقد فيه إسرائيل وينتقد دعم أوروبا لها، بالإضافة إلى دعوات من إسرائيل لإنهاء الحرب وإجراء انتخابات في إسرائيل.
ورجح الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن يكون الهدف مما تفعله إسرائيل حاليا في غزة هو تهيئة الظروف لتنفيذ أكبرِ عملية تطهير عرقي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وفي مقال له نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، أعرب بوريل عن أسفه لعدم نجاحه في إقناع السلطات في الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إسرائيل بالطريقة نفسها التي فُرضت على روسيا. كما حذر من أن «دعم أوروبا غير المشروط لإسرائيل يهدد بتواطئنا في جرائم ضد الإنسانية».
ومن جهته، دعا الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) عميحاي أيالون مَن سماهم أصدقاء إسرائيل الحقيقيين في الخارج من حكومات وجاليات يهودية، إلى حشد جهودهم للمساعدة على إنهاء الحرب على غزة.
وأضاف أيالون في مقال بصحيفة «غارديان» البريطانية أن «رهائننا في غزة تُركوا لصالح أيدولوجية حكومة متطرفة، ومن طرف رئيس وزراء يسعى جاهدا للتشبث بالسلطة لمصالحه الشخصية».
وقال إن 70 في المئة من الإسرائيليين يعتقدون ضرورة إنهاء الحرب بشكل شامل مقابل إعادة الأسرى وإجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن لاستبدال هذه الحكومة.